فضاء الرأي

الانتخابات العراقية: ديناميكيات وتداعيات

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

تشكّل الانتخابات المحلية في العراق خطوة مهمة نحو الاستعداد لانتخابات مجلس النواب القادم، لذلك، تسعى القوى السياسية جاهدة بكل إمكانياتها إلى تعزيز البنى الأساسية في هذه الانتخابات، لأنها ستكون مقدمة للانتخابات البرلمانية القادمة. وستعتمد هذه القوى على جودة أدائها ومدى صدق نواياها في تقديم الخدمة لناخبيها، ليكون التنافس داخلياً على مستوى القوى السياسية الكبرى في المحافظات ذات اللون الواحد والمكون الواحد، فيما سيتركز في المحافظات المختلطة على قوة الكتل السياسية وقدرتها على تشكيل الكتلة الأكبر في المحافظة.

غياب بعض القوى السياسية عن الانتخابات، وتحديداً التيار الصدري، لا يعني أنَّ عنصر المنافسة قد غاب كلياً عن المشهد. بل ان المشهد تعزز بوجود القوى المدنية (التشارنة) الذين يسعون لإيجاد موطئ قدم لهم في الانتخابات البرلمانية القادمة وتشكيل قوى معارضة في داخل البرلمان. في المقابل، قد يقرأ غياب التيار الصدري عن المشهد الانتخابي غياب قدرة الإطار التنسيقي على تنظيم أوضاعه الداخلية في الانتخابات البرلمانية، ماسيشكل عائقاً واضحاً ويكشف مدى عدم قدرة الإطار التنسيقي على وضع الاستراتيجيات والتعاون داخلياً من أجل هذه الانتخابات، ما يشجع الصدريين على العودة إلى الحياة السياسية، وهو عامل بالغ الأهمية.

بالتأكيد، يمثل وجود القوى السياسية الحالية حافزاً لتسخير نفوذها في التأثير على الناخبين، وهذا الأمر بات واضحاً في قدرة جمهور السلطة على تغيير وجهة الانتخابات، لذلك، لجأت حكومة محمد شياع السوداني إلى إجراءات من شأنها أن تقلل نسب التزوير والتلاعب بالنتائج، ومن أهمها العد والفرز اليدوي ونصب الكاميرات الحرارية في قاعات التصويت وغيرها من إجراءات مراقبة شديدة في يوم الاقتراع، وسيكون رئيس الوزراء حاضراً بشخصه من أجل مراقبة الانتخابات المحلية، خصوصاً أن إجراء انتخابات مجالس المحافظات بنجاح، مع تقليل نسب التجاوزات الانتخابية، يساعده في الوصول إلى الانتخابات البرلمانية المقبلة مع تعزيز دوره التنفيذي خلال المرحلة القادمة.

سيكون تأثير انتخابات مجالس المحافظات مهماً في تحديد النظام السياسي في كل محافظة، وهذه مسألة مهمة لبناء التحالفات قبل الانتخابات، كما أنها حاسمة للسماح بتطبيق المحاصصة، وستكون المنافسة شرسة في المحافظات الغنية بالموارد مثل البصرة وكركوك، لذلك إذا أجريت انتخابات مجالس المحافظات بنجاح، فمن شأنها أن تقوي فترة الاستقرار النسبي في العراق وتمنح حكومة السوداني الثقة لإجراء انتخابات برلمانية مبكرة أو استكمال ولايته بالكامل.

إذا اكتملت الانتخابات بنجاح وبدأت الحكومات المحلية في انتخاب المحافظين وتقديم الخدمات، فإنها ستمثل الخطوة الأولى نحو استعادة بعض الثقة، وسوف ينظر لمجالس المحافظات على أنها ناجحة، وخلاف ذلك، سيتم اعتبار الانتخابات المحلية غير ضرورية وأداة لتمكين الفساد، ما سيؤثر مستقبلاً على شرعية الدولة العراقية ككل ويهدد النظام السياسي.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف