كتَّاب إيلاف

أزمة "سد النهضة": تطورات لافتة

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

شهدت أزمة "سد النهضة" الاثيوبي تطورات عدة لافتة في الآونة الأخيرة، وتستحق من كل مهتم بالشأن العربي تسليط الضوء عليها ومتابعتها لما لهذه الأزمة المعقدة من ارتباط حيوي بالأمن القومي العربي، متمثلاً في أمن الشقيقة مصر، التي يمثل نهر النيل لها شريان حياة لا يمكن الاستغناء عنه، أو التفريط في مياهه؛ وفي مقدمة هذه التطورات يأتي رد الفعل السوداني الذي تحفظ على قرار وزراء الخارجية العرب بشأن دعم موقفي مصر والسودان تجاه سد النهضة، واعتقد أن هناك ضرورة حيوية بل حتمية لحوار مصري سوداني عاجل ومباشر وصريح حول هذه الأزمة، بدلاً من ترك الأمور لساحات السوشيال ميديا والدعوات والأحاديث غير المسؤولة التي تثير الغضب الشعبي هنا وهناك، فالقيادة الجديدة في السودان يجب أن تدرك أبعاد الخطر الوجودي الذي يهدد مصر، وأن تتصرف، ليس وفق التزامات قومية عروبية فقط، بل انطلاقاً من حسابات المصالح الاستراتيجية البحتة التي تعكس الروابط المصالحية الحتمية والعلاقات التاريخية والاجتماعية بين شعبي مصر والسودان، فالأمر هنا لا يتعلق بموقف سياسي، بل بقضية حياة أو موت بالنسبة لعشرات الملايين من المصريين، والأمور لا يجب أن تؤخذ وفق قاعدة "مع أو ضد" بل انطلاقاً من حسابات هادئة ودقيقة توزن فيها الكلمات بميزان لا تقل حساسيته عن حساسية مواقف الدول الثلاثة المعنية بالأزمة.

والأمر الثاني هو تزايد الحديث عن الحرب وارتفاع نبرة التصعيد الكلامي بين القاهرة وأديس ابابا ليس عبر الاعلام فقط بل من خلال قنوات وإشارات رسمية لا تخطئها عين مراقب، وهذا أمر بالغ الخطورة، ويجب على المجتمع الدولي الانتباه لهذه التطورات وأن يدرك جدية وحساسية الأمر بالنسبة لمصر وقيادتها وشعبها، لاسيما في ظل اقترب شهر يوليو، حيث يتوقع أن تبدأ اثيوبيا ملء السد من دون توقيع اتفاق بهذا الشأن مع الطرفين الآخرين!

والحقيقة اللافتة في هذه الجزئية أن تصريحات الجانب الاثيوبي تستحق وقفة تحليلية، فرئيس الوزراء آبي أحمد، الحاصل على جائزة نوبل للسلام قال مؤخراً إن بلاده "لن تتخلى عن شرفها في أزمة سد النهضة"، مشيراً إلى أن السد يمثل له "قضية شرف وطني" ولن يتخلى عنه أبدا كانت المكاسب التي سيحصل عليها من الخارج، وهذا الأمر يبدو غريباً قياساً على مسار المفاوضات التي دارت من قبل أو تلك التي جرت في واشنطن مؤخراً، إذ لم يتطرق أي طرف مطلقاً إلى فكرة تخلى اثيوبيا عن السد، ولم تطرح هذه الفكرة للأمانة مطلقاً من الجانب المصري، الذي يتحدث دوماً عن مكاسب مشتركة وفق معايير تراعي ظروف ومصالح جميع الأطراف، وهو ما يمثل جوهر التفاوض، وبالتالي يبدو غريباً الإشارة إلى أن طرف ما يطالب بتخلي اثيوبيا عن السد أو أن طرف آخر يعرض عليها مكاسب مقابل التخلي عن المشروع، وهي أمور لم تطرح رسمياً ولا حتى شعبياً، وبحسب علمي لم يتم التطرق إليها مطلقاً في مصر!

نزاعات المياه من الخطورة بحيث تتطلب وعياً سياسياً فائقاً بحساسية المسألة بالنسبة للشعوب المعنية بمثل هذه الصراعات والنزاعات، ولا اعتقد أن القيادة الاثيوبية ينقصها هذا الوعي الاستراتيجي، وبالتالي يجب عليها الانتباه إلى حساسية الأمر وتقدير تداعيات أي خطأ في القرار. وفي المقابل يجب وقف حملات النفخ الاعلامي في نار الفتنة والأحاديث المستفزة عن الحرب على الجانب المصري، فبعض هذه الأحاديث "الفيسبوكية" يتضمن إساءات للشعب الاثيوبي، بما يحرج قيادته ويضعها في موقف صعب وزاوية حرجة بما ينعكس سلباً على المشهد التفاوضي، فشتان بين المزاوجة بين العصا والجزرة أو بين التشدد والمرونة، وبين أجواء التسخين وإلهاب المشاعر الوطنية والقومية لدى الشعوب، حيث يسفر تجاوز الخطوط الرفيعة الفاصلة في مثل هذه المواقف عن أزمات يصعب تجاوزها ويضع قيادتي البلدين في موقف أكثر تعقيداً.
أزمة سد النهضة تشهد تطورات خطيرة متسارعة، والأمر جد ولا يصلح معه جنرالات السوشيال ميديا، ومحترفي حروبها، فمصر دولة اقليمية كبيرة، وقرارتها توزن بدقة شديدة، ولديها من القوة، الناعمة والخشنة، ما يؤهلها للدفاع عن مصالحها والزود عنها، على طاولات التفاوض قبل أي حديث عن ساحات الحروب، وعلى القوى الكبرى أن تتحرك بفاعلية بحثاً عن حلول وتسويات عادلة لأزمة سد النهضة قبل أن تُفاجىء بصراع قد يكون الأخطر والأكثر تأثيراً في القرن الحادي والعشرين.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
تحياتى للاستاذ سالم الكتبى وبعد :
فول على طول -

أتفق معكم فى أغلب ما جاء بالمقال ..فهو مقال رصين وعقلانى وهادئ ولكن أختلف معكم فقط فى الحشد " العروبى ...والأمن القومى العربى " لأن الموضوع يخضع للحلول السلمية فقط وليس لتجييش العرب والعروبة ..والأمر يهم الدول المعنية فقط وغير مسموح لأى طرف أخر بالتدخل فى هذا الموضوع ..وأعتقد أن وقوف " العرب " خلف مصر سوف يزيد الأمر سوءا أمام العالم كلة وأمام اثيوبيا بالتأكيد . الأمر يتعلق بدول حوض النيل فقط وأهمهم مصر واثيوبيا والسودان فقط لا غير . أما فكرة الحرب والاعتداء على أثيوبيا فهى مدمرة وغير قابلة للتحقيق أصلا ..مصر لا تقدر على الحرب على مسافات بعيدة جدا ..والحرب مكلفة جدا وثمنها أغلى بكثير من مجرد أرقام مادية ..لا تنسي أن وراء السد شركات ودول عملاقة ولن ولا تسمح بضرب السد وتسهر على حمايتة جيدا ...ولو فكرت مصر فى أى عمل عدوانى سوف يكون الرد مدمرا لمصر ..ببساطة ممكن الرد وضرب السد العالى المصرى وسوف تغرق مصر بالكامل وسبق التلويح بهذا الرد من احدى الدول الشريكة فى سد النهضة وتحديدا اسرائيل ..لا تنسي أن العالم كلة ساعتها سوف يكون ضد مصر لو اعتدت على سد أثيوبيا أو على أثيوبيا . أتمنى أن لا تصل الأمور الى طريق مسدود وأتمنى الحل بما يرضى كل الأطراف وأتمنى أن يتوقف أطفال السوشيال ميديا عن اللعب بالنار ونبرة الاستعلاء على الأفارقة وعن التسخين الفارغ . تحياتى للاستاذ سالم الكتبى .

هؤلاء وراء تعطيش المصريين ، العسكر والكنيسة
صلاح الدين المصري وراكم وراكم يا غجر -

المفارقة هنا ان تمويل السد عربي الإمارات والسعودية ، والحماية صهيونية ، وان العسكري الانقلابي السيسي بلحه قد وقع على اتفاق مباديء لا يعلم عنه الشعب المصري شيئًا وان الحكومة الشيوعية في الخرطوم تساند الحكومة الصليبية في اديسابابا فملة الكفر واحدة واحتمال تحريض الكنيسة القبطية في مصر له دور في بناء السد ولن يعطش الاقباط في مصر لان الأديرة التي بمساحة لبنان تستوعبهم كلهم وبها آبار مياه تكفيهم فتحالف عسكر الصليب السيسي ورفاقه مع الكنيسة على تعطيش المصريين المسلمين واهلاكهم امر وارد جداً ..ولذلك على المصريين المسلمين ان يتحركوا قبل ان يهلكوا جميعهم ..

الى البائس دائما - التكرار لعلك تفهم
فول على طول -

الحل هو المفاوضات فقط بين من يهمة الأمر فقط ولا داعى سيدى الوزير لتحريض أو تجييش الدول العربية فهذة عنتريات ما قتلت ذبابة والدول العربية بها ما يكفيها من مشاكل بالاضافة أن الأمر لا يعنيها وغير مسموح لهم بالدخول فى مفاوضات سد النهضة ..أما اذا تهورت مصر وقامت بعمل عدوانى ضد أثيوبيا سوف يكون الرد عنيفا جدا لا طاقة لمصر بة ..لا تنسي أن مشروع سد النهضة يقف خلفة شركات عالمية عملاقة وهو مشروع استثمارى كبير جدا - الصين وايطاليا واسرائيل وبعض الدول العربية وربما روسيا - وفى حماية قوات كبرى ..لا تنسي أن قادة اسرائيل من زمان هددوا باغراق مصر بضرب السد العالى لو أرادوا واذا ما قامت مصر بأى عمل عدوانى ...انتهى - أما الشيخ ذكى : فعلا أنت أذكى اخواتك ولا أستغرب لماذا حال بلاد المؤمنين وصل الى هذة الدرجة من النعيم والرخاء والتفوق بسبب أمثالك ومن حسن الحظ هم قادة بلادكم المؤمنة ..يا ذكى : لا أحد يقيم مشروعا بناء على تحريض من أحد ..المشروع يقام بناء على دراسات جدوى وعلى الفوائد الاقتصادية المرجوة منة ..فهمت ؟ واذا كانت الأبار تكفى المسيحيين فما الذى يمنع أن يحفر المسلمون أبارا أيضا ؟ هل لن تخرج المياة من أباركم لو حفرتوها .. واذا حدث هذا فعلا فأنتم لا تستحقون الخير وتستحقون الموت وهذا أمر ربانى لا تقدر أن تعترض علية . نقطة أخيرة أن الذى يحكم السودان من زمان هم اخوانك المؤمنين الذى جلبوا الفقر والارهاب فى كل مكان وليس السودان فقط وهم الذين يأوون اخوانك الارهابيين الفارين من مصر مثل أخوك فى الايمان أردوجان الذى يأوى الارهابيين من كل فج عميق ويأويك أيضا ويدفع لك نظير ترهاتك ..الغريب أنك تعترف بأن من يمول المشروع هم اخوانك من بلاد المؤمنين ولكن فقط تنظر الى تحريض الكنيسة القبطية .. ؟ على فكرة أنا رديت فقط لتوضيح الأمور للمشعوذين وربما أحدهم يقرأ تعليقك ويصدق شعوذاتك وهذا ليس بجديد ولا غريب عليكم .

الخبراء الاغبياء
يوسف يوسف -

يبدو ان الاستشاريين والخبراء المصريين الذين افتوا بخطورة سد النهضة على مصر هم من خريجي الازهر الشريف المصابين بعقدة الاضطهاد ضد غير المسلمين. اقول لهؤلاء الخبراء ان سد النهضة لن يغير مجرى النيل وسيستمر المجرى يمر عبر مصر والسودان وان السدود لا تعمل الا اذا استمر النهر في الجريان . اليس خوفكم هذا هو نتيجة الجهل بقوانين الفيزياء ويبدو ان جامعة الازهر لا تدرس هذه المادة