المثقف: وجوه ومرونة الأقنعة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
يخلط الناس بين المثقف والمتعلم ووصفهما المعنى بسذاجة وهشاشة وعشوائية على اعتبار كونهما ينهلان من نبع واحد وهو التعلم، والحقيقة أن تعريف المثقف يختلف عن تعريف المتعلم المؤطر بالدرس، أو المريض المتعالم الذي حصل على مكانة وظيفية من خلال تعلمه الأكاديمي بمنظور مالك بن نبي، هذا الذي يجنح للوظيفة ولا يتعدى رصيده حدود الحقل الذي يشغله. ما يهمنا في هذه العجالة هو تعريف المثقف الذي ينحدر من كلمة الثقافة التي هي نتاج المجتمع بحسب ماركس، أو بتعريف نعوم تشومسكي: "المثقف هو عدو السلطة والمعارض لها" ويؤيده في تعريفه هذا ادوارد سعيد الذي يعتبر المثقف: "ليس صديقا للسلطة". ولأن المثقف وجوده أصيل مذ بداية الحضارة الإسلامية التي شهدت جدلا واسعا وسجالا بين نخبها وزمرها بخاصة المعتزلة منهم ونخب الأئمة مالك وأبو حنيفة مع الأمويين والعباسين ونقد السياسة المنتهجة وقتذاك، رغم ازدهار العلم بوجهيه الديني والدنيوي؛ لذا فإشكالية المثقف والإقصاء ليست وليدة اليوم بل ممتدة في التاريخ الإنساني أيام حرب البرلمانيين على المتنورين والفلاسفة اليونان وما تبعها من تداعيات القتل والسجن والنفي للمثقف؛ الذي يمثل قيم الخير والحرية والمبادئ التي تحصنه ليكون القدوة طريقا إلى الاختلاف بحسب فوكو؛ هذا الذي حمل التهمة من زمن بأنه المفسد للعقول، وإن كان هو المدافع عن المظلومين، الواقف مع الحق، المبيّن للحقيقة، الداعي إلى الوعي والتنوير لأجل حياة كريمة للجميع، وبذلك فالمثقف لا يمكن أن يكون متناقضا مع نفسه بأن يحمل اللقب وفي ذات الوقت يمارس الإقصاء والتهميش على غيره، وهذه مهنة لا تلتصق إلا بالظلم والاستبداد والخارجين عن الأخلاق من الساسة والعسكريين والمتسلقين المتعلمين؛ الذين يتخذون الأحزاب طريقا إلى الامتيازات أو التمسح بأذيال السلطة.
إن الأسباب لكثيرة؛ وأنت تتابع الراهن السياسي العربي الذي يشهد تجاذبا وصراعا غير منتهي بين القوى السياسية التي لبست جبة المعارضة تارة، وجبة النظام تارة أخرى، وهذه التي أسست تقاليد رديئة بتهافتها على امتيازات الدولة المغرية، التي جعلت من المتعلمين الذين حصّلوا وظائف يتآمرون على بعضهم البعض. وانطلاقا من الإيديولوجية تشق الفئة الطريق على غيرها بنرجسية وأنانية أنستها حق غيرها في المشاركة الديمقراطية وفي صناعة القرار، فالصراع المحتدم بين الفئات التي يغذيها الطرف الخارجي وتأخذ منه الأوامر رَهَنَ فكرها، فصارت تعاني الاستلاب ولا تُخضع تفكيرها إلا بما ينتجه الآخر. وهنا فالمتعلم يمارس الإقصاء على أربع مستويات، إقصاء المتعلم لذاته حين يترك مهمة العقل وهو التفكير لأجل الخروج بالحلول، وبعدها للمتعلم حليفه من جنسه والذي يرى فيه عدوا ينازعه الامتيازات ويريده أن يكون تابعا أو سلّما يستعمله، ووسيطا يعرف من خلاله مداخل السلطة ومخارجها، فيخترق به الجماعات والنخب للوصول إلى مآربه، وبعدها التخلص منه بشتى الوسائل، وإقصاء آخر للمثقف النزيه الذي يفسد عليه خططه ويفضحه أمام العامة؛ وبذلك يلجأ إلى حصاره وتدبير المكائد التي تطيح بمشواره وتعطله، وبعدها إقصاء للآخر الآخر الذي يحيا مع طبقات المجتمع والناس ويؤثر فيهم وله أتباع ومناصرين غيرة وحسدا منه، وخوفا لتوجيه الناس إلى وجهته أو لطرح اسمه بديلا عنه للدعاية والإعلان الإعلامي خدمة لما يخفيه طلبا للسلطة والاغتناء. الجدير بالتنويه: المثقف العضوي الخادم للسلطة لم نتكلم عنه فلا خوف منه وقد يكون صريحا وصداقا فيما يقول، لأنه يعلنها صراحة بأنه مدافع عن السلطة وناطق باسمها، كما أي مثقف آخر ناطقا باسم الحزب والايدولوجيا والدين ويكون صادقا على من يدافع.
التعليقات
أول من يحتاج الى التثقيف هم من ..؟
فول على طول -يقول الكاتب : المثقف هو عدو السلطة والمعارض لها" ويؤيده ..انتهت الجمله والحقيقه أرى أن الكاتب مجرد ناقل للكلام فقط ..بالتأكيد ليس من الضرورى أن يكون المثقف عدو للسلطه أو معارض لها ....انتهى - ويقول أيضا :ولأن المثقف وجوده أصيل مذ بداية الحضارة الإسلامية ونحن نسأله هل لم يوجد مثقفون قبل ذلك ؟ وهل للحضاره ديانه كى تتشدق بالحضاره الاسلاميه ؟ وما هى الحضاره الاسلاميه فى ىلد المنبع أى الربع الخالى حتى يقيموا حضارات خارجه ؟ يا عزيزى الكاتب : العرب غزوا البلاد واستولوا عليها وعلى حضارات جاهزه بل دمروها وهذا تاريخ . يتبع
تابع ما قبله
فول على طول -ويقول الكاتب : ونخب الأئمة مالك وأبو حنيفة مع الأمويين والعباسين ونقد السياسة المنتهجة وقتذاك، رغم ازدهار العلم بوجهيه الديني والدنيوى ..انتهى الاقتباس . يا سيد خالد : الدين لا يحتاج الى علماء بل هم يقومون بتدوير بضاعه قديمه جدا منذ الاف السنين ويرددون ما قاله السلف الصالح دون نقاش ويعتبرونه مقدس بل يقدسون أبو حنيفه ومالك والبخارى مع أنهم بشر وكانوا فى زمن التخلف والانحطاط وتفكيرهم لا يتعدى عصرهم ..أرى أن المثقفين من الذين أمنوا ويتصدون للكتابه يحتاجون الى محو أميتهم أولا .