فيروس كورونا وقبلات الحياة والموت على أبواب المشفى في تورنتو-كندا
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
الخوف من الفايروس الجديد كورونا يحاصر العالم وأنا. أمام مدخل المشفى أرى رجلا وامرأة يقبلان بعضهما بحماس وشهية وعلى مهل، ثم ينصرف كل منهما إلى طريق. أمر بهما على عجل، ابتسم وادخل المشفى للعمل كمترجمة (عربي &-انكليزي) في دوان تاون تورنتو التي تعج بالبشر من كل المقاييس والألوان والأعراق. رغم لسعات البرد والعاصفة الثلجية علي أن اذهب إلى العمل. ألعن البرد القارس، وأرفع القبعة عن رأسي والشال الصوفي المخطط الذي يخنق رقبتي، كي أمنع دخول البرد الى صدري وأكتافي التي لا تتحمل البرد. أخلع القفازات، أعقم يدي من العلبة المشدودة إلى الجدار في كل مدخل ومنعطف في المشفى. أبحث عن الجناح الذي سأعمل فيه اليوم. أخلع المعطف الثقيل ، أفكر في الروائح التي في مثل هذه الامكنة النظيفة على الدوام. انظر إلى الوجوه التي تتألم بصمت، والى الوجوه الخالية من التعبير. يدخلون الى عيادات ويخرجون منها. يعضهم يأتي لوحده، وبعضهم برفقة آخرين. إنه مكان لا يأتي إليه الفرد إلا لحاجة قصوى. إنه مختبر الألم والشفاء والمعالجة والخوف من نتائج التحاليل. الطب تقدم لاشك ، والفيروسات تزداد تقدما في تعقيدها وشراستها والرعب الذي تبعثه في هذا الكائن البشري الضعيف أمام مخاطرها. اسأل في سري: ماذا يريد الله من هذه المعادلة؟! أليس هو على كل شيئ قدير؟ لماذا كل هذا؟!
الإصابات في كندا وتورنتو:
لدينا الآن أكثر من 10 اصابات بفيروس كورونا في تورنتو. أنامتوجسة مثل الجميع. وحذرة من طبيعة عملي الذي يقتضي احياناالتواجد في المستشفيات للترجمة الفورية. كنت أعمل في المشفىفي قسم السرطان ثم طلب مني فجأة وعلى وجه السرعة أن أنتقلإلى قسم آخر لم يكن في جدول عملي لذلك النهار. ذهبت الىالقسم المعني، وجدت فريق العمل يلبسون الأقنعة والقفازات والثوبالخاص بالمرضى. طلبوا مني أن البس مثلهم قبل أن ندخل إلىغرفة المريض. وجدت نفسي هناك. سألت الممرضة التي مع الفريق: ما الأمر؟ ولماذا هذا الحذر؟!
قالت: يعتقدون أن هناك فيروس... سنقوم بجولة ونتكلم مع الأهلبحضور المترجمة. انكمشت وفي داخلي الحذر والخوف وتابعتالعمل معهم في غرفة المريض لمدة تقل عن نصف ساعة. لاحظت أنالطبيبة لم تضع قناعا على فمها. كانت تلبس القفازات فقط. انتهتالزيارة. خلعنا كل القفازات والاقنعة ووضعناها في حاوية. وانطلقتالى الحمام الذي في نهاية الجناح، وغسلت يدي بشدة. ثم مشيتفي طريقي إلى العمل للترجمة في المحكمة. كان لا بد أن أتوقف لشراء الشاي. عطشتُ من البرد والرهبة.
المترجمة والتعامل مع الآخر في ميدان العمل:
أثناء الترجمة، قاطعني والد المريض مرات كثيرة قبل أن أنهي الجملة التي أترجمها. بلطف قلت له: "حين تقاطعني، أنسى كل ما قالته الطبيبة-رجاء" أجاب: " أنا أفهم انكليزي كويس، أريدك أن تترجمي لهم ما أقوله أنا- ربنا يطول في عمرك ويخلي اولادهم واولادك ويحفظهم من كل شر..." ...قمت بالترجمة وانتهى النهار على خير. رغم كل شيء ابتسم الأب وضحك عدة مرات وهو يعقب على ما جرى معهم البارحة.
كان رأسي مليئا بالاسئلة حول جدوى الحياة ومعنى القيمة الانسانية. سألت نفسي: ما الذي يجب أن أقوم به قبل أن أموت. من هو الشخص الذي أو الذين أحب أن أحتضنهم قبل الغياب الأخير!. شعرت باالغربة لأن القلوب التي كنت أحبها صارت موصودة بأقفال الكراهية والحقد والغيرة. ولكن ما يزال الكثير في قلبي للعالم ولنفسي. لا يهم سوى اللحظة-الان، والتي يجب أن أعيشها بكل ما أستطيع من نهم حذر. ولم لا نفعل، هذه حياتنا، وكيف نعيشونتعايش الان في اللحظة مهم جدا. لنضع جانبا فايروسات الغيرة والأنانية والعداء ونتنفس هذا الهواء المشترك الذي يهب علينا ولا يفرق بين ذكر وأنثى، بين قديس وعربيد، بين غني وفقير. وجكراً بالحريرات، قمت بشراء وجبة غداء دسمة وأكلتها بمتعة في المول الكبير بعد أن انتهيت من العمل.
مت فارغا. Die Empty.
تذكرت عنوان كتاب قرأته حديثا "مُت فارغاً" محتواه يدور حول: أن يتحدى الفرد طاقاته الكامنة ويعيشها ويطلقها وهو على قيد الحياة. وحين يذهب إلى هناك، الأفضل أن يذهب فارغاً من الطموح ومن الأحلام المعلقة.
ما الذي يجب علي عمله الآن؟ هناك الكثير مما يجب تفريغه على الورق وفي الشارع والبيت. لا يشغلني اليوم إلا أفكاري بالكتابةعني وعن المرأة العاملة والمرأة المتطفلة على قضايا الحرياتالشخصية والمجتمعية. لا شيئ يهم أكثر من الكتابة عن هذه الحياةقبل الموت. الكتابة عن امرأة مثلي وعن ونساء يعملن ليل نهار ولا يتاجرن بأجسادهن ومواهبهن. لا يتاجرن بالكلمة والمواقف. يعملن بكرامة وفي أقسى الظروف كي تبقى الحياة ممكنة وأفضل حتى وان كان الموت يتبع البشرية في كل خطوة. العمل بالنسبة لي كرامة وضرورة حيوية.
عزيزي الله، أنا جاكلين، ماذا بعد؟! الطقس بارد جدا هنا الآن. عادة نحن في كندا نتحدث مع الغرباء عن أحوال الطقس حين نلتقي في المصعد أو على باب مكتب. ندير أحاديث قصيرة غير شخصية. نرسم ابتسامات حارة أو باردة. نواظب المسيرفيما العالميستعر خوفا وقلقا وأمراضا ومعارك ومؤامرات صغيرة وكبيرة،شخصية، اجتماعية ودولية. في هذه الأيام نمشي بحذر ونسأل عن ضرورة ارتداء القناعل قبل أن تحصد كل هذه الأرواح فمازاللديهم ما يقدمونه للبشرية!
29 فبراير 2020
جاكلين سلام: شاعرة وكاتبة ومترجمة سورية-كندية
التعليقات
مأساة شاعرة تعمل مترجمة مع الكورونا في تورونتو
بسام عبد الله -يشعر القاريء بإكتئاب شديد ويكره عمره والساعة التي ولد فيها بعد قراءة هذا المقال. يا سيدة جاكلين يقول العامة أن الإنسان لا يشعر بالإكتئاب إلا إذا كان تعيساً من عمله أو من شريك حياته، وفي الحالتين يجب إما تغيير العمل أو الشريك، لأنهما رفاق العمر وليسا حالة مؤقتة وتزول. أما الموت فلا يجب على الإنسان أن يخاف منه، لأنه سيموت من الخوف لا من الموت. ولا أحد يعرف متى وأين يأتِ ، ويقال لو عرفتم الغيب لاخترتم الواقع. هل كانت الأميرة ديانا ومارلين مونرو ومايكل جاكسون وغيرهم من مات يتوقعون متى وكيف سيموتون؟ العزاء للأحياء لا للأموات وسيأتي إما قريب أو بعيد ولا هروب منه والحياة رحلة قصيرة نسبياً، فلماذا نفكر به؟ ويقال "اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا واعمل للآخرة كأنك تموت غدا" غير مثبت أنه حديث ولا من قاله ولكنه معبر. أنت يا سيدتي تجاوزتِ العقد الرابع من العمر، والموحدون يعطون المرء دينه بعد الأربعين أي أنهم يعتبرونه سن النضوج والتعقل وفهم الحياة، وتعيشين في كندا منذ أكثر من عقدين أي أنكِ تعودتِ على الطقس هناك وتعرفين كيف تتعاملين معه، والعمل عبادة ولم نسمع سيدة عاملة محترمة تمنن الناس بأنها لم تبع شرفها من أجل المال. إبتسمي يا جاكلين فأنتِ في كندا ولست في مخيّم على الحدود اللبنانية أو الأردنية أو التركية. نرجو أن نقرأ لكِ مقال أو شعر أكثر تفاؤلاً قريباً يدخل على القاريء البهجة والسرور والتفاؤل والأمل، وأنصحكِ بقراءة المقال قبل نشره لأن فيه الكثير من الأخطاء الطباعية وفصل الكلمات عن بعضها البعض حتى لا تزداد تعاسة القاريء ويموت قبل نهايته، وبمناسبة الترجمة: كان أحد الموظفين المصريين في دولة خليجية منهمكاً في عمله عندما دخل عليه مراجع باكستاني يسأله عن معاملة فصرخ في وجهه ( I'm not empty for you ) ويقصد أنا مش فاضيلك، وآخر فلسطيني سرق زميله فنجان قهوته فقال له don't touch الإشي المش إلك. بالمناسبة كيف تترجمين تعبير ( كل مين ايده الو ) أو طبخة يهودي مسافر أن شلباطو برز ، أو شاطو تحت باطو؟
تحياتى سيدتى الرائعة وبعد :
فول على طول -حياة الشكر واجبة فى كل الأحيان وان كنا نتذمر أحيانا على بعض المنغصات مثل البرد القارس أو الحر الخ الخ فهى أفضل بكثير جدا من بلادنا التى اجتاحها الارهاب والتعصب والدماء التى تسال يوميا وأصبحت من المناظر المألوفة وللأسف حتى الأطفال اعتادوا عليها مما يجعلهم مجرمين وارهابين بالبفطرة ...اشكرى ربنا على وجودك فى كندا وهناك الملايين يتمنون ذلك .انتهى - واضح حالة الهلع والخوف التى تنتابك لدخولك المشفى وبة فيروس كورونا وهذا شئ طبيعى وكنا ننتظر منك توجية الاهتمام لما يعانية العاملين فى القطاع الطبى من مخاطر جمة ولااٍف الكل ينسي ويتناسي ذلك ولكن فقط ينظرون الى رواتب الأطباء ومن معهم وكأنهم محصنون ضد الأمراض ..فى مصر مثلا يقاتل الأطباء لرفع بدل العدوى من 25 جنيها - رقم هزيل بالطبع - الى رقم معقول ولكن دون جدوى فى الوقت الذى يتقاضى فية رجال القضاء والشرطة والجيش أرقانم فلكية ك بدلات ..أغرب شئ أن وزارة الأوقاف المصرية اخترعت شئ اسمة " بدل اعتلاء المنبر " وهو عدة مئات من الجنيهات ولا تعليق . انتهى - أتفق مع الكاتبة بأن الفيروس الغير قابل للعلاج هو فيروس الكراهية الدينية والارهاب الدينى الذى ينشرة أتباع الدين الأعلى دون وازع ودون رادع ودون أدنى خجل وعندما ننتقد تلك النصوص يتهموننا بأننا نحقد على الاسلام والمسلمين ونريد أن نطفئ نور اللة ..هل الارهاب والحقد والكراهية تعتبر أنوار أو نور من اللة ؟ يتبع
ماذا يريد اللة من هذة المعادلة ؟
فول على طول -اللة لا يريد الشر بالبشر أو بالانسانية ..اللة خلق الناموس الطبيعى والقوانين الطبيعية التى تحكم الكون فى نظام بديع ..خلق الحر والبرد والأمطار الخ الخ وكلها مطلوبة كى تنبت النباتات والغابات ويأكل الانسان والحيوان ..وعندما يعبث الانسان بالقوانين الطبيعية مثل اللعب فى الجينات واختراع الكيماويات السامة والتفجيرات الخ الخ فان النقانون الطبيعى يختل بعض الشئ وتنشط الفيروسات والأورام الخ الخ ..ولو لم يسمح اللة بالتجارب مثل الأمراض والكوارث والموت ما وجدنا انسانا على ظهر البسيطة يخاف اللة أو يخاف حتى من قوانين الطبيعة ومن الأوبئة ..انتهى - أما الحياة الانسانية فهى قيمة لا توصف ولا تقدر بثمن والمهم كيف يكون الانسان نافعا لنفسة ولمن حولة ..نحن نحيا مرة واحدة فقط one life to live - وأمامك الكثير كى تفعلينة وأهمها الحب ..حب الخير للبشرية وللجميع ونبذ الكراهية والخدمة بدون حدود ولكل البشر دون تمييز وتشكرى اللة الذى أوجدك فى كندا وأتاح لكى فرصة الخدمة هناك . أعرف الكصير جدا لم يتوقفوا عن عمل الخير حتى أخر يوم فى حياتهم . أطال اللة عمرك سيدتى الجميلة ومنحك القوة والقدرة على العطاء والبذل والمحبة ..اللة محبة ومن لا يحب لا يعرف اللة كما جاء بالانجيل المقدس ..الحب للجميع ولكل البشر .
فن الحياة
نون -شكراً جاكلين على افكارك الجميلة البسيطة عكس ما هو معتاد في صحافتنا، باعتقادي أننا نحتاج لأن نكتب كما نحب أن نتحدث مع بعضنا أو اصدقائنا، هناك خلجات ومشاعر لا يمكن تزويقها، كالحديث هنا مع الله، حين لا نملك الأجوبة نتوجه بالسؤال للخالق وكل باعتقاده بعيداً عن تدينه، لو أننا عرفنا فن الحياة لتغيرت افاقنا وتطلعاتنا، ولكن العرب لا يحسنون هذا الفن بل مدمني احزان، للاسف.
رد على الفيروس الذي يبتئس البؤس من بؤسه ويخاف كورونا من العدوى من لسانه
بسام عبد الله -يجبرنا المدعو مردخاي فول الصهيوني على الرد عليه عندما يتهم المسلمين جميعاً بالإرهاب دون إستثناء بقوله : الفيروس غير القابل للعلاج هو فيروس الكراهية الدينية والارهاب الدينى (ونحن إلى هنا نتفق معه) ولكنه يخصص بقوله : الذى ينشرة أتباع الدين الأعلى دون وازع ودون رادع ودون أدنى خجل وعندما ننتقد تلك النصوص يتهموننا بأننا نحقد على الاسلام والمسلمين ونريد أن نطفئ نور اللة ( انتهى الإقتباس ) ويستشهد بأقوال المسيح ويسأل أين الشتيمة؟ طبعاً لا يلام لأنه كإنسان مريض ومشبع بالكراهية والأفكار المسمومة يرى أنها ليست شتائم عند من يدعون أنهم أبناء الرب، وهم من قال قداسة بابا الفاتيكان أنهم تجمعات دينية وكنائس معيبة لا علاقة لهم بالمسيح عليه السلام وهو بريء منهم، وهم من قال عنهم المطران جورج خضر الغني عن التعريف أنهم إرهابيون بالفطرة والمعتقد ولو حكموا ليوم واحد لأبادوا البشر جميعاً. أما عن التكفير والارهاب والقتل فسنسمعك ما يطربك ويشنف أذنيك من إغتصاب الأطفال بالكنائس والتكفير على أصوله وعلى لسان باباوتك ورهبانك للمسيحي والمسلم واليهودي، وقتل الرهبان لبعضهم البعض بوحشية رجال الكهوف كجريمة قتل الأنبا إبيفانيوس. يقول الأنبا مرقس المسلم كافر واي مسيحي يعتقد غير ذلك فليس مسيحياً! يقول البابا شنوده: لا يجوز الترحم على غير الأرثوذكسي والكنيسه لا تسمح بالصلاه على المرتد ولا تترحم عليه، والأنبا بيشوى يقول الطوائف الأخرى مش داخلين الملكوت او انهم غير مقبولين عند الرب !، ويقول انه سيتوقف عن مهاجمتهم ( لو قالوا احنا مش مسيحيين ) الأنبا بيشوي يكفّر الكاثوليك و البروتستانت ويقول : الى بيقولوا ان عباد الاصنام هيخشوا السما من غير ايمان بالمسيح دول ينفع اعتبر ان احنا ايماننا وايمانهم واحد؟ أليس هذا بتكفير وإرهاب ديني؟ أنتم عاهات مزمنة وعالة على البشرية والإنسانية ؟ أنتم من يعيش بالقرون الوسطى ويؤمن بالخزعبلات والشعوذة وتعويذات فلتاؤوس التي تشفي المرضى وتحل الرقاب من المشانق بربط الخرق ورمي القصاصات الورقية على قبور المشعوذين، أنتم من يؤمن بالنور المقدس ويصلي ويصدق أن الأصنام تدمع وتفرز زيتاً ودماً، ويرى أشباح بالليل يظن أنها ظهور للرب وأمه، ويصدق أن الجبال تنتقل بالصلوات والشعوذات. هل يكفي هذا عن قرفكم أم نزيد ونعيد؟ يتبع عن إرهابكم..
مت فارغا
نواس -كتاب مت فارغا ترجم للعربية دار صفحة سبعة للنشر كتاب جد حلو