القلوب المحطّمَة

"هل تعرف ما هو أجمل ما في القلوب المحطّمة؟
حرّكت رأسي نافيًا ...
أنها تتحطم بالفعل مرةً واحدة فقط، وكل ما يحل بها بعدئذ، مجرد خدوش"

هكذا وصف الرائع كارلوس زافون في روايته الساحرة ظل الريح، القلوب المحطمة ..
أنها تتحطم هكذا دفعةً واحدة ودون مقدمات، حين يكسر القلب لا شيء في الدنيا باستطاعته لملمته، لا كلمة بإمكانها بلسمة خيبة للقلب، ولا يد بإمكانها أن تطبطب على قلبٍ مخذول
كل ما يحدث بعد ذلك مع القلوب هو مجرد تعايش لا أكثر..
بقلوبٍ مهشّمة يمضي الكثيرون في حياتهم إلى آخر العمر، تخيل أن تعيش حياتك بنصف قلبٍ مهشم !
تمر بك الأعوام والسنون وأنت بنصف فؤاد، لا يمكن أن تحب بعدها حبًا كاملًا، ولا أن تثق ثقةً عمياء، ولا أن تميل لقلبٍ كل الميل.
ليس للقمر وحده منازل، بل كذلك للقلوب ومنها:

-منازلُ سعادة، وهنا السعادة تشغل القلوب عن مشاهدة التفاصيل، عن ملاحظة الجمال الذي يعيش في الهوامش وعن مراقبة مكامن الجمال ما بين السطور
بل تكون القلوب سعيدةً هكذا بالفطرة، تفرح، وتقفز، وتلوح، لأنها تدرك تمامًا أن منازل السعادة قصيرةٌ جدًا وتود أن تعيشها بكل جنون
-منازل خيبةٍ وانكسار، وهذه المنازل كبيرةٌ جدًا، قاتمة ومظلمة أشبه بالعدم، وتعيش فيها القلوب بكل دقة وخوفٍ ووجل.
تشعر أن كل حركةٍ جديدة هي محاولةٌ لنكء الجراح
تراقب كل ذرةٍ تطير في الهواء تحاول أن تخترق سكون العدم.

هناك مصطلح طبي يسمى بالقلب المنكسر (Broken - heart syndrome) أو اعتلال تاكوتسيبو (Takotsubo cordiomyopathy) متعلق بالقلب المفطور أو المنكسر ويتحدث عن حالة مرضية تصيب عضلة القلب بضعف مفاجئ وأحيانًا مؤقت نتيجة لصدمات عاطفية يتعرض لها الإنسان، موت مفاجئ، طلاق، خيانة أو غيرها

القلب البشري هو مكمن العاطفة والعقل، مستودع المشاعر والأفكار، حين يشعر بالأمان ويثق يحب بكل قوته، وحين يخذل يكسر هكذا بكل بساطة كما لو أنه كوب زجاج.

يقولون فكر بعقلك وليس بقلبك للدلالة على أن القلوب تتملكها العاطفة فحسب، بينما يقول الله في كتابه الحكيم : "لهم قلوبٌ لا يعقلون بها"، وفي آيةٍ أخرى: "إنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور".

هنالك أشياء في الحياة تمرّ لمرةٍ واحدة، تعاش في مرتها الأولى، ويُسعد بها الإنسان كما هي، لا يمكن أن تعاش مرتين، وليس لها نسخةٌ أخرى.
على المرء أن يدركها جيدًا، عليه أن يكون حذرًا حين يتعامل مع قلوب البشر، فليس ثمة قلوبٌ أخرى يمتلكها الناس ولم يخلق الله لرجلٍ من قلبين في جوفه.

وتذكر دائمًا أن القلوب مثل الأباريق الشفافة... تحمل في زواياها مفهوم الثقة التي إذا ما سقطت عن شخصٍ ما لا يمكن أن تعود أبدًا!