فضاء الرأي

نزيف بيروت.. بين مطرقة الجبناء وسندان القتلّة

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

لم تلملم بيروت جراحها بعد ولم تنفض عنها غبار الموت... كابوس 4 آب لا يزال يقّض مضجع المدينة وأهلها... وعلى وقع ندب الأمهات الثكالى تُرسم الخطط السياسية... محلياً ودولياً!

بلحظة أصبحت بيروت المنسية المعاقبة محطة استقبال... هل حقاً يهتمون لأمرنا؟

دعونا من السياسة.. التعاطف الذي لمسه الناس من الرئيس الفرنسي مثلاً يُظهر أنه على الأقل أكثر انسانية من ساسة محليين بلا حياء أو ضمير... ساسة تنبض عروقهم بالفساد أكثر من الدم... وبكل وقاحة، يعبرون بمصالحهم فوق جثث الضحايا، من دون أن يرّف لهم أي جفن!

"لن نسكت اذا أثبت التحقيق إن لاسرائيل علاقة بانفجار بيروت".... قال الخطاب الثاني بعد الرواية الأولى: "لا نعرف ماذا يجري أو ماذا يوجد فيه"، بالطبع الحديث هنا عن مرفأ بيروت.

أعترف أني لم أسمع أي من الخطابين لأن حنقي أكبر من قدرتي على تحمّل خطابات السياسيين، من أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله إلى غيره من الساسة الذين وصل بهم الإجرام إلى تحويل بيروت... عروس الدنيا إلى حطام يطمر بين حناياه أشلاء أطفال وأهالي، كل ذنبهم أنهم ولدوا في بلد التجاذبات السياسية محلياً، إقليمياً وحتى دولياً!

جملة إنكار المعرفة بما في المرفأ أو ماذا يجري فيه تدين الحزب أكثر مما تبرؤه، فمن يوزّع مراكز المراقبة على المواقع الحساسة ويسيطر على المعابر الحدودية، الشرعية وغير الشرعية، من الهزء أن يقول إنه لا يعرف ماذا يوجد في المرفأ... اذا كان من يهدّد يميناً ويساراً لا يملك شجاعة الاعتراف بالحقيقة، على الأقل فليحترم عقول اللبنانيين!

أما الجملة المتعلقة بإسرائيل فهي تدعم التحليلات بأنها هي التي قصفت مرفأ بيروت... خصوصاً أن الانفجار سبقه تحليق كثيف ومريب لطيران الاستطلاع على مدى أيام وأسابيع. طبعاً لم تعترف اسرائيل ولن تعترف، لأن ذلك يضعها أمام محاكمة دولية، على الأقل انسانية، لاجرامها... وحزب الله ليس من مصلحته أن يعترف بأن مرفأ بيروت حضن لعملياته العسكرية، ما تسبب بمقتل المئات وتشريد عشرات الآلاف، هذا من دون أن نتحدث عن الأضرار المادية والتبعات النفسية التي ألقت بثقلها على كل اللبنانيين.

هكذا تكون الرسالة المطلوبة وصلت، ولا داعي للإعلان عنها من طرفا المُعادلة، المُعتدِي والمُعتدَى عليه.

إسرائيل عدو.. وهذا لا مجال للبحث فيه، ولكن اشكالية اللبنانيين هي مع حزب الله... الحزب الذي يُفترض أنه يحمل لواء المقاومة لحماية لبنان، ولكنه في الحقيقة لا يحمي إلا أيديولوجيته والفاسدين من حلفائه بما يخدم أجندته... وأثبت ذلك في الكثير من المناسبات قد لا يكون 7 أيار 2008، عندما وجّه سلاحه إلى الداخل، أولها، ولا الاعتداء على المتظاهرين في ساحة الشهداء ورياض الصلح في عز ثورة 17 تشرين آخرها... وهذا ما يجعل اللبنانيين لا يأتمنونه على بلدهم، فهم يدركون أن من يصوّب سلاحه إلى أبناء هذا الوطن عندما تُعترض مصالحه... لا يكترث إن تحوّل كل لبنان إلى ردم... "فدا السيد"، كما كتبت إحدى المناصرات للحزب بعد انفجار المرفأ... حسناً وعلى الهامش، من يريد أن يفدي فليفدي بروحه هو... أرواح اللبنانيين أغلى من أن تكون فداءاً لأحد!

بالعودة إلى جريمة المرفأ والتي يتحمّل الفاسدون من ذوي السلطة المسؤولية الأكبر فيها، وفي رقابهم دماء الضحايا بدءاً من فوج الأطفاء الذي دُفع به إلى الموت، مروراً بالسكان وصولاً إلى الأطفال... وعلى ضميرهم، إن كان لديهم ضمير، هول الرعب الذي سيحمله الناجون معهم لسنوات... خصوصاً الأطفال منهم.. في بلد لم يُشف أبناؤه من رُعب الحرب الأهلية!

ومن الشهادات ما رواه فادي، الذي وصل دوّي الانفجار إلى بلدته التي تبعد قرابة الثلاثين كيلومتراً عن بيروت، ووصف كيف دفعته قوة الصوت أن يحمل، بلا وعي، ابنه الصغير ويهرع به إلى الداخل... وعندما سأله ابنه عن سبب ما فعله أجابه: "لأن والدي كان كل ما سمع القصف خلال الحرب يحملنا ويهرع بنا إلى الداخل"!

مع كل الوجع الذي خلفه، أيقظ انفجار مرفأ بيروت ذاكرة مآسي حرب، لم يُشف منها اللبنانيون... لم يُشفوا لأن أحدا لم يفتح الدفاتر القديمة ليساعد اللبنانيين على التصالح معها... لم يُشفوا لأن هذه الذكرى الأليمة كانت السُلم الذي تسلّق عليها ساسة رُعن إلى الحكم... ساسة يحاولون بكل الطرق حماية المجرّم الذي تستّر على وجود قنبلة موقوتة بين المواطنين... سعياً وراء حفنة من المنافع... وهذا ما نعرفه حتى الآن ولا ندري ماذا سيكشف الغد... هذا إن سمحوا بإجراء تحقيق شفاف يُحاسب... ففي هذا البلد من اعتاد على التسلّق فوق الجثث... لا يسعك أن تثق به بأن يُحاسب مجرماً من حاشيته، فالحاشية هي الضمان على بقاء الكراسي... في بلد لا يفرق فيه الساسة عن الكراسي التي يعتلونها... ألواح خشبية صمّاء.. لا دم ولا ضمير!

نعم هذا ما يفعله الساسة في أوطاننا.. يقتلون القتيل ويسيرون بجنازته... وهذا ما تفعله الحرب بالشعوب... إن لم تقتلهم جسداً... تخزّن لا وعيهم بالرعب... وتميتهم وهم أحياء... والانسانية بين مطرقة قذارة السياسة وسندان تبعاتها!

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
ما قل ودل ..وباختصار شديد
فول على طول -

لبنان رهينه بين يدى حزب اللات والعالم كله يعرف ذلك وأولهم الذين أمنوا وأقصد بلاد الايمان ودول الجوار ...حزب اللات مثل القط ولبنان مثل الفأر بين فكيه ...نزع سلاح حزب الله وتطويعه مثل بقية البشر يتطلب اراده دوليه وأقصد امريكا ترمب فقط وما عدا ذلك تهريج . ..سخيف جدا أن حزب فى بلد وداخل دوله ويحمل السلاح بعيد عن الدوله ويدعى المقاومه وكأن الحزب أخذ دور الدوله بالكامل بل ألغاها بالكامل . لا شك أن الذين أمنوا ساهموا بشكل أو بأخر فى وجود حزب اللات وكانوا فرحين جدا به لأنه استولى على دوله كافره ورئيسها كافر أما بعد أن اختلفت المصالح ووضحت تبعية الحزب لايران وما قام به وما يقوم به مما يعتبره أهل السنه والجماعه لا يصب فى مصلحتهم بدأوا يتضجرون من الحزب ..انتهى - اسرائيل تحب بيروت وتحب لبنان أكثر بكثير جدا من الكثير من اللبنانيين واسرائيل لا تضرب أهداف مدنيه اطلاقا وهذا تاريخ ...اسرائيل قبل أن ترد على صواريخ المشعوذين فى غزه كانت تنذر المدنيين بالابتعاد مع أن المشعوذين الأشاوس كانوا يستخدمون المدنيين والأطفال والمدارس دروعا بشريه كما استخدم حزب اللات نفس التكتيك فى لبنان وكان ينصب منصات صواريخ فى المدارس والكنائس والمشستشفيات ...غريب جدا أن حزب اللات أو لبنان يدعى المقاومه ضد اسرائيل مع أن لبنان بالكامل أصغر من أن يحمى نفسه ضد عصابه من عدة أفراد ...اسرائيل هزمت جيوش عدة دول عربيه مجتمعه عدة مرات وهذا تاريخ ..يعنى تصدى لبنان لاسرائيل يدخل تحت بند الشعوذات والتهريج الغير مرغوب فيه وخاصة وقت الجد ..مثل الذى يستظرف وقت الجنازات . ربنا يشفيكم جميعا .

فول الناطق الرسمي لإيلاف
ديك الجن -

إسرائيل الحمل الوديع تحب لبنان أكثر من اللبنانيين أنفسهم// انتهى الاقتباس// بالطبع هي تحب لبنان أكثر من اللبنانيين أنفسهم لأنها تطمع في ضمّمممّممممّمممّممممّممّ لبنان إلى كيانها وهي من يوم حررت المقاومة اللبنانية من رجسها الذي وصل إلى بيروت وردّتها على أعقابها تتباكى على لبنان على أنه مُلكُها المضاع الذي استرجعه أبناء لبنان الغيارى على وطنهم من أن يلتهمه هذا السرطان الخبيث ولم يبق لها عدوّ عربي غير فلسطيني تخافه وترتعب منه سوى لبنان...................................... والله أنا لا أدري لماذا أردّ على هذا المريض الذي يرى أن كل من يرفض العمالة والذلّ والخنوع لإسرائيل مريضاً؛ كالمجنون الذي يرى كل الناس مجانين إلاّ هو، لا أدري لماذا أردّ على هذا الرقيع الذي يطعن بأمة تربو على المليار ونصف إنسان، بل لا أدري لماذا أكتب تعليقاً لإيلاف التي يبدو أنها دخلت مرحلة جديدة بعد (التطبيع الإماراتي الإسرائيلي) وأصبحت بكل أسف لا تنشر إلاّ لهذا الصهيوني السادي الحاقد على العرب كل العرب والمسلمين كل المسلمين................................... سأتوقف عن الكتابة لإيلاف إن لم تنشر تعليقي هذا، أنا لا أهدّد بل أعبّر عن صدمتي كعربي مسلم ليس إلاّ.

الموقع الجبّار إيلاف
ديك الجن -

لا أدري كيف أعبّر عن تسرّعي في الحكم على موقع إيلاف وسوء ظنّي به الذي لم يكن في محلّه، إيلاف عملاق الرأي والرأي الآخر الذي تغدو معظم المواقع العربية الأخرى إلى جانبه مجرّد أقزام ، إيلاف ــ بلا أي مبالغة ـــ الرائد والنموذج الذي يجب أن يُحتذى لانتشال إعلامنا من الهوّة السحيقة التي وقع فيها...............أقول نحن العرب ــ بكل أسف ــ أصبحنا في حالة لانُحسَد عليها بسبب صفعات وصدمات القرون وليس قرناً واحداً................ أرفع قبعتي لك يا إيلاف وكلّ سوء ظن وأنت بألف ألف خير.

إيلاف
ناديا -

ايلاف الرأي والرأي الآخر.