فضاء الرأي

حماس بين العصف المأكول وطوفان الأقصى: ماردٌ يتمطى

رجل وطفلة بين النازحين في رفح في جنوب قطاع غزة في 27 ديسمبر 2023
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

لا يتعلم العدو الإسرائيلي من تجاربه، ولا يستفيد من سقطاته، ولا يأخذ العبرة من فشله، ولا يتجنب أسباب إحباطه، ولا يعيد النظر في أهدافه، ولا يبدل في وسائله، ولا يقيم إنجازاته، ولا يحقق في أسباب تكرار أخطائه، فتراه يحاول في كل حربٍ ومعركةٍ أن يحقق الأهداف التي عجز عن تحقيقها في جولاته السابقة، والتي كرر الإعلان عنها والتأكيد عليها، رغم علمه أن تحقيقها مستحيلٌ أو غير ممكنٌ، وأن دون الوصول إليها صعابٌ وتحدياتٌ، وعقباتٌ وتضحياتٌ، يرتكس أمامها، وتنتكس رأسه بسببها، وتسوخ أقدامه وتنقطع أنفاسه ولا يحقق شيئاً منها.

فهو في عدوانه على قطاع غزة عام 2014، الذي أطلقت عليه المقاومة الفلسطينية اسم "العصف المأكول، والذي استمر 51 يوماً قاسيةً، أعلن خلالها أنه سيقوض حكم حركة حماس، وسينهي وجودها، وسينزع سلاحها، وسيدمر أنفاقها، وسيقتل ويعتقل قادتها، وسيدمر مواقعها وسيقصف مراكزها وسيجفف منابعها، وسيشكل حلفاً دولياً ضدها، يشاركه القضاء عليها وتحقيق أهدافه المعلنة ضدها، وأنه بعد انتهاء الحرب سيكون قطاع غزة أفضل بلا حماس، وأكثر أمناً ورخاءً بلا مقاومة.

لكن الحكومة الإسرائيلية وجيش الكيان، الذي كان في حالٍ أفضل مما هو عليه الآن، تسليحاً وتدريباً وتأهيلاً، ووحدة قيادة وتوافق حكومة، لم يستطع تحقيق أهدافه التي أعلن عنها، ولا تلك التي اتفق عليها مع المجتمع الدولي ودول المنطقة، التي ظنت أن الكيان قادرٌ على تحقيق الأهداف التي أعلن عنها، فهو قويٌ ومؤيدٌ، وقادرٌ ومساندٌ، ومدعومٌ سياسياً ومكفولٌ دولياً، بينما المقاومة الفلسطينية ضعيفة وغير مؤهلة، وهي وحيدة ولا أحد معها، ولا يوجد من يناصرها من الأنظمة الرسمية إلا القليل، ومن يؤيدها من الشعوب العربية والإسلامية إلا الضعيف.

ورغم القصف المهول لمختلف المناطق في قطاع غزة، الذي استخدم فيه العدو أقصى ما لديه من قدراتٍ عسكريةٍ، جويةٍ وبريةٍ وبحريةٍ، دمر خلالها العديد من المناطق، وألحق بها خراباً واسعاً، وقتل وأصاب بجراحٍ آلاف الفلسطينيين، وشدد الحصار وضيق عليهم، إلا أن المقاومة عموماً بقيت صامدة، تقاتل وتتدرب وتراكم، وحركة حماس بقيت في مواقعها ثابتة، تقود المقاومة وتدير شؤون القطاع، وتعنى بالمواطنين وحاجاتهم، وتراقب أوضاعهم وتهتم بشؤونهم، وتقدم الخدمات لهم، وعادت أقوى مما كانت عليه، قدرة وسلاحاً، وخبرةً وتجربةً، وصموداً وثباتاً، والتفافاً جماهيرياً وتأييداً شعبياً.

لم تقتصر الهزيمة الإسرائيلية على الفشل في تحقيق الأهداف، بل تعدتها إلى إجبارهم على طلب الوساطة والقبول بوقف إطلاق النار، والموافقة على شروط المقاومة، التي كانت تفاوض من خلال مصر ورعايتها، بقوةٍ وثبات، وحنكةٍ وذكاءٍ، تملي شروطها، وتستعرض مواقفها، وتصر على التزام العدو بشروطها، وتطالب بضمانة المجتمع الدولي له، لئلا ينكث في الاتفاق وينقلب على التفاهم، فلا يلتزم الشروط ولا ينفذ المطلوب منه.

لكن عندما مني العدو بخسائر فادحة في مختلف مناطق القطاع عموماً، وفي حي الشجاعية على وجه الخصوص، بسبب المعارك الضارية التي خاضها رجال المقاومة ضده، وكبدته خسائر في الأرواح فادحة، وأجبرته على التخلي عن غولدن هدار وأرون شاؤول وتركهم أسرى في أيدي المقاومة، اضطر إلى رفع الصوت، والقبول بالهزيمة، أو الإقرار بالفشل، وإعلان العجز عن تحقيق الأهداف التي كان يتطلع إليها ويعمل من أجلها، رغم التنسيق الخفي والسري الذي جرى بين الكيان وبعض دول المنطقة، والآمال الكبيرة التي كانت معقودة عليه للتمهيد لإعادة تنظيم المنطقة، ونسج علاقات مختلفة، سياسية وعسكرية وأمنية واقتصادية، وتوقيع اتفاقيات سلام، تطبع العلاقات، وتضمن الأمن، وتحقق الرفاهية والرخاء لسكان المنطقة عموماً.

قد يقول البعض أن الظروف مختلفة، وأن القصف عنيف، والدمار كبير، وأن المعركة طويلة والخسائر كبيرة، وأن التضحيات كثيرة، وعدد الشهداء والجرحى أكبر من أن يحتمله الشعب ويصبر عليه الأهل، ورغم ذلك فما يظهر بالأدلة والشواهد، أن العدو الإسرائيلي لم يتمكن من تحقيق شيءٍ مما أعلن عنه، سوى أعمال القتل والتدمير والتخريب.

بينما يبدو الشعب صابراً محتسباً، راضياً محتملاً، يقف على قدميه ولا يترنح، ويصر على موقفه ولا يتقهقر، ويبدو أن المقاومة وفي المقدمة منها حركة حماس، التي تتحكم في مسار المعركة، وتحسن إدارة عملياتها، وتواصل عمليات القصف والقنص، والمداهمة والمباغتة، ستخرج من الحرب قويةً منتصرة، وستبقى في غزة ثابتةً متجذرةً، ولن يقوى العدو على القضاء عليها وإنهاء وجودها، أو تصفية قادتها ونزع سلاحها، أو عزلها عن محيطها وفض الشعب عنها، وستكون نتائج طوفان الأقصى أعظم بكثيرٍ من نتائج العصف المأكول، فإن أرغمت الثانية العدو على القبول والخضوع، فإن الأولى ستغير وجه المنطقة، وستغير قواعد الصراع، وستعيد رسم خرائط القوة ومراكز النفوذ في المنطقة.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
يا جامد انت
قول على طول -

سيدنا نابليون رضى الله عنه وأرضاه قال : لا تزعج خصمك وهو يرتكب الحماقات ..وما دامت اسرائيل - أو الصهاينه حتى لا يغضب أحبابنا الحلوين - بهذه الحماقه وكل هذه الخسائر فلماذا لا تستمرون فى الحرب حتى انتصاركم النهائى ؟ وعلى طريقة : ضحينا بالجنين عشان خاطر الأم تعيش ..ومثل أخر يقول : ضحينا بالجنين والأم عشان خاطر الدكتور يعيش ..نحن ضحينا بكل غزه وأهلها وناسها ومبانيها عشان خاطر حماس تعيش . ولا يهمك يا درش المهم أنت وأحبابك الحمساويه تعيشون ومن نصر الى نصر . نقول مبروك ؟

أسئله للسيد الكاتب
قول على طول -

أين تقيم أنت يا سيد مصطفى وأيضا أسرتك ؟ وأين يقيم قادة حماس وأهاليهم ؟ يعنى هل تعيشون مع أهل غزه الغلابه أم أين ؟ انتهى

المناضلون العلمانيون كتفاً لكتف مع الاحتلال ؟!
مسعد -

مقابلة جبريل الرجوب مع قناة عربية فضيحة تثبت بدون ادنى شك بأن قيادة حركة فتح كارثة على الشعب الفلسطيني ويؤكد ضرورة إنبثاق قيادة مؤهلة لإستيعاب جميع الفصائل الفلسطينية.وان كانت الفصائلية مقتل العمل النضالي ، لقد قبل المناضلون العلمانيون في فتح بعد ان تخلوا عن حمل السلاح ان يكونوا كتفاً لكتف مع الاحتلال ضد شعبهم من اجل مكاسب دنيوية زائلة ،،

فصل الدين عن المقاومة
وليد رعيدي -

حتى نحترم المقاومة إلى أي فئة انتمت يجب ألا تكون مقاومة دينية بل مقاومة وطنية. سحقاً لجميع المقاومات الدينية وأهلاً بالمقاومة الوطنية التي وحدها تحرر فلسطين وتدحر الطغاة.

معيار انتصار العدو الحقيقي ،،
ممدوح -

نقول للاقليات الغادرة المتصهينة البذيئة ان معايير الانتصار في الحرب لا تحتسب من خلال عدد المباني المدمرة، أو الأطفال والنساء القتلى، وإلا كانت بريطانيا في الحرب العالمية الثانية استسلمت للنازي في اليوم التالي بل من خلال مدى تحقيق أهدافها. في غزة الجيش الصهيوني يتكبد خسائر فادحة في الأرواح والمعدات لم يقض على روح المقاومة، ولم يحرر الرهائن، ولم يخل القطاع، ولم يبسط سيطرته على الأرض بل مازال يتكبد فيها خسائر كبيرة في جنده وعتاده. ⁧‫

مشاعر لا يعرفها من عاشوا مذلولين طول عمرهم في كنايسهم ،،
فاروق المصري -

استوقفني هذا اليوم العشرات من سكان خان يونس، لم يسألوا عن الأوضاع كالعادة، ولم يستفسروا عن نتائج المعارك التي تدور على أرض غزة، كان جل حديثهم عن النصر، وعن هزيمة الجيش الإسرائيلي، وعن قدرات الشعب الفلسطيني على الصمود، وقدرات رجاله على كسر جيش العدو‏الناس تزهو بالنصر رغم الوجع

الى أذكى اخواته واخوته
قول على طول -

العدو لم يقضى على حماس وهذا صحيح لكن قضى على غزه كلها ربكم يشفيكم يا بعدا ...حماس لم ولن ولا تعود الى حكم غزه وهذه هو معنى القضاء على حماس ..فهمت ؟ يا رب تفهم ياخويا يا رب ...والرهائن الاسرائيليين فى عداد المفقودين هذا ثمن لأى حرب ولا تصدق أنهم يهمهم الرهائن ..فهمت ؟ وما يقال عن تحرير الرهائن مجرد كلام ..فهمت ؟ العدو دك غزه وسواها بالارض ولكن أنتم انتصرتم مش كده ؟ نقول مبروك يعنى ؟ انتهى