"الصراع، المسار التاريخي للتطوّر"
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
لم تمر الدول العربية بتجارب حكم انتقالية ديمقراطية عبر تاريخها الحديث والقديم، وكانت كل التجارب والحقب تنتهي بفشل ديمقراطي يُكلَّل بتتويج الحاكم الملهم وإعادة حكم العسكر والتيارات الدينية، وجهه الآخر والداعم التاريخي له، وبالتالي، لم تُراكِم هذه الدول خبرات إلاّ كيف تَقمع الشعوب وتبني السجون والمعتقلات وترفع شمّاعة الإرهاب الديني-الموجود حقيقةً والمتواطئ معها، بالإضافة إلى عدو خارجي مُتعدّد متآمر متواجد في كل مكان، وهمي أو حقيقي، ما نتجَ أنّ هذه الأنظمة غير ناضجة سياسياً وإدارياً ولم تحمل أي مشروع نهضوي حقيقي للبلاد والشعوب، ما أدّى أيضاً لنتائج كارثية ثقافية على الشعوب التي كانت مُنتَج هذه الأنظمة الديكتاتورية ثقافياً وسياسياً ومعرفياً أيضاً.
فمن نتائج القمع والديكتاتوريات بكل أشكالها السياسية والدينية، أنّ الديكتاتوريات كانت تُعوّم نفسَها شعبياً، وتُؤسّس لثقافة حاضنة لها تُفضي بأنّ الشعوب غير ناضجة ولا تستطيع حكم نفسَها بنفسِها وبالتالي هي تحتاج دائماً لمن يقودها/يقمعها، فتُعيق بهذا عملية النضج السياسي والثقافي لها وللشعوب، وتؤثّر على نشأة الشخصية الفردية في المجتمع والفكر النقدي، ما نتج عن هذا تقبُّل الكثير من الشعوب للديكتاتوريات في "مراحل معينة" وللتبعية، ولسعي الشعوب لخلق قائد لها حتى ولو كان إلهاً من ورق.
لكن، هذا لا يعني بأي حال من الأحوال أنّ هذه الشعوب غير مهيّئة إطلاقاً للتطور وللديموقراطية أو لخوض تجارب سياسية إدارية معرفية، ولا تستطيع كشخص، كفريق، أو كحاكم بإسم الوطن أو بإسم الله لوم الشعوب بعدم نضجها وكل ما تفعلُه هو قمع هذه الشعوب، كما لا تستطيع إقناع الشعوب بنهضة لا تُؤسِّس لها، هذا وليس مفهوماً أيضاً بالمنطق السياسي رفض وتشويه لثورة وثورات لا ولم تؤسِّس لها يوماً، وكل ما تفعلُه هو سدّ الأبواب في وجه مَن يؤسِّس لنهضة من أجل التطوير مُتذرِّعاً بالحفاظ على الأمن القومي للدولة، هذا ومفهوم "الدولة" في ظل هذه الديكتاتوريات غير واضح تماماً، حيث لا يوجد دول بمعنى الدول في الشرق، بل هناك أنظمة تملك دولاً وشعوباً أيضاً، والأمن القومي فيها يعني أمن السلطة السياسية وليس الأمن العام أو تحقيق شروط السلام من عدالة اجتماعية وتحسين جودة الحياة أو رفع مستوى التعليم والصحة والقانون. وحتى المواقف السياسية الخارجية لهذه الدول من الدول الأخرى تقوم على مصلحة وأمن السلطة السياسية أيضاً، أي مصلحة الحاكم شخصياً وليس مصلحة البلد ولا الشعوب طبعاً التي ليست بحساب الأنظمة أصلاً.
من هنا، فحرب الشعوب تختلف عن حرب الأنظمة، حرب الشعوب من أجل حرياتها مكلفة، مستنزِفة، وطريقها صراع طويل، والثورات عموماً إكراه مكلف جداً للجميع ولكل الوطن وليست خياراً آمناً للشعوب لكنها في مرحلة ما مسار حتمي للتطور. فالتطور التاريخي لأي مجتمع هو عملية تراكم لنهضات وثورات فكرية وسياسية واقتصادية كانت انفجاراً في أوقاتها وتمّ التأسيس لها من قِبَل تنويريين كما حصل في عصر التنوير في أوروپا بعد حروب وتجارب طويلة. فلكل عصر تنويريوه، ولكل زمان فلاسفته ومساره النضالي نحو التطور رغم التاريخ الدموي لكل الأمم والشعوب، ولا ننسى أنّ الكثير من الفلاسفة لم يكونوا نِتاج مجتمعات الحداثة لكنهم أسَّسوا لها وفتحوا أبواب المعرفة ومفاهيم كالعدالة والحرية وأهمّها كسر قيد القمع والترهيب المتمثّل بالدين والسياسة، وجهان الديكتاتورية القديمة الحديثة.
إذاً، تحتاج الدولة والعملية الانتقالية الديمقراطية للنضج السياسي، ولكن هذا لا يتحقّق بالاستمرار بلوم الشعوب لعدم نضجها وهي ما زالت محكومة سياسياً بهذا الشكل، فهذا يُعطي ذريعةً دائمةً للديكتاتوريات التي هي السبب بكل هذا ويساهم بتعويم ثقافة القمع والديكتاتورية والابتعاد عن خوض تجارب تُشكّل هذا النضج السياسي المطلوب، ولا ننسى أنّ فشل الدولة في تحقيق المشروع الديمقراطي وعدم التأسيس لنهضة فكرية سيُنتِج فشلاً تلو الآخر، وسينعكس هذا على الشعوب بالتقوقع السياسي الفكري الثقافي وبسحق أي مشروع نهضوي للبلاد، ما قد تكون نتائجه كارثية على تطور المجتمع عموماً.
إنّنا اليوم في أوائل خطوات النهضة التي قد تبدو بعيدة، لكن لا بدّ من الصراع-طريق التغيير وديدنه، مسار الأمم والشعوب نحو تطوّرها. مسار قد يطول أو يقصر، يتخلّله الكثير من الفجوات والسقطات، لكنها تجارب مهمة لتراكم خبرات تُفيد هذا المسار من أجل التغيير السياسي (القابل لهذا) في أي مكان، على خلاف الديني الذي يكرز للخوف والتبعية في جوهره. ولا ننسى، الحرية استحقاق إنساني تاريخي وليست ترفاً سياسياً ولا بدعةً إيديولوجيةً؛ إنها جوهر كل الصراعات على الأرض كانت وستبقى ما بقي الإنسان واستدامت الحياة.
التعليقات
تساهيل
كاميران محمود -مقالك يعطي انطباعا بانك وانت تكتبيه كنت تتصورين نفسك بانك تنعمين على العرب المساكين بما يناظر البيان الشيوعي لحل مشاكلهم مع ان اغلبه عموميات مبهمة مزينة بكلمة الديمقراطية مع ان اساس كل المأساة واضح تتضمنه جملة واحدة: لا أجتهاد في النص اي القرأن والباقي تفاصيل وفي كل الاحوال منورة وتحملي اسلوبي وتقبلي تحياتي.
الحرية استحقاق تاريخي وليست ترفا
عبدالله قطيني -كعادتها استاذة ريم شطيح تتحفنا بأفكارها الجميلة ..وسوف أبدأ من آخر المقال بأن الحرية هي استحقاق تاريخي للشعوب وليست ترفاً. ومن قال أن الشعوب العربية غير مهيأة للحرية والديمقراطية ..هذه حجة الأنظمة القمعية..فالشعوب جاهزة دائما لاستقبال وتطبيق الديمقراطية..والسؤال لماذا تتفاعل الشعوب العربية المهاجرة مع الحرية والديمقراطية في الشتات..اذا هذه الحجة ساقطة. كل التحية والتقدير استاذة ريم
تحياتي دكتورة ريم شطيح
bassem -الدكتاتورية لا تنتج تقدم او حضارة
عفوا يا دكتوره ....جانبك الصواب تماما .
فول على طول -بكل تأكيد فان الشعوب العربيه والاسلاميه غير قابله للعيش والتعايش مع نفسها ولا أقول مع الغير ..ولن ولا ولم يعرفون الديمقراطيه يوما ما لا قديما ولا حديثا ولا مستقبل وهذا الحاكم من هذا الشعب . ..نقطه ومن أول السطر. ابنتى العزيزه : شعوب ترضع ثقافه عنصريه مقدسه ..وتقدس الديكتاتوريه والعنصريه ..انتهى - شعوب ترضع ثقافة القبيله والعشيره والأقربون أولى بالمعروف ولا ولايه لغير المسلم على المسلم ..والمرأه مكانها البيت ولا تصلح الا للنكاح وماكينة تفريخ ..يتبع
تابع ما قبله
فول على طول -وهذا الحاكم من هذا الشعب ومن نفس الثقافه ولا أمل فى التغيير الا باقتلاع العنصريه المقدسه ...هل هذا ممكن ؟ لا بكل تأكيد ...انتهى - والثقافه العنصريه المقدسه تؤكد أنه لا خروج عن الحاكم حتى لو جلد ظهرك وسلب مالك ...ويجوز للحاكم أن يقتل ثلث الشعب من أجل درء الفتنه ,.ألا تعرفين هذه الأدبيات المقدسه ؟ وطبعا فان الشعب المتدين بالبفطره يرفض أن يتولى غير المسلم أى ولايه على المسلم ويرفض خروج المرأه من البيت ..ويكفر الحاكم ويبيح دمه ان لم يحكم بشرع ربكم أو شرع ربهم ..وطبعا فان شرع ربهم أو ربكم شرع عنصرى ..ابنتى العزيزه : مقالك هذا مجرد هراء فى صحراء قاحله .
محنة عقل المسلم
فول على طول -أغلب ان لم يكن كل الشعوب قابله للتغيير واستفادت من التاريخ الا الذين أمنوا وأقصد الشعوب العربيه والاسلاميه ..الذين أمنوا يقدسون الماضى التليد العنصرى الارهابى ويتمنون العوده الى القرن السابع وهذا غاية ما يتمنوه .شعوب محكومين بالأموات أصحاب ثقافة العصر الحجرى أى أموات يحكمون أحياء . البخارى والمسلم وابن تيميه الخ الخ يحكموننا أو يحكمونكم بالرغم من بئس ثقافتهم وعنصريتهم القبيحه جدا . انتهى
باختصار ..داعش هى الأصل
فول على طول -ابنتى العزيزه : داعش هى الأصل ..الشعوب العربيه والاسلاميه ترضع ثقافه داعشيه مقدسه ومن ينكر ذلك فهو يعيش خارج التاريخ والجغرافيا ..هل يوجد ديمقراطيه داعشيه ؟ هذا باختصار . عندما تتغير الثقافه الداعشه - عندما نمحوها نهائيا - نبدأ بالكلام عن الديمقراطيه والمهلبيه والملوخيه والذى منه . ودمتم بخير وعافيه . لا فرق بين حاكم ومحكوم فى الدعوشه .
مقالك وعنوان المقال - باننا لسنا بحاجه لاستنساخ تجارب الغرب ،،
عدنان احسان- امريكا -عن اي ديمقراطيه تتحدثين ؟!! - ولماذا نحن بحاجه لاستنساخ - تجارب الغرب ؟ مع اننا نحن من علمناهم قيم المجتمع المدني وهم من خربو حضاره الاندلس وخربوا بلداننا واستعبدونا بشعارات الديمقراطيه ،التي لا تساوي قشره بصله ولسنا بحاجه لها في مجتمعات الشرق - ولكل مجتمع وحضاره تجاربه الخاصه به التي - هي انعكاسا للظروف الموصوعيه والذاتيه - والقيم الحضاريه ... ولا لأدري لمن تكتبين ..
النهضة المدفونة
كاميران محمود -العدو الخارجي هذه المرة وللمفاجأة عدو للحرية دون ان يكون عدوا للديمقراطية وبما انك مقيمة في اميريكا فقد سمعت او قرأت عن الصياغة المعرفية الاخيرة لتحقيق الهيام الاوبامي السوروسي (وجناحهم من ملاك السلطة) بالفاشية الاسلامية والتي تمثلت في صنع وانتاج شادي حميد(ديليفري) الذي يدعو بشكل مباشرلتقبل اهل الشرق للقبول بحكم قوى رافضة للحرية (الاسلاميين) ان جاءت بهم الديمقراطية مع ان الفكرة مرفوضة غربيا وهل هناك دلالة للاصل المصري لشادي في اختياره غير فرض الظلام الاسلامي (المباشر) على مصروفي شكله الازهري على الاغلب هذه المرة لان الاغلبية تتقبله اما خطوات النهضة فليست في البداية بل انتهت اليوم الذي اصبحت فيه محطات التلفزيون منابر لدواب الظلام المعممة منها والافندية بدلا من البرامج الثقافية.