الجمال المطلق

الجمال هو تناسق الأضداد وتكامل الأشياء وسير الأمور على الطريقة الصحيحة هو أنبل الصدق وأعذب النطق، اتفق على أصالته الخلق، هو جوهر الفن ونور الحياة وبهجة الكون وزهرة الدنيا وثمرة الكفاح ولوحة الإبداع الخلابة، هو التجريدفي بساطته والتركيب في رونقه الباني والمُشَيِّد لدعائم الوجود، هو نضارة الورود ووضاءة النجوم في السماء ورخيم الغناء وطيب النغم، هو ملكة الإبداع نحس به في نسمة الهواء وندركه في الصباح والمساء في الأرض كامن وساكن وفي الجو محلق ودائم، مبسوطاً لايعرف القبض مرفوعاً لا يزري به الخفض مطلوباً لا يقابل بالرفض.
الجمال هو الحكم الصائب والتصور السليم والفطرة السوية، هو الينبوع المعين الذي ينهل منه الجميع الذوق الرفيع والأدب الفائق والخُلق السامق والقوام الباسق المكوِّن لكل ما حوى الوجود من إيجاب، يكاد ينطق بكل صوت وبكل لغة.
الجمال هو المعرفة الحقَّة والدقيقة والواضحة، هو النجاح والفلاح، هو الفوز والتصريح والفلق الكاشف دياجير الظُلَمِ والشرور هو الفاضح للدمامة والنشاز هو الأصل، والثابت المطلق وماعداه عدم محض حتى لو تُـوِهِّمَ باطلاً حدوثه، هو توافق الظاهر مع الباطن.
الجمال مرتبط بالأخلاق الفاضلة والقيم السامية يقوم بترتيب الأوضاع على النحو المطلوب والنسق الأمثل والمعيار الصائب، الجمال ليس في الطبيعة فقط بل يوجد في كل شيء من خلق الله سبحانه فقد خلق الله جميع مخلوقاته على نظام محكم الجمال وعجيب جداً في الدقة اللامتناهية الفريدة، فلم تكتمل العلوم والمعارف ولم نجتني ثمارها إلا بتتوجها بالحسن البديع، هو أروع ما في المثالية وأجمل مافي الواقعية لا يتعارض الا مع الشر والعدمية المطلقة.
الجمال لا يزيح بعضه بعضا بل يتمم للشيء وماجاوره من اشياء فاتنة، الجمال مطلق المعنى شامخ المبنى، فهو مادي ومعنوي وحسي وعقلي، الجمال لا ينفكّ عن كل شيء يمكن أن يتصور ويتخيل فضلاً عما قد وقع عدى الشرور والسلوب والقباحات الجمال هو الوجـود.