لقاء القمة لأنهاء النقمة!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
استقبل جلالة الملك عبدالله الثاني ملك المملكة الأردنية الهاشمية في قصر الحسينية بعمان السيد نيجيرفان البارزاني رئيس إقليم كوردستان. وتأتي هذه الزيارة التي قام بها سيادته في ٢٣ حزيران ٢٠٢١ ضمن جولته الدبلوماسية التي بدأت بفرنسا ومن بعدها الى بغداد والامارات المتحدة العربية بغية الوصول الى تفاهم مشترك حول كيفية إعادة الامن والاستقرار للمنطقة التي تشوبها صراعات دامية و صعود غير منتظر للعنف وذلك بعودة داعش الى الساحة.
واللقاء هذا هو ثاني لقاء بين رئيس إقليم كوردستان وملك الأردن بعد لقائهما على هامش مؤتمر دافوس في كانون الثاني ٢٠١٨. والذي تناولا فيه أوضاع المنطقة برمتها وسبل الخروج من الازمات السياسية والاقتصادية والأمنية التي تعاني منها المنطقة عموما والعراق على وجه الخصوص.
تعود جذور العلاقات الكوردية الأردنية الى تأريخ بعيد وتجذرت هذه العلاقات على يد القائد الراحل مصطفى البارزاني الخالد الذي قاد ثورة أيلول والراحل جلالة الملك حسين بن طلال. وبعد الانتفاضة المجيدة وبالذات بعد سقوط نظام البعث, دأب الرئيس مسعود البارزاني على توطيد هذه العلاقة والعودة بها الى متانة ما كانت عليها سابقا بل واقوى, وأن الجهود التي يبذلها السيد رئيس إقليم كوردستان ليست الا امتدادا لهذه المسيرة التأريخية التي جمعت كوردستان والأردن شعبا وقيادة.
حسب ما افادته وكالات الانباء والقنوات الإعلامية, تباحث الجانبان في لقائهم اخر المستجدات السياسية والأمنية في المنطفة, لا سيما وأنها مرشحة لعملية اعادتها (أن لم نقل لتغيرات جذرية). بالأحرى ان المنطقة على أبواب انعطافة تأريخية واعادت صياغتها وفق ما تقتضيه المصالح المتداخلة على المستويين الإقليمي والدولي, وفي اولويتها إعادة الامن والاستقرار والحد من المنازعات والصراعات الدامية, وصولا الى تفاهمات مشتركة بين المتصارعين والمتخاصمين مراعية توازن المعادلات والمصالح الدولية.
ان لقاء السيد نيجيرفان البارزاني بالعاهل الأردني يأتي في وقت تراقب انظار الأوساط السياسية الإقليمية والدولية الى الزيارة المرتقبة لجلالة ملك الأردن كأول ملك ورئيس وقيادي في الشرق الأوسط الى واشنطن واللقاء مع الإدارة الامريكية الجديدة والتباحث مباشرة معها حول مواضيع حساسة ذات صلة بعملية ما اسميناها في مستهل مقالنا ب(إعادة الصياغة).
اذن ان اللقاء بين رئيس إقليم كوردستان والملك عبدالله الثاني (وجلالته على مقربة من زيارته المنتظرة) تحمل في طياتها معاني واشارات مهمة. قد تكون أهمها رؤية واستراتيجية رئاسة إقليم كوردستان الى كيفية حلحلة مشاكل وصراعات المنطقة ودور الإقليم في إنجاح العملية التي بحاجة الى مساهمة ومشاركة الجميع دوليا وإقليميا وعراقيا وكوردستانيا.
ان للمملكة الأردنية الهاشمية عمقا استراتيجيا ودورا فعالا في المنطقة على المستويين الإقليمي والدولي وان الحكمة السياسية التي تحلت وتتحلى بها قيادتها مما جعلتها موضع انظار الجميع وثقة العالم, لا سيما كانت ولا زالت دولة مسالمة وظلت عاملا لاستباب الامن والاستقرار في المنطقة مراعية توازن المعادلات وتشابك المصالح. وأن الزيارة المرتقبة لملكها الى واشنطن قد تأتي بنتائج اجابية لكيفية التعامل مع ما يحدث في المنطقة.
وفي المقابل ان السياسة الواقعية والرؤية المنطقية لكيفية حل المشاكل والجهود الدبلوماسية التي بذلها ويبذلها السيد نيجيرفان البارزاني من اجل إعادة المياه الى مجاريها الصحيحة على المستوى الكوردستاني والعراقي والإقليمي و ومساهمته الفعالة في ترسيخ أسس الحوار والتفاهم ودوره الايجابي في التمسك بالنقاط المشتركة بين اطراف النزاع بما يخدم السلم والامن والاستقرار والمصلحة العليا الوطنية, كل هذا جعل من العالم الأوربي والغربي بأن ينظر الى شخصيته كشخصية قيادية يعتمد عليها في فك بعض العقد وتمهيد الأرضية اللازمة والايجابية لحل الصراعات وفقا لما تقتضيه السياسة الدولية.
كما نرى أن المنطقة على شفا حفرة حروب طائفية قد لا تعمد عقباها وذلك بسبب إعادة داعش الى الواجهة ومحاولات دول إقليمية في إبقاء المنطقة على وضعها الدامي والمتأزم تحقيقا لمأربها السياسية ومصالحها الضيقة. ومن هذا المنطلق وفي ضوء ما ذكرناه فأن اقرب المعاني والاشارات التي تحملها لقاء القمة بين ملك الأردن ورئيس إقليم كوردستان ربما قد تكون إيصال رسالة بشيء ولو ضمني وبطريقة غير مباشرة الى الإدارة الامريكية مفادها أن إقليم كوردستان سيبقى عاملا لاستتباب الامن والاستقرار ومساهما في إعادة الثقة بين اطراف الصراع من اجل العودة الى طاولة الحوار.