هل من الحكمة أن يعتمد العراق موازنة لثلاثة أعوام قادمة؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
تشير ورقة تحليلية صادرة عن البنك الدولي إلى أن العراق هو واحد من أكثر البلدان اعتمادا على النفط في العالم. فعلى مدى العقد الماضي، شكلت عائدات النفط أكثر من 99٪ من الصادرات العراقية و85٪ من اجمالي ايرادات الدولة و42٪ من الناتج المحلي الإجمالي.
اليوم قدمت الحكومة العراقية مشروع قانون موازنة طموح لثلاثة سنوات القادمة للمصادقة من قبل مجلس النواب العراقي (البرلمان). وينص مشروع الموازنة المقترح على إنفاق إجمالي قدره 199 تريليون دينار عراقي لتغطية النفقات التشغيلية والاستثمارية، في حين يقدر إجمالي الإيرادات بنحو 134.6 تريليون دينار عراقي استناداً على افتراض معدل 70 دولارا كسعر لبرميل النفط. ومن المتوقع أن يبلغ العجز حوالي 64.5 تريليون دينار عراقي (احمد الطبقجلي مايو 2023)..
يتطلب إنشاء موازنة جيدة متعددة السنوات لأي دولة دراسة متأنية لعدة عوامل رئيسية بما في ذلك: التنبؤ الدقيق للإيرادات وتحليل شامل للنفقات السابقة والمتوقعة وتحديد أهداف وأولويات واضحة على المدى الطويل ووضع خطط واقعية لمعالجة الحالات الطارئة غير المتوقعة، وآليات المراقبة والتقييم والالتزام بالقوانين والتعليمات التنظيمية الرسمية اضافة الى اعتبارات اقتصادية وديموغرافية أخرى مثل تقديرات النمو السكاني ومعدلات البطالة والتضخم.
تحديات التي تواجه اعداد الموازنات في العراق
تواجه عمليات إعداد الموازنات في العراق العديد من نقاط الضعف والتحديات، مما يعيق التصميم الفعال للموازنة وتنفيذها وإدارتها المالية. وتشمل نقاط الضعف هذه الافتقار إلى الشفافية، ومحدودية المعلومات العامة عن الموازنة وتفاصيل تنفيذها وعدم كفاية الإفصاح عن الإيرادات والنفقات والتأخير في صرف الأموال والعقبات البيروقراطية والفساد وعدم وجود كوادر مؤهلة في المؤسسات الحكومية للتعامل مع تفاصيل الموازنات السنوية. علاوة على ذلك، هناك نقص في التنسيق والتكامل بين مختلف الوزارات الحكومية والمؤسسات الحكومية الأخرى فضلا عن التدخلات السياسية. إلا أن التحدي الأهم الذي تواجهه موازنات العراق السنوية هو عدم تنويع مصادر الإيرادات والاعتماد الزائد على عائدات النفط، ما يشكل تهديداً جدياً لاستقرار الموازنة واستدامتها..
ان الحكومة العراقية تُجازف باعتماد سعر 70 دولارا لبرميل النفط في حسابات مشروع الموازنة المقدم للثلاثة سنوات القادمة. أن سعر النفط الفعلي في الأسواق الدولية تحدده في المقام الأول قوى العرض والطلب، والتي بدورها تتأثر بمجموعة من العوامل الجيوسياسية واللوجستية.
حاليا، تواجه روسيا، وهي منتج رئيسي للنفط، عقوبات اقتصادية كبيرة من الولايات المتحدة والغرب بسبب الحرب في أوكرانيا. وفي محاولة للتخفيف من التحديات الاقتصادية الناجمة عن هذه العقوبات، من المرجح أن تلجأ روسيا إلى عرض نفطها بأسعار أقل من أسعار السوق الدولية السائدة. ويمكن لهذه الاستراتيجية أن تجتذب المشترين التقليديين للنفط العراقي، وتحديدا الصين والهند. والجدير بالذكر أن واردات الصين من النفط الروسي قد ارتفعت بالفعل من 25٪ قبل بدء الصراع الأوكراني إلى 36٪. حالياً. وعلى نحو مماثل، زادت الهند وارداتها من النفط الروسي إلى 51٪ (فيل روسن &- نيسان 2023).
هناك عوامل إضافية يمكن أن تؤثر على ديناميكيات العرض والطلب في السوق النفطي العالمي. أحد هذه العوامل هو الوضع العسكري المتقلب في مضيق هرمز في الخليج العربي قبالة سواحل عمان والإمارات العربية المتحدة. ان تصاعد مستوى الاضطرابات والتوترات في هذه المنطقة الاستراتيجية سيكون لها تأثير مباشر على صادرات النفط العراقية لان معظم النفط العراقي المباع يمر عبر مضيق هرمز. وعلاوة على ذلك، فإن النزاعات القانونية بين العراق وتركيا بشأن صادرات النفط إلى ميناء جيهان التركي، الواقع على البحر الأبيض المتوسط، يمكن أن تخلق أيضا حالة من عدم الوضوح و التردد بالنسبة للعراق. تساهم هذه العوامل في تعقيد الموقف وعدم القدرة على التنبؤ بأسعار النفط العراقي، مما يجعل من الصعب الاعتماد على تقدير ثابت يبلغ 70 دولارا لكل برميل من النفط لمدة ثلاثة سنوات.
اضافة الى ذلك فأن عدم الاستقرار السياسي الداخلي في العراق وعمليات تهريب النفط وعدم اليقين المحيط بمستقبل صفقة النفط الأخيرة بين بغداد وأربيل هي أيضا عقبات إضافية يمكن أن تعيق قدرة العراق على تسخير الفوائد المحتملة من موازنة متعددة السنين. كذلك فإن فشل الحكومة العراقية في اعتماد خطة شاملة لتنويع الاقتصاد في المستقبل المنظور يضيف إلى هذه التحديات. ان هذه العوامل مجتمعة تحدد قدرة العراق على الاستفادة الكاملة من المزايا التي يمكن ان تنتج عن موازنة مدتها ثلاث سنوات.
ان التحديات العديدة المذكورة يجعلنا نطرح تساؤلا مشروعا: هل من الحكمة أن يسعى العراق إلى اعتماد موازنة وطنية ثلاثية السنين؟ الإجابة على هذا التساؤل قد يكون ممكنا خلال السنوات الثلاث المقبلة مع الاستمرار بتنفيذ فقرات الموازنة المقترحة وتوضح انعكاساتها على الإدارة المالية للبلاد. إن مراقبة التقدم المحرز وتقييم فعالية تدابير الموازنة وقدرة الحكومة على معالجة أوجه القصور الحالية سيوفر رؤى واقعية لتقييم الحكمة من اعتماد موازنة ثلاثية السنوات في العراق.
التعليقات
اكثر من 2.5 تريليون دولار بعثرها حزب الدعوه خلال ٢٠ عام
خالد -قسم كبير من الميزانيه ينفق على شرائح يتم شراء اصواتها بالانتخابات عبر ما يسمى بالسجناء السياسيين وجماعة رفحاء وغيرهم بينما ملايين الشباب الخريجيين بلا بصيص امل بس عدم توفر السيوله. الالاف من المتقاعدين الشباب ممن خدموا كم شهر بمجالس المحافضات والنواب وغيرهم. اضف لذلك رؤساء وزرات كانوا ينهشون ليلا ونهارا باقتصاد البلد ولم يشبعوا بل طالبوا بالتقاعد.. ذكرني الوضع بقصيدة الجواهري: مستاجرين يخربون ديارهم ويكافئون على الخرا رواتبا.
تصحيح
خالد -ويكافؤون على الخراب رواتبا....ولو ان الخطا كان به وصف ادق.