الدول وقادتها تُعيد اختراع ذاتها في الأسابيع المقبلة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
ستضطر الدول وقادتها إلى إعادة اختراع الذات بغض النظر إذا انتمت إلى معسكر الاستمرار في الإغلاق التام لأن الأولوية القاطعة هي للصحة العامة، أو إلى معسكر ضرورة البدء بفك الإغلاق لأن انهيار الاقتصاد يدمِّر الحاضر والمستقبل ويعطب بالعمق الوضع النفسي والصحي والعقلي للمجتمعات.
لن يكون في الوسع العودة إلى تنفيذ السياسات العريضة التي وضعتها الدول قبل قدوم كوفيد-19 لأن هذا الفيروس أعاد خلط معايير العولمة وصفع خُطط تموضع الدول عالمياً، غنيةً وقويةً كانت أو فقيرة وضعيفة.
فيروس كورونا عرّى الأمم المتحدة ووكالاتها الخاصة، بما في ذلك منظّمة الصحة العالمية، وكشف ليس فقط عجزها وإنما العَفَن الذي أصابها عبر البيروقراطية القاتلة وبسبب تدنّي المستوى المهني للعاملين في هذه المنظمات الدولية التي يُنفَق عليها مليارات الدولارات وهي تجّتر نفسها بدلاً من إصلاح العطب فيها. المرحلة المقبلة ستصعق الجميع مع اختلاف النسبة والتأثير. منظّمة الصليب الأحمر الدولي حذّرت من عواقب وخيمة وخصّت بالذكر الدول الضعيفة في منطقة الشرق الأوسط، ذكرت منها سوريا واليمن وفلسطين والأردن والعراق وإيران ولبنان. قالت إن هذه الدول ليست فقط ضحية فيروس كورونا من ناحية الضعف البنيوي في منشآتها الصحية والاجتماعية وإنما أيضاً معرّضة لأن تشهد اضطرابات اجتماعية وسياسية عنيفة كردّة فعل على رداءة تعاطي حكوماتها مع الأزمات بما فيها تلك التي ولّدها هذا الوباء. هذه الدول الركيكة أو الفاسدة أو الخاضعة للإيديولوجيات المتطرّفة أو المتورّطة في نزاعات ليست وحدها في دائرة الخطر، لكن قُصر النظر في بعض عواصم هذه الدول هو الذي يجعلها مرشّحة لأن تصبح دولة فاشلة بقرارٍ من سياسيين أعمى بصيرتهم الجشع والغطرسة المريضة &- كما هو الحال في لبنان.
الدول الصناعيّة والغنية منصبّة على معالجة الدمار الذي يتركه وباء كورونا في ديارها من البطالة الى الركود الى انحسار أسعار النفط، وهي ليست في وارد الإقبال على مساعدة الدول الركيكة كأولوية. هذه الدول مضطرة الى إعادة اختراع نفسها وإعادة رسم السياسات البعيدة المدى التي كانت قد اعتمدتها- الولايات المتحدة، وروسيا، والصين، وأوروبا، وبقية الدول الأعضاء في مجموعة العشرين كلّها تبحث عن هوية لها في زمن ما بعد كوفيد-19 الذي أطاح بمفاهيمٍ ولّت وهو يفرض الرضوخ لإصلاحات جذرية محلّيّة وكونيّة.
النقاش يصبح حاداً كلّما كان الرئيس الأميركي دونالد ترامب جزءاً منه، فهو رجل مثير للجدل وللمشاعر العنيفة ضده أو معه. إعلانه تعليق المعونات الأميركية لمنظمة الصحة العالمية احتجاجاً على أدائها وانحيازها الى الصين لاقى انقساماً أميركياً وكذلك عالمياً. معظم المواقف دانت أو استاءت من حجب المساهمات المالية الأميركية عن المنظمة سيّما وأن العالم أجمع يواجه هذا الوباء معاً. لكن قيادات عالمية عديدة وافقته الرأي ضمناً لأن أداء منظمة الصحة الدولية كان فعلاً تحت المستوى المطلوب علماً أنها تحصل على حوالى 6 مليار دولار كل سنتين للقيام بأفضل مما قدّمته من تشخيص بطيء للفيروس ومن توصيات بلا فعالية. كان على هذه المنظمة أن تتصرّف بمستوى الحدث وأن تتقدّم بخطة عالمية بدلاً من الانزلاق، كالعادة، الى الاعتبارات السياسية وتلبّي حساسيات دول مثل الصين. وللسجّل، ان الصين تقدّم 57 مليون دولار للمنظمة واليابان 41 مليون دولار، والمانيا 29 مليون، وفرنسا 21 مليون، وإيطاليا ما يقارب 16 مليوناً، والبرازيل 14 مليون دولار فيما تقدم الولايات المتحدة 115,8 مليوناً. إنما بغض النظر عن نسبة الهِبات، يجب على الدول أن تُطالب منظمة الصحة العالمية بأداء أفضل وتدفعها الى أن تتعلم درساً مهماً &- حتى وان كانت تنتقد قرار ترامب أو تطلب منه إعادة النظر.
ليست وحدها منظمة الصحة العالمية التي تحتاج إعادة هيكلة ما بعد كوفيد-19 بل ان الأمم المتحدة برمتها ووكالاتها الخاصة يجب إما إعادة اختراعها أو الإقرار بأنها باتت عبئاً بيروقراطياً مُكلفاً بلا فائدة. انه نموذجٌ اضمحلَّ على مدى السنوات الماضية تدريجيّاً بسبب طبيعة مجلس الأمن الدولي لربما بالدرجة الأولى، إنما هذا لا يعفي كامل الدول الأعضاء ولا الأمانة العامة التي تدهورت إلى اللاوجود منذ أن تولّى أنطونيو غوتيريش مهام الأمين العام قبل ثلاث سنوات.
لن يتمكن الاتحاد الأوروبي من التظاهر بأنه ماضٍ في سبيله كالعادة ليس بسبب مغادرة بريطانيا له بقدر ما أصابه وسيصبه من تفكّك الأمر الواقع بسبب كوفيد-19، اقتصادياً واجتماعياً. لن تكون الدول الغنية المنتمية الى مجموعة العشرين G-20 قادرة على السير الى الأمام على الأسس التي كانت موجودة قبل وباء كورونا.
مجلس التعاون الخليجي سيضطر الى اعادة دراسة مفاهيمه ومقوّمات وجوده في ظل ما سيصيب الدول الست الأعضاء فيه نتيجة كوفيد-19 وكذلك نتيجة انزلاق أسعار النفط ليس حصراً بسبب حرب أسعار النفط بين روسيا والسعودية وإنما بسبب تكدّس النفط في الاحتياطي عالمياً نتيجة الانخفاض العنيف لنسبة الطلب بسبب فيروس كورونا.
أندريه فيدوروف، نائب وزير الخارجية الروسي الأسبق ورئيس "صندوق الأبحاث والاستشارات السياسية"، يتوقع امتلاء احتياطي النفط في روسيا والولايات المتحدة وبقية العالم لدرجة "الاضطرار الى التخلّص منه بأي ثمنٍ كان، حتى وان بلغ السعر الصفر"، والسبب هو انه "ليس في الوسع ايقاف الإنتاج في الأنابيب". يقول ان هذا قد يحصل بعد 4 أسابيع، وعليه، "مع نهاية أو منتصف أيار/مايو، ستكون هناك أزمة نفط جديدة إذا لم يكن في الإمكان العودة الى الإنتاج". ويُحذر انه إذا وصلنا الى نقطة الصفر في أيار/مايو "لن تكون فرصة إعادة اقلاع الاقتصاد العالمي واردة بدون خسارات فادحة".
قادة معظم الدول يتحركون بحذر بالغ خوفاً من فقدان فرصة اقلاع الاقتصاد مجدداً، وبالتالي الانهيار. شهر أيار/مايو يبدو التاريخ الذي يصبو اليه القادة لعلّه يكون الموعد مع العودة الى العمل وبدء العد العكسي الى انهاء البطالة المدمِرة للاقتصاد في الولايات المتحدة بالذات حيث بلغت البطالة 20 مليون نسمة وكلفة استمرارها عنيفة على الاقتصاد وكذلك على فِرص دونالد ترامب بالفوز بالانتخابات الرئاسية. أميركا ليست وحدها من يراقب بخوف احتمال استمرار الإغلاق إذا فرض فيروس كورونا عليها المضي به. ذلك ان "عدم اعادة فتح الولايات المتحدة قريباً سيقتل الاقتصاد العالمي برمته"، يقول فيدوروف.
روسيا، يضيف فيدوروف، "ليست قادرة على لعب دور في الأجندا الاقتصادية العالمية بسبب النفط وكذلك بسبب وطأة الأزمة الاقتصادية العالمية". لذلك بدأ الحديث في موسكو حول اعادة صياغة أولويات السياسة الخارجية الروسية "فلا أحد يبالي الآن بأولوية نزع السلاح" والحديث يصب بإعادة فرز ما فرضه وباء كورونا على العولمة وعلى الاقتصاد العالمي.
الفرصة متاحة بين أيار/مايو وبين الخريف لإعادة إطلاق الاقتصاد بدلاً من بقائه مكبّلاً فتفوت الفرصة. فالصين تتوقع موجة جديدة من الإصابات في الخريف. قيادات العالم تتأهب خوفاً على بلادها وخوفاً على مصيرها في بعض الأحيان.
السؤال الذي يُطرح في اطار منطقة الشرق الأوسط هو هل سيفرض فيروس كورونا على الدول أن تعيد النظر في سياساتها وتقرر ان اعادة اختراع النفس هو الوسيلة للإنقاذ؟ إيران أولى الدول التي أصيبت بالوباء في الشرق الأوسط ووجدت ان حتى في هذه الظروف الاستثنائية، لن ترفع الولايات المتحدة العقوبات عنها ولن تقفز أوروبا على تلك العقوبات. القيادة الإيرانية لربما دُهِشت واستاءت، لكنها أيضاً استنتجت أن لا مجال لرفع العقوبات عنها ما لم تبدّل من سياساتها الإقليمية والنووية والصاروخية.
الدول الخليجية العربية بدأت التفكير في أوضاعها في زمن ما بعد كورونا. بعضٌ منها سيدفع ثمناً اقتصادياً باهظاً، وبعض آخر أدرك أن الإصلاحات الجذرية الاجتماعية والاقتصادية باتت ضرورية كي يكون في الإمكان امتصاص الصدمات في المستقبل ومن أجل بناء المرونة للتأقلم مع حدثٍ رهيب حلّ بالعالم وفرض العودة إلى طاولة رسم السياسات.
التعليقات
تحياتى سيدتى الدكتورة العظيمة دائما وبعد :
فول على طول -قبل التعليق فان امريكا تمنح منظمة الصحة العالمية 450 مليون دولار سنويا - أنا أعلم ذلك جيدا - والذى يمنح من حقة أن يمنع وترمب رجل اقتصاد ورجل أعمال ناجح ولا ينفق دولارا واحدا الا بمردود جيد وهذا حقة ولة كل التقدير على ذلك ..هو يخاف جدا على أموال امريكا والشعب الأمريكى وهذا أمر ملموس ..أما الخلافات مع ترمب فهذا شئ طبيعى سواء داخل امريكا - وهذة ظاهرة صحية حيث لا ديكتاتورية وأيضا عبث كبير من الديمقراطيين الفاشلين والذين عرفهم الشعب الأمريكى على حقيقتهم حيث أنهم يعترضون دائما على ترمب بسبب أو بدون وخسروا كل المهاترات مع ترمب مثل محاكمتة والتدخل الروسي لصالح ترمب فى الانتخابات وكل هذا أتى بنتائج لصالح ترمب ..وخارجيا لأن ترمب لا يجامل أحدا ولم يتلون بالسياسة بل يقول ما يريدة دون تزويق وهذا يغضب الكثيرين ولكن ترمب لا يعبأ بذلك ..انتهى - الشعب الأمريكى شعب عملى جدا ويعشق العمل وبدأ يتأفف من الركود والجلوس بالمنزل ويريد العودة للعمل وهذا أيضا يساعد ترمب على اتخاذ فك العزل والعوة للعمل قريبا ..وعند العودة للعمل سوف يتعافى الاقتصاد الأمريكى بسرعة وخاصة اذا ضاعف من ساعات العمل وهذة طبيعة المجتمع الأمريكى . نعم فان منظمة الصحة العالمية لم تكن على مستوى المسئولية وهناك أقوال بأن رئيسها - الأثيوبى - كان سفيرا لبلدة فى الصين قبل أن يتولى المنصب وتربطة بالصين علاقات مشبوهه وخاصة أن الصين لها استثمارات كبيرة فى أثيوبيا ..وهناك اتهام موجة لة بأنة تواطأ مع الصين ..أنا لا أجزم بالتواطئ ولكن كلام يقال . دول الشرق الأوسط التى جاءت بالمقال سوف تزداد أوضاعها سوءا ولا أعرف ما الحل ..وأيضا كل الدول الفقيرة التى أصابها كورونا لن يتغير شيئا فى أوضاعها فهى فقيرة بالبفطرة . دول الخليج سوف تخسر ماديا ولكن دون تغيير فى الأنظمة السياسية والاجتماعية . ونكتفى بذلك . تحياتى دائما سيدتى الدكتورة العظيمة على مقالاتك القيمة جدا والتى تنعش الذاكرة .
وعلى مسئوليتى نظرا لاعتزازى بالدكتورة الفاضلة
فول على طول -فى زمن الأوبئة من المحتمل اصابة 75 بالمائة من السكان سواء طبقنا العزل أم لا .الفرق فقط هو أن العدوى سوف تنتشر بالتقسيط أى على مراحل لو طبقنا العزل وبذلك لا يتهاوى النظام الطبى ولكن سوف يهبط الاقتصاد وسوف تطول المدة ومن يخرج من العزل بعد مدة من الوقت سوف يصاب أيضا بالفيروس ..أما لو تمت العدوى جماعية ودون عزل سوف تقصر المدة ولن يتهاوى الاقتصاد ولكن ستكون الاصابات والوفيات بأرقام كبيرة فى وقت واحد وبذلك يتهاوى النظام الصحى ..أى كلا النظامين لة مميزات ..انتهى - هذا الكلام لا يصرح بة الأطباء - بالرغم من أنهم يعرفونة جيدا - أو السياسيين ويغامر بمستقبلة السياسي ولا يجرؤ أحد على القول بعدم الحظر لهذين السببين . بعد انتهاء الوباء بأى صورة تكون المحصلة النهائية متساوية تقريبا بين من طبق العزل ومن لم يطبقة فى عدد الوفيات وعدد الاصابات ..وبعد الوباء يكتسب الجسم مناعة نسبية وتنقل هذة المناعة للأجيال القادمة وسوف يأتى الفيروس ولكن بصورة أقل حدة بسبب المناعة المكتسبة فى أجسامنا وأجسام الأبناء ..انتهى - حدث هذا عام 1918 باجتياح الانفلونزا ولم يطبق العزل ..واصيب أغلب العالم بة مرة واحدة تقريبا ومات حوالى 50 مليون ومن عاش اكتسب مناعة ونقلها للأبناء ومن ثم الأحفاد ..ويأتى فيروس الانفلونزا كل عام تقريبا وفى كل العالم ولكن بصورة أقل حدة نظرا للمناعة المكتسبة وهكذا سيأتى كورونا . أزعم أننى أعرف هذا جيدا . تحياتى دائما سيدتى الدكتورة العظيمة .
لا تنزعجى عزيزتى الدكتورة العظيمة
فول على طول -اذا كانت الاصابات بالفيروس تبلغ 75 بالمائة فهذا لا يعنى أن جميعهم سيموتون ..هناك أغلب الحالات لا تشعر بالفيروس الا نادرا وبأعراض خفيفة مثل الانفلونزا وهذة الشريحة الأعظم من المصابين وهذة رحمة من اللة أما نسبة الوفيات فهى تتراوح بين نصف فى المائة الى 8 بالمائة من المصابين فقط . تحياتى .
خير الكـــــــلام ماقل ودل ،،،والمقدمه كافيه
عدنان احسان- امريكا -ستضطر الدول وقادتها إلى إعادة اختراع الذات بغض النظر إذا انتمت إلى معسكر الاستمرار في الإغلاق التام لأن الأولوية القاطعة هي للصحة العامة، أو إلى معسكر ضرورة البدء بفك الإغلاق لأن انهيار الاقتصاد يدمِّر الحاضر والمستقبل ويعطب بالعمق الوضع النفسي والصحي والعقلي للمجتمعات. وبالغعل ان مقبل كونرنا ليس كما بعدها
للتوضيح بصورة أدق
فول على طول -لا يمكن عزل أو حظر أى بشر بصورة كاملة ..يمكن فقط لمن يعيشون فى الجبال كمجموعات معزولة عن البشرية وما عدا ذلك لا يمكن ..حتى الذين لا يخرجون من منازلهم فان العدوى تصلهم عن طريق أقاربهم الذين ينزلون ويعملون أو حتى يزورونهم أو حتى عن طريق من يوصل لهم الاحتياجات اليومية أو حتى فى أكياس المشروات ...ونفترض أنة يعيش فى امريكا 320 مليون وأغلبهم معزولون فان العدوى تصل الى أكثر من 200 مليون مع العزل الكامل بواسطة الطرق السابقة ولكن أغلبهم لا يشعرون بالأعراض ..حتى الان أعداد المصابين فى امريكا يقترب من 800 الف ولكن هذا ليس هو العدد الحقيقى لأن أغلبهم لا يشعر بأى أعراض ولا يغادر منزلة أو لا يهتم طالما بصحة جيدة ..أى أن نسبة المصابين الفعليين الى عدد السكان لا يذكر وأيضا نسبة الوفيات ...هذا التوضيح للدكتورة العزيزة راغدة ولمن يريد . ..فلا داعى للانزعاج .