كتَّاب إيلاف

الديمقراطية وقطار السلطة

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

تجربتان متشابهتان إلى حد ما في كل من لبنان والعراق مع وجود نقاط اختلاف هنا وهناك، إلا أنهما اقرب إلى بعضهما في تركيبات المجتمع ومكوناته، وطبيعة التجربتين اللتين تم تطبيقهما في نظاميهما السياسي وهما التجربة الفرنسية في لبنان والبريطانية في العراق، ورغم الفارق الزمني بينهما إلا إن نتائجها الكارثية كانت متطابقة جدا وخلاصتها ما نشهده اليوم من انتفاضة عارمة ضد التجربتين الفاشلتين في تطبيقاتهما لنظام تداول السلطة باليات ديمقراطية وروحية شمولية للوصول إلى الحكم المطلق، وفي خضم ذلك يتساءل المرء هل أنجز العراقيون وقبلهم اللبنانيون نظاما ديمقراطيا، تحت مظلة المواطنة الحقة وقبول الآخر أم انه هناك سلوكا آخرا، وربما أهدافا أخرى تختبئ وراء كواليس أو طوابير الواقفين أمام صناديق الاقتراع منذ أكثر من خمسة عشر سنة في العراق وأكثر من سبعين سنة في لبنان؟ وفي العراق مثلا هل ما يجري الآن من احتجاجات في الشارع الذي استخدم من قبل الحاكمين وسيلة لتسلق صناديق الاقتراع وصولا إلى عرش السلطة، هل يؤشر تغيرا نوعيا في وعي وتفكير وسلوك الغالبية المحكومة بشعارات دينية ومذهبية وأيديولوجية قومية؟

مهما كانت الإجابة على السؤالين فان النخب السياسية والاجتماعية الحاكمة والمتنفذة تمارس دورين في آن واحد؛ دور الحاكم باسم الديمقراطية وباسم الرب، ودور بدأت تستخدمه مع بداية ظهور الاحتجاجات وهو ركوب موجتها واحتوائها من الداخل برفع شعاراتها تارة وتارة بالعمل كطرف ثالث لتشويه سمعتها وتجريمها، ولكي ندرك بعض مواطن الخلل نعود إلى نظام تداول السلطة عن طريق صناديق الاقتراع في مجتمعات لم ترتق إلى مستوى مفهوم المواطنة الجامع، وسط تعددية الولاءات والانتماء الذي يتجاوز مفهوم الوطن والشعب، ويذهب بعيدا إلى جزيئات اصغر في التكوين وهي وحدات القبيلة والعشيرة أو الدين والمذهب أو المدينة والقرية، حيث لم يتجاوز في أحسن الأحوال فوضى إعلامية أطلقوا عليها ظلما بأنها خلاقة، فتحولت وسائل الإعلام فيها إلى أجهزة دعاية وإعلان ليس إلا، وتقزمت فيها الديمقراطية إلى صناديق اقتراع يجمعون حولها الناخبين بفتاوى رجال الدين أو تهييجات العصبية القبلية أو العشائرية، مستخدمين المال في عملية غسل سياسي لشراء الأصوات، وفي هذا الاستخدام لا تفرق العملية عما كانت عليه أيام النظام الشمولي السابق أو مثيلاته ممارسة لثقافة القطيع تحت شعارات مضللة ومهيجة سواء كانت دينية أو قومية عنصرية، أو أيديولوجية الحزب الواحد الأوحد. وللأسف كانت طبيعة النظام السياسي في كلتا الدولتين العراقية واللبنانية بلبوسه الديمقراطي متشابهتين مع فروقات هنا وهناك، إلا إنهما استخدما الأهالي كوسيلة لتداول السلطة عن طريق الدين ومذاهبه والقبيلة وبيوتاتها وطوابير الناخبين وصناديق الاقتراع، وهي نفس الوسيلة التي استخدمتها كل الأنظمة الشمولية وبمختلف الشعارات والإيديولوجيات في غياب مفهوم رفيع للمواطنة.

إن ما يجري اليوم ومنذ أكتوبر 2019 في كل من العراق ولبنان يؤكد إن وعيا نوعيا بدأ بالتبلور يتجاوز تلك الجزيئيات التي اعتمدتها معظم الأنظمة الحاكمة وهي الديانة ومذاهبها أو القومية وتعصباتها أو المناطقية ومكوناتها الاجتماعية في القبيلة والعشيرة والبيوتات، بعد أن أثبتت فشلها في إدارة الحكم، هذا الوعي الذي يرسي قواعدا جديدا لنظام ديمقراطي على أسس المواطنة الجامعة خارج تعددية الانتماء والولاءات، وبعيدا عن قطار السلطة الديمقراطي الذي يستخدم الأهالي تحت ضغط ديني أو مذهبي أو قبلي لتحقيق مآربه السلطوية.

kmkinfo@gmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لن ولم يتغير شئ فى بلاد الذين امنوا
فول على طول -

فى بلاد الذين أمنوا تقوم العصبية والقبلية والمذهبية والطائفية على نصوص دينية وعلى ثوابت ..وما أدراك ما الثوابت والنصوص المقدسة ؟ هل يمكن تغيير النصوص والثوابت ؟ لو أمكن تغييرها سوف يتم ما تصبو الية سيدى الكاتب وما عدا ذلك تهريج ...لا أرى أى أمل فى تغيير الثوابت ولا النصوص اذن سوف يستمر الحال من سئ الى أسوأ ..انتهى - لبنان لها طابع خاص وهو التمييز الايجابى وهو أن يكون رئيس الجمهورية مسيحى وهذا فى حد ذاتة جعل لبنان متميز عن دول الجوار وهذا واضح ومعروف ..لو تم تغيير الدستور فى لبنان وتغيرت القواعد سوف يصبح لبنان صومال جديد أو عراق جديد على أحسن الأحوال . لا أرى أى أمل فى بلاد الذين أمنوا . .,.اتمنى أن يكون شعورى هذا غير صادق .

جر حبل
محمد -

سيدي الكريم..ماتفضلت به صحيح.. حيث أصبح الواقع عبارة عن جر حبل بين الفرقاء السياسيين.. بين تيار جامح تقوده العقيدة الكاذبه وبين تيار يبحث عن مكاسب مكونه.. والنتيجة أصبحت جولة لهذا وجولة لذاك وحسب المعطيات على الأرض.. هناك مكونات تقزمت بفعل المتسلطين عليها لضعف تمثيلها بين الكبار.. أرى مع هذه الصحوة المنشودة لدى المجتمع أن يبادر الكيان أو التيار الذي يعتقد أنه منصف ويملك رؤية وطنية منصفة بأن يرسخ مفهوم المواطنة ويبحث عن حقوق من سلبت حقوقه ليقرض نفسه على الساحة بأنه يستحق مركز متقدم بين الفرقاء السياسيين ويحضي بقبول شعبي.. تحياتي لك

الذين كفروا من الارثوذوكس الاقباط هل يقبلون برئيس إنجيلي او كاثوليكي او بروتستانتي لدولتهم الافتراضية ؟!
صلاح الدين المصري وراكم وراكم ي -

على خلاف ما يروجه الافاقون الارثوذوكس الاقباط من الذين كفروا من ابناء الخطية والرهبان والمصابون بإيدز الكراهية حتى لبعضهم البعض وللبشرية فقد انتخب فارس الخوري رئيساً للمجلس النيابي السوري عام 1936 ومرة أخرى عام 1943، كما تولى رئاسة مجلس الوزراء السوري ووزيراً للمعارف والداخلية في تشرين أول عام 1944... وكان لتولي فارس الخوري رئاسة السلطة التنفيذية في البلد السوري المسلم وهو رجل مسيحي صدى عظيم فقد جاء في الصحف: (... وأن مجيئه إلى رئاسة الوزراء وهو مسيحي بروتستانتي يشكل سابقة في تاريخ سورية الحديث بإسناد السلطة التنفيذية إلى رجل غير مسلم، مما يدل على ما بلغته سورية من النضوج القومي، كما أنه يدل على ما اتصف به رئيس الدولة من حكمة وجدارة). وقد أعاد تشكيل وزارته ثلاث مرات في ظل تولي شكري القوتلي رئاسة الجمهورية السورية. كان فارس الخوري رئيس وزراء سورية 1944، وفي ذات التاريخ وزيرا للأوقاف الإسلامية، وعندما اعترض البعض خرج نائب الكتلة الإسلامية في المجلس آنذاك عبد الحميد طباع ليتصدى للمعترضين قائلا: إننا نؤّمن فارس بك الخوري على أوقافنا أكثر مما نؤمن أنفسنا. كان فارس الخوري متجرداً في أحكامه، عميقاً في تفكيره، صائباً في نظرته، وقد جره هذا الإنصاف لأن يقول عن (الإسلام) الذي درسه وتعمق فيه أنه محققاً للعدالة الاجتماعية بين بني البشر. فهل يقبل الارثوذوكس في مصر مثلاً بانجيلي لكنيستهم او لو كانت لهم دولة بمسيحيين اخرين من طوائف اخرى يرئسونهم مع انهم كلهم مسيحيين نظرياً اسألوا عرقيتهم اليونانيون باليونان الذين يمنعون الاقلية المسلمة من اختيار مفتي لهم ولا يمنع المسلمون في مصر بلدياتهم الاقباط من اختيار بابا لهم

للمنافقين الذين لا يؤمنون
فضائى -

ليس بالضرورة ان الشعوب فى بلدان الذين امنوا كلهم مؤمنين ..... هناك من هو تحت احتلالهم وهم لا يؤمنون بهم و يستطيعون العمل الجاد و التقدم السريع اكثر بكثير من بلد مثل مصر بما فيه من الذين امنوا و الذين لا يؤمنون , و على فكرة يا من لا تؤمنون و منافقين ما تقوله لا يعنى ان دينكم افضل من دين الذين يؤمنون ، كل الاديان سواء .... و الا كيف يمكن لانسان جاء من الخطيئة ان يقلب الحقائق 180 درجة و يقول انا ابن الله ؟؟؟؟!!!! ...... الدجل و عدم الايمان و الكذب و الخديعة موجودة اكثر بكثير فى دين الذين لا يؤمنون و هم يعرفون انفسهم . الانسانية لا تتقدم الا بترك الاديان و العلم الصرف . و تقدم الغرب حصل بعد ان ابتعدوا عن الدين نهائيا و اصبحت كنائسهم خاوية على عروشها و اصبحت متاحف و اثار سياحية و لا يرتادها الا المهاجرين من الشرق او افريقيا لانهم جهلة . و اقول هذا عن تجربة عيش و دراسة اكثر من عشر سنوات بينهم .

a_1974_m@yahoo.com
Ammar Mohammed -

هنالك مشكلة رئيسية مشتركة بين البلدين والتجربتين.ألا وهي الجمهورية الإسلامية التي كانت ومازالت تحاول (نحت) المجتمعين والتجربتين بأزميل المذهب وتريد جمع أجزاء الهلال الذي سحقت كل من أراد ايقاف تجميع اجزائه فدمرت وشتتة شعوب ومجتمعات بأسرها تحت أنظار الديمقراطية العالمية والاميركية!!!واليوم نرى الوحش يقف على اطلال العراق وسوريا ولبنان وهو يترنح من جراء ازماته المتعددة.ومن نأى بنفسه وابتعد عن هذه الجدلية المعقدة استطاع استنشاق أنفاسه وسط غبار المعركة وهذا ما فعلته قيادة الإقليم من وجهة نظري