فضاء الرأي

صراعات بغداد وأربيل، وجريمة العبث بقوت الشعب

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

ليس من حق السلطات، إن كانت في بغداد أو إقليم كردستان، ان تعبث بمستحقات رواتب موظفي إقليم كردستان أو العراق عموماً، وتجعل الأمر بمثابة ورقة ضغط على البعض في مناورات ومفاوضات سياسية.

ينبغي أن تظل الأزمات الأقتصادية والمالية، في مطلق الأحوال، ولاسيما الصراعات السياسية، في نطاقها الموضوعي وحسب ولاتتعدى ذلك، وأن تلتزم بقواعد ما، أو بقوانين متفق عليها، ولا تتجاوز الممارسات السياسية حدودها المتصلة بإدارة شؤون البلاد والعباد، فما بالك أن تفضي بنا اليوم، مجدداً، الى جحيم يحرق ثانيةً وأمام أعيننا الأخضر واليابس مِن دون أدنى مراعاة لمشاعر المواطن وما يعيشه البلد من ويلات، وما يعاني منه المجتمع من أزمات خانقة ربما لن نجد من يطيقها على هذا الكوكب إلا شعب مقهور كالشعب العراقي.

فالسياسة ليست هكذا يا معشر الساسة والحُكام! ولاتُمارس بهذه الطريقة القاسية والخالية من المسؤولية. كيف يحق، بالله عليكم، أن تقطعوا رواتب موظفي الدولة في أي شبر من البلد ولا تأبهون بأي شيء ولاسيما في هذا الشهر المبارك؟!، ألا تخشون من صيتكم السياسي وصورتكم في ذاكرة الشعوب؟ ألا ترون أن ما تقومون به، هو كل شيء إلا السياسة؟، كل شيء إلا الحكمة والعقلانية في مواجهة الأزمات؟.

ألا تشعرون بإن إرجاع سبب الفشل، الذي منيتم به في إعمار البلد وتحقيق إزدهار المحافظات الوسطى والجنوبية في العراق، الى مجرد مبلغ يُصرف للإقليم والذي لايشكل(10%) من الموازنة السنوية للدولة، هو ليس إلا إستخفافاً بالعقول؟، ألا ترون أن هذه التسويغات والتسويقات السياسية المُضَلِّلة للرأي العام العراقي، لا تفيدكم في شيء؟ ولا يؤمن بها إلا الإنتهازيين في حقل السياسة والمتورطين في تدمير البلد؟ هل نسيتم ان العراق وبفضلكم!- كما قال لنا "هيكل"(1923-2016م) في حينه - "قد أصبح مجرد عبارة عن بنك استولى عليه مجموعة من اللصوص، ليس لهم علاقة لا بالسياسة ولا بحكم ولا بإدارة دولة"؟.

ان السياسة كما لخصها المفكر والمحلل السياسي "ديفيد إيستون"(1917-2014م) في جملة واحدة، هي عبارة عن "دراسة تقسيم الموارد الموجودة في المجتمع عن طريق السلطة"، كما أنها حقل مرتبط بمصالح عامة الناس ولاينبغي الإنفراد بقراراتها وأحكامها، لاسيما إذا ما أدَّعينا الحد الأدنى من الديمقراطية وإحترام إرادة الشعوب، ولم يستنتج الجنرال "ديغول"(1890-1970م) مقولته الشهيرة في حينه من فراغ، حينما قال: "ان السياسة موضوع أخطر بكثير من أن نتركه للسياسيين"، لماذا؟ لأنهم، وبكل بساطة، ليسوا كل شيء، بل هم ليسوا سوى جزء ضغير من شيء أعظم ألا وهو الشعب وبدونه لايساوون شيئاً.

وعليه، نقول لكم هنا وبلغة في غاية الوضوح والبيان، دعوا الشعب يعيش بكرامة وبعيداً عن الإذلال والمزيد من صراعاتكم العقيمة ومرارات الفساد واللامسؤولية، أتركوه يحصل على لقمة عيش بعد ان جردتموه من كبرياءه وكرامته وخياراته وقراراته.

وما يتعلق بسلطات إقليم كردستان، فنحن هنا لم نَقِف يوماً من نقدها وإدانة سياساتها غير الناجعة، وثمة إحتجاجات شعبية كبيرة اليوم، بل مواقف سياسية شجاعة حتى لبعض من الأحزاب الحاكمة نفسها، ترفض وبقوة أي شكل من أشكال عبث السلطات في الإقليم بقوت المواطن تحت أي ذريعة كانت، ولاتشاطر أي مساعي أو إجراءآت تجعل الموطن ضحية لأي إخفاق إداري أو أي مغامرة إقتصادية أخرى من قبيل بيع نفط الإقليم دون الإتفاق مع بغداد والتنسيق معها وفقاً للإملاءآت الدستورية والقوانين المعمول بها.
*كاتب وأكاديمي من كُردستان العراق

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
دولة فاشلة
باسل الخطيب -

نجحت الطعمة السياسية العراقية في جعل البلد دولة فاشلة ومخربة ومنهوبة بامتياز وحسبنا الله ونعم الوكيل

استحالة العيش المشترك وبناء دولة المواطنة
صديق -

يجب ايقاف هذه المهزلة المسماة بتطوير و تحسين العلاقات بين بغداد و اربيل ، كفاية محاولات و يجب ان تدركوا انه لا يوجد عربى على وجه الارض يقر و يعترف بحقوق الشعوب الاخرى الذين استعبدوهم باسم الدين و احتلوا اراضيهم و سبوا نسائهم و دمروا عوائلهم و مجتمعاتهم و سرقوا ثرواتهم ، و خاصة الشعب الكوردى الذى يعانى منهم الامرين . لا تاملوا فى حوار الطرشان ولا فى صحوة ضميرهم فهم لا ضمير لديهم و عقلهم فارغ و ميت . اذا اراد الشعب الكوردى ان يعيش و يتقدم يجب اعلان الاستقلال و عدم التمسك بالاخوة الاعداء اهل التقية و الخيانة . لا يلدغ المؤمن من نفس جحر الافاعى السامة الاف المرات و اذا حصل ذلك فاننا مستكردون كما يطلقون علينا اى اغبياء و هو ما يقصدونه المستعربين و عراب الربع الخالى . فاذن كفاية استهبال و الانخداع بمبائهم فى التقية و النفاق السياسى و الاجتماعى و فى كل مناحى الحياة . ان الاوان ان نتركهم لجهلهم و عدوانيتهم و حيلهم بينهم .

صراعات بغداد وأربيل،
Rizgar -

العقاب الجماعي عمل عنصري وفاشي خطر , يجب ايقاف الشيعة في خططهم الا جرامية العنصرية . بعد تحطيمهم للسنة فيحاولون سرقة نفط كوردستان وتجويع الشعب الكوردي. فهل سينجح الشيعة في خططهم العنصرية بعد فشل صدام ؟

وجاءت اتفاقية 11 آذار,
شيروان محمود محمد -

كان ذلك في احد اعوام الستينات , وكانت الحكومة المركزية قد فرضت واحدا من سلسلة حصاراتها الاقتصادية على كردستان(الامر الذي لم يكن بقية العراقيين يعرفون مايعني الا بعد الحرب العراقية الكويتية وفرض الحصار الامريكي) وكان الشتاء قارصا لايرحم ولكن المدينة لم تكن تصلها الامدادات النفطية التي كانت المادة الوحيدة للتدفئة لكل المدينة ,ومادة للاضاءة لاحياء كثيرة منها. وفجأة سرى خبر وصول وجبة من النفط لبيعها للمحلة التي كنا نسكن فيها, فخرجت انا الذي لم يكن عمري وقتها يتجاوز العاشرة مع امي التي كانت تحمل( تنكة) نفط فارغة آملين الحصول على جزء من مكرمة الحكومة المركزية وكان المطر يهطل مدرارا تصاحبه ريح لاسعة. وتفاجئنا بان الارسالية كانت عبارة عن برميل يتيم للنفط يجره حمار مسكين و يركض وراءه العشرات من الرجال و النساء والاطفال, ويقوم شرطي يحمل هراوة ضخمة بفرض النظام. كان صراعا حقيقيا من اجل البقاء تخلى فيها الرجال عن وقارهم وعن واجب اظهار الاحترام (لنسوان المحلة ) والحنو على اطفالها .وكان الشرطي يفرض هيبته وهيبة السلطة التي يمثلها من خلال توزيع ضربات هرواته بالعدل والقسطاس على الجميع رجالا ونساءا واطفالا. بعد صراع دام اكثر من ساعتين وبعد تلقي الكثير من الضربات خرجنا انا وامي فائزين بغنيمة غالون واحد للنفط كان يكفي لتدفئة غرفة واحدة و لليلة واحدة .مضت السنون وجاءت اتفاقية 11 آذار, واستبشرنا خيرا بان زمن الاقتتال و الحصارات الاقتصادية و العقوبات الجماعية قد ولى الى غير رجعة.. وكم كنا واهمين! نفط العرب للعرب.. نفط العرب للاكراد... ذكريات مرة

الحقد العرقي على الكورد متجذر في ثقافتهم
卡哇伊 -

اتذكر ان احدهم كان قد كتب تحت احدى اليافطات التي تقول (نفط العرب للعرب) وبخط اليد( تمركم لكم... ونفطنا لنا) في اشارة له بان العرب يحق لهم الادعاء بملكية التمور التي لا تنمو نخيلها في كردستان ولكن ليست ملكية النفط الذي يستخرج من اراضي كردية.شعار نفط العرب للعرب لم يكن يعلق فقط على جدران المحلات ودور السكن بل كان يزين شاشة محطة تلفزيون كركوك بين كل فقرة و اخرى والتي كان بثها موجها للمنطقة الكردية مما دفع برب عائلة كردية ان يرفع اقرب فردة حذاء وقع يده عليها ووجها نحو الشاشة التي تطايرت شظاياها على ايقاع شتيمة من العيار الثقيل للنفط وللعرب الذين يملكون حقا حصريا فيه!من خلال هذه اللقطات السريعة اود الاشارة الى ان المواطن الكردي كان يعتبر نفسه محروما من ثروة هي ملك له ولم يكن وقتها يحلم ابعد من توزيع متساو وعادل لهذه الثروة بينه و بين شركاءه في الوطن. ولكن المرارات اللاحقة والجرائم التي ارتكبت ضد هذا الشعب سهلت للسياسيين تصوير الامور بان السائد في العالم هو شريعة الغاب ومن لم يسعى للحصول على حصته من الفريسة عليه ان لا يلوم الاخرين اذا مات جوعا.