فضاء الرأي

العلاقة بين الإنسان العادي والفيلسوف

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

الأنظمة الاجتماعية المسيطرة على طبيعة السلوك المادي للإنسان، لا تنفصل عن المشاعر والذكريات والقيم الروحية، وهذا الارتباط الوثيق يستلزم تكوين علاقة منطقية شاملة تقوم على تفسير الثنائيات المتجذرة في بنية المجتمع، مِثل : الجوهر والمظهر. المضمون والشكل. المفهوم والمنطوق. الرمز والإشارة. والإنسانُ في زحمة الحياة اليومية يتعامل مع هذه الثنائيات جُملةً وتفصيلًا، باعتبارها قِيَمًا وجودية مُعاشة، ولَيس باعتبارها تراكيب فكرية ضمن منهج فلسفي عقلاني يقوم على التَّعليل ( السبب والنتيجة ). وهنا يتَّضح الفرق بين الإنسان الخاضع لأعراف المجتمع الاستهلاكي، والفيلسوف الذي يبني قوانين المنطق الاجتماعي. وهذا الفرق يُشبِه الفَرْقَ بين الرَّجل الذي يَشعر بالحُب تجاه زوجته، لكنَّه لا يَستطيع كتابة قصيدة حُب لها، لأنَّه لَيس شاعرًا، وبين الشاعر الذي يَشعر بالحُب، ويَستطيع كتابة قصيدة حُب، لأنَّه يَمتلك رؤية الشاعر ولُغته وأدواته. وهذه المُقارنة تُثبِت بوُضوح أنَّ جَميع الناس _ بلا استثناء_ لَدَيهم أحاسيس ومشاعر، ويَعيشون في تفاصيل الحياة بحُلوها ومُرِّها،ولكنْ لَيس كُل الناس لَدَيهم القُدرة على التعبير والتحليل المنطقي.

والفيلسوف هو شاعر الواقع اللغوي، والشاعرُ هو فيلسوف الخيال اللغوي. وبدُون اللغة، سيقع الإنسان في الفراغ المُوحِش.

2
الإنسان العادي يعيش في المجتمع بشكل أُفقي، لكن الفيلسوف يعيش في الفكر الإنساني لإعادة بناء المجتمع أُفقيًّا وعموديًّا. لذلك، لا يهتم الإنسانُ العادي بطرح الأسئلة عن طبيعة العلاقات الاجتماعية، ولا يبحث عن أسباب منطقية للظواهر الإنسانية، لأنَّه مشغول بالحياة المادية الضاغطة، ومُحَاصَر بإفرازات النظام الاستهلاكي، وهذا يمنعه مِن الغَوص في أعماق نَفْسِه، والتَّنقيبِ عن ماهية العلاقات الاجتماعية. مِمَّا يَجعله كائنًا أُحادي النظرة، يسير وفق مُعادلة حياتية بسيطة، دُون أن يَلتفت إلى عناصر الطبيعة المُحيطة به مِن أجل تحليلها، والوصول إلى أنويتها الأساسية. في حِين أن الفيلسوف يطرح الأسئلة التي تُحاول اكتشاف أعماق الطبيعة الإنسانية، وتحليل العلاقات الاجتماعية، وتفكيك المُركَّبات الفكرية وُصولًا إلى عناصرها الأساسية. أي إنَّ الفيلسوف يبحث عن أجوبة تعتمد على التفكير المنطقي المُتسلسل الذي يَبدأ مِن طبيعة الظاهرة الوجودية، وينتهي إلى ماهية الوجود.

ورحلةُ الفيلسوف من الظاهرة إلى الماهية، هي التي تَجعله يتحرَّك أُفقيًّا وعموديًّا في المجتمع، فهو يعيش كأيِّ إنسان ضِمن الأُطُر الاستهلاكية ( الحركة الأُفقية )، لَكِنَّه يَعتبر الاستهلاكَ وسيلةً إلى حقيقة المعنى الإنساني وماهيةِ البُنى الاجتماعية، ولا يعتبر الاستهلاكَ غايةً قائمةً بذاتها، وهذا يَدفعه إلى الغَوص في المعاني، وتحليل عناصر الطبيعة المُحيطة به ( الحركة العمودية ).

3
جميعُ القطارات تنطلق مِن نَفْس المحطة ( نقطة الانطلاق واحدة )، ولكنْ كُل قطار له مسار خاص وهدف مُختلف عن القِطار الآخَر ( نِقَاط الوُصول مُتعدِّدة ). وهذه الفكرة تُجسِّد حقيقةَ العلاقة بين الإنسان العادي والفيلسوف، فهُما يَنطلقان مِن نَفْس النُّقطة ( الظاهرة الاجتماعية )، ولكنهما يَصِلان إلى غايتَيْن مُختلفتَيْن تمامًا، لاختلاف المسار، واختلافِ البنية التحليلية للأحداث. الإنسانُ العادي يبدأ من الظاهرة الاجتماعية، ويضيع في المتاهة الاستهلاكية، حيث تُسيطر قيمة التَّسَلُّع على وجود الإنسان، أي إنَّ الإنسان يُصبح سجينًا للسِّلَع، خاضعًا لقوانينها، ويُصبح الحُلْم الشخصي للإنسان سِلعة ضِمن قانون العَرْض والطَّلَب. في حِين أنَّ الفيلسوف يبدأ من الظاهرة الاجتماعية، ويُطبِّق آليات المنهج العِلمي في البحث، فيصل إلى حقيقة الأشياء، وماهية العلاقات، وخصائص الجوهر الإنساني، مِمَّا يَجعله يُفَرِّق بين الحُلم الإنساني والسِّلعة الاستهلاكية.

وهذا التَّفريق ضروري لتثبيت الحقيقة المركزية في رُوح المجتمع، وهي أن الإنسان لَيس شيئًا مِن الأشياء، وليس تحصيل حاصل، وإنَّما هو ضابط إيقاع الأشياء، والعقل المُفكِّر الذي يضع الجُزء في منظومة الكُل، ولا يُحطِّم الكُلَّ بحثًا عن مصلحة الجُزء.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
تحليل جميــــل ..ولكن
عدنان احسان- امريكا -

ولكن - هل كل الفلاسفه - يملكون هذه النظـــره / الت يتتحدث عنها ؟ . وكذلك لا اعتقـــد ان كل الدروب - تؤدي الي رومـــــــــا ... ومن ثم - مساله المشاعر - تحتاج لبحث كامل وتختلق حتى من فيلسوف لاخر - فما باللك بالافــــــــــــراد --. وبالمحصله صحيح ان كل انسان فيلسوف / بحياته - و هذا مايذكرني ... بمقوله لازالت دارجــــه بين قطاع الناس - اذا خدثت احدهم بشي - لا يفهموه - او غير مقنـــــع - يقولون لك / لا تتفلسف علينــــــا / اذا نحن بحاجه الي تعريف - من هو الفيسلوف ... ولو اخدت - - // نيتشه - او جان بـــــــول سارتر - او حتي كولون ويلسن / تجد ان احـــــــد اهم مقولات الفيلسوف الالماني / نيشته - انـــــــــه احيانـــــــا لايفهم ما يكتبـــــه - - وجــــــان بول سارتو الفيلسوف الوجودي - ترك لك حريه التفسير - اي انت فسره علي هواك / وخــــــــد مثال - في الفن - من ارغون ومرحلته الزرقـــــــاء - لسلفادور دالي ،.. السرياليه.- وبالمحثله - علاقه الانسان العادي بالفيلسوف - او غيره - تحتاج لتعربف جــــديد - للفلسفه - ومن هو الفيلسوف .//

..........
سيبيريا -

كان آخر عهد لي بالفلسفة فلم أعد أطيقها حين استمعت لأحد القساوسة من طائفة الرأي القويم يقول .. الكتاب المقدس فياغرا الروح وأن كتبته صيادلة روحانيين يطيرون بأجنحة.. كتبوه بماء الورد المعتق بعد مرور قرابة 3 قرون من عهد المسيح ليسكر برائحته كل قديس يترنم به فوق خشبة الخلاص .. وكلام من هذا القبيل.. حقيقة استأت .

فلسفة القطار
كاميران محمود -

كل مقالك يصلح كاول محاضرة في الفلسفة في المرحلةالثانوية من قبل مدرس فاشل يا أبو عواد لكن الابرز فيه كله أكتشافاتك الجديدة(أولا):أكتشافك بالدليل القاطع أن جميع الناس لهم مشاعر وأحاسيس(يا عيني).و(ثانيا):أن القطارات التي تنطلق من نفس المحطة تذهب الى محطات مختلفةبدلامن سيرهافوق بعضهاالبعض الى محطة واحدة(ياحلاوة)وأخيراحركات الفيلسوف الآفقية والعمودية(القرعة).وهناك رواية لاهي مؤكدة ولاهي أشاعة تقول بأن أكتشافك السابق(الضوء الاجتماعي)قد حرك سقراط في قبره.بس يا أبو عواد.

الى البائس دائما - سيبيريا
فول على طول -

دعك من تأليفك الخايب وما رأيك فى الفلسفه الأتيه ؟ الفياجرا الحقيقيه تجدها فى الكفيت الذى يعطى قوة مائة رجل من رجال الجنه والذين يجامعون الحوريات - نترك الولدان الان على جنب - ومدة الجماع 70 سنه وتنتظر بقية ال 71 حوريه الى ما لا نهايه حتى يأتى عليها الدور ؟ وعرض مقعدة الحوريه واحد ميل - لا أعرف هل توجد ملابس داخليه على مقاسها أم تبقى بدون اندروير ؟ أعتقد أنها تبقى بدون اندروير للاستعداد ..ما علينا . ناهيك عن بياض السوق والذى يظهر النخاع من تحته ..وعليها نظرة عيون تحرق الأرض لو نظرت عليها ..المهم لا تنسي بياض الأسنان بالمسواك ..انتهى - لكن يقال أن الانتصاب دائم فى الجنه الخلبيه وهذا من حظ الحوريات . أما ماء الورد المعتق فهو النخامه التى كان يتسابق عليها صحابتكم الكرام بعد الوضوء من بئر بضاعه وحتى جماع الحائض وهى متزره ..وبعد ذلك احتساء كوب بول ساقع موضوع فى بلاص طوال الليل من صنع بلدنا ..فلسفه عميقه جدا ...أليس كذلك ؟