صادق جلال العظم: حدود السجال وضرورة تـأسيس المعرفة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
مما لا شك فيه أن صادق جلال العظم انتبه مبكرا للإشكاليات الكبرى للفكر والوجود في المشرق. ولم تمنعه ماركسيته، من الانكباب على الفكر التقليدي، وتفكيك مسلماته، ومن إيلاء الرأسمال الثقافي والرمزي أهمية تكاد تضارع الأهمية المخصصة ماركسيا للرأسمال المادي.
ولئن تمكن من تعيين موارد الاعتلال، فإنه لم يتقدم كثيرا في التشخيص والتفكيك ولم يقدم دراسات موثقة ومعمقة ومدللة وتفصيلية عن الفكر التقليدي المهيمن.
حدود السجال واستراتيجية التأسيس:
طغى الطابع السجالي الجدالي على دراسات صادق جلال العظم. وفيما يمنح السجال العالي والجدال الحاد،قوة جذب كبرى للنص ،فإنه يفقره نظريا ،ويحرمه من الإيغال في جذور وحيثيات الإشكاليات المطروحة للنظر. لا يتسع السجال أو الحجاج، لإنعام النظر في الحجج أو الأدلة أو لإعادة صياغة الإشكاليات أو تعديلها، أو لاجتراح مداخل نظرية مستحدثة بقدر ما يروم دحض وتفنيد أدلة الآخر والكشف عن افتقارها إلى التماسك والمتانة والمطابقة.
يضمن السجال والحجاج للنص مقروئية مؤكدة في العاجل، وقدرة عالية على الجذب والإقناع أحيانا؛ إلا أنهما لا يساعدان مطلقا، على بناء معرفة معمقة وموثقة بالإشكاليات النظرية والمعرفية المطروحة.
تنقص جاذبية النص السجالي أو الحجاجي تدريجيا إلى درجة الخفوت. فالقارئ القادم من سياق تاريخي أو معرفي أو سياسي ،مختلف عن سياق الكتابة و التداول والسجال ، لا يعود إلى النصوص القديمة نسبيا ،إلا بحثا عن بناء نظري متقن ،أو صياغة إشكالية قوية ، أو مناهج إجرائية ذات قدرة تفسيرية أو تأويلية عالية .يصير النص السجالي ،تدريجيا ،وثيقة للسبر والقراءة ،لا نصا حيا للمحاورة والتأويل والاستثمار النظري.
يتناسى الناقد المجادل -المساجل في غمرة تفنيده لحجج واستراتيجية الخصم، أن الإشكال نظري أو فكري، ولا يرتبط باختيارات المثقفين في سياقات محددة، معرفيا وإيديولوجيا وسياسيا.
يكتفي المساجل عادة بالاعتراض والتخطئة والتصويب والرد والدحض؛ والحال أن السياق الثقافي &-الحضاري الحديث يفرض البناء المعرفي والتأسيس النظري لحقول وأرضيات معرفية لصيقة بالمتخيل واللاوعي الجمعي والموروث الأنثروبولوجي وبنى المقدس وآليات إنتاج الفكر والوعي التقليديين.
و أيا كانت جدارة الحجاج، فإنه قليل العائد النظري والفكري، ولا يساعد على الإحاطة بجذور وحيثيات ودلالات الإشكاليات التراثية ، وآليات المتخيل الجمعي، وكيفية تشكل المخزون الفكري ،و إواليات تفاعل النظم المعرفية المختلفة. مما يفرض التموضع في المساحات المشتركة بين الهرمينوطيقا والنقد الأدبي والأنثروبولوجيا وتاريخ الأديان والتاريخ، وإعادة بناء الإشكاليات والمفاهيم والآليات، وقراءة النصوص في ضوء الممارسات والسلوكيات والاستجابات الجماعية. إن المعرفة بالرأسمال الرمزي وآليات استثماره ومداورته في الراهن الثقافي &-السياسي، هي في أحسن الافتراضات، برسم التأسيس وإعادة البناء. ولذلك فلا يمكن استدراك التأخر الثقافي، باصطناع مناظرات أو مجادلات أو مساجلات غير منتجة، بل بترسيخ استراتيجية التأسيس المعرفي والنظري.
يعلن صادق جلال العظم صراحة عن اندراج كتاباته النقدية في سياق النقاش الفكري السجالي كما هو متداول في تاريخ الفكر العربي &-الإسلامي، وفي تاريخ الثقافة الأوروبية الحديثة.
وقد أشار نقاده (أدونيس وأحمد برقاوي وجورج طرابيشي.) إلى ضآلة العائد المعرفي والنقدي لكتابته الحجاجية والسجالية.
(عندها ليس من الصعب أن يجد الناقد ما يشاء من النقص والنقض والجمل الداحضة واللغة الساخرة والأحكام العامة والنصوص المناقضة للنص المنقود الخ.غير أن هذه الطريقة إذا ما تحولت إلى طريقة وحيدة في الكتابة لدى شخص ما ، أو صارت مهنة ، فإنها ستوقع هذا الشخص في مآزق كثيرة لا سبيل إلى الإفلات منها ،أقلها الفقر الذي يطبع حصيلة جهده ،وغياب النسق النظري العام الذي يميزه ، وفقدان القضية التي تشكل أساسا للهم الذي يقف وراء الكتابة .)1-
ولئن نوه جورج طرابيشي بجرأته الفكرية، وبقدرته على إخراج بعض القضايا الحارقة من حيز التقديس إلى حيز التفكير النقدي وتحويلها إلى قضايا نثرية، فإنه يقر بحدود المساجلة والاكتفاء بنقد النصوص الثوالث ونقد النقد ويعتبر محاولته في نقد نقد النقد كما تمثلت في " ما بعد ذهنية التحريم " مجرد محاولة تمهيدية.
(فهو يرقى بفن الجدال في الثقافة العربية المعاصرة إلى قمة جديدة، ولكن بدون أن يجاوز مع ذلك هضبة السجال.) 2-
دقة التعيين وقصور التشخيص :
لقد جادل صادق جلال العظم وعارض النصوص الثوالث أي التصورات والمعالجات المعتادة للفكر والتراث الدينيين، دون أن يقدم أية معالجة معمقة لظاهرة من ظواهر الفكر أو التاريخ الدينيين. باستثناء دراسة يتيمة ومقتضبة (مأساة إبليس في "نقد الفكر الديني ")، لم يخصص أية دراسة معمقة ومستفيضة للنصوص الثواني؛ واكتفى في الغالب بمساجلة نصوص غير مرجعية وغير تأسيسية.
هل يمكن استكشاف المخبوء والمسكوت عنه والمضمر في الخطابات المرتبطة بالفكر التراثي والاستشراق، بالاعتماد على السجال والحجاج؟ وهل يمكن إضاءة مجاهل الظاهرة الدينية والتاريخ الثقافي العربي-الإسلامي، بالتعويل الحصري على قراءة النصوص الثوالث؟
لا يمكن الاكتفاء بالنصوص الثوالث ولا بالنصوص الثواني في أية معالجة جادة للفكر التراثي في الشرق الأوسط.
إن الأسئلة والإشكاليات المثارة من الدقة والعواصة بحيث لا تكفي المحاورة أو المساجلة أو المجادلة لاستجلاء معالمها أو سبر أغوارها.
يكتفي صادق جلال العظم بملامسات أولية وإشارات خاطفة وانتقادات عجلى ،فيما يتطلب الموقف النقدي ،معالجات أنثروبو-تاريخية أو أنثروبو-هيرمينوطيقية معمقة لكثير من مظاهر المتخيل الجماعي والفكر التراثي.
(ولكن أحدا من هؤلاء المنددين والمناشدين لم يقم بنقد الذهنية الدينية الغيبية التي يرفضها، على أساس من المراجعة العقلانية العلمية المباشرة لنماذج حية وملموسة من إنتاجها ومزاعمها وتفسيراتها للأحداث.) 3-
يقتضي النقد العلمي لنماذج لاهوتية &-غيبية ،تأسيس معارف وبناء مناهج ومقاربات والنهل الحاذق من إنتاجات العلوم الاجتماعية والعكوف على دراسات سوسيولوجية و أنثروبولوجية معمقة ومستفيضة.و باستثناء دراسات علي الوردي( دراسة في طبيعة المجتمع العراقي) و سيد عويس ( " من ملامح المجتمع المصري المعاصر :ظاهرة إرسال الرسائل إلى ضريح الامام الشافعي " و"عطاء المعدمين :نظرة القادة الثقافيين المصريين المعاصرين نحو ظاهرة الموت ونحو الموتى "و " هتاف الصامتين :ظاهرة الكتابة على هياكل المركبات في المجتمع المصري المعاصر " ...الخ)، عرف المشهد الثقافي في الستينيات غياب دراسات موثقة عن المتخيل والموروث الثقافي والرمزي وتأثيرهما في السلوك الجماعي .
فلو انخرط في المجهود البحثي المتخصص في معالجة الرأسمال الثقافي والمتخيل الجمعي ،وتعمق في دراسة آليات الثقافات التقليدية ، في الممانعة والتسويغ والتكييف والتسويغ والاجتياف وإعادة بناء اليقين التداولي بعد كل رجة أو خضة حضارية، لقدم توصيفا أكثر مطابقة وأكثر اتساقا مع الواقع الفكري ودينامياته ومخاضاته.
(بالنسبة لنا يبدو أن الموقف الديني القديم الممتلئ بالطمأنينة والتفاؤل في طريقه إلى انهيار تام، لأننا نمر، في طور نهضة مهمة، وبانقلاب علمي وثقافي شامل، وبتحويل صناعي واشتراكي جذري، لأننا تأثرنا إلى أبعد الحدود بأخطر كتابين صدرا في القرنين الأخيرين:" رأس المال" و " أصل الأنواع".)4-
لا يخلو تشخيص صادق جلال العظم وتقييمه للسياق الثقافي &-الحضاري الحديث، من قلق وتوتر والتباس؛ ونرجع هذه الأعراض إلى ما يلي:
1-الاكتفاء بالدراسات الفكرية المجردة، وعدم التمرس بالدراسات والمناهج الأمبريقية أو المقاربات الأنثروبولوجية ؛
2-الاعتناء بسياقات التشابك بين الديني والثقافي والسياسي في سياقات ومفاصل سياسية- تاريخية محددة ( كما في دراسته عن" معجزة ظهور العذراء وتصفية آثار العدوان"و"التزييف في الفكر المسيحي الغربي المعاصر"و" ذهنية التحريم " )،دون التعمق في استقراء واستجلاء ورصد بنى وآليات المقدس والفكر التقليدي وإعادة انتاجهما في سياق التحول الثقافي &-الحضاري منذ الستينيات ؛
3-غياب التشخيص القطاعي والمجالي والدراسات التركيبية المبنية على نتاج المونوغرافيات والدراسات التفصيلية.
فلئن انتبه إلى قوة الرمزي ومفاعيل التراث، فإنه لم يبوأ الموروث الثقافي مرتبة العامل الجوهري المفسر للوضعية الإشكالية لبدان الشرق، خلافا لأدونيس. فما كانت ماركسيته تقبل جوهرية الثقافي-الرمزي و أولويته بالقياس إلى العامل الاقتصادي أو السياسي في البلدان الطرفية.
(أزعم كذلك بأني حين تناولت الظاهرة الدينية في حياتنا بالمناقشة والنقد قمت بنمذجتها وتجريدها إلى هذا الحد أو ذاك &-كأي باحث يستخدم أدوات العلم الحديث وطرائقه-وبعزلها مؤقتا عن الكل الذي هو جزء منه لأغراض عملية منهجية ولكني لم أحولها في أية لحظة من اللحظات إلى سبب جوهري أو رئيسي أو أول " يفسر لنا عالما معقدا كعالم الشرق".) 5-
أدرك صادق جلال العظم أهمية العامل الثقافي ودور التصورات الجماعية في تشكيل الوعي الجماعي، وضرورة تفكيك الوعي الثقافي والاجتماعي القائم، خلافا لكثير من الماركسيين القائلين بأولية الاقتصاد والوعي الطبقي وفك الارتباط بالمركز الرأسمالي. إلا أنه اكتفى، في الواقع، بتشخيص أولي لا يمكن من التعمق في معرفة البنى والمؤسسات والاشكاليات ورهانات الثقافة في عالم لم يحقق لا النهضة ولا الأنسة ولا التنوير ولا الثورة الصناعية.
كما يفرط في تقدير قوة التشكيلة المعرفية العلمية الحديثة وقدرتها على اختراق التشكيلات المعرفية التراثية في المركز والأطراف علما أنه نقد لاهوتية وصوفية مارتن هايدغر وفيتجنشتاين والفينومينولوجيا ومثالية ولا تاريخية فكر التوسير وإبستيميات فوكو في " دفاعا عن المادية والتاريخ ".
(يمكننا التعبير عن الحقيقة ذاتها بالقول إن العقل العلمي &-الكمي &-الاستكشافي &-المنهجي &-التطبيقي &-المنتظم حل تماما محل العقل الغيبي &-الكيفي- التأملي &-الإسكولائي &-الصوري &-الاعتذاري في كل ما له علاقة حاسمة وحيوية بالنسبة للتعامل مع العالم عموما ومع إدارة عملية إنتاج الثروة الاجتماعية تحديدا.) 6-
وفيما كان من الضروري ،في سياق صعود التيارات التقدمية إلى واجهة المشهد السياسي &-الثقافي منذ الخمسينيات ،إجراء تشخيص أمبريقي للوضع الثقافي ،و تجاوز التعميمات والمصادرات والانطباعات الذاتية ،حول مفاعيل الثقافة التقليدية ونفاذية الثقافة الحديثة ،اكتفى صادق جلال العظم ،بالدعوة إلى التثوير الذهني والمراهنة على قدرة التشكيلة المعرفية العلمية الحديثة على استئصال التشكيلات المعرفية التراثية .علما أن ما يسري على الإنتاج والاقتصاد ،لا يسري بالضرورة على عالم الثقافة والمعرفة والرأسمال الرمزي .ويكفي التدبر في الاستجابات الفكرية لتحديات الحداثة والتعمق في دراسة كتابات ومسارات[ جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده وطنطاوي جوهري و أمين الخولي وسعيد النورسي ومحمد باقر الصدر ومحمود محمد طه ] للتأكد من قدرة التشكيلات المعرفية التراثية على اجتياف وتلوين وتحوير وتكييف كثير من عناصر الحداثة الفكرية.
الواقع أن صادق جلال العظم رام التثوير في غياب التنوير، في طوره الأول، ورام التنوير بعد تعذر التثوير غب اندحار التقدمية العربية (1967) والاشتراكية &-الماركسية (1989)،إلا أنه اختار نهج النقد والسجال والجدال وتناول القضايا الفكرية المثيرة دوليا وإقليميا كما فعل في " ذهنية التحريم " و"ما بعد ذهنية التحريم"، دون أن يسهم في وضع مدامك معرفة عالمة وعلمية بالمقدس والموروث الشعبي والثقافات السامية- المتوسطية العالمة.
كان من الممكن التعمق في تدبر تجربة النهضة و رصد إوالياتها وآلياتها في التفاعل والتجاوب والاستجابة وتقييم رصيدها المعرفي وصياغة سوسيولوجيا للمثقفين التنويريين وصيغ اشتباكهم، الفكري والسياسي والثقافي (أحمد فارس الشدياق و عبد الحميد الزهراوي و وشبلي شميل وعلي عبد الرازق وطه حسين و منصور فهمي ومحمد حسين هيكل) ، مع مقررات الواقع السوسيو-ثقافي في أزمنتهم.
(أنا أجد نفسي الآن، مع آخرين كثيرين، في موقع الدفاع عن عصر النهضة وإنجازات عصر النهضة وأفكار التنوير .كما أعتقد أن قيم التنوير جديرة بأن يدافع عنها، ويدافع عنها بقوة، ولا سيما أن هناك خطأ آخر ارتكبه اليسار يتمثل في إهماله القيم المرتبطة كلاسيكيا بالتنوير.) 7-
يرجع إهمال اليسار لقيم التنوير، في الحقيقة، إلى مقررات نظرية، بسطها العظم في محاوراته مع عفيف قيصر،لا إلى سوء تقدير الوضع المشخص كما يعتقد في حواره مع صقر أبي فخر. يتمثل خطأ اليسار في الواقع، في سوء التوطين وغياب تشخيص سوسيو &-ثقافي دقيق للواقع الاجتماعي، وتغليب المسلمات والمصادرات النظرية المبلورة في سياق صناعي وتغييب خصائص السياق الثقافي الطرفي غير المصنع وغير المنخرط، عمقيا ،في تجارب التنوير والأنسنة والعلمنة.
نقاد تنويرية صادق جلال العظم:
وفيما اختار الماركسيون الأقحاح إما تلافي الإشكال التراثي جملة والغوص في قضايا اقتصادية &-سياسية أو إيديولوجية (مهدي عامل وسمير أمين) أو تطويع التراث الكلامي أو الفلسفي أو التاريخي أو الصوفي والبحث عن سوابق أو ممهدات أو نظائر تراثية للمادية أو التاريخانية أو العقلانية (حسين مروة وطيب تزيني وهادي العلوي)، فإن صادق جلال العظم انتبه إلى قوة الرمزي والأسطوري واهتم بالاغتراب الديني.
وقد اعترض البعض على وضعانية وميكانيكية وتبسيطية معالجة صادق جلال العظم لبعض تجليات الفكر الديني، استنادا إلى خلفيات بنيوية أو تفيكيكية أو وجودية (علي حرب وتركي علي الربيعو ..).كما نظر بعض الماركسيين بعين مشككة وناقدة إلى نقده للاغتراب الديني، بدعوى أولية نقد الاغتراب الاقتصادي.
(لقد ساح صادق في الأرض. ومشى في الشوارع والأزقة ولبس شالا أحمر، لكن أحدا لم يره، فساءه ذلك.فقرر أن يصعد إلى السماء كي يصارعها. فامتطى سلما درجاته من خيوط العنكبوت.وهناك في السماء شاهده الجميع بين مستنكر لصراعه الدونكيشوتي وبين معجب بترسه وسيفه الخشبي.عندها استراح واطمأن إلى أنه وصل إلى غايته .لكن طيب الإقامة في السماء جعله يتخذ منها بيتا ،وما زال هناك مستعرضا عضلاته ،صارخا لا ،العذراء لم تظهر على قبة الكنيسة .ويأتيه الجواب :لا العذراء ظهرت ،وسنجعل من يوم ظهورها مناسبة.)8-
يخطئ صادق العظم في التشخيص وفي ترتيب الأولويات وتحديد الإشكاليات الجوهرية، حسب أحمد برقاوي؛ فقد استمرأ نقد السماء، فيما انشغل المفكرون بتفكيك الأيديولوجيات ونقد نمط الإنتاج الرأسمالي و الكولونيالي و الخراجي والأنتلجانسيا والدعوة للفكر التاريخي (عبد الله العروي و ياسين الحافظ وسمير أمين ومهدي عامل).
يعترض برقاوي إذن، على تنويرية صادق جلال العظم، وتشخيصه النقدي للوضع السوسيو-ثقافي منذ الستينيات.
لا ينتقد بولس نويا تنويرية العظم، بل رؤيته التبسيطية الوضعانية للظاهرة الدينية ؛ولذلك فهو منحصر في المستوى الأول لتجريد الدين من الأسطورية ،ولم يتمثل المستويات العميقة لتجريد الدين من الأسطورية ،في اعتباره ، كما جسدها كبار المتصوفة ( البسطامي والحلاج) وكما نظر لها كبار المفكرين لا سيما رودولف بولتمان و بول ريكور.
(إن صادق جلال العظم في تبسيطه هذا، رهين النزعة العلمية كما عاشها القرن التاسع عشر.وهو إذ يحاول أن يبني عليها نقده للدين، لا يتخطى ما سنسميه مع الأستاذ بول ريكور (Ricœur (المستوى الأول لتجريد الدين عن الأسطورية(démythologisation)، أي المستوى الأكثر سطحية لأنه يظل خارج الوقائع.).9-
يهتم الناقد في المستوى الثاني لتجريد الدين من الأسطورية &-حسب بولس نويا-بالدلالات الوجودية لا بالمحتوى الموضوعي للتصورات. ولذلك لم يهتم صادق جلال العظم - حسب اللاهوتي اليسوعي -بفهم الأبعاد الوجودية والفلسفية للتصورات الدينية،كما لم يدرك أبعاد انحصار العلم في الأسباب والمسببات الطبيعية الفزيائية وعجزه عن الكشف عن الهموم الوجودية الجوهرية للكائن البشري.
*
من الواضح أن صادق جلال العظم، أدرك أهمية الرمزي والأسطوري والأبنية النظرية والمخزونات النفسية في توجيه وإدارة السلوك الفردي والجماعي، دون أن يؤكد أولية التشكيلة المعرفية ودورها المحدد، خلافا للبنيويين والتاريخانيين. وتأسيسا على هذا الاقتناع ،انخرط في تفكيك الفكر والظواهر والتوجهات اللاهوتية ،وتمسك بالجدال والمناظرة والسجال والنقاش الحاد مع مناصري القدامة الفكرية والقيمية ،و توغل في استثمار آليات الحجاج والسجال من أجل حلحلة الوضع الثقافي ؛إلا أنه لم يتمكن من تفادي وهاد المجادلة ،وعقم المساجلة ؛علما أن القضايا المثارة في مؤلفاته تستلزم التوافر على دراسات تمهيدية وتفصيلية ومرجعيات تركيبية ، لا يمكن بدونها تأسيس النظر وتعميق الرؤية وبناء المعرفة المنهجية &-النسقية بالمتخيل الجماعي .ثمة فرق بين جدال مدعوم برصيد وثائقي ومعرفي ومنهجيات مستقرة( فولتير وديدرو ولسنغ واليسار الهيغيلي .. ) ، وجدال مفتقر إلى سند وثائقي ومصدري ومنهجي وآلي معتبر وناجع إجرائيا.
وعلاوة على قلة العائد النظري والمعرفي للسجال، فإنه لا يسهم حسب عبد الله العروي في تقوية النقاش والتقاليد الديمقراطية.
(كلها سجال [يقصد كتب ومقالات العظم].ما الفائدة؟ يقول إنها تنمي فينا تقاليد الديمقراطية. أشك في ذلك &-هذا النوع من النقاش يظل حكرا على فئة المثقفين الأحرار وهم الآن في تراجع وتناقص.) 10-
فما جدوى سجال لا يسهم في تأسيس المعرفة النسقية، ولا في توسيع دائرة تداول الفكر الديمقراطي؟
الهوامش :
1-صادق جلال العظم، ما بعد ذهنية التحريم، مركز الأبحاث والدراسات الاشتراكية في العالم العربي، نيقوسيا، قبرص،الطبعة الأول:1997،ص.353؛
2-جورج طرابيشي، هرطقات 2-عن العلمانية كإشكالية إسلامية &-إسلامية، دار الساقي مع رابطة العقلانيين العرب، الطبعة الأولى 2008،ص.162.؛
3-صادق جلال العظم، نقد الفكر الديني، دار الطليعة، بيروت، الطبعة السادسة 1988،ص.7؛
4-صادق جلال العظم، نقد الفكر الديني، ص.14.؛
5-صادق جلال العظم، ما بعد ذهنية التحريم، ص.200.
6-صادق جلال العظم، ذهنية التحريم، المدى، دمشق، الطبعة الثانية 2004، ص.240؛
7-صقر أبو فخر، حوار مع صادق جلال العظم، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، الطبعة الثانية :2000، ص.56.؛
8-صادق جلال العظم، ما بعد ذهنية التحريم، ،ص.362؛
9-بولس نويا، تجريد الدين عن الأسطورية، (خواطر حول كتاب "نقد الفكر الديني")، مواقف، العدد 15، سنة 1971، ص.29؛
10-عبد الله العروي ، خواطر الصباح &-حجرة في العنق &-يوميات (1982-1999)،المركز الثقافي العربي ، الدار البيضاء &-بيروت ، الطبعة الأولى 2005،ص.234.
أكادير &-المغرب
التعليقات
تكفير المفكرين لعبة عشوائية..
نصر حامد أبو زيد مثالا!! -في سياق النقاش الفكري السجالي تعرض الأكاديمي نصر حامد أبو زيد لهجوم سافر بسبب كتاب “نقد الخطاب الديني”، الذي تضمن تحليلا ونقدا للتراث الديني وطبيعة القراءة المعاصرة للنصوص الدينية وآثار ضجة كبيرة دفعته لمغادرة مصر بعد تكفيره. في هذا الكتاب، أثبت أبو زيد صحة الأطروحات والنتائج التي قدمها من خلال تحليل الخطاب الديني في مستوياته واتجاهاته المختلفة، الرسمي منها والمعارض، المعتدل والمتطرف، اليميني واليساري، والسلفي والتجديدي.
في الجحيم
متابع -العظم الآن يتقلب في جحيمه ، ويذوق وبال أمره ..
المفكر والفليسوف الراحل صادق جلال العظم لم يكن ماركسيا..
عملاق الفكر النقدي حطم أوثان الفكر التقليدي!! -بسؤاله: هل أنت حقاً ملحد، أو "دمشقي كافر"، كما وصفك البعض؟ ضحك قائلاً: هل يمكن تصوّر أنّ مثقفاً جدياً مطلعاً في بلادنا العربية لم تغره فكرة الموقف النقدي من المعتقدات الدينية التقليدية، أو فكرة الشك واللاقدرية، وفكرة استخدام المنهج العلمي لفهم الظاهرة الدينية؟ فمنذ زمن قاسم أمين وحتى الآن هناك من يظهر ويجهر بتفاعله مع مثل هذه العناصر والقضايا. بطبيعة الحال المؤسسات الدينية ورجال الدين تنظر إلى المسألة على أنها إلحاد وكفر وإلى ما هنالك.. لكن في النهاية يبقى هناك شيء ضميري وجداني، وهو جزء من حرية وضمير كلّ إنسان. وفي تعليقه على شعار "الإسلام هو الحل"، يرى العظم أنّه شعار جذاب يستقطب الناس، "لكني أعتقد أنّ هذا الاستقطاب سطحي عاطفي، لأنّ الناس عندما يدققون في ماهيّة هذا الشعار والبرنامج الذي ينطوي عليه يبدؤون بإعادة النظر والنقاش، وتظهر تساؤلات ملحّة من قبيل: هل يعني الإسلام هو الحل عودة الخلافة مثلاً؟ وهل عودة الخلافة برنامج واقعي؟. ...إلخ. أنا أعتقد أنّ الخلافة يمكن أن تعود عندما يعود "البوربون" أو لويس السادس عشر لحكم فرنسا، وعندما يعود القياصرة لحكم روسيا، وهناك حزب قيصري في روسيا يريد أن يقيم قيصرية دستورية فيها، فإذا نجح يمكن أن ينجح الإسلاميون بإعادة الخلافة. أمّا تطبيق الشريعة من وجهة نظر هذه التيارات فيمكن اختصاره بقانون العقوبات الذي يعني الجلد والرجم وقطع الأيدي والأرجل والرؤوس... إلخ". ويعتقد العظم كذلك أنّ فكرة تطبيق الشريعة الإسلامية هي "الأحكام العرفية عند الإسلاميين. عندما يستلم الضباط السلطة يعلنون حالة الطوارىء وقانون الأحكام العرفية، وعندما يصل الإسلاميون يعلنون تطبيق الشريعة، وبذلك لا يختلف هذا عن ذاك، وأنا أرى أنّ الدور الأكبر لهما هو إرهاب الناس".
نقد الفكر الديني..
عملاق الفكر النقدي حطم أوثان الفكر التقليدي!! -ارتبط إسم المفكر الراحل صادق جلال العظم بكتابه المثير للجدل "نقد الفكر الديني"، الذي صدر في بيروت عن دار الطليعة عام 1969، والذي عالج، عبر فهم علميّ وروح علمانية، قضايا تتصل بالإسلام، وقد قاد عليه هذا الكتاب حملة شعواء ومطالبات بتكفيره وملاحقته وإهدار دمه ومحاكمته، والعظم بدعوته إلى إحلال الفكر العلمي والتحليل النقدي للمرجعيات الدينية مكان الفكر الأيديولوجي الغيبي، إنّما كان يُلقي صخرة كبيرة في بحيرة المسلّمات الدينية الساكنة. سواء اتفقنا مع ما جاء في كتاب العظم أم اختلفنا حول ما ورد فيه عن "المسألة الدينية"، فلا بد من الإشارة إلى أن الكتاب الذي اتبع المنهج العلمي - الفلسفي، جاء تعبيرًا صارخًا "عن مرحلة عاشها الفكر العربي بعد هزيمة العرب في حرب العام 1967، وقد تجلت هذه النكسة بشكل واضح في نقد الذات، إن لم نقل في جلد الذات"، فنادرًا ما قام الفكر العربي الحديث بالتصدي الصريح للبنى الفكرية، وللإيديولوجيا الغيبية السائدة في مجتمعاتنا، لأن اقتحام هذا المجال يمسّ أكثر المناطق حساسيةً في العالم العربي، ألا هي التابو الديني.
التفكير الديني في المسيحية ممنوع ومن يحاول يكفر ويُحرق ؟!
صلاح الدين المصري -مسيحياً من تفلسف او ابتدع او اخترع هرطق وليس له رب ولا ابن ؟! صحيح اللي اختشوا ماتوا - عقوبة الغوايه ومنها الفلسفة ،والابتداع والاختراع وترك الدين في العهد الجديد رسالة يوحنا الثانيه الاصحاح الاول 1: 9 كل من تعدى و لم يثبت في تعليم المسيح فليس له الرب و من يثبت في تعليم المسيح فهذا له الاب و الابن جميعا يقول الآباء "لا يستطيع أحد أن يكون له الرب أباً ما دامت الكنيسة ليست أماً له". والكنيسة رمزها فلك نوح، فهل خلص أحد خارج الفلك. كل من تعدى = كل من يخرج عن وصية المسيح وتعليمه، وعن حق الإنجيل في كبرياء أو فلسفة، مثل الهراطقة المعجبون بأرائهم. فليس له الرب = أى يفقد نصيبه الإلهى تماماً، ولا يكون له الرب أباً أو إلهاً يعطيه ميراثاً سماوياً. فهذا له الآب والإبن = يحيطه الآب بمحبته الأبوية إذ هو ملتصق ومتحد بالإبن مثل عريس مع عروسه. والآب يحب عروس إبنه المتحدة به 1: 10 ان كان احد ياتيكم و لا يجيء بهذا التعليم فلا تقبلوه في البيت و لا تقولوا له سلام 1: 11 لان من يسلم عليه يشترك في اعماله الشريرة أى نرفض تعليم الهراطقة وأشخاصهم و وقد حكمت محاكم التفتيش على تسعين ألفًا وثلاثة وعشرين عالمًا بأحكام مختلفة في الفترة ما بين سنة 1481م إلى سنة 1499م، أي في غضون 18 سنة كما أصدرت قرارات تُحرِّم قراءة كتب جيوردا نويرنو، ونيوتن لقوله بقانون الجاذبية، وتأمر بحرق كتبهم، وقد أحرق بالفعل الكاردينال إكيمنيس في غرناطة 8000 كتابًا مخطوطًا لمخالفتها آراء الكنيسة ، وهذا الواقع الرهيب والمظلم عاشته أوربا قرونًا طويلة، سُمِّيت بالعصور المظلمة، وتُسمى أيضًا بالقرون الوسطى، حيث استغرقت نحو ألف عام من الزمان، وقد رسَّخ هذا الواقع في أذهان العلماء والفلاسفة (أمثال ديكارت وفولتير) وعموم الناس أنه لا أمل في طلب العلم والابتكار إلا بهدم سلطان الكنيسة، وإلا بمحو الدين تمامًا من الصدور، والاتجاه إلى الإلحاد بكل ما تعنيه الكلمة من معان وهذا ما حصل فعلاً.... والتكفير في المسيحية عقيدة تراق من اجلها دماء المخالفين ولو كانوا مسيحيين وهذا يظهر من تاريخ المسيحيين الهمجي والدموي والمتوحش عندما تقاتلوا كطوائف فكانت المحصلة هلاك الملايين منهم وليس بضعة آلاف و لا زالت مبرراته موجودة الى اليوم تحت الرماد التكفير في المسيحية عقيدة فقد نتج عنه حرب المائة عام بين المسيحيين التي ذهب ضحيتها سبعة ملايين
الشريعة الاسلامية امنت الاقليات الدينية على ارواحها واعراضها واموالها ،
بعيدا عن الروح الكنسية الحاقدة -الشريعة الإسلامية جاءت بوسائل مواجهة شاملة للفساد تبدأ بإحياء الضمير الديني داخل الإنسان لكي يبتعد عن كل ما هو حرام في كسب المال والحرص في أداء الواجبات الوظيفية على الأمانة والإخلاص في العمل وإعفاف النفس عن المال العام وتجنب مواطن الشبهات.. فإذا ما حرص الإنسان على ذلك أدى واجبه وكان رزقه حلالاً طيباً، وإذا ما امتدت يده إلى مال حرام بسرقة أو الحصول على رشوة أصبح ماله حراماً ويجب استرداده وإعادته إلى أصحابه سواء أكانت خزينة الدولة أو كان مالاً يخص آخرين.أن المال المكتسب من حرام لا حماية له، فالإسلام لا يمنح هذه الحماية والحصانة للمال إلا إذا كان مصدره حلالاً، فالأموال التي جمعت من تجارة محرمة لا حصانة لها والأموال التي نهبت من قوت الشعب ينبغي أن تعود إليه، والأموال التي جمعت باستغلال النفوذ لابد أن تعود إلى خزينة الدولة مع محاسبة من تاجر في الحرام أو امتدت يده إلى المال العام.وفي الحديث الصحيح يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار وحرم عليه الجنة»، فقال له رجل: وإن كان شيئاً يسيراً يا رسول الله؟.. قال: «وإن قضيباً من أراك».. أن الإسلام أول من رفع شعار: «من أين لك هذا» ويشدد على ضرورة محاسبة هؤلاء الذين جمعوا الملايين بل والمليارات من أعمال ضارة بالمجتمع وتجارات محرمة ومجرمة دولياً ومحاسبة هؤلاء وغيرهم من المرتشين والمعتدين على حرمة المال العام واجبة على من بيده أمر محاكمتهم ومحاسبتهم على جرائمهم.مواجهة جرائم الفساد الاقتصادي من أسهل ما يمكن في مجتمعاتنا الإسلامية، حيث يكمن الحل فقط في تفعيل قانون الحسبة كما وضعه الإسلام، فالقارئ في تاريخ الاقتصاد الإسلامي يلاحظ أن الفساد المالي كان أول المظاهر الاقتصادية السلبية التي عالجها الإسلام منذ بداياته فشن حرباً لا هوادة فيها على الاستغلال والاستعباد وتطفيف الميزان والغش والاحتكار والسرقة والرشوة والربا والسرقة والاغتصاب، ومن ثم التعدي على المال العام وغير ذلك، واستمر في محاربة الفساد بكل أشكاله وألوانه، حيث وضع التشريعات القانونية التي تمنع كل مظاهر الفساد المالي، فحرم السرقة، قال تعالى: (والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاءً بما كسبا نكالاً من الله والله عزيز حكيم) المائدة 38. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن رجالاً يتخوضون في مال الله بغير حق، فلهم النار يوم القيامة»
الخلافة تشريع الهي عاشت في ظله الاقليات سعيدة هانئة
انها الاحقاد الكنسية فقط فموتوا بها -إنَّ نظام الحكم في الإسلام الذي فرضه رب العالمين هو نظام الخلافة، الذي يُنصَّب فيه خليفة أو إمام بالبيعة على كتاب الله وسنَّة رسوله للحكم بما أنزل الله.وقد ورد كدليل نظام الخلافة أو الإمامة واضحًا في الكتاب والسنَّة بلفظَي الخليفة والإمام:واستخلاف الله البشر في الأرض نوعان: خلافة عامة، وخلافة خاصة.أما الخلافة العامة فقد بدأ بآدم عليه السَّلام وكل ذريته، فهم جميعًا مستخلَفون عمومًا في الأرض، وَسَخَّرَها الله تعالى لهم؛ قال تعالى: ﴿ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ﴾ [البقرة: 30].أما الخلافة الخاصة فهي الاستِخلاف في الحكم والإدارة، وهي نوعان: استخلاف الدول، واستخلاف الأفراد؛ قال تعالى: ﴿ وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ ﴾ [القصص: 5]، وقال: ﴿ وجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ ﴾ [السجدة: 24].فاستخلاف الدول من معانيه: استقلال الأمة حتى تحكم نفسها، وحتى يكون لها سلطان يُعلي كلمتها، ومن معاني هذا الاستخلاف أيضًا: اتساع سلطان وقوة الدولة حتى يشمل الأمة وأممًا أخرى، واستخلاف الدول يكون بالإيمان وعمل الصالحات، والمقصود بالصالحات كل ما يصلح شأن الناس في الدنيا والآخرة من الطاعة واجتناب النواهي؛ : ﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ ﴾ [المائدة: 20]، ﴿ وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا ﴾ [البقرة: 247].
الحدود في الاسلام زجرية رادعة وليس غرضها الانتقام وعاشت في ظلها الاقليات آمنة
الاحقاد الكنسية والالحادية غير مفيدة وتضر بالصحة -في أمريكا المسيحية واللادينية وحدها منذ عام 1973 إلى 2002 قتل بالإجهاض أكثر من 42 مليون جنين !!المصدر المراكز الأمريكية الحكومية للسيطرة على الأمراض ، هؤلاء الأطفال البريئون يقتلون في أرحام أمهاتهم وتشوه جثثهم ثم ترمى مع النفايات! أكثر من مليون طفل بريء يقتلون بالإجهاض سنويا في أمريكا لإشباع الهوسِ الجنسي الغربي ! المصدر: المراكز الأمريكية الحكومية للسيطرة على الأمراض: ثم يقيمون الدنيا ولا يقعدونها لو رجم شخص زان واحد فقط في بلد إسلامي !! أليس من الظلم حقا أن يقتل الأبرياء من الأطفال لجرم ارتكبه آباؤهم، ويترك المجرمون دون عقاب! أليس هذا ذروة الوحشيةِ والقسوةِ! إن موت مرتكب الزنا أقل ضررا من النتائج الفظيعة لانتشار الزنا. حسب تقرير للأمم المتّحدةِ، الأيدز سيقتل 70 مليون شخص في السنوات الـ20 القادمة!أكثر من 40 مليون شخص يعانون من الأيدز أو فيروسه (HIV). يُهدد الأيدز بإبادة جيل في أفريقيا وبزعزعة القارة بأكملها !وكل هذا بسبب إنتشار مرض الأيدز عن طريق الفواحش المتفشية في سكانها المسيحيين والوثنيين. هكذا يظهر الإعجاز العلمي النبوي جليا حين تحقق ما حذر منه رسولنا صلى الله عليه وسلم قبل أربعة عشر قرنا حين قال: " لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الأوجاع التي لم تكن في أسلافهم".لنفترض أن الشريعة الإسلامية طبقت في هذه البلدان؛ النساء يرتدين الحجاب والرجال لا يخالطون النساء. وبعد هذا من يقترف الزنا من المحصنين يرجم، ولنفرض أن شخصا أو شخصين فقط تم رجمهما ! ما الذي سيحدث ؟ ألن تنخفض معدلات الإصابة بالأيدز والأمراض الجنسية الأخرى على نحو هائل ؟! ألن ينجو من المعاناة والآلام والموت ملايين البشر ؟! ألن تتحول حال تلك الملايين من الوجوه البائسة التعيسة التي أنهكتها الأمراض الجنسية والخيانات والطلاق والفرقة واليتم والتفكك ، إلى وجوه مشرقة، آمنة وسعيدة ؟!
لماذا تحتفي الاقليات الدينية والمذهبية بالمراكسة وماذا لو انتقد أديانهم وكنائسهم ؟
متابع -الهالك صادق جلال العظم، ملحد سوري (من أصل تركي) يدين بالفكر الشيوعي البائد. ولد في دمشق سنة 1934م. - والده جلال العظم كان أحد العلمانيين المعجبين بتجربة كمال أتاتورك في تركيا (انظر ص 14-15 من كتاب " حوار بلا ضفاف "، الذي أجراه صقر أبو فخر مع العظم ). وزوجته هي فوز طوقان (عمها الشاعر إبراهيم طوقان وعمتها الشاعرة فدوى طوقان). - يعترف العظم بأنه نشأ في جو علماني متحرر لا يعرف أحكام دينه ولا ينفذها. يقول (ص 15 من المرجع السابق) : (كان هناك -أي في بيته- تدين عادي ومتسامحٍ وغير متمسك بالشعائر والطقوس)!! ويقول أيضاً (ص22): (لم يكن أحد حولي يصلي أو يصوم)! - سأله صقر أبو فخر (ص 63): (هل ترى في السلفية الجديدة خصماً حقيقياً؟) فأجاب: (نعم، هي خصمٌ جدي) ! - درس الفلسفة، وكانت رسالته عن الفيلسوف (كانط)، عمل في الجامعة الأمريكية ببيروت، ثم أستاذاً بجامعة عمَّان سنة 1968م، ثم باحثاً في مركز الأبحاث الفلسطيني، ثم عاد إلى دمشق وتولى رئاسة قسم الفلسفة، بجامعة دمشق. - اعتنق العظم الفكر الشيوعي (وجهر) بإلحاده في كتابه الشهير "نقد الفكر الديني" المطبوع عام 1969م، الذي خلاصته الزعم بأن الدين (لاسيما الإسلام!) يناقض العلم الحديث! كما هي دندنة الشيوعيين سابقاً قبل أن ينكشف زيفهم وتنتكس شعاراتهم وأفكارهم. وإليك شيئاً من أقواله في هذا الكتاب : - (إن كلامي عن الله وإبليس والجن والملائكة والملأ الأعلى لا يُلزمني على الإطلاق بالقول بأن هذه الأسماء تشير إلى مسميات حقيقية موجودة ولكنها غير مرئية) ! (ص59من الطبعة الثامنة). - (أصبح الإسلام الأيدلوجية الرسمية للقوى الرجعية المتخلفة في الوطن العربي وخارجه: السعودية، أندنوسيا، الباكستان) (ص 16-17). - (إن الدين بديل خيالي عن العلم) (ص17).
"نحن الآن في عصر الصناعة لا نستطيع أن نسير وراء كتاب يبحث عن التين والزيتون"..
أتاتورك ألغى من إسمه كلمة مصطفى، وأوصى بألا يُصلى عليه!! -كمال أتاتورك (أي أبو الأتراك): هو من قال في افتتاح البرلمان التركي عام 1923: "نحن الآن في القرن العشرين وعصر الصناعة لا نستطيع أن نسير وراء كتاب يبحث عن التين والزيتون" ( يقصد القرآن). وهو الذي أسس جمهورية تركيا الحديثة، فألغى الخلافة الإسلامية وأعلن علمانية الدولة. وألغي العمل بالشريعة الإسلامية، فأغلق المدارس الإسلامية وحولها إلى مدارس علمانية، وألغى المحاكم الشرعية. كذلك أمر بمنع تعدد الزوجات، واستبدال عقود الزواج المدنية بالزواج الشرعي، وأباح زواج المسلمة من غير المسلم، ومنح النساء حق التصويت والترشح في البرلمان. ومنع ارتداء الطربوش والجلباب الذي يرتديه رجال الدين. وتبنى بدلا منه الزي الغربي للرجال والنساء. كما ألغى من إسمه كلمة مصطفى، وأوصى ألا يُصلى عليه. وقيل بأنه أراد هدم الكعبة، ووصف رسول الإسلام باللقيط الكذاب، لكن وافته المنية.
السرقة بالإكراه: المال الصالح للرجل الصالح.. الرسول قدوة
علي بابا -... وكان يرغب أصحابه في الغزو بالغنيمة كما قال لعمرو بن العاص، لما أرسله في غزوة ذات السلاسل؛ فعن عمرو بن العاص قال: بعث إلي رسول الله فأمرني أن أخذ ثيابي وسلاحي، وقال: يا عمرو، إني أريد ان أبعثك على جيش فيغنمك الله ويسلمك، فقلت: إني لم أسلم رغبة في المال، قال: "نعم المال الصالح للرجل الصالح". أخرجه البخاري في (الأدب المفرد، 299 ).
بُعِثْتُ بين يَدَيْ السَّاعَةِ بالسَّيْفِ ... وَجُعِلَ رِزْقِي تَحْتَ ظِلّ رُمْحِي...
أبو سياف -عن ابن عمر : أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «بُعِثْتُ بين يَدَيِ السَّاعة بالسَّيف، حتى يُعبَدَ اللهُ وحدَه لا شريك له، وجُعِلَ رِزْقي تحت ظلِّ رُمْحي، وجُعِلَ الذَّلُّ والصَّغار على مَنْ خالَف أمري، ومَنْ تَشَبَّهَ بقومٍ فهو منهم» مسند الإمام أحمد (2/92).
ويحك يا أبا حنظلة... وقل أن محمد رسول الله قبل أن يضربَ عُنُقَك
ويسالونك عن الشرك وجذور العنف في الإسلام -قصة إسلام أبي سفيان: دخل أبو سفيان والعباس على رسول الله، فقال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- لأبي سفيان: "ويحك يا أبا سفيانَ! ألم يأنِ لك أن تشهدَ أن لا إلهَ إلا اللهُ؟، قال: بأبي أنت وأمي ما أكرمَك وأحلمَك وأوصلَك! لقد ظننتُ أن لو كان مع اللهِ غيرَه لقد أغنى عني شيئًا، قال: ويحك يا أبا سفيانَ ألم يأنِ لك أن تعلمَ أني رسولُ اللهِ، قال: بأبي أنت وأمي ما أحلمَك وأكرمَك وأوصلَك! هذه واللهِ كان في النفسِ منها شيٌء حتى الآنَ، قال العباسُ: ويحَكَ يا أبا سفيانَ، أسلِمْ واشهَدْ أن لا إلهَ إلا اللهُ محمدًا رسولُ اللهِ قبل أن يضربَ عُنُقَك، قال: فشهد شهادةَ الحقِّ وأسلمَ، (إبن هشام، السيرة النبوية: ص: 404).
الفريضة الغائبة: "مَن مات ولم يَغْزُ، ولم يُحَدِّثْ نفسَه بالغزو مات على شعبةٍ من النِّفاق"
الإسلام دين السلام -حديث: مَن مات ولم يَغْزُ، ولم يُحَدِّثْ نفسَه بالغزو مات على شعبةٍ من النِّفاق، (الألباني، صحيح النسائي ص:3097). هذا يدل على وجوب الغزو والجهاد، وأنه إذا لم يُجاهد فليُحدِّث نفسه، يقول: لعله يتيسر لي، ينوي في قلبه: إذا تيسر لي جاهدتُ، إذا أمكن لي جاهدتُ، يعني: يكون في قلبه، في باله شيء من هذا المعنى، ما يكون غافلًا، يرجو ما عند الله جلَّ وعلا، وما ذاك إلا لأنَّ الجهاد نصرٌ لدين الله، وإعلاء لكلمة الله، ودعوة إلى ما فيه صلاح الأمة ونجاتها وسعادتها، وتقوية للمؤمنين، وإعزاز لهم، وإذلال للكافرين، فمنافعه كثيرة، منها: نصر المؤمنين الداخلين في الإسلام وتكثيرهم، ومنها: إخراج غيرهم من الظلمات إلى النور، وإعانتهم على حرب الشيطان، ومنها: تكثير المسلمين، ومنها: إرضاء الله والتماس ما عنده من الأجر العظيم لمن جاهد في سبيله، فمصالحه كثيرة، وعواقبه حميدة.
أعدوا الركاب واستعدوا للنهاب .. والخمس للرسول
قاطع طريق!! -سرية محمد بن مسلمة: عن ابن سعد، قال: ثم سرية محمد بن مسلمة إلى القرطاء، خرج لعشر ليال خلون من المحرم، على رأس تسع وخمسين شهرًا من مُهاجر رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم. بعثه في ثلاثين راكباً إلى القرطاء. وهم بطن من بني أبي بكر بن كلاب، وكانوا ينزلون البكرات بناحية ضَريَّة ، وبين المدينة وضرية سبع ليال، وأمره أن يشن عليهم الغارة. فسار الليل، وكمن النهار، وأغار عليهم، فقتل نفرًا منهم، وهرب سائرهم، واستاق نعَمًا وشاء، ولم يعرض للظُّعُن وانحدروا إلى المدينة. فخمَّس رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم ما جاء به، وفضَّ على أصحابه ما بقي، فعدلوا الجزور بعشرة من الغنم، وكانت النعم مائة وخمسين بعيرًا، والغنم ثلاثة آلاف شاة. (كتاب عيون الأثر ، ص112).