كتَّاب إيلاف

مابعد "كورونا": كيف سيتغير العالم؟

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

يستغرب بعض الباحثين حين يقال أن جائحة "كورونا" ستعيد تشكيل النظام العالمي القائم، ونجدهم يبادرون لاستنكار فكرة تغيير العالم بفيروس لا تراه العين المجردة، وأن فكرة التغيير في مراحل وحقب تاريخية سابقة قد اعقبت أحداث عظام، سواء حروب عالمية أو تفاهمات دولية كبرى، وهذا صحيح تاريخياً، ولكني أجد هذه النظرة قاصرة نسبياً وتتجاهل رؤية الأمر من منظور واسع وتركز فقط على السبب وتتجاهل التداعيات والنتائج، وتتجاهل أيضاً أن كل الأحداث العظام والتغيرات والتحولات الكبرى قد بدأت من واقعة أو حادثة بسيطة لم يتصور أحد وقت حدوثها أنها ستكون بوابة تغيير العالم!
وكي يمكن مناقشة الأمر بشكل أعمق علينا أن نشير إلى أمرين مهمين أولهما أن جائحة "كورونا" لم تعد أمراً بسيطاً بكل ما سببته من خسائر بشرية واقتصادية واستراتيجية وتعطل شبه تام لكل آليات التعاون والتعامل الدولي في مختلف المجالات، حيث يقدر خبراء الاقتصاد حجم الخسائرالتي سيتكبدها الاقتصاد العالمي بسبب جائحة كورونا، بنحو 5 تريليونات دولار، والأهم من ذلك أن العالم يدخل في أكبر ركود اقتصادي في فترة السلم منذ الثلاثينيات، ويعتقد خبراء البنك الأمريكي "مورغان ستانلي" أن اقتصادات البلدان المتقدمة لن تعود إلى مستويات ما قبل الأزمة قبل الربع الثالث من 2021. ولتقريب الصورة فإن صندوق النقد الدولي يرى أن حجم خسائر الاقتصاد العالمي جراء تفشي الفيروس توازي حجم اقتصادي ألمانيا واليابان، وأن الاقتصاد العالمي قد يخسر نحو تريليوني دولار في غضون عامين بسبب مايعرف بالاغلاق الكبيرة وهو المصطلح الذي استخدمه الصندوق للاشارة إلى الركود العالمي الحالي، وهو الركود الأسوأ منذ الكساد الكبير في ثلاثينات القرن العشرين.

هذه الآثار السلبية الضخمة لديها القدرة على إعادة هندسة العلاقات الدولية بما يتوافق مع المعطيات الجديدة التي أنتجتها الأزمة، التي تعيدى تعريف الكثير من المصالح وشبكات العلاقات كما تعيد ترتيب أولويات الدول كما الأفراد، وتعيد رسم أولويات الأمن القومي بوضع المخاطر والتهديدات والتحديات الصحية الناجمة عن تفشي الأوبئة في صدارة الاهتمام جنباً إلى جنب مع الصراعات التقليدية والحروب والتهديدات السيبرانية والكوارث البيئية وغير ذلك.

ومن الطبيعي في مثل هذه الظروف، وهذا هو الأمر الثاني الذي تجدر الاشارة إليه، أن تبادر الدول جميعها إلى إعادة مراجعة أولوياتها ومصالحها وشبكات علاقاتها الدولية وفقا لأدائها خلال الأزمة وحدود تأثرها، وأيضاً بناء على رؤيتها الذاتية للفرص والتحديات التي أفرزتها هذه الأزمة بالنسبة للدول. وهنا يبدو من الطبيعي أن يكون عالم مابعد كورونا غير ماقبله، فالعالم لن يعود لطبيعته ولن تعود الأمور كما كانت قبل فبراير 2020 (حيث بدايات الاغلاق العالمي الكبير عقب تفشي الفيروس) فهناك معطيات جديدة في المجالات كافة، في الطب والصحة كما في الاقتصاد والسفر والطيران وحتى في الصراع البيولوجي والأسلحة غير التقليدية التي ستكون ساحة لتنافس شرس بين الدول حول استخدامها في ردع الخصوم والأعداء.

وبغض النظر عن فكرة الصراع الصيني ـ الأمريكي على الهيمنة القطبية، وهي فكرة ظلت تتردد قبل تفشي جائحة "كورونا" بوقت طويل، فإن عالم مابعد كورونا سيكون له توازنات وقواعد ومعايير جديدة في تحديد المكانة والنفوذ والهيمنة في النظام العالمي، بل إن فكرة النظام العالمي ذاتها باتت قابلة للنقاش لأن مجرد الحديث عن نظام مؤسسي واحد قادر على إدارة شؤون العالم باتت مسألة مشكوك في جدواها وفاعليتها في ظل مابات يحيط مؤسسات الأمم الأمم المتحدة من شكوك تطال قدرتها على المبادرة والمبادأة والامساك بزمام المبادرة عالمياً في مثل هذه الظروف العالمية المعقدة، كما باتت الشكوك تطال فاعلية بعض منظماتها مثل منظمة الصحة العالمية المتهمة أمريكياً بالانحياز للصين وحجب الحقائق عن العالم في بدايات الأزمة، وحتى لو كان هذا الأمر مجرد شكوك واتهامات يصعب اثباتها، فإن ايقاع ووتيرة تعاطي المنظمة ذاتها مع مستوى الخطر الصحي العالمي الناجم عن تفشي فيروس "كورونا" بات موضع شكوك من جانب كثير من الخبراء والمتخصصين.

العلاقات الدولية في عصر مابعد كورونا ستزداد تعقيداً وصعوبة، وسيعاد تشكيل هذه العلاقات وفقاً لما أنتجته الأزمة من معطيات وحقائق لدى أغلب الدول، فالتحالفات والتكتلات لن تعود كسابق عهدها بل ستطالها آلة التغيير أو النزواء والانهيار، بحسب ما اصيبت به هذه التحالفات من دمار وخسائر في هذه الأزمة الكاشفة، حيث كانت يد الصين وروسيا أقرب إلى شعوب تصنف ضمن الخصوم الاستراتيجي بينما بدا الحلفاء أكثراً تعنتاً ورفضاً لتقديم يد العون للمصابين والضحايا بسبب حسابات واعتبارات لا يمكن للشعوب تقدير اهميتها في مثل هذه الظروف العصيبة.

ستزداد أهمية المصالح الاقتصادية والروابط الحيوية وينحسر تدريجياً الحديث عن الأيديولوجيا والشعارات والمفاهيم الانسانية التي اختفى دورها وتأثيرها تماماً في أزمة كورونا، ويتحول الجميع إلى إعادة الحسابات على حساب فكرة العولمة والاعتماد المتبادل وغير ذلك من نظريات ظن العالم طويلاً أنها قادرة على انقاذه في حال تعرض للخطر.

الخلاصة إذاً أن الحديث عن تغيير يطال العالم ليس نوعاً من التخيلات والانفعالات العاطفية الناجمة عن صدمة كورونا بل هو واقع حقيقي لم تتشكل معالمه بعد لأن الأزمة لم تزل تتطور ولم تتضح لها نهايتها بعد، ما يجعل الحديث عن التغيير مجرد تقدير بسيط لما قد يحدث فعلياً على أرض الواقع في حال ازدادت وتعمقت آثار هذه الأزمة.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لا أحد يعرف
فول على طول -

أعتقد أنة لا أحد يعرف كيف يكون العالم بعد كورونا بل كلها تخمينات وحسابات غالبا تكون غير دقيقة ..لا تنسي أن السياسة متغيرة وتتغير وهناك شئ فى السياسة اسمة رد الفعل بناء على الفعل وهذا يغير كل شئ وربما فى أخر لحظة ...لا أحد يعرف الفعل أصلا كى يعرف رد الفعل .. اذا استمر ترمب فتره أخرى سوف يكون تقزيم للصين ووضعها فى حجمها الطبيعى ..والذين يقولون أن الصين رقم 2 فى الاقتصاد العالمى لا يعرفون الفرق الشاسع جدا بين رقم 1 ورقم 2 وهو مثل الأول الذى نال 95 بالمائة والذى يلية 50 بالمائة وهذا بالضبط مثل النسبة بين اقتصاد امريكا واقتصاد الصين ...تحياتى سيد سالم الكتبى .

أقليات العنصرية والحقد والكراهية سرطانات خبيثة علاجها الإستئصال
بسام عبد الله -

يتمتع الإنسان بطبيعته بنعمة النسيان ويلجأ إليها كنوع من بعث الحياة من جديد والتكيف والتأقلم مع ما بعد الكوارث، وهذا سيحصل قريباً فور التوصل لعلاج ولقاح لكورونا، وقد عادت الحياة على الأرض بعد فناء الديناصورات بنيزك وبعد طوفان نوح، و بعد غزو المغول والتتر ، وإنتشار الأوبئة كالطاعون والجدري والسل وغيرها، وكما حصل من قتل مئات الملايين والدمار والخراب والمجاعات عقب الحربين العالميتين وغيرها من الكوارث الطبيعية من زلازل وبراكين وتسونامي . ولكن ما هو أخطر منها ومن الكورونا اليوم ولن تنساه البشرية هو ما خلفه البعض من بعض الأقليات العنصرية الحاقدة من إبادة وددمار وخراب وتخلف تم توثيقه بدقة متناهية، أقليات تعيش بيننا وتطعننا من الخلف ولم يتوفر لها لقاح أو دواء أو علاج كالسرطانات الخبيثة التي تعالج بالكي أو الإستئصال، أقليات غريبة عجيبة لا أخلاق ولا تعاليم ولا ضمير معبودها المال وإلهها الحاكم ، مثل آل أسد الذين قتلوا الشعب السوري ودمروا سوريا وخانوا وتآمروا عليها مع المحتل والمستعمر وأخيراً باعوها للمستعمر الروسي والايراني بعد أن قتلوا أهلها ودمروها على رؤوس سكانها. ومن يدعون أنهم أبناء الرب من أقباط مصر عنصريون يحقدون على العرب والإسلام والمسلمين، أصبحوا دولة داخل الدولة تآمروا على شعب مصر منذ مئات السنين، وخدموا الإستعمار بجميع أشكاله زرعوا الحشيش وتاجروا به، أصبحت كنائسهم لا حصر لها حتى لم يجدوا أسماء لها فأعطوها أرقاماً، وفضحتهم أخيراً جريمة قتل الرهبان لبعضهم البعض لخلافهم على تقاسم الريوع. و البرزانية الغجرية فحدث ولا حرج. خانوا الجميع بدون إستثناء لا عقيدة ولا أخلاق ولا مباديء. تآمروا مع الجميع ضد الجميع، مع العثمانيين ضد الأرمن والآشوريين والعرب، ومع الاسرائيليين والامريكان والفرس ضد الشعوب التي ينتمون إليها. قد يبدو الأمر مزاحاً ولكنه كورونا حقيقية وواقعية يجدر دراستها لأنها أغرب من الخيال.

علاقه الصين بامريكا علاقه خادم بمخدومه
قبطى بيحب حمادة وعيوش و بيحب السيما -

امريكا قررت زمان فى الستينات لاسباب داخليه اهمها قوة نقابات عمالها و يساريتهم وخصوصا بحقبه المكارثيه الشهيرة ان تكسر شوكتهم لاعطاء دفعه قويه للسياسات الراسماليه و المتجهه لليمينيه بدرجه او اخرى وهذا هداها الى تحويل الصين لخادم اقتصادى ارسلت له التكنولوجيا والراسمال وبما انهم شعب تعود على عبوديه النظام الشيوعى لعقود وسيطرة الدوله على ما ياكلون وما يلبسون وحتى دخولهم الحمام كما كان يفعل خير الانام زمان - كانوا شعب نموذجى للعمل كخادم لسيده الغربى الذى تخلص من قوة نقابات العمال والاضرابات والصداع ودس انوفهم بالسياسات و القوانين والان وبعد ما تعاظمت قوة الصين وجرى المال الوفير بايدى قادتها وبدت تشرئب بعنقها وتهدد مصالح النظام الراسمالى بكامله كانت الوقفه الجادة وكان سحب البساط من تحت اقدام الصين مستغلين الكورونا و تنبؤ عقول الغرب بطريقه تعامل الدوله الصينيه مع الوباء المميت الذى كان ماساة معروفه نتائجها مسبقا - نعم الصين وقعت بفخ صنعته بيدها والغرب قرر الاجهاز على دورها واعادتها لحجمها الاصلى دوله متوسطه القوة كالبرازيل و الهند - عودة وتوطين كل الصناعات الحيويه والاستراتيجيه داخل امريكا والغرب كان ضرورة قصوى لتحجيم الصين ومنع التنين الاصفر من قيادة العالم وتحويل الغرب لتابع وهو اصلا السيد