فضاء الرأي

ارتفاع أسعار الذهب والفضة وسط تباطؤ الاقتصاد الأميركي

أدت البيانات الاقتصادية الضعيفة إلى انخفاض عوائد سندات الخزانة الأميركية وتراجع قيمة الدولار الأميركي
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

تشهد أسعار الذهب والفضة ارتفاعاً ملحوظاً مدعومة بتباطؤ النشاط الاقتصادي الأميركي، مما يزيد التوقعات بأن يقوم مجلس الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة لأكثر من مرة واحدة هذا العام. حيث يعتمد المسار المستقبلي للمعادن على عدة عوامل رئيسية، بما في ذلك: توجهات أسعار الفائدة، وتوقيت أول خفض أميركي لها، والظروف الاقتصادية الكلية، والمخاطر الجيوسياسية.

يسجل الذهب والفضة ارتفاعاً تجاوز نطاقات تداولهما المعتادة مدعومين بمؤشرات جديدة على تباطؤ النشاط الاقتصادي في الولايات المتحدة. ترفع هذه التطورات الاقتصادية التوقعات بأن يقوم مجلس الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة بشكل أكبر من مرة واحدة خلال العام الحالي. ارتفع سعر المعدنين النفيسين قبيل عطلة عيد الاستقلال الأميركي استجابة لتقارير أشارت إلى انكماش قطاع الخدمات بوتيرة هي الأسرع في أربع سنوات، وذلك بسبب تراجع حاد في النشاط التجاري وتقلص الطلبيات. كذلك، شهد مؤشر مديري المشتريات التصنيعي الأمريكي انخفاضاً للشهر الثالث على التوالي ليصل إلى مستوى 48.5 خلال شهر حزيران (يونيو)، مما يدل على انكماش قطاع الصناعة.

أدت البيانات الاقتصادية الضعيفة إلى انخفاض عوائد سندات الخزانة الأميركية وتراجع قيمة الدولار الأميركي. كما عززت هذه التطورات التوقعات بخفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في وقت مبكر من شهر أيلول (سبتمبر)، على أن يتبعه خفض آخر في شهر كانون الأول (ديسمبر).

مؤشر سيتي للمفاجآت الاقتصادية هو مقياس يقيس مدى انحراف البيانات الاقتصادية الصادرة عن التوقعات. تشير القراءة الإيجابية إلى أداء أفضل للبيانات من المتوقع، بينما تشير القراءة السلبية إلى العكس. وبالنسبة إلى الولايات المتحدة، فقد شهد المؤشر تداولاً في المنطقة السلبية خلال الشهرين الماضيين، مع تسارع وتيرة الانخفاض استجابة للبيانات الاقتصادية الضعيفة الأخيرة.

من المحتمل أن يشير تقرير الوظائف الأميركية لشهر حزيران (يونيو)، والذي سيصدر يوم الجمعة، إلى تباطؤ إضافي في سوق العمل. حيث يتوقع المحللون نمواً أبطأ في الوظائف غير الزراعية. وفي حال اقترنت البيانات الاقتصادية بمعدل بطالة أعلى وتباطؤ في ضغوط الأجور، فقد يؤدي ذلك إلى دعم اتجاه خفض أسعار الفائدة وبالتالي زيادة الطلب على الذهب والفضة.

كما أشرنا في توقعاتنا للربع الثالث من عام 2024، فقد شهد الذهب (بواقع 14.2 بالمئة حتى الآن) والفضة (بواقع 28 بالمئة) ارتفاعات قوية بالفعل. لذلك، من المحتمل أن نشهد فترة توقف مؤقتة خلال هذا الربع حيث يضبط المستثمرون والبنوك المركزية استراتيجياتهم لمواجهة ارتفاع الأسعار. ومع ذلك، سيعتمد طول فترة التوقف هذه على عوامل منها توجهات أسعار الفائدة وتوقيت أول خفض أمريكي لها، والظروف الاقتصادية الكلية، وما إذا كانت ستستمر في التدهور إلى جانب العوامل الجيوسياسية.

كما قد يؤدي احتمال إعادة انتخاب الرئيس دونالد ترامب إلى زيادة مخاطر التخفيضات الضريبية غير الممولة، على غرار تلك التي تم تنفيذها خلال فترة ولايته الأولى. ومن المحتمل أن تؤدي هذه التخفيضات إلى تعزيز الإنفاق الاستهلاكي والاستثمار التجاري، مما قد يزيد بدوره من الطلب على السلع ويساهم في ارتفاع الأسعار. علاوة على ذلك، قد يؤدي تصاعد الحروب التجارية إلى تعطل سلاسل التوريد وزيادة ضغوط التضخم، الأمر الذي قد يدعم أيضاً أسعار الذهب كملاذ آمن.

إقرأ أيضاً: النحاس وأسعار الفائدة وتباطؤ اقتصاد الصين

ما زلنا نحتفظ بتوقعاتنا الإيجابية للمعادن الاستثمارية في ظل استمرار التركيز على العوامل المحركة التالية:

1. المخاطر الجيوسياسية المتعلقة بالحرب الأوكرانية الروسية، والشرق الأوسط، وكذلك الغموض بشأن انتخابات الرئاسة الأميركية في تشرين الثاني (نوفمبر).

2. زيادة الطلب قبل الأفراد في الصين نتيجة رغبة المستثمرين هناك في إيداع أموالهم في قطاع يُنظر إليه على أنه أقل عرضة للتأثر اقتصاد يعاني من الضعف ومشاكل قطاع العقارات، بالإضافة إلى المخاطر الخارجية المرتبطة بإمكانية انخفاض قيمة اليوان.

3. استمرار الطلب من البنوك المركزية في ظل حالة الغموض الجيوسياسي والابتعاد عن الدولرة، بالإضافة إلى قدرة الذهب الفريدة على توفير مستوى من الأمان والاستقرار لا توفره بعض الأصول الأخرى. نرى أن توقف بنك الشعب الصيني (البنك المركزي الصيني) عن شراء الذهب يعد إجراء مؤقتاً.

إقرأ أيضاً: ماذا بعد ارتفاع أسعار الذهب؟

4. ارتفاع نسب الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي بين الاقتصادات الرئيسية، ولا سيما في الولايات المتحدة، مما يثير مخاوف بشأن جودة الديون. بعبارة أخرى، فإن ارتفاع عوائد سندات الخزانة الأمريكية لا يؤثر بالضرورة سلباً على الذهب، بل يلقي الضوء على مستويات الديون العامة وإمكانية استدامتها.

5. بالإضافة إلى ذلك، قد نشهد تحولاً في التركيز بعيداً عن التأثير السلبي لتوقعات خفض أسعار الفائدة، ونحو دعم من توقعات تسارع التضخم.

تتحرك أسعار الذهب والفضة جنباً إلى جنب، ولكن بشكل أسرع بالنسبة للفضة. بناءً على هذه العلاقة المستمرة، نتوقع أن يصل سعر الذهب بنهاية العام إلى 2500 دولار أميركي، والفضة إلى 35 دولار أميركي.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف