فضاء الرأي

مأزِق الجمهوريات العربية؛ تونس نموذجاً

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

منذ وصول الرؤساء إلى الحكم، والجمهوريات العربية تعاني من أزمة تداول السلطة سلمياً. فالرئيس أما يُطرد من البلاد أو يُحاكم أو يُعدم، وفي حالات قليلة ينتقل إلى رحمة الله، تاركاً البلاد لأبنه أو لنائبه.
وإذا كان وصول الابن مقبولاً ومحموداً، فإن وصول النائب قلق ما بعده قلق. ولهذا، تعلّمت الجمهوريات العربية الدرس وبسرعة، فحاليا قلما يعين الرئيس نائبا له وفي حال وجود نائب تبدأ محاولات التخلص منه سواء بإلغاء منصبه أو تلفيق التهم له أو إعلان حالة الطوارئ مع حصر كل السلطات بيد الرئيس. على الأقل الملك كان يكلف رئيس الوزراء المنتخب بإدارة الدولة وتعيين الحكومة، لكن الرئيس يريد الجمل بما حمل.
كان يمكن لأي مراقب محايد أن يفهم قلق الرئيس التونسي "قيس سعيّد" على مجرى الأحداث في تونس فمن ارتفاع عدد الإصابات في يوم واحد إلى أكثر من تسعة ألاف إصابة مما أدى إلى انهيار النظام الصحي، ثم الركود الاقتصادي مع ارتفاع نسبة البطالة لتصل إلى أكثر من سبعة عشر في المئة. لكن اختلاف الرئيس مع كل من يتولى منصب رئيس الوزراء سببه أن رئيس الوزراء شريك في الحكم تماما كما كان النائب شريكا في الحكم، ولهذا لابد من التخلص منه وحصر كل السلطات بيد الرئيس، بما فيها التشريعية والقضائية. فلم يكتفِ الرئيس بإقالة الحكومة ورئيسها، لكنه حلّ مجلس النواب ورفع الحصانة عن النواب ونصّب نفسه المدعي العام. باختصار "أنا الدولة والدولة أنا".
تُرى لو أن شريكين تجارين يتقاسمان إدارة شركة فهل يقبل أحدهما أن يقوم الآخر بتحديد أسعار السلع ووقت العمل وكيفية تقاسم الأرباح ومن يعمل في الشركة وحصة كل شريك؟ بالتأكيد لا. الشراكة تعني تقاسم الأعباء، والأزمات تعني تعاضد كل الشركاء لتجاوز الأزمة.
كان يمكن تفهم موقف الرئيس التونسي لو أنه أبقى على مجلس النواب ولم يتدخل في عمل القضاء. فالحقيقة التي لا يمكن إنكارها أن كل السلطات اجتمعت بيد الرئيس بين ليلة وضحاها. فما هو تعريف الدكتاتورية إذنا؟ أليس أن تجتمع كل السلطات بيد شخص واحد؟ هل يمكن لشخص -مهما كان- معارضة الرئيس مثلاً أو الاختلاف معه بالرأي؟ هل تستطيع هيئة تقديم تفسير مختلف للمادة ثمانين من الدستور التي يستند إليها الرئيس؟ لا يبدو ذلك ممكناً. وأخيراً الدستورية لا تعني نفي الدكتاتورية ولعل الرئيس زين العابدين كان في وقته يتحدث باسم الديمقراطية والدستورية أيضا.
مأزِق الجمهوريات يكمن في عدم قدرتها على الاستمرار فالطريق إلى الأمام محفوف بالمخاطر. يبدو أن الجمهوريات تقتل أبناءها تماما كالثورات التي جاءت بها.

وزيرة سابقة أستاذه زائرة وباحثة أكاديمية في الولايات المتحدة الأمريكية

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
احسنت
محسن -

يتضمن المقال نظرة تحليلية متميزة. نتجة قرارت الرئيس انه انفرد بالسلطة. شكر ا لايلاف على النشر.

قسوة النظام الرئاسي
ناصر تحسين علي -

النظام الرئاسي يتميز بالقسوة التسلط في العالم العربي وانتج مجموعة من الدكتاتورين حكموا لسنوات طويلة بالحديد والنار. فعلا مقال متميز ويجيب عن الكثير من الاسئلة

شكرا
توفيق كاظم العلي -

عندما اقرأ عن انتهاك حقوق الانسان في العهد الجمهوري في العراق اسال نفسي ما ذنب الملك و العائلة المالكة في العراق. الملك فصيل الثاني قتل غدرا في العراق واسرته ابيدت عن بكر ة ابيها لماذا وما ذنبهم؟ نوري باشا رحمه قتل شر قتلة لماذا؟ الملكية في العراق كنت افضل من اي حكم رئاسي جاء بعدها. رحمة الله على العهد الملكي وشكرا على المقال.

تحياتى للدكتوره " الحالمه " وبعد :
فول على طول -

واضح أن الدكتوره ليس لها علاقه بالشرق السعيد وما يحدث به منذ قرون بعيده . سيدتى الجميله : لا يوجد فى شرقنا السعيد ما يسمى بالرئيس السابق ولكن فقط بالرئيس المعزول أو المقتول أو المسجون أو الهارب ..انتهى - ولا يوجد فى شرقنا السعيد شئ اسمه : تداول السلطه أو تقاسم السلطه بل فقط أنا الدوله والدوله أنا - كان يوجد فى لبنان قبل أن تلتهما الذئاب المجاوره - أما الانقلاب على الرئيس فهذا يحدث منذ بدء الدعوه المحمديه وابتلاء بلادنا بنفس الثقافه بل ربما قبل ذلك . ..والأخ يقتل أخاه ..والابن يقتل أباه أو العكس وهكذا دواليك ..أما عن تونس : كان اخوان الخراب على بعد خطوات من الحكم ولو استولوا الحكم فعلى تونس السلام ...وبالتأكيد كانوا سيحاكمون الرئيس وكل من ينتمى الى الرئيس ...العالم شاهد اخوان مصر واخوان غزه واخوان تركيا .وطالبان وداعش وكلهم نفس الفصيله بالمناسبه ..فلا تلومى قيس سعيد لأنه تصرف على طريقتهم - ان لم تكن ذئبا أكلتك الذئاب - هذا شرقنا السعيد وسوف يظل كذلك ..كفى أحلام سيدتى الدكتوره .

كفى أحلام سيدتى الدكتوره .
فول على طول -

أما عن خيانات نواب الرئيس للرئيس فهذا تاريخ طويل ..فى مصر مثلا قام الضباط الأحرار " جدا " بالانقلاب على زعيمهم اللواء محمد نجيب ولم يراعوا ما فعله أو حتى تقدمه فى السن وقاموا بعزله ووضعه تحت الحراسه ..وكان لى قريب يذهب اليه لعمل جلسات علاج طبيعى له وكثيرا ما كان محمد نجيب يحكى له عن الظلم الذى وقع عليه من هم وعن أفعالهم وسرقاتهم وسبب واحد فقط لم يعدموه ولكن محمد نجيب كان يحرص دائما ألا يقوله . طبعا عرفنا ذلك بعد أن مات الرجل ومات عبد الناصر . عراقكم العيد خير مثال على ذلك ولابد أنك تعرفينه أكثر منى ..سوريا نفس الكلام ..الخ الخ ..كفى أحلام سيدتى الدكتوره الجميله الحالمه .

ما يصحش كده ي
ابوالصلوح -

ما يصحش كده يا اقباط ، ناصر بنى لكم اكبر كتدرائية في الشرق وابقى على اوقافكم وعظّم آباءكم ، وبتشتموه ؟! وحفيده عمال يبني لكم فكنايس عمال على بطال ما يصحش كده

مبدعة يا دكتورة
زهير كمال -

دائما متميزة يا دكتورة! أفكار منطقية وعقلانية. أذا كان القوي يأكل الضعيف فالى أن سنصل ؟ستبقى دائرة العنف تدور والدماء تسيل! أعتقد اننا وصلنا إلى القرن الواحد والعشرين ومازلنا ننادي بإن الذئاب تأكل الضعيف بدلا من سيادة القانون! استمري دكتورة ولا تبخلي من كتاباتك.

ما العيب أن نحلم؟
سمير العطار -

مقال عميق ورصين. رغم أني أجد أن المقال واقعي لكن هل من العيب أن نحلم؟ ما العيب أن نحلم بدولة تحترم القانون ما المشكلة أن نحلم بدولة لنا حقوق فيها دولة نكون فيها مواطنين لا رعايا. شكرا دكتورة وإلى مقال أخر أن شاء الله. أرجو أن لا يطول انتظارنا

كنت ولا تزالين استاذتي
علي حسين أكرم الطائي -

مرحبا بك في ايلاف دكتورة مشكاة كنت استاذتي في كلية القانون في بغداد وبفضل طريقتك المبدعة في تدريس مادتي القانون الدولي واللفة الانكليزية نجحت واكملت دراستي. كعهدك نظرتك عميقة وثاقبة وتقفين مع حماية حقوق الإنسان. أستمري دكتورة ولا تحرمينا من افكارك. مع كل التقدير

دائما مع الحق دكتورة مشكاة
محمد كاظم الربيعي -

تحياتي دكتورة مشكاة جامعة بغداد تفتقدك. كتاباتك دائما تحليلية مازالت اذكر مناقشاتك في اطروحة الدكتوراة لاعتماد مبادئ العدل والانصاف كمصدر للقانون الدولي. كنت اتمنى ان تشرفي على اطروحتي. واصلي الكتابة دكتورة فنحن بامس الجاحة للعدالة والانصاف واحترام حقوق الانسان.

...........
كاميران محمود -

المهم ان تتمالكي نفسك لان مشاعر الغضب المصاحب لاحباط جماعات الفاشية الاوبامية عند كل اندحار يصيب معبوداتهم (الفاشية الاسلامية) تفيض منك.كل ما عمله الرئيس دستوري.

ما غفلت عنه الكاتبه كثير
فاطمه مطر -

تلميح السيدة مشكاة لافضليه الانظمه الملكيه على الجمهوريه فيه شطط واضح . فليس بوسع اي عاقل انكار حقيقة ان ملوك مصر جعلوها مزرعة للمرابين ا الذين نهبوا اموال الفلاحين فيما كانت انكلتره تنتهك سيادة مصر بصورة سافرة وتحكم مصر بقوة النار والحديد على سبيل المثال . كذلك ليس بوسع اي مراقب عاقل اغفال خطيئه النظام الملكي في العراق الذي ادخل البلاد في حلف بغداد ما جعل العراق متراسا من عدة متاريس شيدتها الولايات المتحدة في وجه الاتحاد السوفياتي في تركيا وباكستان وايران ايضا . غير ان هذين المثالين لا يعفيان بالضرورة النظامين الملكين في كل من مصر والعراق من خطايا كبرى تمثلت في همجيه الانقلابيين ضد اسره الملك المخلوع في العراق ومن ثم انقلاب الانقلابيين على بعضهم البعض منذ تلك الواقعه وصولا لفترة حكم الطاغية الكبير صدام حسين . كذلك اعاق عبد الناصر نشوء وترسخ ديمقراطية مصريه من خلال حل جميع الاحزاب كما اسهم في تخريب اقتصاد مصر من خلال حصر انتاج سياسات اقتصاديه مخيبه في يده وحده دون الاستعانه باقتصاديين متخصصين مستقلين باعتبار ان ناصر كان مجرد ضابط في الجيش لا المام لديه بعلم الاقتصاد وسبل التنميه الفعاله . واشير ايضا الى ان السيدة الكاتبه في حديثها عما هو جار الان في تونس لم تتطرق البته الى دور اسلامويي حزب النهضه في زعزعة استقرار تونس عبر تحالفات مستتلرة مع جهات ارهابيه وعن دورها ايضا في استشراء الفساد المالي والادراي في تونس . وانا اتفق مع السيدة الكاتبه في تخوفها من استيلاء الرئيس قيس سعيد على جميع السلطات ما ينذر باحتمال نشوء حكم استبدادي رغم قناعتي الخاصة ان وعي التونسيين الذين خبروا الحريه والديمقراطية منذ عهد الراحل بورقيبة وان رقابه العالم الديمقراطي لمجرايات الامور في تونس سوف تحول في الارجح دون نشوء ديكتاتورية جديده في تونس البلد العربي الوادع الذي نتمنى له الخروج من محنته في اقرب وقت

شكرا سيدتي
جمال العمري -

مقالة متميزة وتسلط الضوء على حقيقة مهمة أن الجمهوريات العربية تفشل في تداول السلطة بشكل سلمي لانها جاءت بطريقة غير سليمة. الكثير لا يعرفون أن حلف بغداد وفر حماية وضمان لاستقرار العراق ومنذ انهياره والعراق يدور في دوامة الحروب. حلف بغداد ينص وببساطة على عدم اعتداء كل من تركيا وايران والعراق وباكستان على بعضهم البعض ما المشكلة في ذلك؟ وهل يجب ان تقتل العائلة المالكة كلها بسبب ذلك؟ هل يجب قتل الاميرات وجدة الملك رميا بالرصاص؟ شكرا سيدتي على الطرح المنطقي واتطلع لمقالك القادم

فيتو غربي ان لا ينهض الشرق العظيم ولا تقوم فيه نهضة و لا حرية ولا كرامة لانسان
ابو بلال -

بعيدا عن بذاءات الملاحدة التي تليق بهم وتلطخ وجوههم الكالحة الباردة الصفيقة واخوانهم في الدين الكنسيين نقول ، ان هناك فيتو عالمي ان لا ينال هذا الجزء من العالم حظه من الحرية والكرامة والديمقراطية وحكم الشعب نفسه لنفسه ، سيستمر هذا الفيتو حتى زوال او ضعف النظم الطاغوتية الغربية ، بعدها سينهض الشرق ، وتسوده الخلافة الراشدة ..، سرعان ما سارعت النظم الغربية التي ترعى النظم المستبدة في شرقنا العظيم بعد مخاتلة الى الاعتراف بالانقلاب على الشرعية المنتخبة في مصر و تونس وقبل ذلك الجزاير ، وحاولت في تركيا ولكن الله سلّم ،

من الأخر ..كما يقول المصريون ..
فول على طول -

سيدتى الدكتوره الجميله : نحن أبناء ثقافة القبيله والعشيره ..وكبير العشيره هو العشيره نفسها ..والعشيره هى الكبير ولا أحد غيره ...لا يوجد من ينوب عنه حتى مماته أو " عزله " بالقوه . وفى بلادنا السعيده هناك خياران فقط : الخيار الأول هم العسكر أو الديكتاتوريه العسكريه أو ما يماثلها ..والخيار الثانى هم الدواعش ..انتهى - ولا يوجد وسط بينهما ولا يوجد فرق بينهما غير أن الدواعش أكثر صدقا ولا يخبئون شيئا وحتى فى ملابسهم ومظهرهم فهم واضحون ..تحياتى يا دكتوره وكفى أحلام .

اباء كنيستك الهرطوقية الشمال يتقاتلون على النسوان
برسوm -

قساوسة ورهبان الكنيسة القبطية في مصر يقتلون بعضهم البعض في صراعهم على النسوان والاموال و المناصب