فضاء الرأي

إيران العظمى بلا معكرونة

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

من الضروري هنا أن نذكر بواحد من المعممين المهمين الإيرانيين اسمُه علي يونسي، تولى عدة مناصب سياسية هامة في دولة ولاية الفقيه منها رئاسة وزارة الاستخبارات والأمن القومي من عام 2000 وحتى 2005، ثم منصب مستشار للرئيس الإيراني للشؤون الدينية والأقليات في حكومة حسن روحاني.

فلهذا المستشار ذو المقام الرفيع تصريح شهير أدلى به في العام 2015 وغازل فيه مواطنيه بقوله "إن دولة الولي الفقيه تمكنت من تحقيق حلم الأجيال، وجعلت إيران إمبراطوريةً فارسية من جديد عائدة إلى عاصمتها بغداد التي طُردت منها يوم سقوطها ودخولها الإسلام في القادسية على يد القائد العربي سعد بن أبي وقاص".

وفي حديث شهير سابق للقتيل قاسم سليماني قال" إننا نقاتل أعداءنا في العراق وسوريا ولبنان واليمن وفلسطين لكي لا نقاتلهم داخل حدودنا".

وحين نتأمل مناسيب النقمة الشعبية الداخلية على النظام، المستمرة منذ سنين بسبب تفاقم أزمة البطالة، ونقص فرص العمل، وتدني مستوى المعيشة، ندرك أن حروب النظام التي كلفت الشعب الإيراني أطنانا من أمواله، وأنهارا من دماء أبنائه، ندرك أن الذين يقودون هذا النظام أنانيون وحمقى وفاشلون وبلا ضمائر ولا أخلاق .

وذلك لأن الحكومات العاقلة، تعلم بأنها، بدون ضمان وحدة جبهتها الداخلية، وبدون صلابة اقتصادها، ودون تأمين الضرورات الحياتية التي تلزم شعبها، لن تخوض حربا لتخسرَها في النهاية.

ولكن النظام الإيراني يخوض كل هذه الحروب، على مدى عشرات السنين، في أقطار بعيدة عن إيران، وهو مدرك لحجم الأزمات الحياتية والمعيشية والاقتصادية والسياسية والأمنية الخانقة التي مرَّ، وما زال يمر بها المجتمع الإيراني.

وهذا ما يثبت أنه لا يخوضها من أجل شعبه، ولا من أجل الطائفة ولا من أجل الإمام الغائب، بل هو يخوضها من أجل نفسه، ودفاعا عن بقائه، حتى لو جاع شعبه، كله، وعري ومرض وفقد أمنه وكرامته ولقمة عيش عياله.

أمَا تباهى المرشد الأعلى علي خامنئي بأن إيران اليوم، رغم العقوبات المفروضة عليها، "تطلق الأقمار الصناعية، وترسل الكائنات الحية إلى الفضاء، وتنتج الطاقة النووية، وباتت واحدة من الدول العشر الأوائل في الكثير من العلوم الحديثة". وألم يطالب الـ 75 إيراني بالصبر والتحمل من أجل المجد القادم على الطريق؟؟

ومفيد هنا أن نتذكر نظرية أطلقها روبرت ماكنمارا الذي كان وزيرا للدفاع في عهد الرئيس الأميركي الأسبق جون كينيدي عام 1962 تقول “لنجعل الاتحاد السوفييتي قلعة مسلحة، ولكن لا تملك الزبدة”.

وبالفعل أجبرت أميركا وحلفاؤها الأوروبيون حكومة الاتحادَ السوفييتي على دخول سباق تسلح تقليدي ونووي هائلين، وأدخلوها في حروب باردة وساخنة في جمهوريّاته المتعددة أنفقت فيها القسم الأكبر من ثرواتها على ترسانتها الحربية، حتى أصبحت قوة نووية هائلة ولكن بشعب يعيش على أقل من الكفاف، الأمر الذي جعل النظام يتهاوى على يد ميخائيل غورباتشوف من الداخل، ودون حروب. وإيران اليوم داخلة إلى نفس تلك اللعبة الخادعة.

وهذا هو الشيء نفسُه الذي تفعله، اليوم، أمريكا بامبراطورية فلاديمير بوتين بالتمام والكمال.

فقد أظهرت بيانات صادرة عن مركز الإحصاء الإيراني أن عدد العاطلين زاد 3 مليون خلال الربع الأول من السنة الفارسية الماضية.

وكشف جواد حسن زاده رئيس المركز الإحصائي الإيراني في تقرير جديد له أن "العديد من الشركات علقت أنشطتها كليا وجزئيا خلال الأشهر الأخيرة".

ورغم أن الاحتجاجات الشعبية لم تتوقف، تارة على ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وعلى البطالة، أو شحة المياه، أو الدواء، أو الحرية والكرامة تاراتٍ اُخَر، إلا أن ما يحدث هذه الأيام في كرمنشاه، وفي أغلب مدن الجنوب الإيراني من تقاتلٍ على المواد الغذائية والسلع، وتكسيرٍ ونهبٍ للمحلات التجارية، بسبب إقدام سلطات النظام على رفع أسعارها بشكل مفاجيء، هو الأعنف والأكثر جرأة على النظام، وعلى المرشد الأعلى نفسه، هذه المرة.

تقول السيدة مينا تهراني، وهي أم لثلاثة أطفال، لوكالة أسوشيتدبرس أثناء تسوقها في أحد متاجر طهران: "أنا متأكدة من أن الحكومة لا تهتم بالمواطنين"، وهي تنظر بعين ذاهلة إلى سعر المعكرونة الذي ارتفع من 75 ألف ريال الشهر الماضي إلى 165 ألف ريال للرطل.

بدوره، شكا حسن شهبازاده، أحد سكان العاصمة، من أن الإيرانيين الذين توقفوا عن تناول اللحوم أو منتجات الألبان لتوفير المال لم يعد لديهم ما يتخلون عنه. وقال: الآن حتى المعكرونة تُنزع عن مائدة طعامهم.

المهم أن سلطات النظام رفعت، بشكل مفاجيء، أسعار زيت الطعام والدجاج والبيض والألبان بنسبة تصل إلى 300 بالمائة.

بالتزامن مع تسجيل العملة الإيرانية تراجعاً ملحوظاً لتصل إلى 300 ألف ريال مقابل الدولار.

ويبرر مسؤولون في النظام زيادة الأسعار بتداعيات حرب أوكرانيا والجفاف والعقوبات الأمريكية. ولكن في جميع هذه الأعذار لا يمكن إعفاء النظام من المسؤولية، فهناك دول لا تملك ربع ما لدى إيران من موارد ولكنها تمكنت، بمهارة ووطنية وإخلاص، من امتصاص صدمة كورورنا وأوكرانيا، وأمنت لشعبها العيش الكريم.

فأية امبراطورية هذه التي يقول المرشد الأعلى عنها إنها "تطلق الأقمار الصناعية، وترسل الكائنات الحية إلى الفضاء، وتنتج الطاقة النووية، وباتت واحدة من الدول العشر الأوائل في الكثير من العلوم الحديثة"، وتحكم أربع عواصم عربية، وتغدق على مليشيات العراق وحسن نصر الله والحوثي بالصواريخ والمسيَّرات والأسلحة والمعسكرات وهي دولة بلا معكرونة؟؟

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
المعاناة الامريكية
عابر سبيل -

من يتابع اخبار الداخل الامريكي يلاحظ ان امريكا العظمى هذه الايام تعاني من مشكلة كبيرة جدا وهي نفاد حليب الاطفال من السوق وعدم قدرة المنتجين لسد الحاجة لعدم توفر المواد اللازمة التي تستوردها امريكا من الخارج بسبب ازمة كورونا والحرب الاوكرانية. وهذه ايضا تسببت في توقف الكثير من المصاتع الامريكية وخاصة السيارات والاجهزة الكهربائية وغيرها عن الانتاج. اذن ايران ليست وحدها التي تعاني بل امريكا والعالم ايضا.

إلى عابر سبيل
فادي -

والله؟ هل هذا صحيح؟،،، لم أكن أعلم أن الفيل يطير قبل أن اقرأ تعليق السيد عابر السبيل.

لما..
lebanese -

تستيقظ من غيبوبتك ابقى كمل تعليقك القيم... رجاءا نحن في الانتظار

الموت لولاية الفقيه
ياسر العربي -

الشعب الإيراني يعاني الأمرين مع عصابة تدعي الإسلام زورًا وبهتانًا, عصابة لا تعرف أن تدير إيران حسب الأعراف الدولية, وإنما يحكمها بشر شريرون، لا يعرفون للخير طريقًا, كل ما يريدونه نهم سلطوي عربيد، تعجز الدراسات السياسية وأبحاث العلاقات الدولية عن أن تفهمه. صورة بشر، ولكن الأفعال شيطانية. ثلاثة عقود وسياسة إيران لم تتغير: تصدير لثورتهم المزعومة, دعم الطوائف إقليميًّا ودوليًّا, مماحكات سياسية, خداع, لؤم, استغباء واستحمار واستعداء, سياسة لا تقيم وزنًا لدول الجوار, ولا تقيم وزنًا للحضارة, ولا تقيم وزنًا للعلاقات الدولية، ولا تقيم وزنًا لشعبها.. ورغم كل الكوارث التي حلت بها إلا أنها لم تفهم الدرس, تتصرف بغباء, تتحدث ببلاهة, وتتعامل بخبث. جمعت سياسة الملالي كل المتناقضات؛ فلا سبيل للعلاج طالما أن ذلك مدون في دستورها المشؤوم. والحل نقل الكرة داخل ملعبها.