كتَّاب إيلاف

العراق مملكة الألغام!

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

حينما وضع موظفي الخارجية البريطانية والفرنسية وبالتوافق مع الروس والطليان خارطة توزيع إرث امبراطورية آل عثمان في اتفاقية سايكس بيكو عام 1916، لم يهتموا كثيراً لرغبات الشعوب في هذه المنطقة وإنما تحويلها إلى مصادر اقتصادية ومراكز نفوذ من خلال معاهدة سرية بين الدول التي ورثت تلك الولايات وهي فرنسا والمملكة المتحدة وبمصادقة من الإمبراطورية الروسية وإيطاليا حيث قسمت الاتفاقية فعلياً الولايات العثمانية خارج شبه الجزيرة العربية إلى مناطق تسيطر عليها بريطانيا وفرنسا أو تحت نفوذها، فخصصت الاتفاقية لبريطانيا مايُعرف اليوم بـ فلسطين والأردن وجنوب العراق ومنطقة صغيرة إضافية تشمل موانئ حيفا وعكا للسماح بالوصول إلى البحر الأبيض المتوسط، أما فرنسا فتسيطر على جنوب شرق تركيا وشمال العراق وسوريا ولبنان، ونتيجة اتفاق سازونوف- باليولوج المشمول فإن روسيا ستحصل على أرمينيا الغربية بالإضافة إلى القسطنطينية والمضائق التركية الموعودة بالفعل بموجب اتفاقية القسطنطينية (1915). وافقت إيطاليا على هذا الاتفاق سنة 1917 عبر اتفاقية سانت جان دي مورين بحيث يكون لها جنوب الأناضول، أما منطقة فلسطين ذات الحدود الأصغر من فلسطين المنتدبة اللاحقة فإنها ستكون تحت "إدارة دولية".

وما يهمنا في هذا الإرث السيء الموبوء بالأمراض المزمنة، هو تأسيس مملكة في بلاد النهرين من ويلايتي البصرة وبغداد في بادئ الأمر ثم إلحاق ولاية الموصل التي كانت تضم كل من كوردستان الجنوبية الحالية نهاية عام 1925م، هذه المملكة التي أراد مؤسسيها أن تكون مملكة ألغام، لا يمتلك خرائط توزيع ألغامها إلا أصحاب الشأن في بريطانيا وفرنسا، حيث كانت تمنح كل حاكم يتولى حكم هذه المملكة أو الجمهورية مجموعة مفاتيح للعبور من خلال تلك الألغام والمضي في حكم شعوبها، بينما احتفظت بمفاتيح خطيرة أخرى أخفتها عنهم لإستخدامها في الوقت المناسب حينما تحاول تلك الأنظمة أو رموزها الخروج من دائرة المؤسسين كما حصل في نهاية الخمسينيات مع العهد الملكي أو مع الزعيم وبعده صدام حسين حينما توهموا بأنهم يقودون مملكة حقيقية.
والمتتبع لتاريخ هذه المملكة منذ إعلان قيامها وحتى يومنا هذا يدرك مدى التناحر والتنافس والاحتراب بين أنظمتها ومكوناتها، وبين المكونات ذاتها، سواء كانت عرقية أو قومية أو اجتماعية قبلية، وصدق مليكها الأول في توصيفه لها حينما قال: ( لايوجد في العراق شعب عراقي بعد، بل تكتلات بشرية خالية من أي فكرة وطنية، متشبعون بتقاليد وأباطيل دينية، لا تجمع بينهم جامعة...)، والواضح جداً أن الحال لم يختلف اليوم عمّا كان عليه قبل مائة عام، إن لم يكن قد انحدر أكثر وتفاقمت فيه الأمور إلى المستوى الذي نشهده اليوم، ورغم إن كل الأنظمة كانت تدرك الخلل الخطير في أسس تكوين تلك المملكة، إلا أنهم وبدون استثناء ورغم ظهور محاولات خجولة هنا وهناك لإيجاد حلول في مسألة التكوين كانت كلها ترقيعية غير جدية تعتمد التكتيك والتحايل للعودة إلى الأسس القديمة البالية، وخير شاهد تلك المحاولات في حل القضية الكوردية وفك الاشتباك والارتباط القسري بين كوردستان ومملكة الألغام منذ اتفاقية 11 اذار 1970م وحتى اليوم، وما يجري من إجراءات للإنقلاب على الدستور ومحاولة تقزيم الكيان السياسي للأقليم والعودة إلى نظام الحكومة المركزية الكثيفة ابنة مملكة الألغام!

لتطهير هذا الحقل من الألغام يجب العودة إلى المربع الأول وإعادة صياغة كيان سياسي كونفيدرالي، أو كيانات سياسية تلبي رغبة المكونات المدموجة قسراً، والانتهاء من رواية مملكة الألغام المرعبة!

kmkinfo@gmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
العراق مملكه اللغام
ferasbawa -

احسنت النشر یا استاذ العزیز كاك كفاحلقد حان الاوان لتطبیق صیغه الكونفدرالیه في العراق لانها تضمن حق العیش السلیم والعادل والامن لشعب كوردستانوعلی القیاده التحرك السریع دولیا واقلیمیا ومحلیا لتطبیق هذه الصیغه العادلهومن الله التوفیق

الغام مقصود
Ekrem -

تم تفنيد الحالة بشكل منطقي وواقعي بشكل أو بآخر. بل تمت معالجتها كما ينبغي.. لكن ما أريد إضافته هو أن مجموعة تلك الدول سواء بريطانيا وفرنسا وروسيا وغيرها من الدول العظمى صاحبة القرار في هذا الشأن. عمدت إلى عدم حصول استقرار المنطقة عبر إتخاذ سياسة مايسمى بمسمار جحا... حيث أنهم تركوا في كل منطقة مشكلة لم يضعوا لها الحلول وبشكل مقصود.. واستخدام تلكم المشاكل المعلقة في الوقت المناسب حسب تقديراتهم.. وكركوك خير مثال على ذلك.. حيث أن الأمريكيين حين دخولهم إلى بغداد والسيطرة عليها أشبه بالخيال.. كان بمقدورهم إنهاء وضع كركوك وكل المناطق المتنازع عليها كما سميت.. بالرغم من ادعاء القادة الأمريكيين تحالفهم الوطيد مع الكورد .. لكنهم لم يفعلوا ذلك. بل تركوها كمسمار جحا كما أسلفت عبارة عن ورقة ضغط يستخدمونها ضد حكومة بغداد بشكل مباشر وضد مجموعة الدول الإقليمية بشكل غير مباشر.. وفيها نوع من توجيه رسائل التهديد والإنذار لحكومة الإقليم أيضا..وقد كان واضحا ذلك الإنذار من خلال وقوفهم بالضد من إستفتاء الشعب الكوردي..بل أكاد أجزم أنهم كانوا شركاء في الهجوم على كركوك عبر إعطائهم الضوء الأخضر للجهات الغازية وإعطائهم احداثيات تواجد مواقع البيشمركة الأبطال.. وغير ذلك من طرق المساعدة والدعم الأمريكي للجهات الغازية.. والموضوع يطول في هذا الشأن واكتفي هنا.. تقبل مروري أستاذي الفاضل..

llg;m hbgyhl
د. سفيان عباس -

احسنت ... ابتداءً الدول الاستعمارية آنذاك لا تحترم الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي هي ابرمتها بنفسها قبل اتفاقية سايكس بيكو . ففي عام 1907 وقعت معاهدة لاهاي التي الزمت الدول المحتلة بعدم تغيير الوضع القائم للبلد المحتل أو المساس في القوانين النافذة . سايكس بيكو باطلة بموجب مبادئ واهداف القانون الدولي وقد رسمت على الرمال بين الدول الاستعمارية لتقاسم التركة العثمانية .. ان مملكة الألغام هي البنت غير الشرعية اذا رجعنا لسلطان القانون الدولي ومعاييره ... فالإنكليز لم يبنوا دولة مؤسسات راسخة وهذه احدى المفاتيح السرية بل هم عمقوا الشرخ المجتمعي واذكوا كل اشكال الخرافات والبدع والخزعبلات الموروثة واحتفظوا بالمفاهيم التربوية الصحيح توارثها وهذا المفتاح الآخر المضموم . لم يهتموا بالنهج السياسي التربوي لخلق رجال دولة والعكس فعلوا . جاءوا بالملك غير عراقي نصبوه عنوة . وراحوا يجندون الضباط منذ تأسيس الجيش العراقي عام 1921 ويدخلونهم دورات تطويرية في بريطانيا لغرض التدريب على احد المفاتيح فحسب وليست كل المفاتيح ... اطلعت على معلومة ان عبد الكريم قاسم كان في بريطانيا لمدة خمسة اشهر دون ان يعلم احد عنه شيئا ... بعد عودته فجر انقلاب 1958 . وهكذا دواليك ما بعده حتى يومنا هذا ... فأن ساسة الصدفة وما قبلهم في بوتقة واحدة وماركة صناعية مسجلة لهذه الدول صاحبة المفاتيح ... وما يجري من تحشيد سياسي واعلامي وجماهيري ضد إقليم كوردستان لا يخرج عن هذه التصورات الآنفة . لأن الصانع نفسه ترك لهم الحبل على الآخر . فهم لصوص لا تربطهم بالسياسة أية رابطة ولا بالتشريعات الدستورية والقانونية . ولن يتمكنوا من احتواء تجربة إقليم كوردستان الخلاقة . فالإقليم قوي بشعبه ومعه احرار العالم . فأن اللعب بالنار مع الشعب الكوردستاني البالغ عديده أكثر من خمسين مليونا هو الانتحار بعينه ... عاشت ايدك اسد كوردستان

الفكر لنفس الفكر
يوسف سرحوكى -

أستاذ كفاح لقد أجدت بشكل متناهي في الوصف لكن بعد محاولة إدخال الديمقراطية والغريبة عن ذلك الفكر المتعجرف والمتمسك به حتى العظم وكما قيل اليوم كلأمس لم يتغير منه شيء فجميع الحكومات المتعاقبة حاولت بكل جهدها لم يدخروا شيء لإسقاط حكومة الإقليم وجعل الإقليم محافظات تابعة لهم يتصرفون بها حسب اهوائهم ضاربين الخصوصية الكوردية كشعب عراقي عرض الحائط وداسوا على كل ومضة خير لعراق فدرالي موحد فباعوا الوطن لمأرب واطماع شخصية وإقليمية فأمس الوطن بؤرة للفساد والتخريب لكل مسعى لبناء وطن يحظن الكل على حد سواء .تحياتي استاذ كفاح

لماذا لاتقولون الصدق ولو مرة في حياتكم ؟!
عراقي متبرم من العنصريين -

متى تتوقفون عن عزف مثل هذه الاسطوانات المشروخة والعبارات المضحكة الخادعة لقومكم قبل غيرهم في الوقت الذي أنتم تعرفون تمام المعرفة بأنه من سابع بل عاشر المستحيلات تحقيق ما تصدّعون به رؤوس الناس جميعاً وهو قيام دولتكم العتيدة؟ هل تنكر يا أستاذ أنّ سادتك التي تسبّح بحمدهم ومن يطلقون على أنفسهم قادة تقرير المصير أعني العائلتين المالكتين عائلة بارزاني وعائلة طالباني هما أكبر عقبة في طريق ما سمّيتَه ((العودة إلى المربع الأول)) أو التخلّص من ((مملكة الألغام!)) فكم من مرّة سَنَحَتْ لهما فرصة الإنفصال وكانا هما مَن وقفَ بوجه هذا الانفصال وفرّطا به: في بداية التسعينات عند حظر طيران الجيش العراقي من قبل مجلس الأمن الدولي، وفي ٢٠٠٣ عند احتلال العراق من قبل ماما أمريكا، وعندما قام زعيمك الأوحد مسعود بارزاني باستفتائه (التاريخي) عام ٢٠١٧ .. لاتقل لي إنّ أمريكا والغرب الصهيوني وبغداد قد حالا بينكم وبين الانفصال واسأل مَن تريد من قومكم في الإقليم ماعدا ثلّة المنتفعين من العائلتين المذكورتين وزمرة المطبّلين لهما عن السبب الرئيسي فسيجيبك ــ إن أبعدتَ عنه السَّوط ــ بالحرف الواحد: إنّ قيام ماتسمى بدولة كوردستان يعني نهاية تسلّط هاتين العائلتين مما يضعهما أمام مسؤوليات جِسام تحول بينهما وبين استمرار نهبهما ثروات قومهما ومصادرة حقوقهم بل ويعرّضهما للمساءلة عن ثرواتهما الطائلة التي جنوها كيلة تسلطهما عليهم؛ إنهما الآن يحمّلان بغداد جميع تبعات مسؤوليات المعيشة ونقص الخدمات وضياع الحقوق فإلى مَن ياترى سيحمّلانها بعد الانفصال؟ يارجل كفاك مصطلحات سقيمة مثل مملكة الألغام والدمج القسري والولايات العثمانية والمكونات المتنافرة وسايكس بيكو وووو إلخ أما شبعتَ أو تعبت أو قرفتَ من تكرارها الممل؟؟؟!!! وهل مكوّنكم برئ من زرع الألغام وعبادة آل عثمان واللصوق ببقرتكم الحلوب بغداد التي لولاها لقتلكم الجوع والبرد بل مَن هو الأكثر منكم إخلاصاً ـ بين المكونات العراقية ــ لمكرّسي ورعاة اتفاقية سايكس وبيكو اللذَينِ لم تتوقفوا يوماً عن شتمهما ولعنهما؟

حلول الازمات
محمد سيف المفتي -

سيدي الكريم نحن لم نعتد على إيجاد حلول جذرية لاشكالياتنا، بل حلول ازمات، و نتجنب النظر في القضايا الكبيرة لانه حلولها تتطلب عملا وجهودا لسنا على استعداد لتقديمها، فتبقى حلول لها حلول الأزمات، بالضبط كما نعاني اليوم من محنة مناقشة المقدس الذي يتطلب حلولا جذرية بدلا عن ذلك نلجا لتعديل بسيط يمكن تبريره.

ألغام ينبغي تفكيكها
باسل الخطيب -

خرائط استعمارية ظالمة ودول كارتونية أهدرت الثروات وكرامة الناس وأثبتت فشلها وعقمها مما يوجب وضع حد لهذه المأساة لاسيما في العراق.. بالمناسبة المنطقة برمتها تضم ممالك الألغام.. أحسنتم

العراق مملكة الألغام!
salim maroki -

كل ما جرى ويجري في الشرق الأوسط من تقلبات سياسية وتناحر مجتمعي بكل مكوناته سببه الرئيسي ما خطط له صاغة معاهدة سايكي بيكو. فرحت شعوب المنطقة أنذاك في التخلص من نير أل عثمان لكن لكنهم لم يدركوا خطورة ما شملته هذه المعاهدة من إرتباط مصير هذه الشعوب بالقرار الغربي ومصالحه. إستعبدت معاهدة سايكس بيكو المنطقة بأسرها وقتلت روح الوطنية والإنتماء الجغرافي وأشاعت بين هذه الشعوب العقلية القبلية والعنصرية الطائفية والتناحر الديني والقومي لتصل الى ما وصلته الأن من شعوب مشلولة مستهلكة ضعيفة لا تشكل أي ثقل في المجتمع الدولي. كل ما فعلته هذه المعاهدة ليس سوى إيصال المنطقة وشعوبها الى مرحلة يتقيئها المجتمع الدولي ولا ينتصر لحقوقها كي يتم إستغلال ثرواتها ومواردها الضخمة بكل شراهة من قبل قادة ومطبلي لحقوق الإنسان في العالم الغربي.