فضاء الرأي

المراهقون السياسيون في المجتمعات العربية

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

السياسة علم قائم بذاته وإبداع وموهبة، والسياسي الحقيقي بحاجة إلى دراسة الأبجدية السياسية من ألفها الى يائها، إذ ليس كل من كتب خطابا سياسيا أو اصدر بيانا يشيد او يندد بموضوع معين او قرار سياسي يتحول إلى سياسي. السياسي الحقيقي والمتمكن يمتاز بالحنكة السياسية وبحث وتمحيص الأمور والمواضيع السياسية بعمق وروية، واختيار الأفضل منها لتحقيق المصلحة العامة. أما النفخ بالكير وعلو الصوت فهما من صفات المراهقين المتطفلين على علم السياسة وفنونها وما اكثرهم في عالمنا العربي.
المراهق السياسي يهتم بالقشور ولا يعير أي انتباه إلى الجوهر، ويفتقر لموهبة التعمق في الأمور السياسية بمعناها الصحيح. ومن صفاته انه يصغي للشائعات والأكاذيب ويوليهما اهتماما كبيرا ويفسرهما كما يحلو له، محاولا استغلالهما لمصلحته الشخصية.

كما انه يقفز إلى أول عربة دون تفكير او تروي إن كانت تسير في طريق آمن أو وعر. ومهما بلغ من العمر يبقى المراهق السياسي على شبه بالمراهق الشاب في فترة المراهقة التي غالبا ما تتميز بالتسرع والاندفاع وعدم إدراك او تقدير عواقب الأمور. وغالبا ما يكون الإحباط والفشل مصاحبين له لتسرعه في اتخاذ القرارات والإفصاح عن رغباته.

للأسف هؤلاء المراهقون السياسيون &- وما اكثرهم - لوثوا سماء واقعنا العربي والمحلي، وعاثوا كثيرا في تدمير نسيجنا الاجتماعي، ولعبوا دورا كبيرا في انسداد أفق المواطن العادي، حتى بات أكثر خوفا وارتباكا.

وفي الوقت عينه امتطوا صهوة محفل هم ليسوا أهلا له، وتسيدوا مشهدا هم أقل بكثير من أن يسيدوه، فلوثوا وشوهوا مفاهيم الديمقراطية والحرية والإصلاح وحق التعبير، لأنهم ببساطة يتحدثون عن تلك المفاهيم، وهم لا يفقهونها وأبعد ما يكونون عنها، لا بل إن بعضهم كان معروفا عنه بعده عن تلك المصطلحات، ويرى أن من يتحدث بها إما كافر أو عميل.

إن التصدي لإدارة مصالح الناس ومستقبل الأجيال القادمة مسؤولية كبرى، والمراهقة السياسية التي نراها تمارس اليوم في اكثر من بلد عربي، سوف تحرق الأخضر واليابس، وتعيد الجميع إلى نقطة الصفر، والمطلوب من الجميع صحوة كاملة، وتغييرا جذريا في السياسات والأشخاص، لكن ذلك لن يحصل أبدا في ظل الثقافة السائدة التي لا تسمح به، ولا تشجع عليه أبدا.

ثقافة تعتبر الحوار البناء والتفاوض وإفساح المجال الآخرين قيما سلبية، بينما ترى في المواجهة والإصرار على المواقف - ولو كانت غير واقعية - وإلحاق الهزيمة بالآخر بطولات عظيمة، وهي بالتالي تخدم مصالحهم الشخصية بعيدا عن مصلحة الوطن والمواطن التي لطالما تبجحوا بها في تصريحاتهم الرنانة أمام عدسات الكاميرات وفي اللقاءات التلفزيونية.

أصبحت هذه الفئات ولا زالت تشكل عقبة كأداء امام مسيرة الأمة في طريق رقيها وتعاليها، بل أدت هذه الممارسات الضيقة الأفق الى ان تهوي الأمة بكل شرائحها وما تمتلكه من قيم ومثل وإنجازات وتاريخ حافل على صعيدي النظرية والتطبيق إلى هوة سحيقة لا يعرفها مداها إلا الله، فكان لا بد من نظرة متعمقة لهذه الفئة التي تلاعبت بمقدرات الأمة وزرعت ثقافة تبريرية للممارسات النفعية في أوساط المجتمع، حتى صارت الوصولية والانتهازية من الآفات التي تنخر في أوساط المجتمع وأسسه ومعولا هداما سينقض على ما تبقى من القيم والمبادئ.

هؤلاء المراهقون والمتسلقون على اكتاف البسطاء يقدمهم البعض عبر وسائل الإعلام باعتبارهم سياسيون محنكين في ممارسة السياسة وفنونها ولهم رؤية ثاقبة ومواقف وطنية، فيما تفاجأ إن قدر لك سماعهم عبر وسائل الإعلام المرئية أو المقروءة بأنهم لا يجيدون قراءة أو تحليل ابسط المستجدات السياسية أبعد من أرنبة أنوفهم، فيتحدثون عن احلامهم وأمنياتهم الشخصية ويحاولون إقناع الآخرين بإمكانية تحقيق هذه الاحلام والأمنيات الغير واقعية، ويتهمون من يخالفهم الرأي بالجهل او معاداتهم، ويرفضون التسليم بالحقائق الواقعة على الأرض، ويعملون على تزييف هذه الحقائق لتطابق رؤيتهم. هؤلاء المراهقون السياسيون هم من سرقوا ربيع العرب، وجعلوه أحمرا قانيا، ولهم نقول: دعوا السياسة لأهلها، ولا تعملوا على تشويه فكرة الإصلاح والحرية، والعدالة والمساواة، والعبوا بعيدا عن الأوطان واستقرارها ومستقبلها.

آخر الكلام: الدول تبدأ بالحكماء ومن ثم تنتهي على أيدي المراهقين من الجيل الثالث او الرابع من نشوء الدول. (ابن خلدون).

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
مفاهيم الديمقراطية والحرية والإصلاح وحق التعبير....كيف ؟
فول على طول -

جمله كبيره جدا جاءت بمقال السيد الكاتب الذى نحترمه ونسعد بقراءة ما يكتبه وهى : مفاهيم الديمقراطية والحرية والإصلاح وحق التعبير..انتهت الجمله وبالطبع يقصد الوطن العربى . سيد حسن المفاهيم السابقه لا مكان لها من الاعراب فى العالم العربى والاسلامى لأسباب معروفه . نقطه ومن أول السطر . أى سياسي فى أى بلد عربى أو مسلم لا يقدر عن الخروج خارج الصندوق المحدد وهو تعاليم الاسلام التى تتعارض تماما مع الديمقراطيه والاصلاح والحريه انتهى . كلهم محصورون محشورون فى القفص ولا أمل فى الخروج منه ..كلها شكليات وحركات بهلوانيه ومسرحيات هزليه . الاصلاح واليمقراطيه تعنى أن كل البشر متساوون فى قانون الدوله قولا وفعلا ..هل هذا ممكن حدوثه فى بلاد الذين أمنوا ؟ شكرا على مساعيكم الحميده لكن لا تسرح بخيالك أكثر من مجرد مقالات وحبر على ورق كما يقولون . شريعة الذين أمنوا هى قيود صارمه ومن الصلب .

كنيستنا الاصولية التكفيرية العنصرية عصية الاصلاح
جرجس الاشموني -

نحن الارثوذوكس الاقباط يا استاذ حسن اتباع كنيسة اصولية تكفيرية لا تعترف بالحرية والديمقراطية والاصلاح ، كما اعترف بذلك بعض رعاياها من المنصفين حيث قال احدهم : وبالنسبة للكنيسة في مصر فإن تيار التكفير ليس جديداً عليها كذلك، فعلى سبيل المثال لا الحصر فإن تيار الأب دانيال الذي يعمل في كنيسة المنيا هو تيار تكفيري بامتياز يقول عنه الباحث الدكتور رفيق حبيب في كتابه المسيحية السياسية في مصر "إنه تيار يتميز بالحساسية الشديدة تجاه كل من لا يتفق معه وإن تعريفه للمؤمن يخرج من دائرة الإيمان كل التيارات الفكرية المسيحية، ولا يبقي في هذه الدائرة إلا التيار الذي يمثله".ولكن هذا التيار يظل تياراً محدوداً لا يمثل الرأي الرسمي للكنيسة رغم كون أحد رموزه هو أب أرثوذكسي معترف به داخل الكنيسة.أما انزلاق الكنيسة الرسمية إلى التكفير في القرن الواحد والعشرين فهي مسألة خطيرة، لأن الكنيسة من الناحية الدينية تمثل إرادة الرب ومن ثم فقرار الحرمان يعني الطرد من الملكوت المسيحي ودخول جهنم.فمثلاً وافق ما يسمى المجمع المقدس للارثوذكس بالكنيسة الأرثوذكسية "الكرازة المرقسية" بالإجماع على حرمان الدكتور الاصلاحي جورج حبيب بباوي وفصله من الكنيسة الأرثوذكسية. والحرمان يعنى انه صار كافر ولن يستحق الملكوت ولن يستحق خروجه لها القيمة وصلاة على. روحه لما يفطس الكافر ابن الكافر ابن الكافره ؟!! وذلك في الاجتماع الذي عقد برئاسة الهالك المقبور البابا شنودة الثالث بطريرك الكرازة المرقسية ربنا يجرمه مطرح ما راح ، وبحضور 66 أسقفاً يمثلون جميع الأبرشيات في الداخل وفي المهجر، وقال الأنبا بيشوي السكرتير العام للمجمع المقدس في مؤتمر صحفي عقب الاجتماع إن مبادئ جورج حبيب بباوي ليس لها علاقة من قريب أو بعيد بتعاليم الكنيسة الأرثوذكسية ؟!! إلى أن يتوب عنها، وإنه في حالة إعلانه ذلك عليه أن يقدم طلباً مكتوباً للمجمع المقدس ثم تنظر الكنيسة فيما يتم اتخاذه بشأنه.

عرفنا المقصود
متابع -

مقال في الصميم وقد عُرف المقصود

إن غداً لناظره قريب
سيبيريا -

أعتقد أن عزيزتنا إيلاف سوف تمهل ولن تهمل النظر في كبح جماح بعض التعليقات الشريرة التي تتعرض لسيد الأديان ..هذا الدين العالمي الذي ارتضاه رب العزة والجلال بأن يكون هو الدين الأصح ( إن الدين عند الله الإسلام ) .. صبر عزيزتنا إيلاف مؤكد أن له نهاية مشرقة لردع هذه التطاولات السمجة التي لايدرك أصحابها أن هذا الدين الحنيف دونه خرط القتاد ..دين لم يناله تحريف أو تخريف أو أهواء بشرية ..ولم تدنسه خزعبلات قديسين أو غير قديسين .

وماذا عن مفاهيم الديمقراطية والحرية والإصلاح وحق التعبير وإحترام وتطبيق القوانين في دولة شنودة داخل الدولة المصرية يا ابن الرب يا مردخاي فول؟
بسام عبد الله -

هذا الكلام عن مفاهيم الديمقراطية والحرية والإصلاح وحق التعبير وإحترام القوانين تقوله لباباك تواضروس يا ابن الرب، وتكرز به على قساوستك ورهبانك لا علينا، لأنهم هم أول من يرفض الإمتثال للقوانين ومفاهيم الديمقراطية والحرية والإصلاح وحق التعبير، إلا إذا كنتم تعتبرونهم وكلاء الرب على الأرض وما يسري على غيرهم لا يطبق عليهم. ومن النماذج التي تجسد البيئة والعقيدة المتقوقعة والمنغلقة على نفسها والمعارضة للقوانين ومفاهيم الديمقراطية والحرية والإصلاح وحق التعبير وترفض الآخر أياً كان هي دولة الأرثوذكس في مصر الذين يعتقدون بأنهم أبناء الرب والوحيدين الذين يدخلون الملكوت وغيرهم من مسلمين ويهود وبوذيين وحتى مسيحيين كاثوليك وبروتستانت أبناء إبليس وسيدخلون جهنم. وقد أعلن البابا شنودة الثالث مراراً رفضه التام لتنفيذ أحكام المحكمة الإدارية العليا، وأكد على أنه "لا يأخذ أوامر من جهات مدنية"، لأن الأرثوذكس يؤمنون بتعاليم الدين فقط، قائلاً نحن لا نستطيع أن نخالف أحكام ديننا وتحدى أجهزة الدولة بسلطته الكهنوتية التي تتعالى على أحكام القضاء، وردد بيشوي عبارة: "حخليها دم للركب من الإسكندرية إلى أسوان"، وأن تطبيق القانون المدني على الكنيسة والطائفة يعني الشهادة أي الدم والقتل. وقد سعى دائما البابا شنودة لتدشين دولته الخاصة بقوانينها المستقلة عن قوانين الدولة المصرية برغم أن بابا روما أو رئيس أساقفة كانتربري لا يستطيعان - على قدر اتساع نفوذهما وأتباعهما - مخالفة قوانين الدولة الإيطالية أو البريطانية. البابا لم يكتف بهذا، برغم أن مخالفته لأحكام القضاء توجب عزله من منصبه وسجنه، وإنما بدأت عمليات شحن ديني للأقباط واستنفارهم للدفاع عن (عقيدتهم) فبدأت عمليات حشد في الكنائس ودعوة الشباب القبطي للتظاهر في مقر الكنيسة والكنائس الأخرى في الأقاليم وأقباط الخارج والإنترنت تحت شعارات "هنقلب البلد عاليهـا واطيها لو صدر قرار حبس أو عزل للبابا شنودة الثالث"

الخلاصه ..لا سلطان على العقل غير العقل
فول على طول -

لا سلطان على العقل غير العقل ولكن هذا فى العقل السليم الذى يبنى بلدا سليما أما فى بلاد الذين أمنوا فان هناك سلاطين على العقل تقيده وتكبله بكل القيود وتحجر عليه أن لا يفكر خارج الصندوق المرسوم له بالشرع الحنيف ..ما ينطبق على الدين ينطبق على السياسه وعلى العلم لأن العلم الشرعى هو المتحكم فى كل شئ ...والويل كل الويل لمن يسمح لعقله بالخروج عن العلم الشرعى .حتى لو بالسؤال ..العقل السليم فى البلد السليم وبالعكس ...انتهى . سيد سالم الموضوع واضح جدا ولكن الهروب هو سيد المواقف كلها لنفس السبب وهو ممنوع الخروج عن اطار العلم الشرعى . .فلا تلوم المراهقه السياسيه فقط .

المراهنه على دين خير امه هو الحل طفوله
قبطى -

شكرا للكاتب ولايلاف على مقال الكاتب ومثابرته على شرح طريقه حياة البشر المتحضرين مجهود يشكر عليه قطعا وللامام واعيد واكرر معه ومع ايلاف-ودواعشها وايتامها اللى بيدافع عن حشر دين خير امه بالسياسه والقوانين والحياة اليوميه لكل البشر يحتاج تقييم عقلى ونفسانى وعزل فورى بمصحات مثل مصحات الكورونا جتى يعود للصواب او يبقى فيها حتى ينفق لانه ثبت بكل الطرق العمليه على مدى قرون ماضيه وحاضرة وبالنتائج المبهرة ان العلمانيه المطلقه غير الموجهه من احد او العلمانيه بدون شروط و بدون نكهه خير امه ولا خير الانام - هى الطريق الوحيد لنجاح الدول شرقا وغربا من كل الاجناس والاعراق - مكانكم يا مكفرى العلمانيه ومقاوميها بحجر الربع الخالى لانكم تنحتون بالصخر وتحرثون الماء الاسن ----فبلاش مناكفه ويللا ع الحجر اللى ها تروحوه بمزاجكم او غصبا بمزاج العقلاء منا -العلمانيه تنتصر حتى بالسعوديه موطن خير الانام وخير امه ولو تدريجيا و تثبت جذورها ولن يعيقها شيء ....

فول
ديك الجن -

أنت تصدّع رؤوسنا ورأسك يافول تردّد وتدور وتعيد وتصقل في حلقة واحدة وهي أننا الذين اخترنا الإسلام ديناً لنا حكمنا على أنفسنا بالتخلف وأن سبب جميع مشاكلنا كوننا مسلمون كما تقول أيضاً إننا غير قابلين للشفاء من هذا المرض وأمراض كثيرة طيب، نحن حفظنا هذه الإسطوانة عن ظهر قلب ورغم ذلك ورغم أنفك سنبقى مسلمين وراضين بكل مايصيبنا من مصائب فلماذا تجهد نفسك فيما لاطائل منه، فول/ لو كنت تكتب لهذا الهدف التبشيري فاسمحلي أن أقول بأن أسلوبك شوفيني استعلائي تهكمي تقريعي تحريضي منحاز مرة لهذه الطائفة ومرة لتلك، مرة لهذه القومية ومرة لتلك، كل شيئ فينا لايرضيك ودائماً تشكّ في قدراتنا العقلية هل هكذا كان يدعو السيد المسيح عليه السلام الناس إلى دينه أم بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن؟

خلي بالك يا مسلم موحد ..
متابع -

فى سور القرآن الكريم تتداخل أحكام العبادات و التشريعات بطريقة عجيبة... تجد وسط آيات الطلاق آيات الصلاة... ووسط أحكام الصيام أحكام الأموال... ووسط وبين آيات الحج آيات الجهاد والقتال وما يتطلبه من إنفاق... وكأن رب العزة يقول لنا أن هذا الدين حزمة واحدة فلا تنفصل العبادات عن التشريعات.