هاشتاك الناس
كن فيلسوفًا في الحياة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
بدأت الحياة وهي تحمل الخير والشر، والجمال والقبح، والسعادة والتعاسة، والبهجة والشقاء؛ كوكتيل من الألوان المتضادة، والأفكار المتناقضة، والصراع من أجل البقاء. أسرار وجودنا تتخفَّى وراء هذه الألوان، ويلبس كل منا رداءه الخاص به حسب زمانه ومزاجه وعادات وتقاليد بيئته. هي أزمة دوام الحياة، وتهديدات الفناء. سئل حكيم: لماذا تقرأ كثيراً، فقال: لأن حياةً واحدةً لا تكفي.
والحياة سؤال فلسفي حيّر أهل العقل والقلب معًا؛ لماذا نحن هنا؟ ما الفائدة من الحياة؟! وما الغرض من الوجود؟! فهي عند سقراط على جانبيْن: فردي، وروحي، وأن على الإنسان أن يعطيهما حقهما بالتساوي؛ كي لا يعاني من الضياع. وعند أفلاطون هي شكلٌ من أشكال المعرفة. وهي فوضوية وبلا معنى لدى شوبنهاور. ويراها نيتشة قبيحة لولا هروبنا للفن. بل هي وعي بالوجود والحرية بوصفهما معنى الحياة عند سارتر.
ويراها البعض ممتلكات وشاليهات وسيارات فارهة مطلية بالذهب، وأموالاً مكدَّسة في خزائن البنوك. ومنهم من يراها مزحة عابرة؛ فينام مستلقيًا مثل ذكر البط، مستمتعًا بأغنية "أنا والعذاب وهواك... عايشين لبعضينا"!
ما زلنا نعيش الحزن واليأس في الواقع. لكن الأمل لا يزال يعيش، وليس من السهل التغلب على تحديات الحياة وتحقيق أحلامنا. الحياة ليست متكافئة. لم نولد جميعاً بنفس المستوى من الموارد، وتختلف المواهب والقدرات من شخصٍ لآخر. والنجاح يكون من خلال التعامل مع حقيقة ما هو موجود، وليس مع الوهم والخزعبلات.
علينا ألا ننظر إلى الأسفل ولا حاجة لنا في ذلك؛ بل نتطلع إلى الأمام وهذا ما نحتاج إليه بكل قوة. إنَّ التركيز على المسار المبهج فقط سيؤدي إلى إنكار الواقع. كما أن التركيز على المسار المؤلم فقط سيؤدي إلى الاكتئاب. ولكلٍّ منّا في داخله القدرة على توليد العطاء والأمل، هذا هو الأمل، والأمنيات أحيانًا يتأخر وصولها لمحطة الشوق... وإن مع العُسر يُسرا.
أعتقد أن الأمل يفتح الأبوابَ ويجلِب الحلول، والأمل يُبقينا نتحرك للأمام، حتى عندما تبدو الأمور ميؤوسًا منها، والأشخاص اليائسون يَتصرَّفون بطرق ميؤوسٍ منها. أعتقد أنه بإمكاننا دائمًا إيجادُ أو إنشاءُ شيء إيجابي، وحتى أسوأ الظروف يُمكن تحسينُها من خلال تخيُّلِ شيءٍ جيدٍ على الجانب الآخر.
قال أرسطو: "الأمل هو حُلم الرجل اليَقِظ". فالوعي بأهمية الأمل ضروري لاستمرار الحياة، والإيمان بأنه مهما كانت الظروف سيئة؛ فإنه، بطريقة ما، سيصبح كل شيء على ما يُرام، أو حتى مفيدًا في النهاية.
دعني أرسم لك صورة أخرى: تَخيَّل أنك تجلس في حفرة مليئة بالوَحل، وتحيطك القاذورات من كل مكان؛ ثم ترى يدًا تتدلَّى من الأعلى. هذه اليد هي "يد الله" التي تشُد يدك لتنقذك وترفعَك. الآن، ما هو الأمل؟ الأمل: هو مَدى إحكام قبضتك على تلك اليد. لا تنس التركيز على المستقبل، والأشياء التي يُمكنك القيامُ بها لتشكيل مُستقبلك، مثل: تحديد الأهداف، وتحديد الأولويّات.
هناك حلٌّ للبحث عن الأمل وإيجاده في الحياة: ابدأ بالتفكير الإيجابي والتركيز عليه، والبحث عن الخير في موقفٍ تراه مُناسبًا لك، وترتاح له، وانظر إلى الصورة الكبيرة، واترك الأشياء الصغيرة؛ وهذا سيساعدك على رؤية الأشياء بطريقة جديدة، وعلى تغيير نظرتك إلى الحياة. ستلقى في الحياة ألوانًا مختلفة من بشر ومواقف. اختر منها ما تود وامحُ منها ما تريد.
خرجنا للحياة حُفاةً عُراةً، ولم يستر أجسادنا سوى قطعة قماش أبيض، وسنودِّعها أيضًا بقطعة قماش مثلها في اللون، وإن اختلف الحجم. يا له من سرٍّ عجيب وموقفٍ رهيب؛ صرختان: أولاهما، صرخة البداية. والأخرى، صرخة النهاية. الأولى صوتها عالٍ، والثانية صرخة داخلية، هي صرخة الروح غير المسموعة؛ أما صاحبها فلا يسمع سوى صوت مُودِّعِيه!
ذات يوم، سُئل حكيمٌ عن أغرب الكائنات في الكون؛ فقال: الإنسان، قالوا له: كيف؟ قال: الإنسان يُضيعُ وقتَه بالتحسُّر على الماضي، ويَود أن يكبر سنه بسرعة؛ حيث الشباب والرجولة، وعندما يكبر يُفكر في بناء مستقبله، وعندما يشيب يتحسَّر على ماضيه!. وهكذا يمضي عمره على هذه الحال! فإذا به لم يعش؛ لا في الماضي ولا في الحاضر ولا في المستقبل، وقد ضيَّع نفسه، وضاع عمرُه سُدى.
قد تعاني أوطاننا من مشاكلَ كثيرة ومُتداخلة؛ إلا أنَّ الشمس ما تزال تُشرق في السماء. فالليل دائماً أحلك من الفجر؛ لكن دائماً ما تعود الشمس لتستمر الحياة التي لا تعطي سرها وسعادتها بسهولة. والناس معادن تصدأ باليأس، وتتمدد بالأمل، وتنكمش بالألم. والأمل يُولد الأمل، وغالبًا ما يأتي الفرج بعد الضيق.
أيها البشر: لا تقنطوا من رحمة الله.