كتَّاب إيلاف

سوق المزايدات وتجارة الشعارات!

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

ابتليت مجموعة الدول المتخلفة سياسياً بأنماط من أنظمة حكم وأدواتها السياسية المتمثلة بالأحزاب أو الأفراد وأذرعهما من الجماعات المسلحة والميليشيات العقائدية خارج إطار الدولة ومؤسساتها، وقد ظهرت بشكل جلي هذه الأنماط بُعيد إسقاط الهياكل السابقة لتلك الدول بحجة كونها أنظمة دكتاتورية على أيدي الدول الكبرى، التي أسست معظمها قبل مائة عام تقريباً في اتفاقيات فيما بينها بعد الحرب العالمية الأولى والثانية، وأبرز تلك الدول هي سوريا والعراق، التي تعرضت إحداهما إلى عملية إسقاط هيكل نظامها السياسي المتمثل بصدام حسين وحزبه وعسكره وأجهزة مخابراته وأمنه، والثانية أبقت على هيكل حكمها مقلم الأظافر، وتبدو الصورة أكثر وضوحاً لو عبرنا الحدود العراقية السورية والتي لا تكاد تشعر بوجودها وذلك بفضل (الروح الجهادية) للميليشيات الشغالة ليل نهار ومن الجهتين بالجهاد التهريبي لتحقيق ما عجز عنه الرئيس الأسبق صدام حسين في إقامة دولة الوحدة قومياً، لكنه فشل بسبب تشبث طيب الثرى الأسد الكبير بكرسي الوحدة، إذن إذا ما عبرنا إلى الشقيقة سوريا حيث تكتظ بأنواع وأشكال وألوان الميليشيات وعلى مختلف القياسات والمذاهب والطرق والاجتهادات من أقصى يسار الشيعة إلى أقصى يمين السنة ناهيك عن مخلفات القاعدة وداعش، حيث سترى ما لم تراه العين وتسمعه الأذن من شعارات وأسواق للنخاسة السياسية والمذهبية والقومية وحتى اليسارية المتطرفة وألوانها التي تنافس ألوان الدول الأفريقية الزاهية، خاصةً في مناطق الإدارة الذاتية الحائرة بين أحضان أمريكا وإيران ودمشق وقنديل!

ولعل أبرز بضائع سوق المزايدات وأكثرها رواجاً عند العامة في هذه الدول هي البضائع ذات الاكسسوارات الدينية والقومية، وما يتعلق بها من نكهات أخرى مضافة عليها، خاصةً ما يتعلق بفلسطين وعاصمتها الأبدية القدس التي أصبحت ومنذ أربعينيات القرن الماضي ابرز البضائع وأكثرها استخداماً للشعارات والإعلانات وعناوين الشوارع والطرق والجيوش، وليس بعيداً والحمد لله جيش القدس الذي أسسه النظام السابق من متطوعين اجباريين، بلغت أعدادهم قرابة السبعة ملايين مجاهد لتحرير القدس، حصل ذلك بعد أن اعتبرت إيران وجمهوريتها الإسلامية كربلاء والنجف في ثمانينيات القرن الماضي طريقها إلى القدس، ونحمد الله أن التجربتين العراقية في (جيش القدس) والإيرانية في شق (طريق القدس) تُستكمل اليوم في (يوم القدس العالمي) ومهرجاناته واستعراضاته العسكرية وميليشياته الولائية جداً، حيث ما تزال تقاوم وتقاتل وتناضل وتجاهد الكيان الصهيوني من على منابر الجوامع والحسينيات، وعبر مهرجانات في مدن وعواصم تبعد آلاف الكيلومترات عن إسرائيل، من صنعاء الحوثيين إلى لبنان حزب الله مروراً بالعراق الولائي وسوريا الأسد، دون أن يصل هذا الكيان إلا صدى تلك الخطابات النارية وتصفيقات وصرخات آلاف المحتفلين في ساحات بغداد وبيروت وطهران!

سوق المزايدات هذا وتجارته بالشعارات هو الجامع الرئيسي والثابت الرابط لكل من الأنظمة الشمولية عربيا واسلاميا، مضاف اليها أذرعها العابرة للحدود مثل القاعدة وتنظيم الدولة وما فرخوه من منظمات للنصرة وامثالها، إضافة الى السوق المركزي للبازارات السياسية وميليشياتها التي تُشكل اللا دولة في كل من اليمن ولبنان والعراق وسوريا حيث يجتمعون جميعهمُ في توجه واحد وثقافة شعاراتية واحدة نجحت في تبليط طرقا مختلفة وصولا الى القدس بعد سنوات ضوئية!

kmkinfo@gmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
جعجعة العرب تخذل الفلسطينيين
محمد سيف المفتي -

استاذي العزيزاعتدنا أن نرى سقف الأهداف في البرامج والشعارات شاهق، ومستوى التخطيط والتنفيذ بعيد كل البعد عن الواقعية. وهنا تظهر صورة المناضل الذي يضرب ولا يبكي فينال التعاطف من مجتمعاتنا العاطفية التي لا تحلل الأمور بواقعية. يرغبون بتحرير القدس ويضربون بغداد، أو تفجيرات في الشام وتبرر على أنها تعبيد للطريق. لأنك لو نطقت بأن ما تقومون به لتحرير فلسطين هو عبث أطفال لنظروا اليك على انك متخاذل، وكلامي لا اعني به ابد التنازل عن قضية الشعب الفلسطيني المطالب بحقوقه الشرعية والتي اغتصبت منه. المشكلة اني اسمع الهتافات ولا أرى أحدا في الميدان.

سوق المزايدات
د. سفيان عباس -

احسنت .. وحدة موضوع متوافقة مع متاهات الشعارات البراقة وتجارتها الكاسدة التي تبنتها ذيول الاستعمار القديم الجديد وذيول الذيول الاستعباد الديني والمذهبي وكلاهما من صناعة واحدة . هؤلاء خائرون وسط اكوام المزايدات نتيجة افلاسهم السياسي والديني معا . فلا هم ساسة محسوبون على رجال الدولة ولا هم رجال دين متفقهون محسوبون على أصحاب الايمان الحقيقي .. ولكونهم من الساسة ذيول الاستعمار نراهم يتخبطون كالسكارى وما هم بسكارى يلجأون غالبا الى المزايدات العقيمة في إدارة دفة الدولة . اما كونهم ليسوا رجال دين اصلاء فأن ايمانهم مهزوز في دواخلهم ما بين عبادة الذات الإلهية وبين عبادة الأشخاص الموتى والاحياء منهم وراحوا منغمسون في الشرك حتى النخاع ...فكيف اذاً يحكمون العباد والوهاد ؟ ولهذا تراهم يهرولون خلف الشعارات الغوغائية . فتارة المحرومية وتارة أخرة القدس وكلا وكلا لأمريكا وإسرائيل ... اسمح لي بمقارنة بسيطة بين هؤلاء المفلسون وبين القيادة الكوردستانية الرشيدة من مائة عام وتحديدا منذ تولي الجنرال الخالد الملا مصطفى البارزاني قيادة الحركة التحررية الكوردستانية حتى وريثه الشرعي في القيادة فخامة الرئيس مسعود بارزاني ...هل رأينا مثل هكذا مزايدات وشعارات بائسة ... الجواب كلا ..؟ وسوح الوغى خير الشاهدين على رصانة القيادة السياسية وحكمتها في إقليم كوردستان ... عاشت ايدك اسد كوردستان .. دمت بارا لشعب كوردستان

كلهم بنفس الاتجاه
حسين- العراق -

نسي الكاتب نفسه ، كيف كان يكتب عن الشعارات التي كان يدعي ثوريتها والحق الطبيعي ، والنضال من اجل القضية ... والان اصبح يكتب باتجاه واحد ، يلف ويدور ليصل الى نقطة معينة في االاتهام ... وهل كانت الاحزاب ، التي يدعي وطنيتها في النضال من من اجل حقوق الشعب ، في العراق ، سواء في الشمال او في عموم العراق ، كانت صادقة ام كانت من اجل المصالح ؟؟؟ وهل لم تكن الكثير من الاحزاب مرتبطه بجهات خارجية ؟ وتدعي وطنيتها والدفاع عن الحقوق المشروعة ؟ ضياع فلسطين كان بعمل بريطاني لئيم وحقير وبالتعاون مع بعض الدول الغربية ، في دعمها لكيان مغتصب وتزويده بالمال والسلاح ...،وقبل ايام اعترفت الغارديان البريطانية ان الصحيفة ارتكبت خطاءا كبيرا بدعمها الحكومة البريطانية في وعد بلفور المشؤوم ... وهكذا اصبح بعض الحكام العرب يتجارون بالقضية على حساب شعوبهم ومنهم نظام البعث وغيره ..

مقال في غاية الروعة
برجس شويش -

قرأت هذا المقال مرتين واحتفظت به في My collections, رائع في صيغته وتجسيده للواقع واظهاره الحقائق التي تعكس فيه الوجوه القبيحة والسلوك البائس لقوى واشخاص وزعماء ومعارضة والتي تغرد بعيدا عن ما يهم الشعوب والاوطان.

مقال رائع يستحق القراءة
ماهين شيخاني -

مقال رائع يستحق القراءة , لكن رغم ما تفضلت به . هناك عقلية مازالت تقبل كل الذل والاستحقار و هذا الابتلاء ولاترى ابعد من انوفها .