فضاء الرأي

أي غزة بعد الحرب؟

فلسطينيون في صف انتظار طويل الحصول على الطعام في غزة
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

هذه الحرب في غزة ليست وليدة الصدفة، وليست بسبب عدوان إسرائيلي بقصد قتل الفلسطينيين، بل كانت حرباً نجمت عن عملية إرهابية قامت بها كتائب القسام التابعة لحركة حماس.

بعد الترحم على الضحايا من جانبي الصراع، يمكن القول إنَّ ما يقوم به الجيش الإسرائيلي من عمليات حربية شديدة القسوة لا يحظى بدعم كامل من الشعب الإسرائيلي، وان كان هذا الشعب يؤيد قيام الجيش بتوجيه ضربة قوية لكتائب القسام وحركة حماس. كذلك الأمر بالنسبة إلى الشعب الفلسطيني، فإنَّ ما قامت به كتائب القسام لا يحظى بموافقة الشعب الفلسطيني حتى بوجود بعض المؤشرات التي قد تدل على مثل تلك الموافقة، فإنها بالتأكيد مؤقتة إلى حين سقوط الحركة وزوالها وبعدها يمكن التعرف على حقيقة الموقف الشعبي الفلسطيني. تماماً مثلما كان الحال بالنسبة إلى موقف الشعب العراقي من صدام حسين أو الشعب الليبي من معمر القذافي أو اليمني من علي عبدالله صالح والشعب السوري من بشار الأسد. في الوقت الذي تسقط فيه قبضة الحكم يظهر الموقف الحقيقي للشعب.

على أي حال، ما وقع قد وقع ولا بد أن تنتهي الحرب، لكن السؤال الجوهري الذي يبحث عن جواب منذ اليوم الأول لهذه الحرب هو ماذا بعد؟ ماذا في اليوم التالي لسكوت المدافع وصمت الرصاص؟

دعونا أولاً نستبعد الحلول أو المقترحات غير العملية التي قد يتوقعها البعض. أولاً لا عودة لحكم غزة من قبل حركة حماس، وكذلك لا عودة إلى حكم غزة من قبل السلطة الفلسطينية التي ثبت فشلها وفسادها. ثانياً لا مجال لوجود سلطة دولية تابعة للأمم المتحدة وقوات طوارئ دولية تحكم غزة، فهذه الطريقة غير مجدية أبداً في الشرق الأوسط. ثالثاً، إيجاد سلطة حكم بمشاركة محلية وعربية من مصر والأردن والسعودية مثلاً أمر غير عملي على الإطلاق، لأنه سيكون ضعيفاً وغير حازم، وينتهي به الأمر سريعاً مثلما كان حال قوات الردع العربية في لبنان عام 1976، الذي انتهى إلى احتلال سوري دمر لبنان ومستقبله. ورابعاً، من غير المجدي أبداً إجراء انتخابات ديمقراطية في القطاع وتنصيب جهة محلية تحكم، لأنَّ أهل القطاع غير قادرين على ذلك. وخامساً، فإنَّ ترك الأمور على ما هي عليه بوجود قوات احتلال إسرائيلي مباشرة مسيطرة على كل مفاصل الحياة في القطاع لن يكون نافعاً، وستتكرر مآسي سنوات الاحتلال في السبعينات والثمانينات.

ما هو الحل الأنسب؟

الحل الأنسب والأفضل والأكثر فائدة للشعب الفلسطيني عموماً والشعب الفلسطيني في غزة وكذلك للمنطقة ولإسرائيل هو أن تقوم إسرائيل بإدارة القطاع عبر ما يمكن أن نسميه "الاحتلال الإيجابي"، يسيطر فيه الجيش الإسرائيلي على الشؤون الأمنية والعسكرية وحماية الحدود، ثم يقيم قوات شرطة مدنية من أهل القطاع لحفظ الأمن المحلي. ويكون هذا الاحتلال الإيجابي أشبه ما يكون بالانتداب من الفئة (أ) الذي يهدف إلى تهيئة البلاد لحكم ديمقراطي مسالم وإنشاء كيان منزوع السلاح يعيش بسلام مع جيرانه ويخدم شعبه ويحسن معيشته ونوعية حياته.

لأجل تحقيق ذلك، على إسرائيل أن تطلب بإقامة صندوق لإعمار قطاع غزة لا يقل رأسماله عن مئة وخمسين مليار دولار في الحد الأدنى، تموله الأمم المتحدة من خلال وكالة الغوث إلى جانب إسرائيل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والدول الأخرى وكذلك الدول العربية التي تريد ذلك.

وعلى سلطة الاحتلال الإيجابي هذه أن تعمل على إقامة هيئات بلدية، سواء منتخبة أو بالتعيين، تعمل على تقديم الخدمات البلدية للمواطنين، ويشكل رؤساء هذه الهيئات مع رؤساء الهيئات الاجتماعية والأكاديمية الأخرى ما يشبه المجلس الاستشاري الذي يمكنه أن يضع قوانين مؤقتة لإدارة القطاع.

من المهم في هذه الفترة تعديل المناهج الدراسية لتوفير تعليم عصري بعيد عن التعصب والتطرف، يدعو إلى السلام وحسن الجوار، وكذلك توفير نشاطات اجتماعية وشبابية تعيد الحياة إلى القطاع وتفسح المجال لحرية التعبير بشكل حضاري.

صندوق الإعمار هذا لن يكون فقط لإعمار العقارات وبناء البيوت، بل سيكون أيضاً لتمويل خطط تنموية خمسية تسهم في إقامة زراعة عصرية وصناعات حديثة خفيفة (غذائية وما شابه ذلك) وسياحة ناجحة وبناء مطار وميناء وطرق ومستشفيات ومدارس ونقل عام. ويصاحب ذلك تشغيل أعداد من شباب غزة الراغبين في العمل في إسرائيل ليكونوا مصدر تمويل إضافي لأهلهم وعائلاتهم.

هل يمكن أن تنجح مثل هذه الأفكار في إعادة السلام إلى قطاع غزة وتغييره بهذا الشكل الذي يبدو حلماً بعيد المنال وخيالاً هستيرياً يصعب تجسيده؟

جوابي على هذا السؤال هو نعم إذا توفرت الشروط والأدوات.

بطبيعة الحال الموافقة الإسرائيلية هي الشرط الأول والأكثر ضرورة لكي تقوم إسرائيل بإقناع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي به، وبعد ذلك إقناع الدول العربية الصديقة لها، وهي دول ستوافق بالتأكيد لأنها لا تريد أن ترى قطاع غزة يعود إلى حماس ولا تريد أيضا أن ترى منظمة التحرير تعود إليه.

الشرط الثاني أو الظرف الثاني الذي سيجعل من هذه الفكرة أمراً ممكناً هو اتفاق متبادل بين أهل غزة وإسرائيل يتضمن أيضاً اعتذاراً عما جرى من أعمال قتالية. سيقول البعض لماذا يعتذر أهل غزة وهم كانوا ضحية؟ نعم كانوا ضحية حماس وكذلك الإسرائيليون كانوا ضحية مشاعر انتقامية أسفرت عن إسالة دماء كثيرة. الاعتذار المتبادل سيزيل العداء المتبادل.

بعد هذا يمكن لإسرائيل أن تحصل على موافقة دولية على المشروع ويكون بيان انتدابها أو احتلالها الإيجابي في قطاع غزة لمدة قد تصل إلى خمس عشرة سنة وربما عشرين سنة. في هذه الحالة سيصبح الشرق الأوسط بالفعل شرقا جديدا مسالما منتجا وآمنا ومثالا سيرغب كثيرون الاقتداء به.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
اتفضل يعني اتفضل ،،
جلجل -

حماقة اسرائيلية‏ إليكم وزير المالية الذي عينه نتنياهو بتسلئيل سموتريش. ‏ يلقي كلمة من خلف منصة تعرض "إسرائيل الكبرى". ‏ وتشمل "إسرائيل الكبرى" كامل فلسطين والأردن بأكمله وأجزاء من العراق ولبنان وسوريا ومصر وتركيا والمملكة العربية السعودية. ‏ هؤلاء الناس لا يريدون أن يتوقفوا عند فلسطين.

عودوا الى أوطانكم الاصلية افضل لكم
فؤاد -

عاجل جداً جداجدا: | الجيش الصهيوني : يمكن لسكان البلدات الواقعة على بعد 4 كلم من الحدود مع قطاع غزة العودة إلى منازلهم ، التعليق : يعودوا الى أوطانهم الاصلية أأمن لهم ،،

قلنا لكم الكيان نمر من ورق ،،
حدوقه -

رغم القوة العسكرية المطلقة و 77 يوم من المعارك الوحشية تل أبيب غير آمنه‏إجلاء زعيم المعارضة الإسرائيلية، يائير لابيد، أثناء لقائه رئيس وأعضاء مجلس الشيوخ الفرنسي في تل أبيب بفعل إطلاق المقاومة الفلسطينية رشقة صاروخية كبيرة على المنطقة.

لم يعجبني المقال
متابع -

مقال واهن

انتظر انتصار الكيان واكتب
فاروق المصري -

الكاتب يجزم ان الكيان قد انتصر في حربه ضد شعب غزة ، ان الشعوب التي تسعى للخلاص من احتلال لا تسلم وترفع الراية حتى ولو هزمت بل يعتبر استمرارها في المقاومة انتصار ، ان المقاومة مشعل ينتقل من يد الى يد ومن جيل الى جيل حتى ينهزم المستعمرون ويرحلوا.

مقال رائع... لكن؟
قول على طول -

مقال رائع وأفكار رائعه ..لكن هذا المقال يصلح للبشر ولا يصلح للمشعوذين والمخبولين الذين يريدون قتل اليهود والنصارى وكل من يخالفهم فى عقيدتهم ..وينتظرون النصر الالهى من الملايكه المسومه والشجر والحجر لمساعدتهم . ربهم يشفيهم البعدا من الشعوذات . تحياتى عزيزى الكاتب على واقعيتكم بدون أوهام

انطباع الصهاينة بعد الهول الذي عايشوه
فاروق المصري -

من معالم دهشة جيش الغزاة مما واجههم.‏من تقرير لـ"يديعوت":‏ نقل عن قائد الفرقة 98 وصفه لـ"كتائب القسام" بأنها "تشكيل حربي كامل ومنظّم، من وراءه تفكير عسكري كبير، يربط الخنادق بالأنفاق، ووسائل قتالية محصّنة على الأرض، ونقاط مراقبة، وإطلاق نار، وقنص من أماكن مرتفعة".‏ من التقرير أيضا: "بعض الضباط ذوي الخبرة اكتشفوا بدهشة التشكيلات القتالية التي بناها جيش حماس هنا على مرّ السنين".

لو...
حدوقه -

لو أطلقت المقاومة خمسة الاف صاروخ دفعة واحدة على مدن الغزاة ، فإنهم سوف يستسلمون بعد ساعة، ويغادرون الى أوطانهم الاصلية حالاً، ولو كان لدينا أنظمة وطنية غير عملية فهذا هو الوقت المناسب لمهاجمة الكيان من كافة الجهات بعد ان استنفذت امريكا وأوروبا مخزون أسلحتها على غزة.

وعند أولمرت الخبر اليقين يا نور العين؟!
فؤاد حديد -

إيهود أولمرت يدخل على الخط؛ مسخّفا وعود نتنياهو. ‏رئيس الوزراء الأسبق كتب في "هآرتس" يقول: ‏"اليوم أصبح واضحا للكثيرين أنه رغم أن الجيش قد حارب بشجاعة وتصميم وبالحذر المطلوب، ويتكبّد خسائر مؤلمة، إلا أنه لا يبدو أن هناك أي فرصة لتحقيق التوقعات التي خلقها بيبي. لن تكون تصفية لحماس".

الشعب الفلسطيني هو صاحب الكلمة في تحديد مصير بلده بعد انهزام إسرائيل
علي المغربي الحُرّ -

لا يجب الحديث عن غزة بعد الحرب. لأنّ الحرب لمْ تُحسَم بعدُ، فالمُقاوَمة الفلسطينية بقيادة القسام لازالت تُكبِّد إسرائيل خسائر فادِحة في أرواح جنودها و عتادِها الحربيّ، لازالت حماس تُسيطِر على الأرض و لا تزال تُدير الحرب بكلّ جدارة و لن تستسلِم أبداً، و ما مُغادَرة لواء (غولاني) إلّا دليل على انهزام إسرائيل في المَيْدان و على الأرض.. و لذلك فالشعب الفلسطينيّ هو الذي سيُقرِّر مصير قطاع غزة و الضفة الغربيّة و مَن سيُدير شؤون بلدهم.

مفهوم النصر عند الذين أمنوا
قول على طول -

مفهوم الانتصار عند الذين أمنوا أن الزعيم بخير وما زال حيا ويبعث بالبيانات ويذيع الانتصارات الالهيه وأغانى النصر على طريقة : انتصرنا ..وعبرنا ..ناصر كلنا بنحبك - لكن لا يهم أرواح شعبه فهى لا قيمة لها ولا يهم أن غزه تدمرت تدميرا شبه كامل ولا يهم نزوح أكثر من مليون غزاوى ولا يهم أنهم يتسولون الماء والطاقه والعلاج بل الأكل حتى ولو وجبه واحده فى اليوم ..كل هذا لا يهم مادام الزعيم حيا فى قطر أو تركيا وهذه هو أعظم انتصار للذين أمنوا.

اعتراف بالهزيمة ويأس من النصر
جلجل -

كتب "شلومو بن عامي" في "هآرتس" يقول:‏"هناك ظاهرة تتكرر منذ الحرب العالمية الثانية، وهي ظاهرة فشل دول قوية في حروب غير متناظرة أمام قوة أقلّ منها. تصميم الجانب الضعيف صمد على الأغلب أمام قدرة الطرف القوي، وأساسا عندما كانت أهداف الحرب غامضة مثل القضاء بشكل كامل على العدو (الهدف الذي له تعريف غير واضح، وفي الأساس لانهائي).

شعب غزة كلنا فدا المقاومة و فلسطين ،،
فاروق المصري -

رغم العذابات والاهوال ، ورغم حقارة العدو وخساسته واجرامه الا ان ذلك لم يفت في عضد شعب غزة الصابر رغم فقدان الاحبة و ودمار البيوت تجدهم يحمدون الله على كل حال الامر الذي اذهل العالم المادي ، رغم جراحهم ، شعب غزة يردد كلنا فدا المقاومة و فلسطين ،،

الواقع واماني مجرم الحرب نتنياهو
فاروق المصري -

محللون صهاينة ، يرون ان حلم القضاء على حماس ضرب من الخيال ، وان هناك فرقاً بين الواقع واماني مجرم الحرب نتنياهو واركان حربه وجنوده المجرمين ، ثمانية الاف اصابة في جيش الاحتلال بين قتيل و جريح رقم كبير لم توقعه الجيوش العربيةالتي حاربت الصهاينة مجتمعة ، واوقعته في ايام معدودة حركة تنظيم شعبي مسلح ،،

ينقلب السحر على الساحر وفي قلب كل غزي صار ثأر ،،
كمال -

كتب هيلل شوكن في "هآرتس". تشير الاستطلاعات إلى أن سلوكنا في غزة يعزّز مكانة حماس في أوساط الفلسطينيين، ليس فقط في غزة فقط، بل في الضفة الغربية أيضا. ومن لم يكن يرغب بحماس في قطاع غزة سيحصل عليها أيضا في مناطق السلطة الفلسطينية. وما ظهر للكثيرين كأقصى الجهود من أجل تحرير المخطوفين، نجح بشكل جزئي عند تحرير أقل من نصفهم، وكل يوم إضافي للحرب يعرّض للخطر حياة معظم الذين ظلّوا في الأسر. إذا كانت هناك صفقة من أجل تحريرهم فعندها إلى جانب أنه سيُطلب منا تحرير كل السجناء الفلسطينيين في إسرائيل، والذين "ايديهم ملطخة بالدماء"، فسنضطر أيضا إلى الانسحاب من القطاع والتعهّد بإنهاء الحرب. قادة حماس ليسوا اغبياء لن يوافقوا على أقل من ذلك.

احلام اليقظة
طارق حكم -

ما اشبه هذا المقال بحلم ليلة صيف شكسبيرية !!

غزة تهزم الغزاة ،،
جلجل -

الخبر الجديد تسريح 200 الف من الاحتياط الصهاينة بسبب إنهيار الآقتصاد الصهيوني بسبب العدوان على غزة الباسلة ،،

حدوقة وما ادراك من هو حدوقةً
كاره المتفلسفين -

يبدو لك ان بقاء بعض الابنية صامدة او بعض الغزاويين احياء هو نصراً لحماس وقادتها الارهابين ولكن الذي لاتعرفه فان اسراىيل لو حصل السيناريو الذي انت تتمناه من حماس ان تفعله فوالله اقولها لك الان ومقدماً ان غزة بكل مافيها من بشر وحجر سيتحولون الى رماد واسرائيل لن يخيفها شي وستضرب غزة بالنووي اذا اضطرت لذالك فلن يكون هناك وقت للتفكير ولن تسمح اسرائيل احدا ان يمحيها بل ستمحي من يقف امامها هذه بالنسبة لهم مسألة وجود وستكون كلمتهم الاخيرة علي وعلى اعدائي .