مصير المنطقة يقرره صناع السلام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
ليس ثمة ما هو أهم وأكثر ضرورة من الأمن والغذاء بالنسبة إلى المجتمعات الإنسانية عموماً ولشعوب المنطقة خصوصاً، لا سيما أنها تكتوي بنيران الحروب والفن من دون انقطاع. وفي حين أن هناك من ينفخ بانتظام في أبواق الفتن والاختلافات ويسعى جاهداً من أجل جعل الأجواء ملبدة باستمرار والإبقاء على التوتر قائماً، لکن في نفس الوقت لا مناص من الإقرار أن ثمة أيضاً قوى خيرة ومحبة للأمن والسلام، تسعى بکل ما لديها من طاقة من أجل إزالة أسباب التوتر وإيجاد المقومات والعوامل التي تعيد إلى المنطقة سابق عهدها في الأمن والسلام.
لقد أتخمت شعوب وبلدان المنطقة بدعوات إثارة الحروب والنزاعات، وبعث کل ما من شأنه أن يزيد الأوضاع سوءاً، لا سيما أن المشاکل والأزمات المزمنة التي تفرض ظلالها الداکنة على بلدان المنطقة، صار واضحاً أنها لا يمکن أبداً أن تحسم في ساحات الحروب، خصوصاً أن للحروب أثمان باهظة تدفعها بالدرجة الأولى الشرائح الفقيرة والمحرومة، التي تشکل الأغلبية العظمى من شعوب المنطقة.
على خلفية الأحداث والتطورات التي خلفها الهجوم الإسرائيلي على القنصلية الإيرانية في دمشق، وازدياد التوتر بين طهران وتل أبيب، فإن ما يصدر من تصريحات رسمية إيرانية بشأن تهديد السفارات الإسرائيلية، بالرغم من التمادي في المبالغة فيه، شأن يتعلق بطهران، ولکن لا نرى أبداً أن من حق رجل مثل الجنرال رحيم صفوي، يحمل صفة کبير المستشارين العسکريين لعلي خامنئي، أن يقول بصريح العبارة إن "الاستراتيجيات الإقليمية ستشهد تغييرات جذرية، وجبهة المقاومة ستقرر مصير المنطقة بقيادة إيران"، إذ أن هذا الکلام أشبه ما يکون بکلام غوغائي عندما يمنح الصفة الرسمية لوکلاء إيران في المنطقة بجعلها وصية على أمن المنطقة وهي بقيادة إيران تقوم بتقرير مصير المنطقة!
هذا التصريح، وغيره من التصريحات المثيرة للشبهات والتي تسعى إلى فرض وصاية غير منطقية على المنطقة بالصورة التي تقرر مصيرها، مرفوض جملة وتفصيلاً، إذ ليس بإمکان أحزاب وميليشيات تابعة لإيران وتخدم أفکارها وتوجهاتها علناً، أن تمثل رأي وإرادة شعوب وبلدان المنطقة وتحدد مصيرها ومستقبلها، فهذا أمر فيه الکثير من مجافاة الحقيقة والواقع والسعي من أجل خلق عالم من الوهم يتم من خلاله إلغاء وإقصاء بلدان وشعوب المنطقة وفرض حالة من الحروب والتوترات المستمرة التي تنجم عنها في النتيجة مصائب وکوارث ومآسي لشعوب وبلدان المنطقة.
مصيڕ المنطقة يقرره الذين يعملون من أجل بنائها وزرع أسباب الخير والأمل والحياة فيها، وليس من يثيرون الحروب والانقسامات التي تسبب المصائب والويلات. مصير المنطقة يقرره أولئك الحريصون بحق على أمن شعوبها وبلدانها وليس المغامرون على حسابها.
مرة أخرى، نعود مجدداً للترکيز على الخطر والتهديد الذي مثله ويمثله النظام القائم في إيران على أمن واستقرار المنطقة، هو الساعي من خلال إثارة الحروب والنزاعات إلى تحقيق أهداف وغايات على حساب شعوب وبلدان المنطقة، ولا بدَّ من العمل من أجل إعادة هذا النظام إلى صوابه، وتذکيره بأنه ومجموعة من وکلائه المشبوهين جملة وتفصيلاً لا يمکن أبداً أن يقرروا مصير المنطقة، والأقرب للواقع والحقيقة أن تقوم المنطقة بالتکاتف مع الشعب الإيراني والمقاومة الايرانية لتقرير مصير هذا النظام!