فضاء الرأي

القدس بين التفاؤل الحذر ومخاوف طمس الهوية

يضع الاحتلال قيوداً صارمة على حرية العمل والحركة في القدس
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

مع حلول شهر رمضان المبارك، يعيش العالم الإسلامي روحانيات بمختلف الطقوس الخاصة بكل دولة، ولكن الوضع في مدينة القدس يبدو مختلفاً في ظل الحصار الإسرائيلي المفروض على الفلسطينيين، الذين يعيشون أجواء صعبة بسبب القيود التي فرضتها قوات الاحتلال الإسرائيلي، والتي تسببت في أزمات متعاقبة في مختلف مناحي الحياة للفلسطينيين.

ومن المعروف أن البلدة القديمة بمدينة القدس الشرقية قبلة للسائحين وتشهد نشاطاً اقتصادياً، ولكن تبدلت الأجواء وتأزمت الأوضاع بسبب ما يقوم به جيش الاحتلال من اعتداءات مستمرة على الفلسطينيين، الأمر الذي كان له تأثير كبير على الحالة الأمنية، ومن ثم عزوف السائحين خوفاً على حياتهم. وبالتأكيد، حالة الحصار المفروضة على القدس كان لها تداعيات سلبية على الحركة الاقتصادية.

الأوضاع المعيشية
في الأسبوع الأول من شهر رمضان المبارك، انتعشت الحركة الاقتصادية في مدينة القدس الشرقية، وشهدت الحركة التجارية رواجاً في مختلف المجالات، وانعكس ذلك في حالة التفاؤل التي سيطرت على التجار، الذين يأملون أن تستمر الأوضاع في التحسن بعد حالة الركود التي شهدتها المدينة لفترات مختلفة بسبب القيود والانتهاكات التي يقوم بها جيش الاحتلال الإسرائيلي على الأراضي المحتلة.

بالتأكيد، حالة الحصار التي تشهدها البلدة القديمة بمدينة القدس الشرقية أدت إلى سوء الأوضاع المعيشية للمواطنين الفلسطينيين، وتعرض التجار لخسائر كبيرة بسبب عدم القدرة على توفير البضائع والمستلزمات، ومن ثم تباطأت حركة البيع والشراء. أيضاً، تراجع معدلات السياحة كان له تأثير واضح على النشاط التجاري والاقتصادي.

ومع تزايد الوفود في البلدة القديمة وتوافد آلاف المصلين إلى المسجد الأقصى، تنتشر قوات الاحتلال بشكل مكثف، حيث وضعت حواجز حديدية عند مداخل الأحياء بمدينة القدس، ما أدى إلى عرقلة دخول المصلين إلى المسجد الأقصى، ودفعهم إلى سلوك طرق أخرى طويلة. ومن المؤكد أن الزيارة التي قام بها وزير الأمن الإسرائيلي "بن غفير" إلى مقر الشرطة الإسرائيلية، ورد فعله الغاضب من السياسة الأمنية في المدينة، والتي يرى أنها ضعيفة، دفعته إلى المطالبة بفرض قيود أمنية أكثر صرامة.

أرقام تكشف حجم المعاناة
إذا نظرنا إلى الإحصائية الصادرة عن مركز القدس للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، نجد أن قرابة 80 بالمئة من سكان القدس يعيشون تحت خط الفقر، إلى جانب الضرر البالغ للقطاعين التجاري والسياحي بسبب حالة الاضطرابات الأمنية. والأكثر من ذلك، تعرض عدد كبير من المقدسيين للفصل من وظائفهم بتهمة دعم غزة والمقاومة. وتشير التقديرات إلى أن 78 بالمئة من سكان القدس يجدون صعوبة في تلبية احتياجاتهم المعيشية.

ولا شك أن الحصار الإسرائيلي على غزة والضفة الغربية ومنطقة الـ48 كان له تأثير كبير على مدينة القدس، إلى جانب حجم المعاناة في القطاع المؤسسي، الذي يقلص من حجم المدينة. فمنذ عام 2000، كان هناك 40 فندقاً في القدس، ولكن بسبب الأحداث على مدار السنوات الماضية، تراجع العدد إلى 20 فندقاً، إلى جانب إغلاق 30 بالمئة من المحال في البلدة القديمة بشكل تام، وأكثر من 70 بالمئة من النشاط الثقافي تراجع في مدينة القدس.

ومن المؤكد أن الحفاظ على الهوية أحد العناصر الأساسية لتعزيز السياحة، بالإضافة إلى أن الموروث الثقافي، الذي يُعد من ركائز الاستثمار بالهوية، تعرض للانهيار بشكل كبير بسبب فرض السيطرة الإسرائيلية على مدينة القدس، حيث تراجعت نسب الإشغال السياحي من 75 بالمئة إلى 20 بالمئة.

ضغط سكاني واقتصادي
تعرض المدينة المقدسة لسياسة تقليص عدد السكان وتقليص المؤسسات أمر بالغ الخطورة، كذلك فإن ضرورة التصدي لمخططات تحويل القدس إلى جزء من "القدس الكبرى" والحفاظ على هويتها الفلسطينية والاستثمار فيها مسألة في غاية الأهمية، في ظل قيام الاحتلال بتحويل المؤسسات إلى نظام وقانون إسرائيلي.

وتشير التقديرات إلى أن الوضع الآن في القدس الشرقية تحسن بعض الشيء خلال الأسبوع الأول من شهر رمضان المبارك، ويأمل التجار في استمرار حالة التحسن في الحركة الاقتصادية خلال الفترات المقبلة. ورغم ذلك، هناك حالة من التفاؤل الحذر تسيطر على التجار، الذين يعلمون جيداً أن الاحتلال الإسرائيلي قد يفرض قيوداً أشد وطأة، ما قد يؤدي إلى انعكاسات سلبية على الحركة التجارية.

ومن الواضح أن الحركة التجارية في القدس الشرقية تشهد انتعاشة خاصة عقب صلاة الجمعة، حيث يخرج آلاف المصلين من المسجد الأقصى المبارك ويتوجهون إلى الأسواق لشراء متطلباتهم في البلدة القديمة، وتحديداً عند منطقة "باب العامود" الحيوية، التي تشهد انتعاشة اقتصادية نوعاً ما. ولكن بالمقارنة مع السنوات الماضية، نجد أن الحركة الاقتصادية "شحيحة" نسبياً، ويرجع ذلك إلى القيود المشددة التي فرضتها قوات الاحتلال الإسرائيلي على الضفة الغربية.

ومع وجود انتعاشة في الحركة الاقتصادية، تُسيطر حالة من التفاؤل الحذر بين التجار في الأسواق بمدينة القدس، الذين يأملون في استمرار حالة النشاط التجاري، ولكن تبقى مخاوف توسيع الاستيطان، وفرض القيود وتكثيف الحصار من جانب قوات الاحتلال، ما قد يؤدي إلى تفاقم الأوضاع الاقتصادية أكثر مما كانت عليه. ويبدو الوضع في القدس صعباً بالنظر إلى حساسية الوضع هناك، في ظل الطوق الأمني المفروض عليها، والقيود التي فرضتها قوات الاحتلال بحجة حماية القدس من "هجمات إرهابية" ضد المستوطنين، وهو ما تسبب في التضييق على حياة الفلسطينيين وأثر على مصادر رزقهم.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
باعتراف اخوانكم الصهاينة
بلال -

عدوان اخوانكم الصهاينة يا إعلام البيادة ، على المقدسات الإسلامية و قمع المقدسيين و تدمير منازلهم او مصادرتها ، سبب طوفان السابع من اكتوبر المجيد ، باعتراف وزير حرب الصهاينة السابق قاتل الأطفال والنساء المجرم جالانت ،،