فضاء الرأي

(الثّقة بالله)

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

( كلا إن معي ربي سيهدين )

هكذا هي ثقة المؤمن الصادق بربه، حتى وهو في أحلك الظروف وأقساها وأكثرها ظلمةً ويأسًا وخوفًا، تجده ثابتًا متماسكًا، واثقًا بنصر الله وتأييده.
في قصة موسى مع فرعون دروسٌ وعبر يثبّت الله بها المؤمنين ويخبرهم أن خلف الظلماتِ نورًا يشع، وأن خلف كل كربةٍ فرجًا

تفكّر في حال موسى عليه السلام وكيف أن الله سخّر ألد طغاة الأرض وجبابرته له لرعايته.
فرعون الذي عاث في الأرض فسادًا وظلمًا يقتل كل رضيع خوفًا من هلاكه يومًا ما على يد أحدهم وإذ بموسى الرضيع يأوي إلى حجره لتعلم أن قدرة الله فوق كل قدرة وأنه سبحانه يدبر الأمر بما يعجز البشر عن دفعه

( وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَىٰ فَارِغًا )

يصف القرآن الحكيم مشهدًا من أكثر المشاهد في تاريخ البشرية قسوةً وألمًا، حين وصل الأمر بفرعون عليه لعنة الله بأن ينتزع المواليد من أمهاتهم، رضيع تلو آخر، ليقتلهم ..ثم يوحي الله لأم موسى بأن تلقي بوليدها في اليم
دون خوفٍ أو حزن ..


وبكل إيمان ويقينٍ بالله وبوعده عزّ وجل لم تتردد المرأة الصالحة المؤمنة بوعد الله ونصره وحفظه بأن تُلْقيَ به في اليمّ محتسبةً وصابرة منتظرةً نصر الله لها ولقلبها .
لقد كان مشهدًا من أكثر المشاهد إيلامًا وتأثيرًا ولكنها عناية الله بأوليائه الصالحين لا يحدها حد، ولا يمنعها مانع ...

ولا أعجبَ من أمرٍ أكثر من أمر هذه المرأة وابنها موسى عليه السلام .
صبرت وامتثلت لأمر الله فأعاد الله إليها ولدها بأمر فرعون نفسه
كانت خائفة فأبدل الله خوفها طمأنينةً
كانت مشتاقة إلى نظرةٍ تتملّى فيها من وجه ولدها فأعاده الله إلى أحضانها
ترضُعهُ أمومةً وتأخذُ عليه أجراً!!! يا للعجب

كانت فقيرة مسكينة فجعل الله ولدها مصدر رزقها فأرضعته وحصلت على أجرٍ جراء رضاعته فهي مرضعة في قصر فرعون
فسبحان الذي لا يعجزه أمر ولا يحيط بقدرته وتدبيره وعلمه أحدٌ من خلقه

وهنا مشهدٌ آخرُ لا يقل صعوبة وتراجيديا عن المشهد الأول ..
(وقالت لأختِهِ قُصِّيه )

يا الله .. تُرى ..
كم كان الموقف عسيرًا جدًا ومرعبًا ؟!
تخيل تلك الفتاة الصغيرة وهي تتسلل من بين البيوت والجدران والأشجار تراقب أخاها الصغير وهو يطفو فوق الماء برعب وخوف وجنود فرعون منتشرون في كل مكان والناس في كربٍ عظيم!
الموت في كل مكان، والحزن والخوف والقلق يعمّ البيوت ...


الأخت العظيمة لم تتردد في السير خلف أخيها وترقّب أمره،لقد حملت روحها على كفها وسارت بها بين الطغاة والقتلة،غير آبهة،ويقينها بالله أعظم من كل شيء
الأخت
هل هناك أعظم منها
إنها الأم الثانية،والقلب الحنون الذي لا يبخل أبدا أن يقدم أغلى ما يملك لإخوته،فالأخت هي رحمة من الله في كل بيت


في كل مرة أقرأ قصة موسى بالقرآن الكريم أتفكر في عظمة الله وقدرته وحكمته، لقد كان لنا في قصة موسى مع فرعون، ومع زكريا، ومع بني إسرائيل ومع السامري ومع نبي الله شعيب دروس وعبر جوهرية في الحياة، وكيف أن المؤمن الصابر سينال جزاء صبره وإيمانه وثقته بالله الفوز والنصر أكثر مما يرجو..


حين تسدّ الدروب لا تسل كيف ستفرج.. ولكن ثق بمن له الأمر كله من قبل ومن بعد
قدرتنا نحن البشر وتصوراتنا وخيالاتنا محدودة بحدود علمنا، لذلك لا تقس مستقبلك بحاضرك
ثق بالله واسعَ بما أوتيت من أسباب
وانتظر الفرج كترقبك ويقينك ببزوغ الفجر وشروق وغروب الشمس ..


ربما يطول الليل ويتعبك الأرق
ولكن لا يخالطنّك شكٌ بقدوم فرج الله القريب من المؤمنين بقدرته
لذلك قرن الله اليأس والقنوط بالكفر
(إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون)
ثق بالله وبحبله القوي المتين فالله عند حسن ظنّ عبده به ..
رزقنا الله جميعًا أحسن الظن به وأصدق التوكل عليه.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف