فضاء الرأي

المكيافيلية في العقيدة السياسية للبرجوازية: حماس وإسرائيل نموذجاً

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

لا يحتاج المرء إلى أي عناء لإثبات أن دولة إسرائيل هي دولة احتلال، دولة إرهاب بالمعايير التي اعتمدتها الأمم المتحدة، وإسرائيل عضو فيها، دولة ابارتهايد بامتياز، دولة نازية بالمنطق الذي يبرر به كل المسؤولين الإسرائيليين مقاربتهم للهولوكوست، وأصبح وجودها كدولة عليه علامة استفهام كبيرة، وفقدت كل المعايير الأخلاقية للدفاع عن شرعيتها.

في مقابل كل ما فعلته وتفعله إسرائيل من جرائم ضد الإنسانية منذ أكثر من سبعة عقود وليس منذ السابع من أكتوبر 2023، ماذا فعلت حماس، وكيف حولت الدمار الذي لحق بقطاع غزة وقتل ما يقارب 15 ألف إنسان أكثر من نصفهم أطفال إلى انتصار عبر مقايضة بائسة وخائبة يتم فيها إطلاق سراح 300 سجين فلسطيني مقابل 50 محتجزاً إسرائيلياً. والسؤال الذي يطرح نفسه هل تستحق كل هذه المأساة ثمن المقايضة الذي دفعته جماهير غزة؟

كل الاعلام الذي يسمي نفسه بإعلام "المقاومة والممانعة" يشرب نخب انتصار حماس المزعوم، وهو انتصار ثمنه هدنة لوقف الحرب لمدة أربعة أيام وقد تتمدد أكثر، وليس مهماً ماذا سيحدث يوم غد، المهم هو "الهدنة" ويضيف إليها قادة حماس أنها فرضت شروطها، التي سوقتها لنا على أنها انتصار عظيم حققته حركة المقاومة الفلسطينية.

ليس جديداً على الإعلام القومي والإسلامي العربي تحويل الهزائم والانكسارات إلى انتصارات عبر استخدام المدافع الإعلامية العملاقة التي يتفرد بها في العالم، وإطلاق الآلاف من الجمل الإنشائية والطنانة لرسم صور خادعة ومزيفة تحجب الحقيقة المرة عن جماهيرها بالدرجة الأولى، وبعد ذلك عن عموم المجتمع، تلك الحقيقة هي ممارستها السياسة المكيافيلية لتحقيق أهدافها.

تلك السياسة تطبقها إسرائيل بحذافيرها، وتسميها في حربها قانون هانيبال، وهو قانون يبيح لها التضحية بمواطنيها وجنودها في سبيل تحقيق مصلحة أمنها القومي، سواء الاستراتيجي او التكتيكي، ونقصد أمن نخبها وأمن دولتها العميقة، وفي نفس السياق تطبق حماس القانون عينه، بحيث حصرت كل معركتها وحربها على إسرائيل في السابع من أكتوبر بصفقة بينها وبين إسرائيل سميت تبادل الرهائن أو المحتجزين أو الأسرى لدى الجانبين، وبغض النظر عن المسميات، فثمنها الموت والدمار والدم الذي يخيم على كل شبر من قطاع غزة.

بعيداً عن كل الجعجعات الإعلامية والطبول الدعائية للطرفين، فإن ما كشفته صفقة تبادل الرهائن والأسرى عن زيف العقيدة السياسية لدى الطرفين، وأن آخر ما يهمهما هو الإنسان، حيث يتبجح نتانياهو بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها وعن أمن مواطنيها، في حين تعلن حماس أن الدافع إلى ما قامت به هو الانتقام ضد الجرائم التي تقترف بحق الفلسطينيين في الضفة الغربية والأقصى، وكلاهما مستعد لحرق الأخضر واليابس، لا من أجل ما يعلن عنه، بل من أجل تغيير توازنات المعادلة السياسية وتحسين حظوظه في المشهد السياسي. إن الانتصار المزعوم، سواء الذي يعلنه نتنياهو بتأكيده أنه يقترب من هدفه عبر تدمير غزة، أو الذي يعلنه قادة حماس بالوصول إلى هدنة "بشروطهم" ليس أكثر من كذبة كبيرة يحاول كل طرف لملمة جراحه من خلالها، ولكن من يدفع الثمن هم جماهير فلسطين في الضفة الغربية وغزة.

من حق الشعب الفلسطيني مقاومة الاحتلال الإسرائيلي، واعتماد الأساليب المناسبة لإنهاء الاحتلال البغيض الذي يمارس ظلماً قومياً بكل أنواعه، ولكن يجب أن يبقى الإنسان هو المحور الذي يتم النضال من أجل تحرره وتمتعه بحياة حرة وآمنة وكريمة. إلا أن تسويق صفقة تبادل الأسرى وهدنة الأربعة أيام على أنها انتصار عظيم في مقابل سقوط الالاف المؤلفة من الأبرياء، هو كذبة واضحة. ما نريد قوله إنهم يكذبون على العالم، وقد يطول عمر كذبتهم، بيد أنها لن تصمد إلى الأبد، فها هي إسرائيل قد فضح أمرها وظهرت دولة كريهة وعنصرية، بالرغم من تسويق مظلوميتها بحرفية عالية طوال ثلاثة أرباع قرن. أما حماس، وعندما تحط الحرب أوزارها، فستعرف الجماهير أن ثمن تحرير 300 سجين فلسطيني لا يستحق موت عشرات الآلاف وتدمير أكثر من مئتي ألف وحدة سكنية. لكن بالنسبة إلى حماس، فإن دخولها إلى المعادلة السياسية أو إزاحة منافسيها هو الانتصار الذي سيسوق بأنه انتصار الشعب الفلسطيني وصموده وحركة المقاومة، وسيعزف المطبلون من الأقلام المأجورة التي ترفع الشعار الذي فضحته وحشية إسرائيل على غزة "وحدة ساحات المقاومة" بأن حماس مرغت كرامة الشيطان الأكبر والأصغر بالتراب، وهي تعرف أنه انتصار وهمي.

إن الهدنة التي حدثت، وعنوانها تبادل الأسرى الذي تتلطى الأطراف المتحاربة خلفه، يجب ألا يخفي حقيقة أن الطرفين قد استنزفا بعضهما البعض، وكل ما يقال عن إنه انتصار هو ضرب من السخافات والترهات، فمن فرض الهدنة ليس اسرائيل ولا حماس، بل التظاهرات والاحتجاجات العظيمة التي تجتاح العالم وخاصة البلدان الغربية، والتي أرغمت ساستها المنافقين والكذابين والمتباكين على حقوق الإنسان على رفع الصوت ضد جرائم دولة إسرائيل الفاشية. إنها الجماهير التحررية والمتمدنة التي تدافع عن حقوق الشعب الفلسطيني، هي من فرضت الهدنة على الطرفين، وهي القادرة على إنهاء الحرب، وكذلك إحلال السلام عبر دعم تأسيس دولة فلسطينية مستقلة تنهي عقوداً من الظلم القومي السافر وسياسة الابارتهايد.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
للحرية أثمان
طارق -

لا يوجد تحرير وطن محتل خمس نجوم لا بد من دفع أثمان باهظة، وقد دفعتها من قبلنا شعوب الجزائر وفيتنام وافغانستان، سيتم تبييض السجون الصهيونية من الاحرار القابعين في الاسر منذ اربعة عقود وعددهم ينوف على الستة آلاف مختطف واسير.

من دروس السابع من اكتوبر
طارق -

ماذا تعلمت من العدوان على غزة . ‏ليس هناك دول عظمى في هذا العالم هناك دول يديرها أشرار وقطاع طرق. ‏الإعلام الغربي ليس أفضل حالا من إعلام الطبلة والمزمار والكذب الرسمي في أكثر دول العالم تخلفا بل هو أسوأ. ‏القيم إن لم تحمها القوة تدهسها أدوات الأقوياء بدون رحمة، المقاومة حق ، والحرية حق. ‏يستطيع العالم الشرير أن يقنع شعبه بأن هناك فرق بين إنسان وإنسان إنسان دمه مصفى وإنسان دمه رخيص . ‏مع الوقت يمكن أن تنسى الحقائق فإسرائيل دولة مغتصبة عابثة محتلة تقتل شعبا وتعتقله في سجن كبير منذ ٧٥ عاما لكنها كادت أن تقنعنا بأنها مسالمة وطيبة ونخطب ودها.

لو كان المقاتل فصيلاً يسارياً ما قلتم هالكلام
مراقب -

الاعترافات الاسرائيلية تتوالى، والتسريبات عن الخسائر تزيد، آلاف الجرحى والقتلى عسكريين وفي داخل المدن من الصواريخ.‏ العدو فقد السيطرة داخليا والرقابة العسكرية تنهار أمام هول وعظيم ما فعلته نخبة 7 اكتوبر وركن المدفعية وطائرات الزواري والضفادع البشرية في زيكيم.‏ وما التهدئة إلا محاولة إسرائيلية لامتصاص الهزيمة وترتيب الأوراق بعد الخسائر الفادحة في صفوفهم، وهناك انشقاقات داخل المؤسسة العسكرية والأمنية الإسرائيلية، وتلاوم شديد، والشاباك متهم بضعفه وعدم تقديره للموقف، وغياب المعلومات عن الجيش.

هل تحررت غزة؟
فول على طول -

وبعد كل هذا الدمار والقتلى والجرحى الذى لحق بغزة... هل تحررت غزة أم العكس؟ انتهى السؤال.

من بركات السابع من اكتوبر
متابع -

السيناتور الديموقراطي مارك وورنر، رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الامريكي: ‏"اسرائيل فقدت تعاطف الناس في جميع انحاء العالم".

اليهود مشكلة أوروبية ،،
فاروق -

اليهودية مشكلة أوروبية مسيحية حلت على حساب شعب قابع في ارضه منذ آلاف السنين ، في القارة الاوروبية مساحات شاسعة خالية يمكن توطين اليهود فيها واقامة كيان لهم خاصة وان تسعون بالمائة منهم ملاحدة لأدين لهم ، ستالين أوجد جمهورية لليهود ضمن جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق، أوكرانيا بوابة السماء لليهود ، لتعرف ان وجود اليهود في فلسطين مشروع استعماري وظيفي لا علاقة له بأي دعاوي توراتية ، الوجود الصهيوني في فلسطين هو آخر واقبح احتلال عرفته البشرية في تاريخها المعاصر شيء لايوصف وعار على الانسانية استمراره وعار على من يدافعون عنه ،،

الفرق بيننا وبينهم
طارق -

لتعرف الفرق بين الاسلام واي دين اخر ، انظر الى ( حال الاسرى ) عند كل طرف في حال الحروب .

بريطاني ، ضرورة تكفيك هذا الكيان الشيطاني الذي صنعته بريطانيا
فاروق -

بعد انتشار مشاهد جثث الأطفال الرضع متحللة في مستشفى النصر بغزة.. النائب السابق في البرلمان البريطاني كريس وليامسون يقول: "يجب تفكيك إسرائيل بالكامل، يجب محاسبة السياسيين البريطانيين الذين يؤيدون هذا الكيان الشرير"

الى الغبى منه فيه وبعد التحيه : تعقيب أخير
فول على طول -

والنبى يا شيخ ذكى تقول لنا خسائر أحبابك أصحاب النصر الالهى ..عشان نقدر نحكم من الخاسر ومن الفائز . طبعا أنا لا ولن ولم أؤيد أى حرب بالمناسبه وأتمنى أن يعم السلام فى العالم كله .

مصر والأردن
عماد فرحات -

أعتقد أن الحل الأنسب بالنسبة إلى المسألة الفلسطينية هو حل الدولتين، وأعني بالدولتين دولة في الضفة الغربية ودولة في غزة، الأولى تتبع الأردن إدارياً والثانية تتبع مصر.

كل فلسطين من النهر إلى البحر
فؤاد حديد -

لا حل إلا بتحرير فلسطين كل فلسطين من النهر إلى البحر ، اليهود غزاة مغتصبون لا مقام لهم بأرض فلسطين، اليهود لهم اوطان تنتظرهم فليعودوا اليها ،،

لا يوجد خسران لمن يدافع عن ارضه ،،
فاروق -

لا يوجد خسران لمن يدافع عن ارضه فله المجد والخلود