كتَّاب إيلاف

رمضان شهر الفضائيات

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

مثلما تشهد مناطق الحروب والصراع فوضى الدمار والموت، تشهد بالمقابل الفضائيات العربية في رمضان حروب من نوع جديد، هي حروب النجوم والتأليف والمال والتجارة والاعلانات التجارية، وفوضى الدراما التلفزيونية، وبرامج الاثارة والترفيه، واشعال فتيل الأحقاد والحروب الطائفية والدينية، لتشكل نظاما إعلاميا رمضانيا ثابتا كل عام مؤدية الى خلق منظومة اجتماعية من القيم والعادات التي أصبحت فرضا مثل حال فروض رمضان.

فكل عام تزداد شراسة سوق الدراما الرمضانية عن العام السابق لها، وتزداد أعداد المسلسلات، والتكاليف المادية، وبالتالي يزداد معها كل هذا الإسفاف والابتذال والانحراف. حتى تحولت الفضائيات في هذا الشهر الفضيل إلى وحش كاسر، يلتهم أفراد المجتمع، ليصبح رمضان في حس الأجيال الجديدة هو شهر المسلسلات، ويتغير اسم شهر رمضان في الصحف والجرائد من موسم الطاعة والعبادة إلى موسم الدراما التليفزيونية.

فالبرامج السياسية، مصرة على أثارة الأحقاد والعنف والفتن، رغم رمزية رمضان الذي عنوانه التسامح والمحبة، ومع ذلك تصر على أشعال نار الحقد بين أبناء الوطن، واثارة غرائز الكراهية بين المكونات والطوائف والقوميات، بل أن بعض القنوات الدينية تجعل من الجهاد في رمضان فرصة لقتل الآخر، وانتزاع حقوقه الإنسانية، وفرصة لنبش التاريخ وتزييفه، وزرع العداوة، بحجة قدسية هذا الشهر، وامتيازاته الجهادية.

اما الدراما التلفزيونية في رمضان، فهي قصة أخرى، لا تختلف أهدافها عما يعرض من برامج تلفزيونية ،الا انها أكثر تأثيرا على المتلقي ، وبالذات الشباب، فهناك تقاليد مشاهدة خاطئة، تراكمت بفعل عوامل كثيرة ، اجتماعية ودينية وثقافية ، ولكنها على العموم ، تؤشر على ثقافة المؤسسة الإعلامية ، وثقافة الجمهور، والحياة النمطية السالبة التي تجعل الجميع يهربون الى الواقع الذي يجدون فيه متنفسا للتعبير عن ذواتهم ورغباتهم المكبوتة.

الأمر يزداد خطورة إذا عرفنا الأموال الطائلة التي تنفق على هذه الأعمال بلا كلل أو ملل في مجتمعاتنا العربية، والتي هي في معظمها تعاني من أزمات اقتصادية، فبدلا من أن يعمل أصحابها في تنمية مجتمعاتهم، وسد رمق الفقراء والمهمشين، تخصص دون رقيب أو حسيب هذه الأموال لمسخ هوية الفرد، وصناعة إنسان إرهابي، ومنحل، ومنحرف، في كثير من الأحيان.

عموما نحن بمواجهة مضامين إعلامية متدنية وهابطة فكريا، المتمثلة في عرض صور الابتذال السياسي والاجتماعي والعري والعادات السيئة، لتشكل مجموعة رسائل سلبية يتم الترويج لها، تحت مظلة (حرية الإبداع والتأليف). ويبقى اللغز الكبير مفتوحا على مصراعيه: لماذا تتكثف المشاهد الخارجة عن الأخلاق، والأعراف، والقيم، والمبادئ، لتحاصر المشاهد من كل اتجاه في شهر واحد، وهو (شهر العبادة)؟ اليس مخجلا ان يتحول رمضان في بيوتنا الى دعوة للابتذال والانحراف، كأنها جرعة عالية من البذاءة عليه أن تتجرعها الاسرة اجبارا، ويصير كل شيء مباحاً، وهو من شأنه تقوية مقولات أن الفن يثير الغرائز، ويؤدى إلى الانحطاط، لأن التعبير الفني إن لم يكن واعيًا، فإنه يحوّل الفساد المطلق إلى قداسة؛ ويعرض لنا هالة منزوعة عن كلفتها الأخلاقية.

فما الذي حدث، ويحدث في رمضان شهر العبادة والتقوى والرحمة والإنسانية ومكارم الاخلاق، واختبار النفس، وصفاء العقل، إزاء فوضى مسلسلات الدعارة والشذوذ والمخدرات واوهام الحب الخادعة، واغاني الاثارة والتميع والانحطاط الخلقي، دون احترام لقدسية رمضان ورحمته للبشر. مما تشعل فينا الرغبة تذكرنا هذه المشاهد والممارسات بشوق الى رمضان الامس حين كنا نهيم به حبا بأجوائه وطقوسه ولياليه الساحرة وألقه الاجتماعي، واناشيده البسيطة (ماجينا ياماجينا حل الكيس واعطينا)، وطبول (المسحراتي)، والعاب رمضان الجماعية (المحيبس)، واجواء الالفة والمحبة بين الناس على مائدة رمضان، وتسابقهم بتوزيع وجبات الفطور بين العوائل، حتى تجد نفسك أمام أنواع الأكلات المعروفة تحتار اي نوع تأكله، بل تشعر بأن هذا الحي هو عائلة واحدة.

ياله من زمن جميل يرتفع فيه منسوب الفضيلة والاحترام لشهر رمضان الذي يألف ويؤلف قلوب البشر، ويكون عصير رمضان لذيذ المذاق والمعشر، منعشا بأيامه، وطقوسه البسيطة، والق لياليه، وحميميته المبهرة بصدق العلاقات والتقوى. في تلك الأيام، كانت المسلسلات الرمضانية قليلة ومرتبطة بهذا الشهر الكريم، ولن ننسى أبدا تلك المسلسلات التي كانت رائعة في مواضيعها ولغتها العربية المتقنة حرفا حرفا، وكلمة كلمة، وجملة جملة. كانت تلك المسلسلات مدرستنا الإضافية.

لم يعد طعم رمضان اليوم هو نفس الطعم الذي كنا نتذوقه في سن براءتنا. ما يقال اليوم يدمي القلب حقا، فلا المؤسسات الإعلامية تضع اعتبارا للشهر الفضيل، ولا تلتزم بمسؤوليتها الاجتماعية تجاه الجمهور الصائم، ولاجمهور يعرف حدود حريته في التعامل مع واجبات الشهر واخلاقه وفضائله، حيث يصوم نهارا عن الطعام، ويفطر ليلا على مسلسلات مليئة بنماذج الفسق والسطحية والابتذال، ويتسحر في خيم ومقاهي الدخان والشيشة والورق.

لا أدرى إن كنت على حق، ان رمضان ذلك الزمان كان له مذاق خاص، ينشر رائحته وشذاه ونفحاته وعبقه على جدران القلب والمكان والروح. لا أدري إن كان رمضان هو الذي تغير، أم أننا نحن الذين لم نعد كما كنا!

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
تزوير فى أوراق رسميه ..وبيع الأوهام
فول على طول -

يقول الكاتب : رغم رمزية رمضان الذي عنوانه التسامح والمحبة، ومع ذلك تصر على أشعال نار الحقد بين أبناء الوطن..انتهى الاقتباس . نسأل الكاتب أن يأتى لنا بأيه واحده أو حتى حديبث يتيم يؤكد أن الاسلام يوصى بالمحبه بين البشر ..وما هو التسامح المنصوص عليه فى الاسلام ؟ نؤكد للكاتب أننى لا أمزح ولكن على من يكتب أن لا يقول كلاما مرسلا . أنتم تريدون الباس شهر رمضان لباس لا يليق فيه أو به ..من أين تأتى الروحيانيات فى الاسلام ؟ هل لك أن تأتينا بأيات تحض على الفضيله وعلى الروحانيات ؟ يتبع

طاعة الفضائيات
فؤاد النجار -

مقالة أكثر من رائعة .بليغة المعنى في موضوعها ،وعميقة بالعبر . أسلوب جميل .وتناول يعبر عن مأساة رمضان الأخلاق. أزمة حقيقية نعيشها في ظل انحدار القيم ،وفقدان حيوية رمضان وطقوسه الجميلة .رمضان شهر طاعة الفضائيات المنفلتة ؛وتجارة الرذيلة . حيا الله الكاتب الكبير الذي لم ينس الأصول في خيمة الأوطان

تابع ما قبله
فول على طول -

لا تنسي أنه شهر الغزوات - غزوة بدر الكبرى .. غزوة المدينه ..غزو الأندلس ..غزوة عين جالوت الخ الخ - وأيضا شهر العمليات الارهابيه والتى يخطط لها فى الجوامع أثناء التراويح وبلدكم العراق شاهد على ذلك ..وشهر الأكل حيث تأكل الدوله فى شهر رمضان ما يعادل أكل 8 شهور فى السنه ..وشهر انفلات الأعصاب وترتفع فيه نسبة الطلاق والخلافات الزوجيه بسبب الأكل والمصاريف ..وشهر الأخذ بالثأر .زالخ الخ

تابع ما قبله
فول على طول -

وشهر التنطع على خلق الله وفرض عليهم أن يتظاهروا بالصيام حتى لو لم يكونوا صائمين وشهر النفاق الأعظم حيث يأكلون خلف الأبواب ويتظاهرون بالصيام وبدون أى مناسبه يؤكد لك المسلم أنه صائم ويكرر هذا الكلام الممجوج وكأنه يصوم للناس ..وشهر تعطيل المراكب السياره ولا أحد يعمل فى هذا الشهر ..وشهر الرشاوى حيث لا يمكن قضاء أى مصلحه الا بالرشوه لزوم المصاريف ..

تابع ما قبله
فول على طول -

ومن أين تأتى الروحانيات فى رمضان أو غيره ؟ فاقد الشئ لا يعطيه سيدى الكاتب . الاسلام يخاطب الغرائز ولم يخاطب النفس ويهذبها فى أى سوره من القران ولا الأحاديث . وكل الأسئله فى شهر رمضان تتكلم عن الجماع فى أوقات الصيام ..وهل شطافة دورة المياه تفطر الصائم ؟ وهل الحقن فى العضل أو الوريد يفطر الصائم ..وهل دخان السجائر المتطاير يفسد الصيام ..وكلها أسئله تافهه وأكل عليها الدهر وشرب .

تابع ما قبله
فول على طول -

وأغلب الاسئله فى برامج التلفزين تأتى من الزوجات يسألن " العلماء " سؤالا مكررا وممجوجا : أنا لا أقدر على تلبية طلبات زوجى فى الفراش فى شهر رمضان بسبب التعب والمجهود الكبير فى المطبخ ما هو رأى الشرع ؟ وينهال عليها الشيخ المبجل بأن الملائكه تلعنها طوال الليل لهذا السبب وحتى الحوريات يلعنونها أيضا ..هل هذا معقول ؟ وماذا لو كان الزوج هو المرهق ومتعب ولا يقدر على طلبات زوجته فى الفراش ..هل تلعنه الملائكه أيضا ؟

أخيرا
رد على أغبى أقرانه -

واصح أن العزيز فول شادد حيله بعد جرعة الحقد والكراهية التي أعمت بصره وبصيرته من شمعة النور المقدس التي أولعها له حارس قبر الرب فشن حملة هستيرية على رمضان والإسلام والمسلمين . يا متعوس وخايب الرجا الإسلام دين عقل للدنيا والآخرة وليس دين خرافات وشعوذات كعقيدتك البالية وأنت لست أول ولا آخر معتوه يتهجم على الإسلام الذي شهد من أمثالك الكثير ولم يزيده إلا شمموخا وانتشارا . إلتفت الى بلاوي عقيدتك التي كادت تنقرض لولا الإسلام والمسلمين .

موقع اسلام ويب ..ومركز الفتوى
فول على طول -

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: كان شهر رمضان محفزاً للجهاد والقتال عند المسلمين، مع أنّه شهر صيام عن الطعام والشراب، إلّا أنّ ذلك لم يكن مدعاة لتكاسل المسلمين عن الحرب؛ بل كان دافعاً لشنّ الغزوات،فقد وقعت في رمضان عدة غزوات ومعارك نذكر أشهرها وأعظمها من ذلك: - غزوة بدر وكانت في السابع عشر من رمضان من السنة الثانية للهجرة. - فتح مكة كانت في العاشر من شهر رمضان من السنة الثامنة للهجرة. - معركة القادسية كانت في رمضان سنة خمسة عشر للهجرة بقيادة سعد بن أبي وقاص. - فتح بلاد الأندلس كان في رمضان سنة 92 هـ بقيادة طارق بن زياد. - معركة الزلاقة وهي في جنوب دولة إسبانيا حالياً كانت في سنة 479هـ. ..نقول تانى ؟ متى تخجلون من كلمة " غزو " ؟ أليس مسلسلات الخلاعه والرقص أفضل بكثير من الغزو والقتل والنهب ؟ يعنى بديل الرقص هو الغزو يا سيدنا الكاتب . ربنا يشفيكم .

ما رأيكم فى هذه الروحانيات ؟
فول على طول -

فى صحيح الابخارى وعن عائشه : كان النبى يقبل ويباشر وهو صائم فى نهار رمضان سواء أولج أو لم يولج ..وكان يباشرنى وزأنا حائض ويأمرنى أن أتزر ...هذا ما نسمعه فى الشهر الفضيل ..ما رأ]كم سيدى الكاتب فى هذه الروحانيات العميقه جدا ؟ ما الفرق بينها وبين الرقص والخلاعه الذى تتكلم عنه وأيهما أخف وطأه ؟ تحياتى

ما رأيكم فى هذه الروحانيات ؟
فول على طول -

فى صحيح البخارى وعن عائشه : كان النبى يقبل ويباشر وهو صائم فى نهار رمضان سواء أولج أو لم يولج ..وكان يباشرنى وأنا حائض ويأمرنى أن أتزر ...هذا ما نسمعه فى الشهر الفضيل ..ما رأيكم سيدى الكاتب فى هذه الروحانيات العميقه جدا ؟ ما الفرق بينها وبين الرقص والخلاعه الذى تتكلم عنه وأيهما أخف وطأه ؟ تحياتى