فضاء الرأي

ديمقراطية الكتلة الأكبر

متظاهرون ضد فساد الحكومة في بغداد في أيار(مايو) 2020
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

لم يعد الحديث عن الظاهرة العراقية في السياسة أمراً جديداً. وبعد عقدين على انطلاقة العملية السياسية في البلاد، ليس ثمة بوادر انفراج تؤشر للعبور من ثقافة الفساد ونظام المحاصصة والفوضى إلى بناء الدولة.

والحق أنَّ ما يؤرق النُخب الحاكمة هو مبدأ الديمقراطية بحد ذاتها، والتي أصبحت سوقاً رائجة لكل من يريد الترويج لبضاعته الفاسدة والمنتهية الصلاحية، حتى تحولت إلى مزادات علنية وفرص للاسترزاق باسم الديمقراطية.

معضلة العراقي أنه يرى ويسمع كيف تُسرق ثروات البلاد وتُوزع على الأميين وأصحاب الولاءات الخارجية وأشباه الوطنيين من خلال الترويج للديمقراطية الزائفة وفرضها من نخب سياسية لا تقيم للديمقراطية وزناً ولا ترد في أدبياتها أصلاً، بل تكن لها في حقيقة الأمر عداء شديداً. والأكثر مرارة أنه، لولا العصا الأميركية ومراقبة الحثيثة لمفردات الديمقراطية ومخرجاتها في تشكيل الحكومات المتوالية وبناء النظام السياسي في العراق، لأظهرت تلك النخب وجهها الحقيقي في محاربة الديمقراطية، خصوصاً التيارات الإسلامية التي لم تحسب ضمن برامجها السياسية أي حساب للديمقراطية الحقة ولم تفسح المجال لتداول الرأي بحرية، ولا نبالغ إذا قلنا إن أجنداتها يغيب عنها مفهوم واضح ومعرّف للدولة.

إقرأ أيضاً: جائلٌ في شارع الرشيد البغدادي

لقد فُرضت الديمقراطية فرضاً على النخب السياسية، وتلك تلوذ منها إلى حضن الطائفة والمذهب كلما ضاقت بها السبل وتقطّع بها طريق الوصول إلى مبتغاها أو حتى فشلها في الانتخابات. لقد أوجدوا عناوين ذات أبعاد للتفرقة مثل مفهوم "الكتلة الأكبر" التي غرست رمحاً طائفياً في نحر الدولة باستحضار واضح لمناهضة الديمقراطية، وهو أضعف الإيمان، لتجنب عصا الحرية المغشوشة التي فرضتها أميركا بمن جاءت بهم، وبالطبع لا يُنسى دور السلاح المنفلت لدى بعض الجماعات التي تعتمد عليه كأداة تهديد وترهيب عند فشلها بحيازة النصيب الأوفر من كعكة السلطة.

إقرأ أيضاً: فلتطارد اللعنات حماس إلى يوم الدين

ما يبعث بعض الأمل في نفوس العراقيين أن الديمقراطية، ومهما تغطت بها الأحزاب الحاكمة قناعاً، فإنَّ الواقع السياسي سيكشفها آجلاً أو عاجلاً، ليكون التداول السلمي للسلطة طريقاً وحيداً للحكم، بعدما أصبحت الديمقراطية ورقة الضمان الوحيدة للعملية السياسية بديلاً عن الانقلابات وسفك الدماء في الشوارع. ولا نعتقد أن هذا الكلام يدخل في باب المثالية والمبالغة، بدليل أن بعض الحركات الناشئة وأخرى المنشطرة من تلك الأحزاب بدأت تتخذ من الديمقراطية منهاجاً وخارطة طريق واضحة المسير للولوج إلى العملية السياسية، أو حتى للخروج من النفق المظلم الذي كثُر الحديث عنه لدى الجميع، وفي ذلك ربما بصيص أمل للعراق.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
الأقليات لا تبني اوطان
فؤاد حديد -

الأقليات لا تبني اوطان ولا تقيم دولة ولا مؤسسات وجامعات ومشافي وطرق وخدمات واقتصاد؟؟؟ السُنة الأغلبية وقت تحكم في دول الخليج او العراق و لبنان سابقا عملت احسن دول و خدمات للمواطنين.