فضاء الرأي

بين الملك فيصل وأمريكا وسعيد ومالكولم وجورج وبلال

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

روى الوزير والسفير السعودي الراحل/ هشام بن محيي الدين ناظر، رحمه الله في مذكراته، هذه القصة عن الملك الانسان، فيصل بن عبدالعزيز آل سعود، رحمه الله:

أنه والوفد المرافق عندما كانوا في نيويورك مع الملك فيصل في يونيو عام 1966، في زيارة رسمية لأمريكا، لحضور اجتماعات الأمم المتحدة، يومها كانت العنصرية لا زالت &- ولم تزل !- جاثمة على صدر الولايات المتحدة الأمريكية، وفي يومٍ من الأيام قرر الفيصل الخروج لتناول الطعام مع الوفد المرافق، في أحد مطاعم نيويورك وكان من المرافقين سعيد آدم، الرجل الهادئ والخلوق، وكان واحداً من أوائل المبتعثين السعوديين للدراسة في الخارج، وتحديداً في أمريكا. يقول ناظر، وخلال تقديم الطعام قدّم النادل (الأبيض) الطعام للملك ومرافقيه، واستثنى منهم سعيد آدم لكونه ذا بشرة داكنة اللون!، وهو ما دفع الملك فيصل للوقوف وتقديم الطعام بنفسه لسعيد، مع أول المذهولين من الموقف "سعيد" نفسه والنادل "الأبيض" وجميع الحضور في المطعم!.. هنا بادر سعيد لثني الملك عن ما يفعله، فما كان من الفيصل إلا أن نهره بلطف قائلاً: اجلس يا سعيد، ودعني أُلقّن هذا النادل العنصري درساً لعله يستفيد منه!

لم أتعجب من صحة هذه القصة، وملك التواضع والانسانية فيصل بن عبدالعزيز، رحمه الله، يصدق فيه بيت "ابن عمار" هذا أكثر من الملك الذي قيل فيه البيت:

ملكٌ يروقك خُلقهُ أو خَلقهُ
كالروضِ يُحسنُ منظراً أو مخبرا

ولكنني تعجبت من تأخر اطلاعي عليها!.. وما خفي في خُلق الفيصل أعظم.. وهي القصة التي أعطى فيها الملك فيصل، درساً حضارياً من قلب نيوريورك، مهد المدنية الحديثة في العالم.. فحواها، بأن مقياس الفرق بين "الحضارة" و "المدنية" يكمن في الأخلاق، فأي مدنية تقوم بلا أخلاق، هي مدنية مادية جامدة تبتعد عن احترام كينونة الانسان الذي يشغل حيزه المادي، جزءاً روحياً لا ينتعش إلا بالأخلاق والقيم. وصدق أعظم ممدوح من أعظم مادح: "وإنك لعلى خُلقٍ عظيم".. عندما أبان للعالم فحوى ما بُعث به: "إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق".

والشيء بالشيء يذكر ويدعم بعضه بعضا.. قبل هذه القصة بعامين تقريباً، في عام 1964، زار السعودية واحد من أشهر مناضلي الحقوق المدنية وحقوق السود في القرن العشرين، مالكولم إكس، بغرض أداء فريضة الحج، وذُهِل مما رأى من مشهد الحجاج.. عندما رأى الأسود والأبيض والأحمر.. على مسافة واحدة يجمعهم دين واحد ولباس أبيض واحد. وقبلها التقى مالكولم بالملك فيصل في جدة، وهنا تحدث معه الملك ، عن خطأ ما تذهب إليه منظمة "أمة الاسلام" في أمريكا، والتي كان ينتمي لها مالكولم حينها، في تفسير الاسلام، من أنه خاص ب "السود" فقط !.. وبعد انتهاء الملك من حديثه، لم يكن يحتاج مالكولم إلى شرحٍ وتفصيل أكثر من الملك، ومنظر الحجاج بألوانهم المختلفة وهم على مسافة واحدة ولباس ودين واحد، لم يزل مستقراً أمام بصره وبصيرته. وكان هذا اللقاء منعطفاً كبيراً في تغيير مالكولم إكس من قناعاته المتطرفة ضد البيض وتعصبه للسود، وتركه لمنظمة "أمة الاسلام"، وانشائه لمنظمة اسلامية جديدة قامت على ما رآه خلال أدائه لفريضة الحج من تسامح ومساواة، وصورة الاسلام الصحيحة، والتي نقل له بعضها الملك الانسان الداعي إلى ربه بالموعظة الحسنة.

هالني &- والعالم &- مقطع الفيديو الذي صدم العالم مؤخراً، والذي وثّق بالصوت والصورة حادثة الأمريكي "جورج فلويد"، الممدد على وجهه في الأرض، وركبة الشرطي الأمريكي "الأبيض"، تكتم أنفاسه، وهو يصرخ: "أرجوك دعني.. لا استطيع التنفس".. وتذكرت وأنا أقرب إلى البكاء.. كيف أن الاسلام جاء لينتشل "بلال" الممدد على الأرض من تحت حجر وضعه على صدره عنصري، ليكتم أنفاسه وصوته الذي يصدح بالحق.. وحمله الاسلام، ليرتق على سطح الكعبة، وتحته خير ولد آدم &- عليه الصلاة والسلام &- وصفوة العرب من الصحابة.. قارن بين عظمة هذا الموقف.. وموقف "جورج" في أمريكا.. "الدولة المتقدمة".. التي ما فتأت تبيع على العالم بضاعتها من "تقارير حقوق الانسان".. التي رُدّت إليها اليوم &- وقبل اليوم عند من ليس بالخِب ولا الخِب يخدعه! &- لتعلم بأننا نتقدم عليها انسانيا بأكثر من 1400 عام.. لا بتقارير "حقوق الانسان" التي يكتبها البشر.. بل بأعظم "تقرير" صيغ في السماء حول "حقوق الانسان"، ويتكون من بند واحد فقط:
"أنّه من قتل نفساً بغير نفس أو فسادٍ في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً".

ختاماً، هذه السطور ليست فوقية مني تجاه أمريكا أو تلك الدول غير الاسلامية.. فعندنا عللنا من "عنصرية وطائفية"، ونهج "أنا ابن الأكرمين" الذي لم يغادرنا بعد.. ولكن ما ذنب الاسلام فيمن ضلّ عن طريقه ؟!

اللهم رُدنا جميعاً إلى الحق رداً جميلا.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
نحن عنصريون ايضاً !
طارق حسين -

تقول: "ونهج "أنا ابن الأكرمين" الذي لم يغادرنا بعد.. ولكن ما ذنب الاسلام فيمن ضلّ عن طريقه ؟!"اقول" ان العنصرية موجودة في الاسلام، وفي فلسفة الاسلام، وخير امةِ هو افضل مثال على هذه العنصرية، والتي هي رد غير مباشر على الشعب المختار. الاصرار على عدم قبول الاخر هو العنصرية بعينها، والاسلام لا يقبل الاخر... هذه الفلسفة جعلتنا نحن المسلمين لا نقبل الاخر، لهذا نحن عنصريون ايضاً.

قليل من الصدق لا يضر
فول على طول -

سيدى الكاتب أنا لا أشك لحظه فيما فعله الملك فيصل - رحمه الله - أما بقية المقال فهو كلام لا يصلح حتى فى زاويه من الزايا والتى يرتادها المشعوذون فقط . عنصرية الأفراد موجوده داخل كل فرد منا بدرجه أو بأخرى وهذا حقيقه لا يمكن انكارها أما الأسوأ فهو عنصرية الدوله - أى دوله - وعنصرية الديانه ...انتهى - من السخف أن تتلكم عن عدل السلام مع الغير وأن الاسلام هو من علم التسامح مع الغير وعدم العنصريه واذا كنت لا تعرف النصوص عليك الاتصال بالفول . ..ربما لا تعرف أن الاسلام يميز بين المسلم العربى وغير العربى بل حتى العربى من أصل قريش فهو الأفضل ..ولا تنسي عنصرية الاسلام ضد المرأه المسلمه نفسها ناهيك عن غير المسلمين بنصوص قطعية الدلاله . سيدى الكاتب شبع العالم من لغو كلامكم عن أرسلناك رحمه للعالمين ومكارم الأخلاق وغيرها ..لا تصلح الان هذه الأكاذيب . أما الايه : ومن قتل نفسا بغير نفس فقد كتبت على بنى اسرائيل وليس على المسلمين ..الاسلام فرض قتل كل الناس حتى يصير الدينكله لله أى لربكم . انتهى - الحرب الأهليه بأمريكا ومات فيها عشرات الالاف كانت من أجل تحرير العبيد . أمريكا هى أول دوله حرمت تجارة الرقيق وأجبرت الأمم المتحده وبقية العالم على تحريم الرقيق الذى لم يحرمه الاسلام الصحيح ..نقول تانى ؟ سيدنا الكاتب قليل من الصدق لا يضر . هل ينشر ايلاف ؟ امريكا الدوله ليست عنصريه ولكن يوجد أفراد عنصريون وهذا صحيح أما بلاد الذين أمنوا دون استثناء فهى عنصريه دوله وشعب . كفى لغو كلام . هل ينشر ايلاف العزيزه دون حذف ؟

قليل من الصدق لا يضر
فول على طول -

سيدى الكاتب أنا لا أشك لحظه فيما فعله الملك فيصل - رحمه الله - أما بقية المقال فهو كلام لا يصلح حتى فى زاويه من الزايا والتى يرتادها المشعوذون فقط . عنصرية الأفراد موجوده داخل كل فرد منا بدرجه أو بأخرى وهذا حقيقه لا يمكن انكارها أما الأسوأ فهو عنصرية الدوله - أى دوله - وعنصرية الديانه ...انتهى - من السخف أن تتلكم عن عدل السلام مع الغير وأن الاسلام هو من علم التسامح مع الغير وعدم العنصريه واذا كنت لا تعرف النصوص عليك الاتصال بالفول . ..ربما لا تعرف أن الاسلام يميز بين المسلم العربى وغير العربى بل حتى العربى من أصل قريش فهو الأفضل ..ولا تنسي عنصرية الاسلام ضد المرأه المسلمه نفسها ناهيك عن غير المسلمين بنصوص قطعية الدلاله . سيدى الكاتب شبع العالم من لغو كلامكم عن أرسلناك رحمه للعالمين ومكارم الأخلاق وغيرها ..لا تصلح الان هذه الأكاذيب . أما الايه : ومن قتل نفسا بغير نفس فقد كتبت على بنى اسرائيل وليس على المسلمين ..الاسلام فرض قتل كل الناس حتى يصير الدينكله لله أى لربكم . انتهى - الحرب الأهليه بأمريكا ومات فيها عشرات الالاف كانت من أجل تحرير العبيد . أمريكا هى أول دوله حرمت تجارة الرقيق وأجبرت الأمم المتحده وبقية العالم على تحريم الرقيق الذى لم يحرمه الاسلام الصحيح ..نقول تانى ؟ سيدنا الكاتب قليل من الصدق لا يضر . هل ينشر ايلاف ؟ امريكا الدوله ليست عنصريه ولكن يوجد أفراد عنصريون وهذا صحيح أما بلاد الذين أمنوا دون استثناء فهى عنصريه دوله وشعب . كفى لغو كلام . هل ينشر ايلاف العزيزه دون حذف ؟

لو بقي الملك فيصل على قيد الحيــــــــاه -- لتغــيـر وجــــه العالم اجمع ، وعـــــم السلام .
عدنان احسان- امريكا -

عــــــرف الصهيانه السر - وقتلـــــوه - مع ان الامريكان المناهضين للصهيوينه - وقفـــوا الى جانب العرب والرئيس كارتــــر والملك الشهيـــد فيصل - فرصه لا تعــــوض وكان لهم مشروع حضــــــاري . ولكنهذا المشروع لم يمت والملك فيصل - ونهجــــه باقي في قلوبنــــــا وعقولنـــــــــا - وفشل المـــلك عبد الله باصـــــلاح ما افاسده الملك فهـــد وجــــــــــاء بن سلمان - ليطلق رصاصه الرحمــــــــه علي المشروع الحضـــاري الذي خـــطط له الملك فيصـــــل رحمه اللـــه / الملك فيصل خسره العرب والمسلمين - والعالـــــم المتحضر - ومن يومها الصهاينــــــه يسرحون ويمروحـــــون بالمنطقـــه ولكن لحيــــــن .

أحسن الكاتب و أخطأ مستر فول
فهد السادة -

مهما بلغ تطور الدول الأجنبية وتحدثها عن المساواة والسلام لن تجد مثل صادق للسلام والمساواة إلا بين المسلمين ،ومستر فول أكل فول وأرقى

لافرق الا بالتقوى
بوحمد الاوذني -

احسنت شرحاً وسرداً لاحد القصص التي تشرح واقع الاسلام وواقع الوان البشر في الاسلام ولا فرق الا بالتقوى رحم الله الملك فيصل وتوجد قصص في تاريخ الاسلام ما اذا اخبر بها الناس من المساواة في الاسلام لحارة عقول بعض المرجفين تعجباً من المساواة والتواضع والحرية وعندما يرفض بعض المرجفين ما حصل من تواضع القادة العرب بحجة ( منظر او قصه سمعها هنا او هناك او حالات مرت امامك في عصرك وتعمها على هذا الدين العظيم ) فهذا يرجع الى خبايا قلبه وقصور فهمه وقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه خبايا قلوبكم تخرجها فلتات السنتكم عندما قال احد المعلقين( الفول) ان اية ‏﴿ وما ارسلناك الا رحمة للعالمين‏﴾ هي لغو واكاذيب فهو احدا امرين اما انه جاهل لا يعي ما يقول وهذه مصيبه او انه من المرجفين فالمصيبة اعظمُ كيف تقول لاية عظيمة في كتاب الله لغو وكذب (هذا بهتاناً عظيم )سبحان الله ابى الله الا ان يخرج ما في قلبك وعندما تقول انا الاسلام يفرق بين المسلم العربي وغير العربي والقرشي وغيره والنبي ﷺ يقول ‏﴿ يا ايه الناس الا ان ربكم واحد وان اباكم واحد الا لافضل لعربي على اعجمي ولا لاعجمي على عربي ولا لاحمر على اسود ولا اسود على احمر الا بالتقوى ‏﴾ الحديث فهات بالدليل على هذه التفرقة نص او حديث او ايه او فعل الصحابه من الرعيل الاول فان لم تاتي فقد قيل سابقاً مثل دارج من اراد ان يلعن نفسه فليكذب وعندما قلت ان الاسلام هضم حق المرأه فلا زلت تكابر وتكذب ايه الفوال بهذا القول لقد عز الله المرأة بالاسلام ورفع قدرها واعلى شائنها وكانت اخر وصايا نبينا الكريم ﷺ ‏﴿ قال استوصوا بالنساء خير وقال ما اكرمهن الا كريم وما اهانهن الا لائيم ‏﴾ وكانت خطبة الودع وصيه ان نتقي الله فيهن ولقد سرد العلماء ما يكفي لتوضيح ذالك وبيانه ولكن الكبر هو ما جعلك ترمي الاسلام بهذه الصورة اعلم ايه الفوال انك قد تبدع في صنعتك او عملك لكن عندما تدخل في فناً غير فنك فانك تصبح حاطب ليل مره تاخذ حطب واخرى افعى لانه ليل لا ترا ما تاخذ فلا تاخذ من كتب الفلاسفة والملحدين لتناهض الدين والاسلام فقد سقط من كان اعلم منك لقد عبر الاسلام عبر الزمن على من هو اشد منك قوة وفضاعه وفصحاً وشعراً وعلماً وادباً وقولاً وتاريخاً وجعلهم رماداً في زمانهم وهم فطاحله في عصرهم فكيف بك ايه الفول المسكين في 2020 تقارع هذا الجبل الشامخ والصرح العالي والم