فضاء الرأي

مارقون على جثة وطن!

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

خائنون... هكذا وصف إيمانويل ماكرون السياسيين اللبنانيين. أتقن الوصف وهذه ليست المرة الأولى التي يفعل فيها ذلك... سبق وأغدق عليهم بتعابير تليق بهم... ولكن "لمين تحكي" صموا آذانهم منذ زمن.

قد يكون الرئيس الفرنسي الشاب غاضباً فعلاً، للحقيقة ما يفعله الساسة اللبنانيون يفوق العقل والمنطق وأدنى معايير الانسانية. ولكن الغريب أنهم يسمعون كل هذه الإهانات وكأن شيئاً لم يكن. لم تستثر كرامة أي منهم! عطلوا تشكيل الحكومة وبكل بساطة أعلنوا انفتحاهم من جديد على المبادرة الفرنسية... من يدري ما خلف كل هذا التجاهل والتغاضي، فقد يكون في جعبة ماكرون ادانات أشد وأعظم!

فرنسا وغيرها من الدول الأجنبية ليست حريصة علينا لـ "سواد عيوننا" كما يقول المثل اللبناني، فلم تكن التدخلات الأجنبية يوماً إلا لرعاية مصالحها... ولكنها على الأقل، ولو ظاهرياً، تعطي انطباعاً بالتعاطف مع لبنان وشعبه... أما حكام هذا البلد فبلغت بهم الوقاحة لدرجة المتاجرة على دم هذا الشعب، والاستبداد بالسلطة حتى النفس الأخير، على بقايا وطن ممزق يلفظ أنفاسه الأخيرة!
وهكذا أصبح حال لبنان أشبه بحال رجل على حبل المشنقة ينظر ذات اليمين وذات اليسار، يستجدي أعين جلاديه، يحاول أن يوقظ فيهم الانسانية علّه ينجو ولكنه عبثاً يحاول... يجد نفسه منسياً، الحبل كل ما له يشتّد والجلادون منشغلون بتناهش الغلة التي سطوا عليها من رزقه وماله... هو يعاني وهم غارقون بطمعهم!

أُحبطت المبادرة الفرنسية، اعتذر مصطفى أديب عن مهمة تشكيل الحكومة، ولم يكّد يعتذر حتى استفاقت خلايا الإرهاب النائمة لتستنفر الجيش اللبناني وتحصد شهداء من أبنائه.. يا للمصادفة العجيبة!

هنا يستحضرني ما قاله لي مخرج سوري عاش تجربة الاعتقال على يد النظام السوري وداعش على حد سواء. أخبرني بوقتها أن كلاهما يتّبع أسلوب التعذيب نفسه، وأعطاني شواهد، لم أعد أذكر تفاصيلها، كيف أن داعش والنظام السوري لم يتواجها على أرض المعارك، خاتماً حديثه بأن داعش وليدة النظام البعثي.

ومع المعارك التي يخوضها الجيش اللبناني مع خلايا الإرهاب الجاهزة، والتي وصفها أحد الناشطين السياسيين بـ داعش غب الطلب، نستذكر كيف خرج الدواعش مع عائلاتهم بباصات مكيّفة، بمباركة حزب الله، على جثث شهداء الجيش اللبناني منذ بضع سنوات!

هذا أمنياً، أما اقتصادياً انعكس اعتذار أديب ارتفاعاً كبيراً في سعر صرف الدولار، ما ترك بلبلة في شارع ما عاد يحتمل الصدمات المعيشية.

وهكذا تصبح المعادلة: التهوا يا لبنانيين عن المحاسبة! جوعوا، عيشو خوف فتات الخبز اليومي لأولادكم، ارتعبوا من الموت على يد الارهاب.. وإياكم أن تحاولوا المساس بسلطتنا أو حصصنا... سيناريو حكاية ابريق الزيت نفسه يتكرّر كل مرة!

في الحياة العادية يُراهن الناس إما على العدالة أو على ضمير المجرّم ليشعر بالذنب ويسلّم نفسه للقصاص؛ ولكن مع غياب المحاسبة، كل ما تقدّم الإجرام بالمرء كل ما مات ما يسمى الضمير في كيانه، وكل ما احترف صنعته أكثر وأصبح أكثر وقاحة وبطشاً لحماية ما اغتصبه بغير حق.

هذا هو حال لبنان وحال من اغتصبوا السلطة فيه، لدرجة أن لا مانع لديهم في أن ينزف حتى الموت على أن تُمس مصالحهم... وكيف سنتوقع من مارقين مع شهادة خبرة ثلاثين عاماً بالفساد، أن يقدّموا أنفسهم إلى قوس العدالة؟ هؤلاء المارقون يستشرسون وسيستشرسون حتى آخر رمق فيهم وفينا!

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
ماذا تعنين أن داعش وليدة النظام البعثي؟
ديك الجن -

أنا لست بعثياً ولا شيوعياً ولا داعشياً ولا حزبَ اللّهياً، لكنك يا أستاذة ذكّرتيني بقولك هذا بمن قال إنّ الكورونا من صنع إيران ومنها انتقل إلى الصين!!! تقولين أيضاً: خرج الدواعش بباصات مكيفة بمباركة حزب الله... ماهو دليلك على هذه المباركة، أظن أن من حقنا كقراء لمقالتك أن تصفي لنا شكل هذه المباركةّ! يبدو أنّ حبّ البعض للأجنبي الذي باعتراف حضرتك (لايهرول إلاّ إلى لمصلحته) قد وصل لحدّ العشق ومن النوع الممنوع، أرجو أن لاتكوني من أولئك العشاق الذين وقّعوا على طلب إعادة الانتداب الفرنسي للبنان وجعل ماكرون الفاشل في بلده (( وصيّاً وحاكماً وقاضياً ومدعياً عاماً على لبنان)) الأمر الذي رفضه حسن نصر الله في خطابه الأخير.. كيف تثقين بفرنسا التي كل مصائب لبنان منها، ماذا يريد ماكرون سوى أن يُفرِغ لبنان من أية قوة وطنية تهدد حبيبته إسرائيل، أم إنك مع كل من يتهم الصادقين الذين أقرّ استفتاء جرى حتى للإسرائيليين بصدقهم في الوقت الذي أقروا بكذب رئيسهم نتنياهو الذي يحاول دائما اتهام حزب الله بأنه سبب خراب لبنان؟ أخيراً وليس آخراً في جميع القواميس العربية تعريف المارق من يبيع دينه وعرضه بالمال والكأس فهل يَصدُق هذا التعريف على حزب الله الذي يجود بماله ونفسه ليجنب البلد من الوقوع في براثن إسرائيل وداعش، أم على الجانب الآخر الذي يُضرَب المَثَل بضخامة ثرواته وأرصدته ويبخل ــ وهو يترنح على رنين الكأس ــ يبخل على بلده الذي يعيش أحلك الظروف ولو بليرة واحدة في الوقت الذي نرى أبرز أثرياء العالم يتبرعون بثلثي ثرواتهم للجمعيات الخيرية الإنسانية؟!