فضاء الرأي

زبانية المحرَّر: حرقوا نسخة من القرآن بخط اليد عمرها 130 سنة

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

يُشير الكاتب السوداني أمير تاج السر في كتابه تحت ظلال الكتابة إلى أن "ثورات الربيع العربي التي هبت أصلاً للقضاء على الدكتاتوريات، تخلصت من أهدافها الأولى واخترعت أهدافاً جديدة، وكل طرف فيها صار يسعى لتدمير طرف هو الآخر يسعى لتدميره"، وحيث أن المسار الأساسي حرّفه أمراء الحرب كرمى مشاريعهم الخاصة التي لا تمت لأهداف الجماهير بصلة، وهو ما تسبّب بخيبة أمل كبيرة لدى شريحة من المجتمع السوري الذي رأى بأن أمراء الحرب لم يعد لديهم إسقاط النظام هو الأولوية والهدف الأسمى، إنما جل غايتهم هو استمرار الحرب لتستمر سطوتهم، وتتضخم مدخراتهم، وتتوسع مناطق نفوذهم على حساب ممتلكات المدنيين وحريتهم وكرامتهم.
عموماً فمشاعر اليأس التي تنتاب طائفة لا بأس بها من السوريين الآن ممن شاركوا بقوة في المظاهرات المناهضة لنظام البعث الحاكم بداية الثورة، قريبة جداً من مشاعر الخيبة التي ركنت عندها الدجاجة إبساك في ختام رحلة الحرية، وحيث أن الثورة التي بدأت بحلم انتهت بالكوابيس المتلاحقة، وهو فحوى رواية الروائية الكورية صن مي هوانغ، التي جاءت تحت عنوان "الدجاجة التي حلمت بالطيران" تلك الدجاجة التي لم يفارقها حلم الخروج من القن والتنقل بحرية في الباحة مثل باقي الحيوانات، إلاّ أنها عقب الخروج من القن اكتشفت بأن الحياة في باحة الحظيرة أصعب بكثير مما كانت عليه في القن.
ومن كل بد أن هذا الشعور الذي ينتاب الآن مَن كان يسير في مقدمة المتظاهرين في سورية جاء نتيجة إزاحة الشرفاء من جسم الجيش الحر الذي كان له وقعٌ طيب في أذهان السوريين بداية الثورة، ومن ثم تسليم مواقعهم لمجموعة من الأوباش وقطاع الطرق وأصحاب السوابق، وحيث أن ممارساتهم القميئة في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام تحاكي تماماً ممارسات زبانية نظام البعث الحاكم في مناطق نفوذه.
ومن الذين كانوا كتلة من الحيوية والنشاط فنان تشكيلي وروائي سوري*، كان ينتقل بخفة طائر من مظاهرة لأخرى في مدينة حلب بداية الثورة، بينما الآن يتحدث بكل أسف عما آل إليه الوضع في سورية، وبات على قناعة بأن الذين يتحكمون بمصائر الأهالي في الشمال السوري هم الوكلاء السيئين للنظام في تلك المناطق، ويقول بأن ما جرى معه شخصياً جرى بحق آلاف الناس مثله، وهو ما دفعه للمقارنة بين سلوك أجهزة أمن النظام في مناطق نفوذه، وبين زبانية التسلط في الشمال السوري، وبالتالي التوصل إلى نتيجة مفادها بأن هذه القاذورات المنتشرة في عفرين وغيرها من مناطق الشمال السوري هي من نفس مكبات نظام البعث الحاكم في دمشق.
ومن باب المقارنة يقول بأن بيته الموجود في حي الأشرفية بمدينة حلب بعد أن داهمه الأمن العسكري ووضع العناصر يدهم على كامل مكتبته مع الصور الشخصية ما يزال على حاله، ولوحاته الفنية الكبيرة ما تزال في المنزل على حالها، فلم يحرقها أوباش النظام، ومن بينها لوحتان نفيستان جداً لفنان سوري راحل، أما باقي مقتنيات المنزل فهي على حالها، بالرغم من أن المنطقة خاضعة لنفوذ النظام؛ وبالمقابل فبيته في منطقة عفرين مستولى عليه بالغصب والإكراه من قبل عناصر المجموعات التي غزت عفرين بدعوى تحريرها، قائلاً بأنه عبر الأقمار الصناعية يرى الآن من السماء حجم التلاعب بالبيت المشكل من طابقين وكيف تم تغيير معالمه والعبث بجدرانه وتصميمه حتى يتلائم مع متطلبات المستوطن المسلح، كما أن كل الأرشيف الشخصي لهم في القرية بما في ذلك ثلاثين لوحة فنية لاخوته ولفنانين سوريين وكتب نادرة من بينها كتاب قرآن كان عمره ١٣٠ سنة مكتوب بخط اليد عدا عن المستندات والثبوتيات كلها أُحرقت من قِبل دعاة الحرية!! ويضيف بحرقة بأن البيوت المجاورة لبيته أغلبها مستلبة بما في ذلك تحويل فيلا لأحد أقربائه إلى اسطبل للأبقار والماعز وثمة فيلا أخرى في تقاطع الطريق المؤدي للقرية صارت مقراً وسجناً لفصيل عسكري منذ اليوم الأول لغزوة عفرين، ويضيف بأن والدته ما تزال مقيمة في القرية ولكن ممنوع عليها الاقتراب من المنزل ورؤية ما وضعه ابنها مدماكاً فوق مدماك ما يقارب عشر سنين، بما أن المنزل مستولى عليه مِن قبل دعاة الحرية، مِن قبل من ادعوا بأنهم خرجوا من أجل استرداد الحق والكرامة، وقالوا بأنهم إنما خرجوا من أجل استرجاع الحقوق لأصحابها، وأنهم ثاروا من أجل محاربة الفساد والفاسدين!!!
فعند هذا التطابق السلوكي وهذه المقارنة المبنية على المجريات والوقائع، بين ما كانت عليه الثورة في بدايتها وما آلت إليه الآن، بين ممارسات عناصر النظام، وممارسات من يدّعون مناهضته، فحتى إن لم نؤيّد تصوُّر ذلك الفنان التشكيلي ألا وهو بأن معظم هؤلاء الرعاع المنتشرين في منطقة عفرين هم ليسوا سوى وكلاء النظام السوري هناك؛ إلا أنه بناءً على المجريات اليومية على الأرض، وبناءً على تقارير عشرات المنظمات الحقوقية العاملة في المنطقة وخارجها، وبناءً على مجموعة كبيرة مِن شهادات أناس ثقاة مِمَن يعيشون في المنطقة تحت رحمة هؤلاء المدرعين بكل ما يجافي العدل والحق والإنصاف، فإن أي كائن يدرك ويوازن ويُجيد المقارنة بين المثالب والانتهاكات هنا وهناك، سيقول في دخيلة نفسه إن معظم المسلحين المتحكمين برقاب الأهالي في منطقة عفرين، لا شأن لهم بأي شيء اسمه الثورة أو القيم الثورية، وأن أغلبهم ليسوا أكثر من مافيات مسلحة ومجموعة من الأدوات العاملة بأمرة مَن أرسلهم، ومَن يمولهم، ومَن يُشغلهم لأهداف لا تمت لقضية الحرية والكرامة لدى الشعب السوري بصلة، إنما هي تخص فقط أهداف ومرامي وغايات المُرسل والمموُّل والمشغِّل.
ـــــــــــــــــــــــــــ
*ملحوظة: بالرغم من أن الفنان التشكيلي مقيم حالياً في إحدى الدول الأوروبية، إلا أننا تجنبنا ذكر اسمه واسم قريته حتى لا نعطي المبرر للأوباش بحلب أو بعفرين في أن يمارسوا سطوتهم على أحد من أقربائه ومعارفه.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
حتى الإسلام لم يسلم من بذاءاتكم يا كاكاوات؟ سنعيد الغجري قزم أربيل وأتباعه إلى مسقط رأسهم في جبال القوقاز
رد على شبيه أغبى أقرانه -

لم يعد غريباً علينا . لو كان عندكم ذرة أخلاق أو أدب أو عرفتم العيب يا أتباع قزم أردبيل الجاهل والأمي والمتخلف لما تفوهتم بهذه القذارات ولما تصرفتم بهذه الدناءة والوحشية مع الشعوب التي أجارتكم واستقبلتكم وقاسمتكم الأرض ولقمة العيش، ولكن ماذا تقول عن المعروف مع اللئام والحثالة؟ لم يتبق لديكم غير الشتائم والأحلام التي سنحيلها عليكم كوابيس، إحلموا وتمنوا وتوهموا يا أتباع البرزاني الذي يتمنى حثالتهم أن يحتله اسرائيلي وكأنه يتحدث عن أرضه لا عن أرض السكان الأصليين من الآشوريين. رحمك الله يا صدام يا سيد سيد الشهداء، أنت من عرف داءهم ودواءهم. سيبقى`العراق موحداً وستبقى سوريا موحدة رغم أنف الحاقدين بفضل الله والثوار، وسنكون بألف خير بدونكم. كردستانكم مجرد وهم وخيال غير موجود إلا في مخيلة بعض المرضى العنصريين الذين إستغلوا فرصة ضعف العراق بعد الغزو الامريكي له فأسسوا شبه كيان لقيط في شماله السليب، وعندما يدرك أمثالك هذه الحقيقة تُحَلْ جميع مشاكلهم. الجيش الأمريكي إنسحب وتخلى عنكم وترككم لمصيركم المحتوم وهذا ما سيفعله الموساد في أربيل لأن الجميع يعرفكم كمرتزقة وقطاع طرق وبندقية للإيجار ولن تسمح اسرائيل بولادة دولة أخرى لقيطة تنافسها على التسول في منطقتها. الحل الوحيد هو إما الإندماج مع الشعوب التي تنتمون إليها أو العودة إلى القوقاز والإستفتاء والإنفصال كما يحلوا لكم ولن نعترف بكم لأن المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين. وسنتمنى عندها مع المتمنين أن تحتلكم اسرائيل أو العفاريت الزرق أو راسبوتينات قيصر روسيا.

هل انت مقهور على هذا؟
دم انسان واحد يساوي العشرات من الكتب حتى لو كان عمرها الاف السنين -

السورية كدولة دُمِرت انتهت و الاخ الكاتب مقهور على كتاب ديني مكتوب بخط يد قبل ١٣٠ عام ؟ علما انه بوحي من نصوص هذا الكتاب تم ازهاق ارواح آلاف الناس الابرياء في مختلف انحاء العالم ، يكفي حتى تعرف خطورة هذا الكتاب ان القاعدة و داعش و جبهة النصرة كلهم يستوحون نصوص هذا الكتاب و يستشهدون بتعاليمه لإضفاء الشرعية على عملهم في ذبح الاف الناس الابرياء و اليزيديين في العراق هم نموذج حي على ما نقول ، فاليزيديين ناس مسالمين لم يعتدوا على احد و كل ذنبهم انهم يعتبرون كفارا حسب نصوص و تعريفات هذا الكتاب و انهم استحقوا الذبح و سبي نساءهم بناء على هذا الوصف الموحى به من إله في السماء !

افصل ولا تربط
صالح -

الكاتب يريد ان يلصق كل الموبقات بالنظام, نعم النظام ديكتاتوري قمعي ولكن الاطراف الاخرى اثبتت انها اسوأ من النظام. كن منصفا وسمي كل شيء باسمه