المرحلة التي لن تعود؟!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
لا أحد من أهل هذه المنطقة العربية "الشرق أوسطية" كان يتوقع أنّ يطرأ هذا المرض المرعب الذي إسمه: "جدري القرود" وهذه الأمراض والأوبئة باتت تعود بنا حنيناً إلى الماضي ونقاوته وأذكر أنّ هناك "وافدين" كانوا يأتون إلى قريتنا "العالوك" التي كانت قد أخذت هذا الإسم من شجر "البلوط" الجميل الذي كان ولا يزال يعتبر أنه هو "هبة" الله جلّ شأنه إلى هذه القرية أو "الضيعة" حسب أحبابنا اللبنانيين الذين وصل "غزلهم" بأرزهم ومعهم الحق كله إلى التغني به:
هالكم أرزه العاجئين الكون
وقبل ما كانوا هون ما كانش كون
نحن في "العالوك" ، التي ربما عرفت الأرز لاحقاً بعدما إختلط الحابل بالنابل، كنا نعتز بهذه الشجرة التي قد أعطت هذا الإسم الجميل جداًّ لقريتنا هذه التي كانت قد إحتضنت حتى فترة مبكرة الذين كانوا قد قصدوها قادمين من "السلط" التي كانت درة منطقة البلقاء.. والتي كان غالبية سكانها من أهلنا وأحبابنا.. المسيحيين الطيبين الذين كانوا قد جاؤوها تباعاً والذين أصبحوا هم أهلها.. وكنا نسمع منهم حتى ونحن صغاراً عندما كان أحدهم يبدأ بحديث السهرة.. يقول كبيرهم:"صلوا على النبي محمد.. صلوات الله عليه".
والمهم أنّ رمز العالوك الأساسي في تلك المرحلة التي لم تكن قد "خطّت" فيها شواربنا هو ذلك الشاب الجميل الصاعد كسهم منطلق من "قوس" مشدودة الوتر.. وكان سليم الفراج هو الذي غرس فينا الإنتماء القومي والقومية العربية.. والذي كان مثله مثل أهله عندما يخاطبنا يقول: صلوّا على النبي محمد.. صلوات الله عليه.
لقد كان أهل قريتنا "العالوك" كلهم يحترمونه ويحترمون والده.. ذلك الإنسان الطيب الذي كان قد إنتزعه الموت مبكراًّ.. ويحترمون أمه.. وأشقاءه وشقيقاته.. وأذكر أنّ أحد كبيرات قريتنا قد "مالت" على أم سليم الفراج وقالت لها همساً: "يا أم سليم.. إنّ "جاهة" من قبلنا ستأتيكم غداً لتخطب إبنتكم "سعاد" إلى إبننا الذي قد أنهى "جزء عم" من القرآن الكريم.. وعندها صمتت "أم سليم" وهي تضع يدها على خدّها.. كان ردها: "شو عليه" فكلنا في هذا البلد أشقاء وأخوة.. مسلمون ومسيحيون.
وحقيقة أنّ سليم هذا الذي هو إبن عمتي: "أم سليم" عندما كبر قد أصبح قومياًّ عربياً، نسبة إلى "حركة القوميين العرب" التي كان قد أسسها المناضل الكبير جورج حبش ومعه نايف حواتمه هذا الذي كان أهله من أبناء "العالوك" .. ووديع حداد.. هؤلاء الذين كانوا رموز القومية العربية في تلك الفترة التي كان قد برز فيها حزب البعث الذي كان كما هو معروفاً أحد أكبر رموز الحركة القومية العربية.. إنها مرحلة قد ذهبت وأنها قد لن تعود!!.