إنتصرت المحاصصة والمصالح بصفقة تكليف الكاظمي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
لا يُنكَر إن السيد مُصطَفى الكاظمي يَتَمتع بِشخصية, مُنفَتحة هادئة مُجاملة،غَير صِدامية،وَلديه القُدرة على الإقناع،تَمرس في العمل الإداري والإعلامي ولاحقآ المُخابراتي، فَهو خريج مَدرسة كنعان مَكية، تلك الشَخصية التي كان لها بَصمة واضِحة في التأثير بِقرار إحتلال العراق عام 2003 لقربهُ مِن مَراكز صُنع القَرار في الولايات المُتحدة، حَيثُ كان مُقربآ مِنه وَعَمل مَعه في مُؤسسة الذاكِرة العراقية بعد السنوات الأولى للسقوط، هذه المُؤسسة التي رَكزت في عَملها على تَوثيق جرائم النِظام السابق بِحق الشَعب العِراقي, لكن هُنالك شُبه إجماع مِن قِبل الكَثير مِن المُحللين والمُتابعين للشَأن العِراقي يؤكدون على وجود مَصلحة كُردية قَوية وَواضِحة لتكليف السيد مُصطفى الكاظمي رئيس المُخابرات العراقية بِمهمة تَشكيل الحكومة المُقبلة،هذا المنصب الذي لم تُفلح قبله شَخصيتان بِتوليه والظَفر بهِ رغمَ تَكليفهُما رَسميآ، فالرئيس برهم صالح دَفع بالسيد محمد توفيق علاوي وَهو غير مُقتنع به، وَبعدَها دَفَعَ بِذكاء بالسيدعدنان الزُرفي رَجُل أمريكا القَوي وَقام بتكليفه بَعيدآ عن السياقات الدستورية ( أي تجاوزآ للكُتلة الأكبر مُتحجِجآ بِضغط الشارع) مِما جَعل الذُعر يَدبُ في أركان البَيت الشيعي كُله بِقياداته، تلك القيادات التي إهتزت شَعبيتها جَراء تَظاهرات عارِمة إنبثقت من قَواعِدها الشَعبية ومناطِق نفوذها، حَيثُ طالت هذهِ التَظاهرات بغداد وأغلب مُحافظات العِراق الجنوبية في الآونة الأخيرة، وَرغمَ تَكليف الزُرفي وَالذي إعتَبرهُ الكَثيرون ذَرآ للرماد في العيون وَمُحاولة للضَغط على الكُتل الشيعية لِدَفعها للتَوافق والإجِماع على شَخصية الكاظمي، حيثُ كان السيد رئيس الجمهورية عاقِدآ العَزم مُنذُ البِداية على تََكليف الكاظمي الذي تَجمعه مَعهُ عِلاقة مَصالح وَعَمل في الصَحافة إمتدت لسنوات عدة،فَقد أسسَ السيد برهم صالح وَموَل جَريدة ناطِقة باللُغة العَربية تُسمى ب(الإسبوعية) تَصدر في مُحافظة السُليمانية وَجَعلَ على رأس إدارتها السيد الكاظمي، وَغاية هذه النافِذة الإعلامية هي الترويج لسياسة الحزبين الكُرديين في العراق، فَمنذُ تأسيس الإسبوعية، وَمُصطلحات مثل ( الفيدرالية، والكونفدرالية، وحقوق شعب كردستان في تقرير المصير, والديمقراطية التوافقية، وكردستانية كركوك ), لم تَغب هذه المُصطَلحات عَن مواضيع وَمقالات هذه الجَريدة التي أدارها الكاظمي.
يَبقى هُنالك دَورآ كَبيرآ آخر لا يَقل أهمية عن دَور السيد برهم صالح, لَعبه السيد عمار الحكيم بالدَفع بالكاظمي لرِئاسة الوزراء, فالحكيم لا يُريد أن يَخرج تَياره (الحكمة) الضَعيف نسبيآ من دائرة الضَوء وَيترك الساحة الشيعية مَلعبآ للكَبيرين (تَحالف سائرون وَهو الذي يُمثل التيار الصَدري الذي يَقوده السَيد مُقتدى الصَدر، وَتَحالف الفَتح الذي يَقودهُ هادي العامري وَهو المُمَثل للقِوى والفَصائل المُسلحة المدعومة من إيران وَمن خَلفِهم وَبِدرجة أقل يأتي تَحالف دولة القانون بِزعامة السيد نوري المالكي وَهذه الكُتلة تُمثل جماهير حزب الدعوة والمؤيدون لها), لِذلك حَثَ الخُطى في كُل الإتجاهات, ذَهب الى التكتلات والأحزاب السُنية وأقنعها وَضَمِنَ موافَقتها على دَعم وَترشيح الكاظمي، وَبعدها تَحرك بَينَ الأقطاب الشيعية الكبيرة التي كانت تَتوجس من الكاظمي خيفة، وأزال أغلب مَخاوفها.
لِذلك فَليس مُستغربآ هذا التأييد الكَبير الذي حَظي بهِ المُكلف لتَشكيل الحكومة العراقية المُقبلة السيد مصطفى الكاظمي فاللاعِبون الأساسيون الذين يُديرون العَملية السياسية في العراق على الرغم من تَناحراتهم وَخِلافاتهم الظاهرية، إلا إنهم يَتفقون وَيبقون على المُحاصصة كأهم رُكن من أركان هذه العَملية السياسية، لِذلك رَفَضوا السيد محمد توفيق علاوي الذي كان مثاليآ أكثر مِما يَجب وَطالب بإختيار كابينته الوزارية بِنفسه بِدون تَدخُلات, وكذلك رَفضوا السيد عدنان الزرفي القَوي خَوفآ من مُحاسبته لهم على فسادهم وَدعم الولايات المتحدة المُطلق لَه، أما السيد الكاظمي فأرضاهم جميعآ حتى الطرف الإيراني وقبل بشروطهم, ولذلك نالَ رِضاهُم.
haidar_muften@yahoo.com