السودان الى أين؟ وكيف تنظر إدارة بايدن لما يجري؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
الدارس للتاريخ السياسي في السودان يجد فيه انا ما يجري الآن ما هو الا حالة طبيعية ومعتادة في البلاد منذ أن قامت الجمهورية فيها بعد الانفصال عن المملكة المصرية والتي توّجه العسكر بانقلاب الجنرال عبود سنة 1958 والذي شرب من نفس الكأس بعد ان انقلب عليه جنرال آخر يدعى جعفر النميري سنة 1969 والذي عمّر طويلا الى ان أتى جنرال واطاح به فيه 1985، وكرر التجربة الجنرال عمر البشير سنة 1989 بدعم من الإسلاميين، والذي سرعان ما انقلب على من دعمه، ثم أتى اليوم الذي غادر فيه البشير السلطة بنفس الطريقة التي أستلمها ومن طرف جنرال آخر يدعي البرهان والذي نفذ انقلابين متتاليين الأول ضد رئيس والثاني ضد حكومة وأتى اليوم دور الجنرال حميدتي لمحاولة الانقلاب على السلطة لكن المهمة لم تكن بتلك السهولة التي عهدها السودان.
فتحت حالة الفراغ الدستوري الذي يعيشها السودان منذ سنتين شهية قوات الدعم السريع الذي كان يرى في خطوته الانقلابية ضرورة قبل أن يسبقه جنرال آخر فيها، فالحالة السياسية التي ألقت بظلالها على الوضع الاقتصادي أصبحت عاملا محفزا للقيام بذلك، وان كان المواطن السودان هو الحلقة الأضعف في المشهد السياسي الا أنه كان وقودا لجميع الانقلابات التي مرت عليها البلاد، وفي البلدان الافريقية التي تشهد انقلابات عادة ما يوظف قادة الانقلاب تعاطف شريحة من المجتمع لتصوير نجاح "الثورة" التي قاموا بها من "أجل الشعب" ولكن الوضع في السودان اختلف عن ما كان معهودا سابقا فمنذ سقوط البشير لم يهدأ الشعب في مطالبته بدولة الحكم المدني بعد ان سأموا من تجارب العسكر التي تبدأ بانقلاب وتنتهي بانقلاب وتبدأ من وضع اقتصادي سيئ لتنتهي بوضع أسوأ.
باستثناء خطوة سوار الذهب الذي سلم السلطة لحكومة مدنية وهو حدث نادر يمكن وصفه بالمعجزة، فان معارك العسكر في السودان لم تكتفي بنشر الفساد المالي وغياب القانون بل ساهمت بشكل أساسي في تقسيم البلاد، بعد أن فشل نموذج العسكر في ان يحتوي مطالب الجنوبيين التي بدأت بمطالب ديمقراطية إصلاحية وعدالة اجتماعية وتحت منظومة حكم فيديرالي ثم تطورت الى مطالب انفصالية بعد أن تصادم مصالح العسكر في الشمال والجنوب، ومن هذا المنطلق فان معارك العسكر التي تدور بين حميدتي والبرهان وان لم تحسم عسكريا فإنها ستتجه الى معارك تقودها فصائل سياسية قد تنادي بنظام فيديرالي مبني على أساس عسكري سيهدد الوحدة مجددا.
الخطير في هذا الصراع المتجدد بين العسكر في السودان انه يأتي في خضم مرحلة يشهد فيها العالم صراع نفوذ بين القوى العظمى، تشكل فيه السودان والدول الافريقية مصدر اهتمام الإدارة الامريكية والروسية على حد سواء وهو ما يعني أن النزاع الذي يبدوا مسألة داخلية ربما يوجد فيه ما يحرك مصالح الدول الغربية لقطع الطريق امام النفوذ الروسي في افريقيا وقد يتطلب الأمر الى حسم الصراع من خلال نشر قوات دولية والى فرض حكومة تمثل مصالح الأمريكيين في المنطقة، واذا نجح ذلك فان هذا السودان سيكون مقدمة لسلسة من الانقلابات العسكرية في افريقيا التي تعيد من خلالها الإدارة الأمريكية تنصيب قادة عسكريين من صناعتها.
صحيح أن الولايات المتحدة لها مصلحة ببقاء البرهان في المشهد ولا مصلحة لها من سقوطه لأن حميدتي يمثل المعسكر الروسي ويتعاون مع قوات فاغنر، ولكن البرهان قد فشل في التجربة السياسية مع استمرار تعنت الشارع السوداني يجعل الإدارة الامريكية في حرج أمام الرأي العام الأمريكي إذا قامت بدعمه في ظل فراغ دستوري وجبهة شعبية لا تزال رافضة لخطوته الانقلابية وتصر على تحول ديمقراطي حقيقي ينهي مسلسل الانقلابات العسكرية التي تهدم أكثر مما تبني، ومع ذلك فان إدارة بايدن لن تسمح بسقوطه قبل أن يتم الترتيب لمشهد سياسي جديد تحت مظلة التحول الديمقراطي الذي تباركه، وبما أن المرحلة القادمة لن يكون فيها الخيار الشعبي حاضرا فان مسلسل الانقلابات العسكرية سيستمر في كتابة تاريخ ومستقبل السودان.
التعليقات
الحل فى التقسيم يا فاضل
فول على طول -البرهان الاخوانى وجيشه الاخوانى وبتشجيع من اخوان ونظام مصر وشقيقاتها لن يسلم الحكم ولن ولا ولم يأمن للطرف الثانى وهو حميدتى ..بالمثل : حميدتى الذى ينتمى الى قبائل غير اسلاميه ولها دياناتها ولها مصادر الثروه ويمتلك السلاح لن يسلم كل هذه الامتيازات ويتنازل عنها وخاصة لا يأمن للطرف الأول ..الحل أن ينفرد حميدتى بالأرض التى يعيش عليها أتباعه وبسلاحه وثرواته ..والبرهان يظل فى الشمال على رأس السلطه ..والجنوب انفصل من عدة سنوات ..ويبقى شرق السودان فى الطريق الى دولتهم وهم قبائل افريقيه لا تطيق العرب ولا الاسلام ولا المسلمين ..انتهى .