السلم المتحرك للمعاشات في المغرب هو الحل
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
جاءت موافقة الحكومة المغربية قبل بضعة أيام على الإعفاء الكلي لمعاشات المتقاعدين من ضريبة الدخل، استجابة لمطلب اجتماعي ظلّ مرفوعًا في المملكة، تقدّمت به فرق ومجموعة الأغلبية والاتحاد العام لمقاولات المغرب.
وفي هذا الصدد، أفاد فوزي لقجع، الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، أن القيام بذلك سيكون على دفعتين: 50 بالمئة سنة 2025، و50 بالمئة سنة 2026. وقالت مجموعة فرق الأغلبية، في مقترحها لتعديل المادة 57 من المدونة العامة للضرائب، إن التعديل "يهدف إلى الإعفاء الكلي للمعاشات والإيرادات العمرية المدفوعة في إطار أنظمة التقاعد الأساسي، باستثناء تلك المدفوعة في إطار أنظمة التقاعد. كما يقترح التنصيص على تخفيضٍ نسبته 50 بالمئة من مبلغ الضريبة المستحقة التكميلي، ابتداءً من فاتح كانون الثاني (يناير) 2026".
للإشارة، فإنَّ راتب الموظّف المغربي يخضع للخصم على أساس الضريبة على الدخل، منذُ بداية مُزاولته لعمله، وبعد حصوله على التقاعد وإنهائه لمهامه يستمِرّ الاقتطاع من أُجرته، ممّا يُعتبر حيفًا في حقّ هذا الموظّف، خاصةّ عندما يتعلّق الأمر بالموظّف الصغير الذي يتقاضى أجرًا هزيلًا لا يُسمن ولا يُغني من جوع، في ظلّ ارتفاع أسعار جميع الموادّ الضرورية للحياة.
وقد عرفت معاشات الموظفين جمودًا وركودًا منذ عقود عديدة، ولم تلتفت الحكومات المُتعاقبة إلى هذه الفئة المُهمَّشة من الشعب المغربي التي أفْنت عُمرَها في خدمة وطنِها. في ظلّ تجميد رواتب المعاشات وعدم الزيادة فيها، أصبح المُتقاعدون يعيشون حياة بُؤس وعُسر وضنكٍ، بحيث لا يقوون على تلبية حاجيات أسرهم الضرورية، الأمر الذي يدفع العديد منهم إلى البحث عن عمل يدعمون به معاشاتهم الهزيلة، وغالبًا ما يكون هذا العمل شاقًا يفوق طاقتهم الجسدية المُهترئة الضعيفة، تلك الطاقة التي أفنوها طيلة مُدة عملهم كموظفين للدولة.
إنَّ فترة التقاعد هي فترة نقاهة وراحة واستراحة، يجب أن يتمتّع بها المتقاعدون من خلال الأسفار والرحلات والترويح عن النفس.
إنّ التخفيض من الضريبة على الدخل بالنسبة للمتقاعدين البُسطاء لا يمكن أن يحلّ مشاكلهم الحياتية المُعقدة التي تُرهق كاهلهم. فهذه الشريحة تحتاج إلى حلولٍ حقيقية تُنهي معاناتهم وذلك عبر وضع سُلّم متحرّك لمعاشاتهم يضمن لهمُ الرفع من رواتبهم بنسبة مُعيّنة كلّ سنة، وبشكل تصاعدي من أجل مواكبة الارتفاع المُهوِل في الأسعار الذي تعرفه جميع الموادّ الأساسية، مما يستحيل معه ضمان العيش الكريم لهذه الشريحة العريضة من الشعب المغربي التي تستحق من الدولة كلّ الاهتمام والرعاية، عرفانًا بالخدمة الجليلة التي أسدتها لوطنها.
وعلى الحكومة الحالية أنْ تُولي اهتمامها للمتقاعد وترفَع من شأنه وتمنحه المكانة اللائقة التي يستحقّها داخل المجتمع المغربي.
للتذكير، فقد كان المُتقاعد المغربي فيما مضى يندرج في إطار الطبقة المتوسطة التي تُعتبر الركيزة الأساسية في ديناميّة الاقتصاد، واليوم أصبح مُتقهقرًا إلى الطبقة الفقيرة يعيش حياةً مُزريةً يندى لها الجبين.
بدل أن تُناقش الحكومة الزيادة في مُرتّبات المُتقاعد، دأبت على الحديث عن التخفيض من الضريبة على الدّخل، الذي لا يمكن أنْ يكون إلا حلًّا ترقيعيًّا للأزمة المتفاقمة لِمُدة عقودٍ.