كتَّاب إيلاف

أممٌ وشعوب تبتكر ونحن ننكسر

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

عجيب أمر أمّتنا هذه المصابة بسقام التخلّف الهائل وهوان العجز المفرط وتأبى ان تساير الشعوب المتطلعة للرقيّ في أوان العصرنة والحداثة وثورة التقنية العولمية، وتوسيع أفقها الانساني لتجاوز وعبور المضائق القومية وحَوَل النظرة والرؤى الدينية والعقائدية والإمعان في التمايز والتفريق في قناعات الانسان الإيمانية وبروز النرجسية التافهة بين فكر عقائدي وآخر لتأجيج العداوات والبغضاء بين ابناء الوطن العربي الواحد، وكأننا لانعرف سوى النزاعات مسلكا واختلاق الخصومات ديدناً وإشاعة البغضاء والضغائن والكراهيات منهجا؛ ففي كل حين تجيئُنا مصيبة مفزعة؛ هناك حرب شعواء وهنا اضطرابات بلهاء وتلك مدنٌ تحترق وأقوام تنزح من ديارها رغما عنها هربا من موت محقق او عاهة مستدامة أو وباء متفشٍ او مجاعة في زمان قحط وخمول مفرط سوف يودي بنا الى الهلاك لا محالة.

حتى الربيع العربي الذي زحف علينا قبل سنوات منقذا ومخلّصا وكنسَ أعتى ديكتاتورياتنا لم نحسن الترحاب به وتقويمه وتدويره بالشكل الذي يرضي جماهيرنا وهي التي أوقدت شعلته ومهّدت الطريق له فأضحى وبالا وويلات لا زالت مؤثراته السلبية فينا بدل ان يكون خيرات وسعادات وقفزات نحو الرخاء والنماء والارتقاء السياسي والمجتمعي باتجاه المدنية والديمقراطية.

ايّ عيبٍ كبير فينا!، وايّ سوءٍ ونحسٍ يلازمنا، شعوب مثلنا ترقد على مناخ رائق ومعتدل مشمس على مدار السنة وتغفو على ارض مليئة بكنوزٍ ومعادن وبوسائل الطاقة من نفط هائل في خزينه الستراتيجي ومعادن وفيرة ولا تحسن ترتيب حياتها ولا تريد ان تخلع لباسها الرثّ المرقّع بالسوءات والعيوب وتظل معلقة ومتشبثة بإرث ماضٍ عجوز بلغ سنّ اليأس لا ينجب جنينا ولا يلد جديدا ولا يطبب سقما ولا يسقي زرعا ولا يروي غليلا ولا يصنع آلة استهلاكية او انتاجية تُقيم اقتصادنا ناهضا بدلا من اقتصاد الريع السائد فينا وحجارة صماء يابسة لا تعلو بناءً وعمرانا بل تبقى فينا سجّيلا نرمي بعضنا بعضا بمنجنيق الكراهة والبغض والشتيمة والضغن.

لم يجانب الصواب ذلك المثل المأثور الشائع: "يُوهَب الجوز لمن لا يمتلك أسناناً"

كثيرا ما أحار وانفث ما في دواخلي من هموم متحسّرا على هذه الكتلة البشرية الخاملة المحبّة للاستكانة والاسترخاء الطويل وانا اقرأ مؤخراً ابتكارا علميا هائلا في الرقيّ والانجاز العقلي؛ إذ نجحت الصين بقدرات أبنائها من جمع عيّنات من الجليد القابل للاحتراق وجمَعتْه من بحر الصين الجنوبي ليكون بديلا عن الطاقة الناتجة من النفط والغاز لتوليد الطاقة لهذا التنين الضخم ولأبنائه وأحفاده الذين زادوا على المليار ونصف نسمة.

هذا الجليد "الملتهب" حراريا والمكوّن من بلورات موشاة بهيدرات غاز الميثان سيكون في المقبل القريب والبعيد شعلات من نار ووقود للطبخ في كل بيت ومادةً حرارية للتدفئة والتبريد في المصانع والمزارع والمجمعات السكنية والآليات وتسيير قاطرات المترو وبنزين الطائرات والسفن البحرية والفضائية لتعزيز الملاحة الجوية والبحرية.

ومن يدري فقد تبحر هذه السفن في باطن الارض لتغور في حميمها وتأتي بالعجائب والغرائب وما يذهل العقل البشري ويمتعه معا بالخيرات المكتنزة في اعماق معمورتنا الثريّة الواهبة!.

اما نحن العرب المستعربة فداؤنا قد استشرى ودواؤنا العتيق الموصوف من السلف الصالح وغير الصالح المنتهية صلاحيته ما عاد شافيا ناجعا؛ وها نحن ننتظر شهادة وفاتنا قريبا جدا لنلحق بثمودٍ وعاد من العرب العاربة لنهلك بالطاغية في حياتنا النزرة المتبقية لنا؛ وليس بالرياح الصرصر العاتية؛ فهذه الرياح هي الأخرى أصبحت طوع أمر العقول الناجزة مصدرا من مصادر الطاقة والكهرباء من خلال طواحين الهواء لنماء أوطان ذوي المدنية والتحضّر؛ لكنها علينا وبالاً وهلاكاً لأننا لا نحسن استخدام ما حبتْه الطبيعة الكريمة لنا لسبب بسيط هو ان عقولنا عاجزة أو بالأحرى أعجزَها من نسميهم قدوتنا ورعاتنا وماسكو زمام أمرنا ولا أجانب الصواب لو قلت انهم يريدوننا أن نبقى متخلفين واهنين جهّال راعشي اليد ليسهل تحقيق مآربهم ويفسدوا ويسرقوا ويظلموا ويشيعوا كل ما يسيء الينا دون ان نحرّك ساكنا أو ننبس ببنت شفة.

لنعترف بجرأةٍ ودون استحياء بهواننا وتراخينا وهذا هو ذا الفرق بين أمم تحقق الإعجاز وهو تخوض غمار الإنجاز وأمم لا ترى منها إلاّ الاستكانة والعجز والإزعاج.

مع الأسف تلك سِمة أمتنا العاطلة المعطِّلة فقدت منبر السيف والقلم كما قال قبلا عمر ابو ريشة وارتخت يدها فلم تستطع ان تبني او تُنهض صرحا او جدارا الاّ وطلبت معونة الأمم الاخرى، لم تهتمّ بمبدعيها وأولادها من البُناة والسُعاة الى نمائها وارتقائها وترفع سيفها لتقتل كل من يريد ان يجدّد ويعمّر ويغيّر.

أمتي الماجدة قبلا أضحت تنام على وسادات ماضٍ أنجبَ في مرحلة ما لكنه عقم وشاخَ وبلغ به الوهن حدا ميؤوسا منه؛ هي الان تُجعجع بلا طحن وتفخر بلا نتاج ماديّ او معنوي وتملأ الدنيا ضجيجا بلا مكننة وبلا أزيز المحركات الصناعية او العقلية، والأغرب انها لا تصمت خجلا من نفسها ومن بقية أمم الدنيا وكثيرا مانسمعها تُـعْول وتصخب وتفخر بلا منجز وتتباهى بلا معجز وتستعرض دون محفل.

لنقُل بملء أفواهنا اننا انتكسنا في الابتكار العلمي والتقني، وفشلنا في ان نساير بقية الامم في ميادين التحضّر والرقي السياسي والاجتماعي، عجزنا عن فهم واستيعاب وممارسة الحياة الحديثة المدنية القائمة على السواسية والحرية والديمقراطية الحقة غير المشوهة، فشلنا في تقديم انجاز واحد للبشرية في العصر الحديث ، فالفشل والانتكاس غالبا ما يشير الى نوعين من رد الفعل أولهما انتكاس وشعور بالهزيمة والإحباط يجعلنا ننطوي على مقدار تخلفنا على انفسنا ولا نقنع بعجزنا ولا نقبل ان يقال لنا اننا في اخر الصفوف من الرقي ونأبى الإفصاح عن علّتنا من باب المكابرة الرعناء ليس الاّ، واما النوع الثاني فهو يجرّنا الى ممارسة العنف أينما كان سواء في محيطنا او محيط الغير ويجعلنا نرفض هذا العصر كلّه ونكرهه فنفجّـره بوجه من يصنعه ومن يمارسه شعورا بالضغينة والحقد والحسد ضد الناجحين ولهذا نرى بين فينة واخرى حدوث عمليات عنيفة تعدّ غالبا ارهابية عنيفة هنا وهناك.

تلك هي هيستريا العنف التي تلازمنا لأثبات وجود لكن في جانبه السلبي، بينما الامم الاخرى تثبت وجودها في الجانب الايجابي المنجِز المبتكر ولعمري ان هذا هو الفرق بين امة مبتكرة وأخرى واهنة منكسرة.

jawadghalom@yahoo.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
شرط النهوض بعيداً عن جلد الذات والاحتقان النفسي
امجد -

بعيداً عن جلد الذات والتنفيس عن احتقان ، فإننا نقول نحن كشعوب عربية مسلمة نقبع تحت انظمة وظيفية قمعية عميلة للغرب وجاسوسية له ، وحتى العملاء الذين جربوا التمرد على الغرب جرى تدمير مشاريعهم النهضوية مثل مشروع محمد على باشا في مصر وبعده مشروع عبدالناصر ومشروع صدام حسين ، المشاريع النهضوية الحقيقية والانتاجية والتي تعبر بالشعوب الى الاستقلال الوطني والابداع والابتكار يحاربها الغرب ويبقي فقط على المشاريع الاستهلاكية التي تكون موادها الأولية مستوردة منه لن يسمح الغرب للشرق المسلم بنهضة حقيقية في ظل وجود الانظمة الوظيفية والكيان الصهيوني ولذلك لابد ان تتوجه الجهود أولاً لإزالة هذه النظم والكيانات الوظيفيي واولها الكيان الصهيوني .بالنهاية قرار التقدم يحتاج الى إرادة والى قوة معنوية ومادية تحميه وهو قرار مؤجل حتى ازالة النظم الوظيفية العربية الخانعة وظهور نظام عربي شعبي مستقل ، ان من شروط اي نهضة ان يكون هناك مشروع وارادة وتمويل باذخ ومراكز بحثية واهتمام بالنوابغ والمبادرات الفردية وأندية علمية ومناخ حر وكل هذا غير متوفر في ظل انظمتنا الوظيفية القمعية ودولنا الريعية والاستهلاكية ..

الى الغبى منه فيه وبالعكس - وبعد التحيه
فول على طول -

المتعوس متعوس يا غبى ولو علقوا فى رقبته مليون فانوس ... نام أنت وارتاح ..الغرب والحكام الخونه قاعدين على طول ..عموما حتى لو اختفى الغرب الكافر الذى يتامر عليكم من على سطح الكره الأرضيه هناك سكان الكواكب الأخرى سوف يتامرون عليكم ..مع أنه لا أحد يتامر على الأموات . عموما أنتم تجيدون فقط تعليل أسباب فشلكم بأن الأخرين يتربصون بكم ..الغريب أنكم تعرفون ذلك وتعرفون من يتربص بكم ولا تفعلون شيئا بل تسقطون دائما لأنكم أذكياء بالفطره . ربنا يشفيكم

الى الغبى منه فيه وبالعكس - وبعد التحيه
فول على طول -

طيب ما هو الحل ؟ يعنى كيف يختفى الغرب من العالم حتى تنهضون ؟ يعنى ممكن أنت وجماعتك تقضون على الغرب وتريحونا وتريحوا أنفسكم ؟ وكيف تتخلصون من زعمائكم الخونه دائما ؟ يعنى من أين يأتى حكام غيرهم يحكمونكم ؟ وهل تضمن أنكم سوف تنهضون بعد التخلص من الغرب ومن حكامكم الخونه أم هناك أسباب أخرى سوف تظهر مجددا ؟ يعنى ممكن سكان المريخ يتأمرون عليكم ..ما الذى يمنعهم من ذلك ؟ وما الذى يمنع سكان جوج وماجوج العراه تحت الشمس من التامر عليكم ؟

الى الغبى منه فيه وبالعكس - وبعد التحيه
فول على طول -

لا تنسي أن كتابكم الذى لم يحرف أكد على وجود سبع أراضين وكل أرض بها أدم ونوح وموسي الخ الخ وكل أرض بها نبى ..وبالتأكيد بها كفار وسوف يتامرون عليكم ...يعنى الموضوع لن ينتهى ..ماذا ستفعلون ؟ هل ستظلون هكذا أم ماذا ؟ أم سوف تنسفون الكره الأرضيه وتنتهوا من الكفار ومن كل من يتامر عليكم ؟ اياك أن تفعلها لأنكم أيضا سوف تهلكون . تحياتى لو تفعلونها .

الهيستيريا الفولاؤوسية
حمص الشام -

واضح من رش الفوال لثلاثة تعليقات دفعة واحدة أنه دخل مرحلة تشنجية هستيرية ونوبة عصبية عندما قرأالحقيقة التي يعرفها الجميع عن تآمر البشر على بعضها البعض هو طبيعة بشرية وليست وليدة اليوم أو هي حكر على العرب والمسلمين فقد وردت في الأساطير والكتب الدينية والفلسفية وقد ورد في القرآن( إذ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ) وقابيل قتل هابيل وهارون تآمر على موسى ويهودا الإسخريوطي وشى بالمسيح والكنائس الرئيسة الثلاث تتآمر على بعضها البعض والأشكيناز يتآمرون على السفرديم وأرثوذكس مصر يتآمرون على البشرية جمعاء وحسب قول المطران جورج خضر لو مسكوا السلطة ليوم واحد لأبادوا البشرية جمعاء لأن الجميع كفار ما عداهم حسب أقوال كهنتهم وبأنهم الوحيدون الذين سيدخلون الملكوت . وإلا ماذا تعني المؤامرة بالنسبة لهذا المهووس والمملوء بالحقد والكراهية؟ عزيزي سيد جواد أصبحت الحلول اليوم واضحة وضوح الشمس وتتلخص بالقضاء على السرطانات الخبيثة التي تنعف في خاصرة العالمين العربي والإسلامي من البعض من بعض الأقليات العرقية والدينية العنصرية الحاقدة التي كرست حياتها للغدر والخيانة والتآمر على الشعوب التي تنتمي إليها وخاصة بعد أن كشفوا أقنعتهم وكنا نحسبهم شركاء بالآمال والآلام فإذا بهم أفاعي وعقارب حسب وصف مخلصهم لهم. وعندها سنبدأ بالإبتكار وننسى الإنكسار.

ردا على الشتام اللئيم فولاؤس الصليبي الغريغي
ابوالعلا -

إن جامعات الغرب لم تعرف لها مدة خمسة قرون موردًا علميًّا سوى مؤلفاتهم، وإنهم هم الذين مدَّنُوا أوربا مادة وعقلاً وأخلاقًا، وإن التاريخ لم يعرف أمة أنتجت ما أنتجوه في وقت قصير، وأنه لم يَفُقْهم قوم في الابتداع الفني جوستاف لوبان ..