بعد أربعة أشهر من الانتفاضة..
سياسة أوروبا تجاه ملالي إيران: استمرار المساومة أم الحسم؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
صادق البرلمان الأوروبي، الخميس، 19 كانون الثاني/ يناير بأغلبية أعضائه، على قرار يقضي بإدراج حرس الملالي في قائمة الاتحاد الأوروبي للمنظمات الإرهابية. قبل ذلك بثلاثة أيام، طالب ما يقرب من 20 ألف إيراني يعيشون في أوروبا أمام مقر البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ بالإجماع بتصنيف حرس الملالي كمنظمة إرهابية.
إن طرح تصنيف حرس الملالي، الجهاز الرئيسي للقمع وتصدير الإرهاب وإثارة الحرب في النظام الإيراني، كمنظمة إرهابية ليست قضية جديدة. إذ تمَّ طرح هذا المطلب لأول مرة من قبل مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة من قبل المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، في عام 2010 في البرلمان الألماني. ولسنوات دعت المقاومة الإيرانية إلى اتخاذ هذه الخطوة في الكونغرس الأمريكي ومجلس الشيوخ وبرلمانات الدول الأوروبية واجتماعات ومؤتمرات مختلفة.
واستغرق الأمر ما یقرب من عشر سنوات حتی عام 2019 قبل أن يعلن دونالد ترامب، الرئيس السابق للولايات المتحدة، أن حرس الملالي جماعة إرهابية في الولايات المتحدة، وأي اتصال به يُعاقَب عليه بموجب قوانين مكافحة الإرهاب في الولايات المتحدة. ومع اندلاع الانتفاضة الإيرانية الأخيرة في أيلول\سبتمبر 2022، وبعد أربعة أشهر من القمع الوحشي الذي تعرض له المتظاهرون الإيرانيون العزل على أيدي حرس الملالي، أصبح هذا المطلب مطلباً عاماً تردد صداه خارج حدود إيران من قبل العديد من المؤسسات والمنظمات السياسية، حيث طالبت برلمانات الدول الأوروبية واحدًا تلو الآخر بمثل هذا التصنيف.
وفي جلسة مناقشة عقدت في 12 كانون الثاني/ يناير، وافق البرلمان البريطاني أيضاً على مشروع قانون يوصي الحكومة باتباع هذا التصنيف. وأيدت الجاليات الإيرانية في أوروبا وأمريكا وكندا بالإجماع هذا المطلب كشرط لحماية المتظاهرين من بطش الملالي في إيران. ويمكن القول بثقة أنه خلال الأسبوعين الماضيين، لم يتم دعم وتأكيد أية مطالب سياسية للإيرانيين داخل إيران وخارجها والداعمين الدوليين للانتفاضة الإيرانية إلى هذا الحد. لقد كانت موافقة البرلمان الأوروبي على مشروع قانون إدراج الحرس الثوري الإيراني على لائحة الإرهاب بمثابة استجابة طبيعية قوية وإنسانية لحالة طوارئ ناجمة عن الأداء اللا إنساني لنظام منهار لا يعرف سوى لغة القمع الوحشي من أجل الحفاظ على وجوده في السلطة.
وكنتيجة حتمية، أثارت الموافقة على مشروع قانون البرلمان الأوروبي قلق نظام الملالي، إذ استخدم الملالي التكتيك القديم المتمثل في التهديدات الإرهابية وصرحوا بأنهم في حالة تصنيف حرس الملالي، فإنهم سيعتبرون المؤسسات الأوروبية والقوات العسكرية الأوروبية أهدافاً للانتقام. في غضون ذلك، هدد وزير الخارجية الملالي ضمنياً بأنه إذا وافق الاتحاد الأوروبي على هذا القانون، فستنسحب إيران من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، بل وستطرد مفتشي منظمة الطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة من أراضيها.
كان هذا الادعاء تهديداً بالتحرك نحو صنع قنبلة ذرية، والتي كان الملالي يستخدمونها لاحتجاز السياسة الأوروبية كرهينة لمدة عقدين من الزمن. وأعلن جوزيف بوريل، رئيس السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، يوم الاثنين 23 كانون الثاني/ يناير، أن تصنيف حرس الملالي كمنظمة إرهابية يتطلب حكماً من محكمة أوروبية. وبدلاً من ذلك، أعلن أنه تمت معاقبة 37 شخصية من نظام الملالي في حزمة عقوبات الاتحاد الأوروبي الرابعة منذ بداية الانتفاضة.
واعتُبر تصريح السيد بوريل بمثابة كبح مفاجئ لحركة آلة إدانة الملالي. وشكّل إعلان مجلس وزراء الخارجية عن عدم امتثاله لقرار البرلمان الأوروبي، رغم العراقيل والتعقيدات القانونية في طريق تنفيذه، صدمة سياسية. ووجد عضو البرلمان الأوروبي تيخوش روتين أن هذا أمر غير مقبول على الإطلاق. ووصفت عضوة أخرى في البرلمان الأوروبي، هانا نيومان، العقوبات الجديدة بأنها خطوة إلى الأمام، وأكدت أن البرلمان سيواصل جهوده لإيجاد سبل لوضع حرس الملالي على قائمة الإرهاب. واتهم نوربرت روتغن، ممثل الحزب الديمقراطي المسيحي في البرلمان الألماني، السياسيين بانعدام الشفافية في التعامل مع الملالي.
وفي الوقت نفسه، ونظراً إلى الضعف الشديد لنظام الملالي، اعتبر تهديداتهم "بالرد والمواجهة بالمثل" "تهديدات فارغة". وقال: "هم الذين يجب أن يتفقوا معنا، لا أن تخاف أوروبا من الجمهورية الإسلامية".
في غضون ذلك، يرى الشعب الإيراني والمعارضة في عدم التزام الاتحاد الأوروبي بقرار البرلمان الأوروبي علامة على الرغبة في مواصلة سياسة الاسترضاء البغيضة مع الملالي. وهي سياسة كانت متبعة على الأقل منذ وفاة خميني من قبل أوروبا وساستها في التعامل مع نظام الملالي، وكان هناك توقع بأن يتم التخلي عنها إلى الأبد في انتفاضة الشعب الإيراني الأخيرة.
إن تصريح جوزيف بوريل الأسبوع الماضي، بأنه "يعتقد أنه لا توجد طريقة أخرى سوى مواصلة المفاوضات للتعامل مع البرنامج النووي للملالي" هو شيء يعيد إلى الأذهان صورة السياسة الخارجية الأوروبية التي أصبحت رهينة المفاوضات النووية المتوقفة.
لسنوات، كانت سياسة الاسترضاء في أوروبا هي الوسيلة الوحيدة للملالي للبقاء واقفين على أقدامهم وتبرير قمعهم للشعب الإيراني، ولسنوات أظهر الملالي أنهم بارعون جداً في أخذ الرهائن بأي شكل من الأشكال. وتقع على عاتق الشعب الإيراني مسؤولية تدمير سياسة أخذ الرهائن وسياسة استرضاء الملالي من خلال الانتفاضة.