فضاء الرأي

البشرية كقربان لإنقاذ الرأسمالية في عصر أزمة كوفيد19

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

عاد البشر اليوم إلى عاداتهم البدائية في ممارسة أنماط خطيرة من التفكير كانت متداولة في عصر ازدهار الأساطير، مثل تلك الأسطورة التي تعتبر أن القربان ضرورة لا غنى عنها تدفعها الضحية نيابة عن بقية الأحياء لدفع غضب الآلهة عن البشر من جهة ولإنقاذ البقية الناجية منهم من الخطر المحدق بها من جهة أخرى.

اليوم يستعيد إنسان العصر السيبرنوطيقي مضمون هذه الأساطير من جديد ودون أدنى حياء إنساني يعترف أنه لكي ينجو النظام الرأسمالي من أزماته المتكررة ويتمكن الاقتصاد من استرداد عافيته وتحقيق انتعاشته المطلوبة ولكي تتعافى أيضا البشرية من صدماتها المالية والنفسية على المسنين من البشر أن يستعدوا للموت من أجل شبابها وأن يكونوا القربان الذي يذبح على معبد الرأسمالية الضخم. وكأن كورونا اليوم تعيدنا إلى نفس هذه الأجواء الأسطورية وحتى التاريخية المتعلقة بمفهوم التضحية وهو ما يدفعنا إلى السؤال التالي ما آثار الفيروس التاجي على فكر البشر وأفعالهم؟

بالطبع نسمع اسهابا في الحديث بين الناس عن طبيعة الفيروس ولو بطريقة يشوبها الكثير من الغموض وعدم الفهم حتى بين المختصين في علم الأوبئة أنفسهم، لكن بقطع النظر عن هذا الجدل الذي يبدو في نظر بعضهم عقيما طالما لا نملك المعطيات العلمية الكافية عن هذا الفيروس، فإن الدرس الحقيقي الذي يجب استخلاصه هنا هو درس اجتماعي وهو درس عن أنفسنا بالأساس.

لقد فتحت أزمة الفيروس التاجي أعين الناس على حقيقة مشاهد مؤلمة للفقراء والجياع المنتشرين ليس فقط في أرجاء العالم النامي حيث الفقر والجوع والبطالة تعتبر مشاهد نمطية متكررة ومعهودة بل في عالم كثيرا ما قدم نفسه كنموذج للتقدم العلمي والتقني كما ادعى تفوقه في مجال صون حقوق الانسان وكرامته. وكمثل عن مظاهر البؤس التي تغلف عالمنا والتي كشفها الفيروس التاجي ما حصل في أعتى الديمقراطيات وأكثرها قوة حين دفعت الأشخاص المشردين الذين كانوا يتمتعون بعناية بعض المؤسسات والجمعيات الخيرية في لاس فيغاس إلى المغادرة بسبب خطر الإصابة بالعدوى، إلى الشوارع ليلجؤوا طوال الليل إلى ساحة مأوى للسيارات في أحد ملاعب كرة القدم. حيث حددت لهم شرطة المدينة بواسطة خطوط بيضاء مرسومة الإطار المسموح لهم لوضع أجسادهم عليها مع المحافظة على مسافة الأمان المطلوبة بينما كانت الفنادق الفاخرة من حولهم فارغة. علينا أن نحفظ في أذهاننا هذه الصور عن الرأسمالية الحقيقية لقد أوضحت إيطاليا وهي أكثر البلدان تضررا من الفيروس التاجي للعالم أن حياة الإنسان قد أختزلت إلى مجرد حفظ البقاء في مجتمع حديث خاص، وأن كل الإجراءات تهدف إلى إنقاذ الوجود البيولوجي النقي. مدفوعين بذعر الخوف من فقدان ما تبقى منهم، ومن حياتهم العارية، لقد فر المواطنون المنعزلون من جراء الوباء إلى أحضان "ليفياتان" الرهيب وضحوا بحريتهم لأجل سلامتهم الجسدية. فكيف ينظر الفلاسفة المعاصرون لأزمة الوباء التاجي ولأثاره الاجتماعية والسياسية والاقتصادية؟

كان الفيلسوف الإيطالي جورجيو أغامبين قد سخر من المعاناة الإنسانية التي سببتها أزمة الكورونا واعتبر أن "المجتمع الذي يعيش في حالة طوارئ مستمرة لا يمكن أن يكون مجتمعًا حرًا" وهو يظهر كشخص "متعجرف" مثل نظيره الفيلسوف بيتر سلوتيرديك، والذي قام في مقابلة مع مجلة "لو بوان Le Point" بتتفيه الفيروس ورده إلى مجرد أنفلونزا عادية ورسم صورة شيطانية عن الدولة الأمنية التي بدأت تطل برأسها بدعوى مكافحة الوباء.

من ناحية أخرى، فإن فينكيلكروت مقتنع بأن المعايير الحضارية معرضة للخطر في ظل ردود فعل الدولة على الوباء. "إن حياة الشيخ تساوي نفس قيمة ممن مازال يمتلك قدراته الكاملة من بقية الناس. وطالما أننا ندافع عن هذا المبدأ، فإن العدمية المعاصرة لم تنتصر أخيرًا، ولزلنا نعتبر أنفسنا حضارة".

وكان جورجيو أغامبين يعتقد أن الطريقة التي تتفاعل بها السلطات مع الوباء تشعرنا بالبرد الجليدي للعصر الحديث. كما يتساءل تشارلز آيزنشتاين أيضًا إذا ما كان تأجيل الوفاة في العناية المركزة هو في الواقع أخذ مسافة عن الحياة لأجل حقيقة أن المجتمع الليبرالي قد قضى على الموت المندمج ثقافياً واستبدل أمن الأسرة بالأجهزة؟

في حين أن في منطق النظام الطبي، الموت هو أسوأ الممكنات، لكننا نعلم جميعًا أن "الموت ينتظرنا جميعا حيثما نوجد. وما الحياة التي تم انقاذها ليست في الواقع سوى موت مؤجل".

إنه لأمر فظيع إذا كان الأشخاص المصابون بالمرض في مراحله المتقدمة والنهائية يتم حبسهم في المستشفيات وعزلهم حتى عن آبائهم وأقاربهم ولا يُسمح لهم بتوديعهم.

ومع ذلك، يجب علينا أن نميز بشكل واضح لا لبس فيه انتقاد أجهزة الطب عن تأكيد ينتشر اليوم أيضًا بمعنى التأكيد الذي من خلاله يرفض مجتمع ما فاسد ذاتيًا من تقديم تضحية للمجموعة في وقت الحاجة. أو يرفض التضحية بالقدامى لأجل تجنب الموت الزاحف للاقتصاد.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
رحم اللة المشعوذين جميعا
فول على طول -

معروف أن نظرية المؤامرة تنبع وتنتشر انتشار النار فى الهشيم بين المشعوذين فقط فى العالم كله ..قرأت عن نظرية " مؤامرة كورونا " للتخلص من كبار السن وها هى الكاتبة تبدو أنها مؤمنة بهذة النظرية الغريبة . ابنتى العزيزة لا يوجد مرض أو وباء فى العالم كلة وعلى مر العصور يصيب فئة معينة أو سن معين ويستثنى الأخرين وهذة معلومة طبية يعرفها أصغر مثقف ولا أقول طبيب بل حتى الذى لة قليل من العقل . من قال أن كورونا يصيب الكبار فقط ؟ ربما كورونا - مثل أى مرض - يكون تأثيرة أكثر سلبية على كبار السن نظرا لأنهم يعانون من بعض أمراض الشيخوخة وهذا شئ طبيعى جدا . ابنتى العزيزة " قليل من العقل لا يضر وأيضا قليل من المحبة للأخرين لا يضر . واضح جدا أنك صدقتى المؤامرة اياها وبين سطورك شماتة أو كراهية أو انتقاد لأمريكا مثل أى مشعوذ أخر ..انتهى - الدول الغنية ليس لديها مشكلة فى رعاية المسنين وهم أفضل الدول خدمة لكبار السن سواء رضينا أم لا .. والفنادق الفارغة فى امريكا فهى ملكية خاصة ولا تعطى الحق للحكومة الاستيلاء عليها تحت أى بند ووضع بعض البشر بها . امريكا بها أكبر عدد من مراكز الايواء فى العالم ..بعض الهومليس يفضلون الشارع عن أى مكان بالمناسبة ..ويكفى خسارة الفنادق هذة الأيام .. أما الجياع فى افريقيا وغيرها فهى مسئوليتهم ومسئولية حكامهم ..الفقراء هؤلاء ينفقون على التسليح والحرب ويتقاتلون فيما بينهم ويتركون الأعمال المفيدة مثل الرعى والزراعة وغيرها للتفرغ للقتال . كفى تعليق أسباب الفقر على الدول الرأسمالية لأن هذة الدول أصبحت كذلك بالعرق والتعب والنظام والقانون . رحم اللة المشعوذين جميعا .

البقاء للاصلح
عابر سبيل -

اللوم في هذه الظروف يجب الا يوجه للرأسمالية وانما للطبيعة أو للإله بالنسبة للمتدينين. فهذا الفيروس خلقته الطبيعة لهذا الغرض وهو التربص بالضعفاء والفتك بهم فما ذنب الرأسمالية في ذلك؟. انه قانون الطبيعة الخالد (البقاء للاصلح).

رحم اللة المخبولين جميعا
فول على طول -

رأيت فيديو على اليوتيوب لشخص يرتدى ملابس أنيقة وربطة عنق عليها القيمة كما يقولون وحديث هذا الشخص يؤكد على أن كورونا مؤامرة صهيونية ماسونية للاستيلاء على ثروات الفقراء والحقيقة من أول جملة تأكدت أن الرجل مخبول ويجب حجزه فى مصحة للأمراض العقلية والحجر علاية ومنعه من الخروج الى الشارع ..المحزن أنه كان وزير صحة الأردن ولم أتمالك نفسى من الضحك وعرفت الان الصحه العقلية لليذين أمنوا ومن أين جاءت .

رد على من يبتئس البؤس من بؤسه
بسام عبد الله -

إيه ده، إهدأ يا ابن الرب يا مردخاي فول لا تطق مرارتك وتروح فيها بيدنا لا بيد كورونا التي من محاسنها أيضاً إغلاق الكنائس المعيبة وتوقف الأجراس عن إزعاج البشر وعدم رؤية وجوه القساوسة والرهبان الكالحة في الشوارع ، وإنخفاض نسبة إغتصابهم للأطفال ورشمهم للنساء في الكنائس، والسؤال هنا لماذا كل هذا الحقد على الإسلام والمسلمين ولماذا كل هذا التأويل والتدليس والفبركة للقاذورات التي تعشش بأدمغتكم، ولماذا كلما قرأ هذا المأبون جملة في مقال عن عظمة الإسلام والمسلمين وحضاراتهم يحك له على جرب ، والتخلف الذي نحن فيه سببه خيانتهم وعريضة زعماء الشنوديين إلى الجنرال منو أحد الأدلة على ذلك ولا حاجة لنشر نصها لأنه موجود على جوجل. والسؤال هنا لماذا ينكر البعض من اللئام من أبناء الرب فضل الإسلام والمسلمين عليهم بينما يقر به كبراء أساقفتهم؟ هل سمعت عن السؤال الذي سأله أحد المسيحيين في مصر كبير الكهنة : لماذا تساندون صلاح الدين الأيوبي ضد مسيحيي الغرب؟ وكان جواب كبير الكهنة: هل تصلي براحتك؟ هل منعك أحد من ممارسة شعائرك الدينية؟ إذا دخل مسيحيي الغرب إلى مصر فإنهم سيغيرون القساوسة كما فعلوا في القدس، لهذا أفشل القساوسة خطط الغزاة من نسميهم بالفرنجة وأفشوا أسرارهم لصلاح الدين ونصروه وساعدوه على دخول مصر لحمايتهم. ويتهم ابن الرب هذا العرب بالتخلف وكأن أولاد الرب صنعوا حضارة في مصر، ويتحدث عن الشعوذة وهم مخترعيها ولا زالوا يعيشون بالقرون الوسطى يؤمنون بالخزعبلات والشعوذة وتعويذات فلتاؤوس التي تشفي المرضى وتحل الرقاب من المشانق بربط الخرق ورمي القصاصات الورقية على قبور المشعوذين وبالنور المقدس والكفن المقدس والصليب الخشبي المقدس وحذاء القساوسة والرهبان المقدس وبسطار العسكر المقدس وأن الأصنام تدمع وتفرز زيتاً ودماً، ويرون أشباح بالليل تظنون أنها ظهور للرب وأمه، وأن الجبال تنتقل بالصلوات والشعوذات. كانوا ولا زالوا حجر عثرة في مصر يضعون العصا في عجلات التطور لم يحققوا أي تفوق ولا نجاحات ولا فائدة منهم للدولة التي يأكلوا من خيراتها ويبصقون في صحنها. انحطاط وتخلف وهمجية.

البائس يبقى بائس
صالح -

البائس يبقى بائس ويبقى يشعوذ بما لا يتماشى مع العنوان والمعنى لكي يظهر بانه علامة زمتنه وانه اشرف المعلقين

لكل من اسمه نصيب قاعدة، ولكل قاعدة شواذ وأنت أحدها يا طالح حيث حل الحرف 14 بدل الحرف 16.
بسام عبد الله -

والطالح يبقى طالح حتى ولو إنتحل مئة اسم ولو كان أحدها صالح. لذا ننصحك بالمواظبة على نفس العلاج أي لبوس بالزرزعيل تشتريه من عند جرجس العطار في مصر صاحب براءة الإختراع لهذا العقار، ومضاعفة الجرعة عند اللزوم فقط حتى لا تسبب أعراضه الجانبية مضاعفات خطيرة وخاصة في زمن الكورونا.