متى ستعترف بريطانيا بفلسطين؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
على الرغم من أن بريطانيا هي أساس وجود الصراع في الشرق الأوسط وتتحمل المسؤولية التاريخية عن وعد بلفور وما ترتب عنه من معاناة وحروب وخسائر مادية وبشرية في المنطقة ككل، الا أن الموقف الرسمي فيها لا يزال يتعامل بمنتهي الانحياز التام لإسرائيل وتختزل فلسطين من المشهد، مع انها طرف أساسي في معادلة الصراع، ومكون تاريخي في الأرض التي انتدبها البريطانيون بموجب اتفاقية سايكس-بيكو.
وفي حين تعترف الأغلبية في الأمم المتحدة بفلسطين، بعدد 138 من أصل 193 عضوا، تنتظر بريطانيا أن يحين الوقت لذلك كما قال بوريس جونسون في كتابه The Churchill Factor، وكأن بريطانيا تتخوف من أن يشكل هذا الاعتراف طلاقا بينها وبين الجمعيات اليهودية المؤثرة في المجتمع البريطاني وأن يحدث هذا شرخا في علاقاتها القوية مع إسرائيل ومع العائلات اليهودية التي تحرك الاقتصاد البريطاني بأموال طائلة، أو ربما هناك تخوف من أن الاعتراف بدولة فلسطين سينجر عنه دفع فاتورة المسؤولية التاريخية في الصراع وإقرار أن بريطانيا هي التي سببت معاناة الالاف من اللاجئين والضحايا.
في أعقاب حرب غزة 2014، صوت النواب البريطانيون بأغلبية ساحقة للاعتراف بدولة فلسطين، لكن ذلك لم يكن كافيا لتحقيق اعتراف رسمي بدولة فلسطين، ليأتي بعدها ترامب بصفقته المجنونة ويعيد التردد البريطاني الى تجاهل، واستمرت بريطانيا بترديد نفس الأسطوانة: سنعترف بفلسطين في اللحظة التي نختارها وعندما يكون من الأفضل لها المساعدة في تحقيق السلام. لكن لم تكن هناك عملية سلام منذ أن ألقى جون كيري المنشفة في أبريل 2014، كما زادت الأمور تعقيدا مع الانقسام الفلسطيني الذي لم بزد القضية الفلسطينية سوا ضعفا وهوانا.
لم يحرك تقرير منظمة العفو الدولية الأخير حول فلسطين ساكنا في الموقف الرسمي البريطاني، ولم تبحث بريطانيا على حث إسرائيل بوقف عمليات الاستيلاء على الأراضي والممتلكات الفلسطينية، والتهجير القسري، لكي تتمكن من إرساء أسس السلام. هذا يوضح وبشكل قاطع أن بريطانيا لا تبحث عن تدليل العقبات التي تقف حيال السلام، معنى هذا أن بريطانيا تؤكد أنها لا تقف موقفا محايدا بل تغض النظر عن الانتهاكات الإسرائيلية التي ينجر عنها التصعيد وهو ما يجعل السلام غير ممكنا، كما رخصت الحكومة البريطانية ما لا يقل عن 361 مليون جنيه إسترليني من مبيعات الأسلحة لإسرائيل منذ عام 2014. وذكرت منظمات حقوقية ترعى السلام أن المراجعات الحكومية السابقة وجدت أنه من المحتمل أن أسلحة بريطانية الصنع قد استخدمت ضد الفلسطينيين.
من غير المقبول من الناحية الأخلاقية أن تواصل الحكومة البريطانية سياستها الحالية غير المتكافئة تجاه إسرائيل وفلسطين - بل سيكون من النفاق تبني موقف حاد فيما يتعلق بالتوترات المتصاعدة في أوكرانيا وغض النظر عن ما يجري في الشرق الأوسط. كيف لرئيس الوزراء البريطاني أن يقول "لن نقبل عالما يمكن فيه لجار قوي التنمر أو مهاجمة جيرانه. لجميع الناس، بغض النظر عن مكان ولادتهم، الحق في العيش بأمان واختيار من يحكمهم وتحديد المنظمات التي يريدون أن يكونوا جزءًا منها"، أليس هذا كيل بمكيالين فاضح؟
ان للاعتراف البريطاني بدولة فلسطين أهمية رمزية قوية. لما من شأنه أن يعزز الموقف المبدئي الراسخ في القانون الدولي، بأن الطريقة الوحيدة لحل هذه النزاعات العالمية الأكثر استعصاءً وانقسامًا هي دعم الحقوق الوطنية وتقرير المصير لكلا الشعبين، خاصة وأنه يأتي من دولة عظمى كانت أساس وجود الصراع. كما ان الاستمرار في التهرب من دفع فاتورة وعد بلفور، يضع مصداقية بريطانيا في المحك كدولة تدافع عن حقوق الانسان وترعى حق الشعوب في العيش بسلام. لا بد لبريطانيا أن تصحح خطاءها التاريخي بإنصاف الشعب الفلسطيني ودعم جهود السلطة الفلسطينية في إقامة دولة جوار دولة من دون التسليم حق قيام.
التعليقات
كيف ؟!
غزاوي -أدانت حملة برايتون للتضامن مع فلسطين، بناء حديقة في كيان الاحتلال الإسرائيلي باسم "الحديقة البريطانية"، على أنقاض قرية "عجور" الفلسطينية المهجرة، والتي تم تطهير سكانها عرقيًا، بتمويل الصندوق الوطني اليهودي البريطاني.