ظاهرتا المقاومة والتحويل والامتداد الأقوى لعبادة السلف
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
على اختلافها وتعدُّدها في اللاوعي الإنسانيّ، تبقى ظاهرتا المقاومة والتحويل، من بين جميع النوازع الفطريَّة وردود الفعل اللاواعية، العائقَيْن البارزَيْن في منع الإنسان من تحقيق فرديته، وصيرورته إنساناً حُرَّاً مستقلاً، وتغييبه ضمن منطق القطيع والجماعة.
فبعد إخراجنا هاتين الظاهرتَيْن من مفهومهما الإكلينيكيّ الضيّق، أي اعتبار المقاومة العائق الدائم في وجه الشخص الخاضع للعلاج النفسيّ والساعي نحو الشفاء، واعتبار التحويل منعاً للفرد من الاستقلال عمَّن كانوا في ما مضى مسؤولين عن مصيره، والمقصود هنا الأم والأب، يمكننا اعتبارهما المشكلتَيْن الأساسيتَيْن والأزليتَيْن اللتين تمنعان الإنسان من تحقيق حريته واستقلال قراره وخياراته. ويمكننا كذلك اعتبارهما الامتداد الأكثر تأسُّلاً لعبادة السلف، أي الأم والأب، والرغبة في البقاء ضمن دفء رحم الأم، والعجز عن السير خطوة واحدة بعيداً عن سقف بيت الأب.
فإذا أمعنَّا النظر نجد أنَّ جُلَّ ما تفعله المقاومة يكمن في منع زهرة المرء من التفتُّح، وفي رفض ومقاومة أيّ فكرة جديدة هدفها تقدُّم المرء باتجاه الأمام والمستقبل!
وتحاول المقاومة على الدوام، ما أمكنها، جذب أفكار المرء وطموحاته وطريقة عيشه نحو الوراء.
إنَّ هذه المقاومة باختصار هي ميلٌ نكوصيٌّ شديد، هدفه التقهقر إلى الخلف، حيث الماضي والطفولة والاتكال والتعلُّق والأم.
وبما أن المقاومة ترفض التغيير وترفض التجديد، فهي تخشى المجهول أيضاً، وتحاول احتواءَه بشتَّى الوسائل والطُّرق البائدة، وهي تخشى المجازفة وكل ما هو غير يقينيّ، ويبقى هدفها الوحيد والدائم فقط هو جعلُ الحاضر في حياة الإنسان ماضياً!
بالمقابل نرى بأنَّ التحويل يأتي مُكمِّلاً لأعمال وأهداف هذه المقاومة! فبعد أن يخفق الفرد في "قطع الحبل السُّريّ" الوهميّ الذي يربطه بأمّه، إن صح القول، يأتي التحويل ليُغرقَ الفرد في أشكال الإنتماءات الزائفة، والهادفة فقط إلى منع حريته، وإعاقة جعلهِ إنساناً حُرَّاً مُستقلَّاً في قراراته وحياته، وذلك بصَهرهِ وتذويبه ضمن منطق التكتُّل والحزب!
ومن خلال "نزوعٍ دائمٍ نحو التكرار" (والمصطلح لفرويد هنا) يتم تحويل المشاعر القديمة التي كانت تستهدف الأبوين، إلى الأصنام الأيديولوجية الجديدة!
باحث سوري في علم النفس التحليلي.