فضاء الرأي

الدولة والسلطة وبلداننا

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

الدولة هي نتاج لتطور البشرية في تنظيم اجتماعها. هنالك الكثير من التنظيرات حول هذا المخلوق اللوثاياني.

في الحقيقة اذا عدنا الى هيغل، والذي يتحدث عن هذا المخلوق بوصفه فكرة مطلقة. هذه النظرية التي تعرضت لانتقاد ماركسي لينيني عميق، باعتبارها مخلوق مادي يعبر عن الصراعات الطبقية في مجتمعها. كونها اداة الطبقة المسيطرة.

في الزمنالحديث والمعاصر هي الطبقة البرجوازية. لكن كان للماركسي الفذ انطونيو غرامشي رأيا نقديا لنظرة انجلز ولينين، حيث يعتبر هذا المخلوق اوسع من هذا التعبير اللينيني الضيق. هي تعبير عن مجتمع مدني ومجتمع سياسي. صراع بين هذا المجتمع المدني وبين المجتمع السياسي احيانا، واحيانا يتكاملان في انتاج السيطرة والهيمنة للحفاظ على هذه الدولة. لن اناقش مفهوم ميشيل فوكو حول الدولة والسلطة، لأنه باعتقادي لا يخص بلداننا بشكل مباشر، وفيه من اللغو الكثير رغم اهميته. يحتاج الى نقاش خاص موسع.

من هذه المقدمة السريعة ازعم ان ما قاله الجميع ممن ذكرتهم صحيح بالمعنى النسبي للعبارة. ما يتعلق بهيغل ارى من المفيد التفكير بما طرحه، اذاحاولنا زحزحة مفهومه، لنستنتج الدولة تأسيسا مخلوقا متعال ذا سيادة، لأن" الفكرة المطلقة" عند هيجل لها الموقع السيادي. السيادة مفهوم تتغنى به الدول، وعالجه الفكري الفلسفي بغزارة. متمحورة حول مفهوم" السيد" المقارب لمفهوم" الله" حيث يعرفها الفيلسوف الفرنسي جان بودان" السيادة هي سلطة الدولة العليا المطلقة والأبدية والحازمة والدائمة التي يخضع لها جميع الأفراد رضاء أو كرها". لولا هذا التعالي وهذه السيادة في نشوئها، لما حافظت هذه الدول على خرائطها المجتمعية رغم الصراعات الداخلية، ولا خرائطها الجيوسياسية. هذا الاحساس بالانتماء لدى الفرد يحتاج لتعالي سيادي من جهة ولتمثيل سياسي ولتحقيق حقوقه من جهة أخرى. أي خلل في هذه الاسس الثلاثة تنهار الدولة. الاشكالية الحقيقية في موضوعنا هذا، هو العلاقة بين الدولة هذه والسلطة في بلداننا. هذا هو اهتمام المادة هنا. لان غالبية من يعالج هذه العلاقة، يمزج عامدا او غير عامدا بين السلطة السياسية والدولة في بلداننا.

لابد من القول ان السيادة ايضا يمكن لها ان تنهار بلحظة صراعية، تؤدي الى تفتت هذه الدولة ذاتها، هنالك من يغالي بهذا المفهوم، حيث يرى انه حتى لو انهارت الدولة لا تنهار سيادتها. بقدر تعالي هذه السيادية، بقدر ارتهانها للحركية المجتمعية، بما فيها من صراعات سلمية او حتى عنفية. بما فيها من مصالح متضاربة، وطبقات ومراكز قوى. وهيئة مجتمع مدني محكومة بمستوى سياسي، تتكامل معه احيانا للهيمنة والسيطرة بالتالي، وأحياناتخوض معه صراعات شتى.

هذا المزج هو نتاج ابتلاع السلطة السياسية عندنا للدولة وسيادتها. ابتلاع قهري بقوة اجهزة هذه الدولة نفسها. اجهزة القوة والقهر الجيش والشرطة والاستخبارات. هنا لا بد من الوقوف على قدرة شخص واحد، او عائلة واحدة بالسيطرة على دولنا. يجب ان نغوص في تفاصيل هذه المقدرة. ديكتاتوريات فردية او عائلية تستولي على الدولة في لحظة ما، ليست بغفلة من التاريخ، بل في صلبه وصحوه. لدرجة المفاجأة احيانا. كأن بنا نرى ديكتاتورا ينزل بمظلة من السماء.

المثال الاكثر معاصرة هو عبد الفتاح السيسي. نزل على المجتمع المصري وصار "مقدسا" عند المستوى السياسي. نزل دون سابق معرفة تقريبا، ودون اية لحظة انتخابية. استولى على الدولة المصرية بقوة جهاز الجيش والمخابرات.

هنا لابد من توجيه بعض الاسئلة التوضيحية: كيف استطاع شخص كالسيسي الاستيلاء على حركة الجيش؟ كيف اقنع ضباط الجيش بالانقلاب؟ وهل تم الاقناع بين عشية وضحاها؟ ام ان الموضوع مخطط له من قبل؟ هل استشار الدولة الاكثر نفوذا في مصر وهي امريكا؟ ام ان امريكا اوباما هي من اعدت هذا" البلحة" ليستولي على الجيش والدولة والبلد؟ كيف لأمريكا ان تتحكم بجيش مصر؟ واخيرا لماذا امريكا قامت بما قامت به؟

مثال آخر الانقلاب الذي حدث في تركيا منذ اربعسنوات وفشل. يمكن ان يستغرق نفس الاسئلة. لكن يضاف هنا سؤالا: من حمى الدولة التركية من عودة العسكر والسلطة السوداء؟

قبل ان نحاول ابداء رأينا، تحضرني لحظة الانقلاب الاسدي في سورية عام 1970. الطريف بالموضوع، ان السوفييت آنذاك وقبيل الانقلاب بفترة قصيرة، كانت قد حذرت بعض مقربيها في سورية.

من ان هنالك انقلاب يميني قادم في سورية، باعتبار ان تقييم السوفييت للسلطة الشباطية بوصفها" سلطة يسارية" هذه السلطة من قام الاسد بانقلاب عليها ووضع كل رموزها بالسجن حتى فارقوا الحياة. فجأة بقدرة قادر صار السوفييت الصديق الاقرب ظاهريا، لقائد هذا الانقلاب اليميني.

الذي هو بالطبع حافظ الاسد. ذاكرتي تعيدني الى مصدر واحد لهذه الحادثة، قرأته في كتاب عن تاريخ البلدان العربية المعاصر من اصدار دار التقدم المشهورة آنذاك في موسكو أيام السوفييت. والتي اكدها لاحقا بعض قياديي البعث والحزب الشيوعي السوري. الذي كان ضد الانقلاب! وانقلب سريعا الى حليف له في جبهة اسماها الاسد" جبهة وطنية تقدمية".

لابد من العودة سريعا للحظة التأسيسية الاستعمارية لدولنا هذه. اقصد فترة خروج الاحتلال العثماني لصالح الاستعمار الانكليزي الفرنسي، بعيد انتصاره في الحرب العالمية الاولى. حيث في العهد العثماني لم يكن هنالك دول في مشرقنا بل ولايات تتبع للدولة المحتلة في استانه.

يورد التاريخ ما يعرف باتفاقية سايكس- بيكو 1916 التي قسمت الشرق الاوسط، فيما بينها. الاستثناء الوحيد كانت ليبيا، حيث تركت للطليان.
الامارات والممالك الخليجية كما هو معروف تأسست، بوصفها دول مستقلة بقرار انكليزي ايضا.

لم يكن لحركة شعوب تلك الدول أي دور في هذا التأسيس. بل عبارة عن علاقة العائلات المسيطرة مع الانكليز مباشر دون وسيط. دون ارضية تاريخية ما خلا قوة الامبراطورية الانكليزية، التي لا تغيب عنها الشمس آنذاك. طبعا هذا لا يعني اننا نغفل عن تفاصيل نشوء كل دولة على حدا. واهمية هذه التفاصيل. لكننا هنا بصدد اثبات ان هذه الديكتاتوريات الفردية والعائلية في الممالك والامارات والجمهوريات في هذه المنطقة من العالم تأسست بفعل الاستعمار الانكليزي الفرنسي.

ثم لاحقا استولت امريكا نسبيا على تلك العلاقة بحكم انها كانت الطرف الاقوى عالميا. بعد الحرب العالمية الثانية. حيث صارت العلاقة بين هذه السلطات وامريكا مباشرة ام غير مباشرة، هي السبب الرئيسي والاساسي في استمرار هذه السلط الغاشمة. هنا في نفس اللحظة التأسيسية حدثت الكارثة المستمرة،

بوصفها كارثة مستدامة. هي انفصال قهري بين موجبات وجود الدولة الناشئة حديثا وبين متطلبات سلطات فاشلة فاسدة ومشخصنة. هذا الامر ينطبق على كل الدول العربية ما عدا لبنان. للبنان تجربته المارونية- الفرنسية الخاصة. صارت السيادة للديكتاتور والعائلات الحاكمة وليس للدولة. هذه المفارقة لانزال نعيش في ظلها. ونتعرض للابادة في استمرارها.
هذه اللحظة الفارقة هي اللحظة التأسيسية الحاكمة حتى اللحظة.

كان لابد لهذه اللحظة ان تغتال دور الدولة، بكل ما يستتبعه من مفاهيم ومؤسسات. نفس هذه اللحظة هي التي ينطبق عليها نموذجيا مفهوم" الاستعمار الجديد". لجهة تعبيرها الفعلي عن الجانب المستعمر، بفتح الميم.
يدخل هنا على خط هذه اللوحة بروز السوفييت والمعسكر الشرقي، كقوة منافسة على النفوذ للمعسكر الغربي بعد الحرب العالمية الثانية. دخول العالم في مرحلة ما عرف بالحرب الباردة.

بقيت السلطة مهما كان لونها في بلداننا محكومة بهذا النفوذ ومدعومة منه. كان هو العامل الرئيسي في استمرار هذه السلط الوراثية" فيزيولوجيا" الاسدية نموذجا جمهوريا، وملكيا او حتى انقلابيااحيانا.
بعض العوامل المساعدة على تكريس هذه اللحظة الفارقة، اولا تأسيس اسرائيل.

ثانيا النفط. ثالثا الحرب الباردة. بعد سقوط السوفييت، برزت التنافسات والصراعات على النفوذ بين دول كبرى لاهوية ايديولوجية مختلفة لها. كلها دول ذات انظمة رأسمالية. الصين ليست استثناء.

الثابت الوحيد في كل هذه المتغيرات التي عصفت في العالم منذ تلك اللحظة هو حفاظ هذا العالم على استمرارية دور هذه السلطات المؤسس على تلك اللحظة. بكل حمولتها القمعية والفاسدة والنهابة والابادية عند اللزوم.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
وما العمل أو ما الحل ؟
فول على طول -

السيد غسان مثل كل الذين أمنوا غارق حتى النخاع فى مرض المؤامرة ويرى أن هو وجماعتة أنقى سلاسة من البشر ويرى أن كل مشاكل الذين أمنوا سببها الغرب الكافر ونحن نسأل الكاتب ما الحل اذن ؟ يعنى ممكن أن نبيد الغرب كلة حتى يرتاح المؤمنون ؟ وكيف ؟ أنا عن نفسى لن أغضب لو فعلتم هذا ..انتهى - سيد غسان أنتم لا يعجبكم حتى الصيام فى رجب كما يقول المثل . أنت نسيت أن الانقلابات ثقافة متوطنة منذ بدء الدعوة حتى تاريخة وقبل وجود امريكا على وجة البسيطة ..من كان يتامر ضدكم أيامها ؟ لعلك نسيت أن الأخ انقلب على أخية والابن على أبية وهلم جرا وهذا تاريخكم ومنذ بذء الدعوة ..انتهى - سيد غسان أنتم ضد أى نظام وضد أى قوانين وحتى قوانينكم وخاصة شريعتكم شريعتكم لأنها لا تصلح وهى سبب نكباتكم ولكن أنتم مغيبون بالطبع . ظهرت داعش - النسخة الأصلية من الاسلام - ولم تعجبكم ...اخوانك المسلمين انقلبوا على مبارك مصر - وكذلك سوريا وليبيا وتونس والجزائر الخ الخ -وانقلبوا على الثورة وانقضوا على الحكم بطرق معروفة للعالم كلة ولم يعجبكم أيضا ومن أيد الانقلاب هم اخوتكم فى الايمان من دول الخليج وهم معروفون ..مع ملاحظة أن اوباما ومعة هيلارى كلينتون هو الذى أيد اخوانك المسلمين أما انقلاب السيسى على اخوانك فهو بتأييد من اخوتكم فى الايمان بل امريكا كانت تعارض ذلك حتى وقت قريب جدا ولكن بعد أن اتضح ارهابكم للعالم كلة أيقن العالم أن الديكتاتورية هى الأنسب لحكم المؤمنين والعسكر أفضل نسبيا من اخوانك المشعوذين . ..على الأقل يحميكم من شر أنفسكم ويتقى شروركم فى نفس الوقت . بالمناسبة فان سايكس - بيكو جعلت لكم بلادا أو دولا محددة المعالم بعد أن كانت مجرد ولايات عثمانية ويجب أن تشكروها على ذلك ..أعتقد أنهم نادمون على ذلك وكان الأفضل أن يتركوكم جماعات وشراذم متفرقة لأنكم قبائل منذ البدء ولا تعرفون معنى الوطن ولا المساواة ولا القانون بل تقدسون شريعة الغابة .

وأين أنت يا راسبوتين الكراهية من ثمار يسوع مثل أحبوا وباركو وصلوا؟ أم إشتموا ودلسوا ونافقوا؟
بسام عبد الله -

كلما قرأ المدعو مردخاي فول حقيقة عن العرب والمسلمين والإسلام يفقد صوابه ويصاب بنوبات صرع ويهوج ويموج كثور في متحف خزف. مع العلم أن أمثاله ممن وضعوا جلود قفاهم على وجوههم عديمي الإحساس، فيبدأ بالصياح والصراخ على قدر ألمه. ويرش أسئلة سخيفة ويستنتج إستنتاجات أسخف منها تفضح غباء منقطع النظير، مثل ها أنتم جميعا ترددون نفس العبارات والشعارات الحنجورية اياها ..ونفس التعبيرات من تحرير القدس وفلسطين وأمة عربية واحدة والكيان الصهيونى ؟ وما الفرق بين الحركات الأصولية أو الاخوان أو طالبان أو أى اسم اسلامى وداعش؟ وما الذى يفعله الدواعش ولا يوجد فى كتب السيرة أو لم يفعله أهل السلف الصالح؟ وقد أجبناه مليون مرة ولكنه لا يقرأ ولا يفهم ويتابع الإجترار لإسطوانته المشروخة. ويظن أن هناك من يهتم بأمره أو سخافاته. أمثالك يا مردخاي فول الصهيوني وتفتخر لا ينفع معهم كلام ولا يجدي معهم حوار. لماذا؟ لأنهم عنصريون حاقدون كارهون. لا يقرؤون ولا يفقهون ولا يفهمون حتى تعليقاتهم ولا يعتبروها شتائم لأنها جزء من ثقافتهم التي تلقنهم إياها كنائسهم المعيبة وتجمعاتهم الدينية المشبوهة والمطبوعة على الغدر والخيانة التي هي طبعهم وطباعهم وديدنهم، يرون الشوكة بحذائنا عمود والعمود في عينهم شوكة. عقيدتهم أساسها إغتصاب الأطفال ورشم النساء وبيع مقاسم الجنة لمن يعبد القساوسة والرهبان ويقدسهم ويطيعهم ويطبق تعاليمهم بعمى لا حدود له وتعتمد على السخافات والخزعبلات والنور المقدس والأصنام التي تدمع والأشباح التي تظهر في السماء والقصاصات والخرق والشموع على القبور. نحن من عاشركم وخبزكم وعجنكم كنا نتستر عليكم من باب داروا سفهاءكم ، وإذا إبتلي جيرانكم بالمعاصي فاستروهم، ولكنكم تماديتم وأصررتم على لؤمكم وتمردتم فحق فيكم قول الشاعر : من يصنع المعروف في غير أهله ... يلقى مصير مجير أم عامر. نحن لا نتجنى على أحد، ندافع عن أرضنا وعرضنا وديننا الحنيف وعقيدتنا السمحاء التي إعتنقها العقلاء منكم، وتهجم عليها السفهاء، أما أنتم فمرضى مأبونون وميؤوس من شفائكم، تعودتم الشتائم والسباب، وسرطان خبيث وسبب من أسباب تخلفنا لأنكم أهل غدر وخيانة تعيشون بيننا وتطعنوننا من الخلف. هذه حقائق وليست وصلات ردح. أما وصلات الردح الحقيقية فهي الموجودة بالتلمود وتترنمون بها كل يوم أحد وترقصون عليها بدون طبلة ولا ربطة خصر.

من يوم يومكم خونة وغدارين وأحصنة طروادة يا مردخاي فول الصهيوني
بسام عبد الله -

من الطبيعي أن لا يرى، أهل الخيانة والحقد والغدر، المؤامرة والتآمر على الشعوب لأنهم جزء منها، ويدافعوا عن المستعمر ويبكوا على أقدامه وجدرانه وأطلاله، لأنهم يقدمون خدماتهم له مقابل عضمة يرميها لهم، ومن يشترك بالخيانة لا يقر بها لأنه منفذها، والتخلف الذي نحن فيه هم سببه، وعريضة زعماء الشنوديين إلى الجنرال منو أحد الأدلة على ذلك وهذا نصها : “حضرة ساري عسكر العام: إن جنابكم من قبل ما فيكم من العدل والحلم والفطنة أرسلتم تسألونا بأن نوضح لكم ما نحن به من القهر، نحن قبل الآن لم نقصد كشف جراحنا التي كانت في كل يوم تتسع شيئاً فشيئاً؛ أولاً تسليماً للمقادير وعشماً بكون كل واحد منا يرجع لذاته ويحاسب نفسه. تأنياً خوفاً من أن يقال عنا أننا نحب السجس (الظلم) ونواخد (نؤاخذ) بذلك من الحكام. ثالث ليلى (لئلا) يتضح كأننا أخصام لأخوتنا وقاصدين الشكوى عليهم ولكن من حيث جنابكم أبو الجميع وطبيب الرعايا وقد زاد علينا الحال حتى ظهرنا من جملة العصاة على أوامركم وقد قاصصتمونا لذلك فاقتضى الحال أن نستغيث بكرسيكم تعيّنوا بأمركم أناساً من أهل الفطنة خاليين الغرض ممن ترونهم أنتم يقعدوا في ما بيننا ويتبصروا في حال حسابنا وفي النهاية بعد أن يردوا الجواب لجنابكم لكم التبصر فيما تأمرون به ومع ذلك فنرجوكم بأن لا تظنوا بكوننا قاصدين بعرضحالنا الشكوى على أحد أم قصاصه بل قصاصنا نحن بوجه خاص إنكان (إن كان) يظهر كلامنا هذا بخلاف الواقع ثم إن هذا الأمر يدركه أيضاً خادمكم الخاص حضرة الجنرال يعقوب ومع ذلك لأجل طبعه الوديع محتار كيف يتصرف في مثل هذه الدعوى والله تعالى يحفظكم. من عند توابعكم المباشرين: ملطي وأنطوان”[6]، وملطي هذا كان من أكبر زعماء الأقباط وقد ظهر نجمه في أيام الاحتلال الفرنسي لمصر وقد تولى في عهد نابليون رئاسة محكمة القضايا.. وهي أول محاولة لتنحية الشريعة الإسلامية في مصر لأن هذه الهيئة كانت تتكون من اثني عشر تاجراً نصفهم من المسلمين والنصف الآخر من النصارى وأسند منصب رئيس المحكمة إلى قاضي قبطي هو الملطي الموقع على العريضة السابقة للجنرال مينو الذي خلف كليبر في الحكم.. وكذلك صديقه أنطوان الذي كانت تلقبه عوام المصريين بأبي طاقية وكان من كبار زعماء الأقباط وأكثرهم غنى، وأما الجنرال يعقوب فهو نفسه المعلم يعقوب حنا رجل الاحتلال الفرنسي وخادمهم المخلص الذي رحل معهم إلى فرنسا. وهذا ما سيفعله البابا تو