فضاء الرأي

إيران.. لماذا أصبح بزشكيان رئيساً للجمهورية الدكتاتورية؟

الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

لا يمكن بدون معرفة عميقة بالوضع في إيران إجراء تحليل صحيح لـ "مسرحية الانتخابات الرئاسية للنظام الإيراني"، التي أُجريت مؤخرًا على مرحلتين، وأدت إلى تعيين الحرسي مسعود پزشکیان! فما هو السبب في ذلك؟

أزمة الإطاحة!
يواجه نظام ولاية الفقيه للملالي في إيران أزمة خطيرة يطلق عليها الشعب الإيراني اسم "الإطاحة"! وهي أزمةٌ لم يعيشها الولي الفقيه الحاكم لإيران فحسب في عام 2022، بل شاهدها العالم أجمع. وما تم تأكيده قبل كل شيء، في ظل هذه الظروف الخاصة، هو أن "الشعب الإيراني يرفض النظام الديني، ولا سيما نظام ولاية الفقيه" رفضاً باتاً. بمعنى أن، النظام الحالي لا يمثل الشعب الإيراني!

لماذا تم اختيار بزشكيان!
الحقيقة المؤكدة هي أنه كان من المستحيل أن يتم اختيار مسعود پزشکیان كرئيس للجمهورية من صناديق الاقتراع بدون موافقة الولي الفقيه. ولا نسمع هذه الحقيقة على لسان مسعود بزشکیان نفسه فحسب، بل يمكننا إدراك ذلك في مسرحيات مماثلة خلال السنوات الماضية، وفي سجله، حيث تم رفض صلاحيته مرتين من قبل مجلس خامنئي. والسؤال الخطير الذي يطرح نفسه الآن هو: لماذا وافق مجلس خامنئي على صلاحية بزشكيان في مسرحية الانتخابات الرئاسية الأخيرة؟

للرد على هذا السؤال يجب أن يؤخذ في الاعتبار أن الموافقة على بزشكيان جاءت نتيجة للوضع الذي كان ولا يزال على خامنئي يعيش فيه! وإلا فماذا تغيَّر، وما السبب وراء هذا "التكليف" أو التعيين؟

بالعودة إلى الجولة الـ 13 من مسرحية انتخابات رئاسة جمهورية الملالي، نجد أن خامنئي تبنى "سياسة الانكماش" لنظامه باختيار إبراهيم رئيسي، وهذه السياسة هي خياره الوحيد، للتصدي للشعب والمقاومة الإيرانية، التي تمضي قدماً في الوقت الراهن في "استراتيجية الإطاحة"، من خلال إنشاء آلاف "وحدات المقاومة" في جميع أنحاء إيران.

وتمثل هذه الاستراتيجية في مجملها سياسة عملية وجادة، وتعتبر امتداداً لـ "استراتيجية جيش التحرير الوطني الإيراني"، الذي أذاق خميني مرارة الإطاحة في شهر أغسطس 1988، ولولا انتهاج سياسية الاسترضاء مع هذه الدكتاتورية، لما تبقّى أي أثر لهذا النظام الفاسد في إيران اليوم!

ضربة استراتيجية!
قبل التطرق إلى تعيين مسعود بزشكيان رئيساً لجمهورية الملالي، يجب أن نتساءل عمّا إذا كان "سقوط طائرة رئيسي ومرافقيه" في 19 أيار (مايو) 2024، الذي عجّل بإجراء هذه المسرحية الانتخابية قبل الأوان؛ كان "ضربة استراتيجية" لخامنئي أم لا؟

لا شك في أن علي خامنئي فقد في هذا الحدث المهم "أقرب شخص" إليه! لكن الضربة الأهم كانت الضربة التي تلقاها قبل ذلك، من الشعب والمقاومة الإيرانية على معبده الواهن المهجور، وهزّت أركان نظام ولاية الفقيه للملالي. ولهذا السبب، كان خامنئي هو "الخاسر الاستراتيجي في مسرحية الانتخابات"، وفُتح فصل جديد في تاريخ حكم ولاية الفقيه، حيث أُوليَ اهتمام أكبر للتوازن والاستقرار. فصلٌ ستمزق فيه ذئاب ولاية الفقيه بعضها البعض، والطيور على أشكالها تقع. ونتيجة لذلك، سيحدث انقسام وفجوة في الحكم، مما سيخدم الانتفاضة من أجل الإطاجة بدكتاتورية الملالي.

حركة التقاضي!
يتذكر الجميع أن السيدة مريم رجوي، رئيسة الجمهورية المنتخبة من قبل المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، هي التي أعلنت في عام 2016 عن حركة التقاضي. وهي الحركة التي أدت إلى فشل تولية إبراهيم رئيسي للسلطة في الجولة الثانية عشرة من مسرحية انتخابات النظام الإيراني. وعلى الرغم من أن هذه الحركة تستهدف تسليط الضوء على مذبحة أكثر من 30،000 سجين سياسي في صيف عام 1988، وأن إبراهيم رئيسي كان أحد أعضاء لجنة الموت المكونة من 3 أفراد، والتي تم تشكيلها لتنفيذ فتوى خميني. إلا أن موضوع التقاضي يشمل جميع شهداء الشعب الإيراني خلال حكم نظام ولاية الفقيه. بناءً عليه، يمكننا من النظرة الأولى لمسرحية انتخابات نظام الملالي؛ الإشارة إلى أن خامنئي فشل فشلاً ذريعاً في مشروع تولية رئيسي للسلطة، وأنه يسعى الآن إلى تجاوز هذا الفشل!

لكن غياب أي مساءلة دولية لخامنئي ونظامه بشأن انتهاكات حقوق الإنسان؛ كان بمثابة الضوء الأخضر للملالي في التمادي في سفك الدماء. على الرغم من ارتكاب نظام الملالي للعديد من الجرائم، من قبيل مجزرة كردستان، وعمليات الإعدام التي ارتكبها في عقد الستينيات، والاغتيالات المتسلسلة، ومجزرة 1988، وقتل المتظاهرين، لا سيما في أعوام 2009 و2017 و2019 و2022، وسلسلة من العمليات الإرهابية، واحتجاز الرعايا الأجانب، وغير ذلك من الجرائم، بيد أن الشعب والمقاومة الإيرانية لم ولن يقبلوا بأقل من إسقاط هذا النظام الفاشي. والحقيقة المؤكدة هي أنهم مصممون على مواصلة النضال حتى إسقاط النظام الدكتاتوري في إيران.

دعوة للتأمل والتدبر!
قال علي خامنئي في أول خطاب له بعد هلاك إبراهيم رئيسي: "لن يُسجل أي خلل في سير العمل الحكومي"، وأضاف: "سيتم إنجاز كل الأعمال بشكل منظم ودقيق، وستسير الأمور قدماً على ما يرام". وكأنه يدرك الخطوات التالية لهذه "الحادثة" وعواقبها، ويبحث عن هندسة أخرى. يبدو أن هناك دلالات خفية في هذه الجمل وبين سطورها، وربما نستطيع استكشافها بشكل أعمق في المستقبل. والحقيقة هي أن تصريحات خامنئي وما تبعها تشير إلى "كأس السم" الذي تجرعه خامنئي، وما حدث من أحداث كان نتاجاً لها!

لا توجد انتخابات في إيران!
بناءً عليه، بالرغم من أن مسرحية انتخابات نظام الملالي أجريت في وقت سابق لأوانها، إلا أنها كانت أمراً هندسه علي خامنئي، وكانت مؤشراً على أن نظام الملالي أصبح هشاً وضعيفاً إلى حد بعيد، وعلى حد قول السيد مسعود رجوي، كانت هذه المسرحية علامة على "مأزق خامنئي" و"استحضار المرحلة الأخيرة من حكم الشاه". مع الفارق أنه يوجد الآن "بديل ديمقراطي" لهذا النظام الفاشي "جاهز" من كل النواحي، و"مدعوم من الشعب الإيراني والرأي العام العالمي". وهو البديل الذي رأى الجميع ملامحه في التجمع السنوي للمقاومة الإيرانية هذا العام. وليس من فراغ أن يقول خامنئي في تعليماته المباشرة للمرشحين الذين اصطفاهم لخوض مسرحية انتخاباته: " إن مَن لديه خلاف صغير مع النظام لا فائدة منه". إن خيار الشعب الإيراني هو إسقاط دكتاتورية ولاية الفقيه للملالي، وسيُظهرون في المشهد الأخير من هذه المواجهة أن الدكتاتورية هي التي تتلاشى وأن الشعب هو المنتصر.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف