التّأمّل
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
من أبواب بلوغ الحكمة : التأمّل!
وفي التأمل مسافةٌ شاهقةٌ نقطعها بيننا وبين أنفسنا، إنه السفر بلا طائرة، والتحليق بلا أجنحة، والارتقاء بعيدًا من عالم المادّة والقوالب الجاهزة صوب عالم ممتدٍّ الى اللا نهائيّ من الرؤى..
في التأمل عودةٌ إلى الأسئلة القديمة في دواخلنا، تلك الأسئلة التي تُركت من دون إجابات، من دون الوقوف عندها، أو الغوص في أحداثها وتفاصيلها ومحاولة إيجاد الأجوبة الشافية لها،
حين يقف المرء وقفة تأمل، فإنه يعود بالزمن إلى تلك اللحظات التي لم يتجاوزها قبلًا، إلى المواضيع التي تركت بلا عناوين، إلى الأسطر التي بقيت بيضاء باهتة مثل ألوان الخيبة والخذلان، لا روح فيها ولا حياة،
في التأمل لوحاتٌ إرشادية على قارعة طريق المسير، ترشدنا نحو النهايات التي لم نكن نتوقعها ولم نكن نتخيلها، ولكننا واصلنا المسير متجاهلين الأمر.
حينما أرى صديقًا شرد في لحظة تأمل لا أقاطعه بتاتًا، أعرف هيبة الموقف وأعلم أنه ذهب إلى حيث ينبغي عليه أن يكون، وهناك ربما التقى بصديقٍ قديم، أو بأخٍ غائب، أو حتى بحبيبةٍ كان الزمن كفيلًا أن يسرقها منه، فأخذ يعاتبها على موقفٍ حدث قبل عشرين عامًا…
تأسرني اللحظات التي تكون فيها الحقيقة وهمًا، والوهم حقيقة! تلك الإشارات الخفية التي تظهر فجأةً على وجهٍ شارد فتجد دمعةً غريبةً تقاطع ضحكًا متواصلًا، ليضجّ المشهد بالتناقض والغرابة التي قد لا يلتقطها من حوله،
ولكن الحقيقة هي أنه لا غرابة مع هذا الإنسان العجيب الذي يختزل بداخله عوالم لا نهاية لها،
إذ كلّما أمعنتُ النظر والتفكير بدا لي أن هذا الإنسان هو آلة الزمن العجيبة، التي أفنى العلماء أعمارهم في سبيل استكناه أسرار حقيقتها وجوهرها…
غير أن آية قرآنية واحدة تعيدنا الى نقطة التأمّل الأولى:
( وما أوتيتم من العلم إلا قليلا )..!!!