فضاء الرأي

الابتكار المستمر سر التفوق

القيمة السوقية لشركة Novo Nordisk المنتحة لعقار Ozempic باتت تتجاوز 576 مليار دولار
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

أعلنت شركة NVIDIA عن إطلاق "شريحة المعالجة الجديدة بي 200"، التي ستساهم في تعزيز تطور الذكاء الاصطناعي وتسريع الحوسبة، حيث تعتمد على نظام يدعى بلاكويل، وتوصف بأنها الأقوى في العالم باحتوائها على 208 مليار ترانزوستر، وهي أكبر بضعف الرقم من الشريحة السابقة. وبالنظر إلى الخلف لنرى مقدار القفزات الهائلة في صناعة الرقائق وأشباه الموصلات، نجد أنه في عام 2000 كانت أقوى الشرائح تحوي ما لا يزيد عن 40 مليون ترانزستور فقط.

بدأت NVIDIA في عام 1993 بصناعة شرائح كمبيوتر لتشغيل ألعاب الفيديو ذات الرسوميات الثقيلة، ولكن في الآونة الأخيرة بدأ باحثو الذكاء الاصطناعي في استخدام نفس الرقائق لشتغيل خوارزميات جديدة تغزو هذا المجال، وهذا ما جعلها الشركة الرائدة في جذب المستثمرين وتحقيق نمو متواصل وقوي في أسواق ألعاب الفيديو ومراكز البيانات. ووصلت قيمة الشركة اليوم إلى 2.36 تريليون دولار، وهذا يعادل تقريباً الناتج القومي لولاية تكساس، والتي تأتي في المرتبة الثانية بعد ولاية كاليفورنيا في أميركا من حيث حجم الناتج القومي. وارتفعت قيمة أسهم Nvidia بأكثر من 31,400 بالمئة على مدار الـ 24 عامًا الماضية، وتضاعفت بنسبة 27.4 بالمئة سنويًا. و لفهم ذلك بأسلوب آخر، فإنَّ استثمار مبلغ عشرة آلاف دولار في الشركة في كانون الثاني (يناير) 2000 سيساوي 3.1 مليون دولار راهناً.

يعاني 42 بالمئة من الأميركيين من السمنة المفرطة، وأدى الطلب المتزايد على أدوية Novo Nordisk إلى بزوغ نجم هذه الشركة التي زادت قيمتها السوقية (يزيد عمرها عن 100 عام) من 3.99 مليار دولار إلى 576.53 مليار دولار اليوم، أي بزيادة قدرها 14,339 بالمئة. وهذا معدل نمو سنوي قدره 23.74 بالمئة، وقيمة الشركة اليوم باتت أكبر من الناتج القومي للدانمارك البالغ 400 مليار دولار. والجميل في Novo Nordisk هيكلية الشركة التي تملك فيها مؤسسة Novo Nordisk Foundation الخيرية 28.1 بالمئة من الأسهم، مع التحكم بنحو 77 بالمئة من نسبة التصويت، وهذا ما يجعها أكبر مؤسسة خيرية في العالم توجه البوصلة الأخلاقية للشركة الدوائية العملاقة، والتي تمتار منذ نشوئها بإنتاج الأنسولين، واليوم تنتج الأوزمبيك وويغوفي كأدوية لعلاج السكر وزيادة الوزن. ويتساءل المراقبون هل سيكون مصير Novo Nordisk مشابهاً لمصير Nokia التي تربعت على عرش أجهزة الموبايلات وسقطت سقوطاً مدوياً بعد أن خسرت رهان مواكبة التطور والابتكارات السريع في عالم التكنولوجيا.

وإذا ما نظرنا شرقاً في آسيا وفي الصين تحديداً، نجد القيمة السوقية لشركة BYD الصينية (Build your Dream) قد وصلت إلى 84.68 مليار دولار أميركي (مقارنة بشركة Tesla الأميركية التي تصل قيمتها إلى 535 مليار دولار) وقد تجاوزت مبيعاتها في عام 2023 مبيعات نظيرتها الأميركية حيث باعت ثلاثة ملايين سيارة كهربائية، مما يجعلها عملاق السيارات الكهربائية الصيني.

تعلمنا هذه الشركات أن الابتكار المستمر هو السبيل للبقاء والتفوق في السوق. وتتوقع شركة Deloitte أنه خلال عام 2024، من المرجح أن تستمر الشركات في إعطاء الأولوية للاستدامة والمرونة، بهدف تحقيق التوازن الصحيح بين العولمة والاعتماد على الذات. حيث ستستمر الشركات في الاستثمار في عولمة عملياتها للاستفادة من التكاليف المنخفضة، وزيادة الوصول إلى المواهب، والابتكار الأسرع. وبالتوازي، يجب عليها أيضًا أن تتطلع إلى المكونات والعمليات الحيوية المحلية أو ذاتية المصدر لتقليل مخاطرها الناجمة عن الاضطرابات العالمية. وعلى صعيد الأجهزة، تتوقع Deloitte ارتفاعًا في أسعار الرقائق وأجهزة الكمبيوتر. فالخوادم التي تنفذ الذكاء الاصطناعي التوليدي ستتجاوز 50 مليار دولار أميركي في عام 2024.

يقدر المحللون أن الإنفاق السحابي سينمو بأكثر من 20 بالمئة، ويتوقعون زيادة الطلب على الأمن السيبراني، وستصل الاستثمارات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي إلى 200 مليار دولار على مستوى العالم بحلول 2025، وتتربع اليوم Amazon على عرش الحوسبة السحابية بنسبة 31 بالمئة، ومن ثم Microsoft بنسبة 24 بالمئة وتأتي Google بعدها بنسبة 11 بالمئة.

وتمتلك تايوان اليوم 68 بالمئة من حصة طاقة المسابك المتقدمة وتتصدر شركة TSMC التايوانية قائمة أكبر منتج لأشباه الموصلات، وتأتي بعدها في المرتبة الثانية بنسبة 12 بالمئة كل من أميركا وكوريا الجنوبية، وبالرغم من تنوع الاستثمارات ومحاولة توطين أشباه الرقائق في أميركا، ستبقى تايوان في الصدارة، ويمكن أن تنخفض نسبة حصتها إلى 60 بالمئة.

لمواكبة التطور السريع في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي قامت المملكة العربية السعودية مؤخراً بالإعلان أنها تخطط لإنشاء صندوق بقيمة 40 مليار دولار للاستثمار في مجال الذكاء الاصطناعي وبناء مصانع للرقائق والبيانات.

فاليوم تسعى الأمم لبناء قوتها الرقمية في ظل السباق المحموم في هذا المجال وخاصة بين الولايات المتحدة الأميركية والصين، والذكاء الاصطناعي هو الفانوس الذي سينير المستقبل بسحر البيانات وكفاءتها.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف