التحكيم العراقي بين التخلف والفساد
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
يُعتبر التحكيم أحد عوامل النجاح والفشل في الرياضة، وفي لعبة كرة القدم بشكل خاص. الدوري العراقي كانت مشاكله مع التحكيم عميقة وكبيرة جداً، بسبب الهوة بين الحكم المحلي والتحكيم العربي والقاري والعالمي، بالاضافة إلى شكوك انحرافات لدوافع خاصة. ويواجه التحكيم العراقي تحديات كبيرة تؤثر على سير المسابقات المحلي وسمعته إقليمياً، وعلى مستوى المنافسة وثقة الجماهير، لذلك نجد التحكيم العراقي مبعد دائماً من المسابقات الكبيرة، وهو دائماً على الهامش، مما يعني عدم ثقة الاتحادات العربية والقارية والعالمية بالحكم العراقي، لسمعته السيئة في بلده والأخبار المحلية تصل حتماً.
في هذا المقال، سأحاول إلقاء نظرة على المشاكل الكبيرة التي تواجه التحكيم المحلي في الدوري العراقي.
التدخلات السياسية في التحكيم:
يُعتبر التدخل السياسي في العمل الرياضي وتحديدًا في التحكيم، من أبرز المشاكل التي تعاني منها الرياضة في العراق، حيث يتعرض الحكام لضغوطات سياسية تؤثر على قراراتهم، مما يعرض سلامة المسابقات للخطر، وهي حالة لا يمكن إنكارها نتيجة تحول بعض أفراد الكيانات السياسية لوحوش وفراعنة لا يريدون شيئاً خلاف ما يحبون، ويمتلكون القوة على فعل ما يريدون (المال + السلاح + الافراد + حصانة القانون)، مما يؤثر على قرارات الحكام تجنباً للتصفية الجسدية أو التعرض لانتهاكات.
وأحياناً السياسي يدفع المال للحكام كي تكون قراراتهم حسب ما يشتهي السياسي، لذلك الثقة بين الجمهور الرياضي والحكام المحليين ضعيفة جداً.
نقص الكفاءة والتدريب:
يُعتبر نقص الكفاءة والتدريب من أبرز العوامل التي تؤثر على جودة التحكيم في الدوري العراقي، وقد يكون هناك نقص في التدريب المستمر للحكام وتحديث معرفتهم بأحدث قوانين اللعبة وتطوراتها، وهنا نضع اللوم على الاتحاد العراقي وعلى لجنة الحكام اللذان لم يضعا خططاً وبرامج في كيفية الارتقاء بالحكم العراقي، لذلك نجد الكثير منهم يقعون في أخطاء كارثية، كما حصل في ديربي بغداد بين الزوراء والقوة الجوية عندما تجاهل الحكم احتساب ركلتي جزاء للزوراء وتغاضى عن حالة طرد واضحة لأحد لاعبي القوة الجوية، مع وجود منظومة الفار ووضوح الحالات، لكن أصرَّ على رأيه الخاطئ.
نحتاج اليوم لجيل جديد من الحكام متسلحين بالكفاءة والتدريب والمعلومة الحديثة، مع وضع خطط بعيدة المدى للنهوض بواقع الحكم العراقي، كي نتخلص من واقع اليوم المزري.
الفساد والتحايل:
تشير بعض التقارير والشائعات إلى وجود حالات فساد وتحايل في التحكيم في الدوري العراقي، مما يؤثر على نزاهة المسابقات ويقلل من مصداقية النتائج، مع الوضع الضبابي للبلد من عام 1990 ولغاية الآن، خصوصاً أنَّ العراق مرَّ بفترات اقتصادية صعبة في فترة التسعينيَّات، ثم الأجور المتدنية ما بعد 2003، لذلك وقع الكثير من ضعاف النفوس في حضن الفساد، يتلاعبون بالنتائج مقابل المال الأصفر، والشواهد التاريخية كثيرة جداً في المسابقات المحلية.
وقد بدأ هذا الفعل عدي صدام في التسعينيَّات ولا يمكن نسيان كيف قرَّر عام 1992 أن يعطي الدوري للقوة الجوية لأنه لا يحب الزوراء، لذلك تلاعب الحكام بنتيجة المباراة وتم إلغاء هدفين للزوراء، وفي تلك المباراة لو سجل الزوراء عشر أهداف لألغيت جميعاً من قبل الحكم.
عدم التوافق في القرارات:
يعاني التحكيم في الدوري العراقي من عدم التوافق في القرارات، حيث قد تكون هناك اختلافات في تقييم الحكام للمواقف الحساسة، مما يؤدي إلى جدل دائم بين الأندية والجماهير. فما حصل في مباراة الزوراء والجوية عام 1992 إلى اليوم مصدر جدل، حيث لم يوفق الحكام في قراراتهم، وتسبب في نزع الثقة عن الحكم المحلي، وليس ببعيد مباراة الغريمين في ملعب المدينة نهاية الشهر الماضي وأثرت في نتيجتها قرارات الحكم، والتي جنبت الجوية خسارة كبيرة، وعلى اثر تلك المباراة كان قرار الاستعانة بالحكام العرب والأجانب، بعد عاصفة الاستياء الجماهيري الكبيرة، وكان نتيجتها لحد الآن ثلاث حكام (سعودي، وسويدي، وأردني)، وقد ظهر الفارق الكبير بين المحلي والعربي والأجنبي، وهو مهم لنجاح مسابقة الدوري العراقي, والتخلص من تخبطات الحكام المحليين وأخطائهم الساذجة.
أخيراً، إنَّ التحكيم في الدوري العراقي يواجه تحديات كبيرة، تتطلب جهودًا جادة للتغلب عليها، يتطلب ذلك تعزيز النزاهة والكفاءة في التحكيم، وتقديم الدعم اللازم لتطوير قدرات الحكام، وتحسين بيئة العمل الرياضية بشكل عام، مع إعداد جيل جديد من الحكام بمنهج علمي واختيار على أسس البناء الشخصي القوي، فإذا تم تحقيق هذه الخطوات، فإنه يمكن أن يكون للتحكيم العراقي دور بارز في تطوير كرة القدم، وبناء مستقبل أفضل للرياضة في البلاد.
التعليقات
الديمقراطيّة هي أساسُ تقدُّم الأمم.
علي الحرّ -الفساد يعمّ جميع الدول العربيّة جميعَها، و دون استثناء، ذلك أنّ القضاء على الفساد بشتّى أنواعِه يقتَضي إنشاء الديمُقراطيّة في هذه البلدان، بحيث يتمّ تَداوُل السلطة بين أبناء شُعوبها، عن طريق انتخابات نَزيهة و شفّافة، تنبَثِق عنها مُسسات دستوريّة حقيقيّة، وذلك بعد صياغة دساتير حقيقيّة تَقومُ بِصياغتِه نُخَبٌ مَشهودٌ لها بالاستقامَة،، انتخاباتٌ تَختارُ من خِلالِها الشعوب رُؤَساء هذه الدول، حُكومات تَخرُج من أَرحام البرلمانات المُنتَخبَة، قَضاءٌ مُستَقِل عن السُّلَط التشريعيّة (البرلمانات) و السُّلَط التنفيذيّة. و حينئذٍ سَتستقيمُ الأمور في هذه البلدان و ستَأْخُذ طريقَها نحوَ التَّقدُّم و الازدهار و في كلّ المجالات و الميادين، السياسيّودة منها و الاقتصاديّة و الاجتماعيّة و غيرها.. أمّا في ظلّ الحُكم الحاليّ، التقليديّ، الذي تَتَولّى فيه العائلات و السُّلطة و تدبير شؤون البُلدان، فلَن تعرف هذه الدول سبيلَها نحو أيَّة تنميّة و لَن تَتَمكَّنَ من اللِّحاق بالدول المُتقدِّمة في العالم و لن تَبوَّأَ مَكاناً مَرموقاً بين الأمم العُظمى في عالَم الحَداثَة و التكنولوجيّات العصريّة المُختلفة. و سَيبقى الفسادُ مُستشرياً فيها بِكُلِّ أشكالِهِ و أصنافِه و ستَظَلُّ خلْفَ الرّكْبِ، تَتحكَّم في شؤونها النُّظُم الديمُقراطيّة الغربيّة، الأروبيّة و الأمريكيّة، و سوفَ تَبقى رهينَةَ التّبَعية السياسيّة و الاقتصاديّة لهذه الدول و خاضِعةً لأوامِرِها و نواهيها لِكوْنِها ضعيفةً و هَشَّةً، و بذلك تبقى فاقِدةً للاستقلاليّة في قراراتها، و ستَظَلُّ خانِعةً و خاضعةً لِصندوق النّقد الدولي و البنك الدولي اللّذان يَسعيان لإغراقِها بِديونٍ مهولةٍ لا تقوى على التخلُّص منها و لا تستطيع الإفلاتَ من إملاءاتهِما الرّاميَة إلى الإبْقاء على ضعفِها و تخلُّفِها.