العراق في بؤرة الحرب الإيرانية - الإسرائيلية المقبلة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
في ظل التوترات المتصاعدة بمنطقة الشرق الأوسط، تلوح في الأفق مؤشرات على عودة المواجهة بين إسرائيل وإيران، من خلال حرب مباشرة بين الدولتين وعبر سلسلة من العمليات العسكرية والهجمات غير المعلنة وضربات "الوكلاء" هذه المرة.
ومع قرار حلف الدول الثلاث (بريطانيا وفرنسا وألمانيا) ببدء تفعيل آلية "سناب باك" لإعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة على إيران، ستدخل أطراف جديدة في صف إسرائيل هذه المرة، وستكون المواجهة أقوى وأشمل.
هذه الخطوة تندرج ضمن استكمال الاتفاق النووي، وهي تحرك قانوني ضمن إطار الأمم المتحدة، وتُرسل رسالة قوية بأن المجتمع الدولي (أوروبا تحديدًا) لا يقبل بالإفلات من الرقابة النووية، خصوصًا بالنسبة إلى إيران، كونها تُمثل خطرًا على الجميع.
الهدف هذه المرة واضح، وهو إعادة إيران إلى الامتثال والعودة للمفاوضات. نجاح إيران يعتمد على رد فعل حكومة الملالي، ومحاولة للتقليل بين الضغوط والهروب من العقوبات أو المواجهة العسكرية.
كما زاد مسعود بزشكيان الطين بلة عندما قال إن إيران لا تسعى للحرب، لكنه أكد قدرة بلاده على الدفاع القوي إذا تعرضت لهجوم من إسرائيل أو الولايات المتحدة، مشيرًا إلى أن واشنطن وتل أبيب ترغبان في تقسيم إيران وتدميرها.
وبناءً على هذه التطورات المتسارعة، ستُدق طبول الحرب من جديد وسوف تكون أكبر وأشمل. الصراع هذه المرة لا يقتصر على تل أبيب وطهران فقط، بل يمتد ليشمل ساحات إقليمية متعددة، ولا يسلم العراق منها.
فالعراق يقف على مفترق طرق خطير. فمع عودة التصعيد بين إسرائيل وإيران، سيجد نفسه منخرطًا في حرب لا يريدها، ويدفع ثمنها سياسيًا وأمنيًا واقتصاديًا. ولكي لا يُعاد تكرار سيناريوهات الاحتلال والانهيار والاقتتال الداخلي، على العراقيين نظامًا وشعبًا أن يحسموا أمرهم... إما دولة ذات سيادة، أو ساحة لكل الحروب.
هذا التصعيد يأتي بعد انسحاب القوات الأميركية من وسط وجنوب العراق. فانسحاب القوات الأميركية وتقليص التواجد العسكري قد يخلق فرصة للفصائل الموالية لإيران للتحرك بحرية أكبر وشن الهجمات وتوسيع نفوذها على الأرض.
فهل نحن على أعتاب تصعيد شامل؟ وهل سيكون العراق مجرد ساحة صراع، أم طرفًا فاعلًا فيها؟
كل المؤشرات تؤكد أن الحرب هذه المرة ستختلف عن سابقتها؛ لأنها ستزداد اقترابًا من الخط الأحمر، خاصة مع تفاقم التوترات في العراق ولبنان وسوريا وغزة. ولن تبقى الفصائل المسلحة المدعومة من إيران متفرجة ولن تقف مكتوفة الأيدي، بل ستكون طرفًا قويًا في قصف الأهداف الأميركية والإسرائيلية داخل العراق وخارجه، وربما تشهد المنطقة اشتباكات واقتتالًا وجهًا لوجه.
الفصائل المسلحة في العراق التي تُعرّف نفسها بمحور المقاومة، تعتبر أن أي عدوان على إيران أو حزب الله أو غزة هو عدوان عليها، لذا سيكون العراق ساحة لانطلاق الهجمات واستقبالها. بذلك، ستتحول الأراضي العراقية إلى منصات لإطلاق المُسيّرات والصواريخ باتجاه الأهداف الأميركية والإسرائيلية. وفي المقابل، ستشهد مواقعهم وقادتهم صيدًا سهلًا للصواريخ الإسرائيلية والأميركية.
وستسعى الحكومة في بغداد جاهدة باستخدام الورقة الأخيرة بالمحاولة للابتعاد عن سياسة الظل للسلطات الإيرانية، لكنها ستجد نفسها عاجزة عن ضبط تلك الفصائل المسلحة في حال تصعيد إقليمي واسع. وهذا يهدد سيادة الدولة العراقية، ومن الممكن أن تسقط الحكومة الاتحادية.
كما ستحاول حكومة السوداني تفادي التعرض للهجمات، وهذا يتطلب أولًا، استعادة القرار الأمني والعسكري من أيدي الفصائل، وقطع الطريق لتحويل الأراضي العراقية إلى ساحة صراع بين طهران وتل أبيب، وإبعاد إيران عن التدخل المباشر في الشأن العراقي، واعتماد سياسة خارجية متوازنة تنأى بالعراق عن سياسة المحاور، وتعزيز التنسيق الدبلوماسي مع الأمم المتحدة والولايات المتحدة الأميركية لمنع أي تدخل أجنبي.
وفي حال توسعت رقعة المواجهة وشملت حزب الله في لبنان وحماس في غزة والحوثيين في اليمن، سيصبح العراق ساحة كبيرة لهذه الحرب الشاملة.
صرامة اللكمة الأخيرة بضربات جوية إسرائيلية-أميركية في العراق وإيران، نتيجة جهود استخباراتية قاتلة من دول متقدمة كالولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل، ستُسفر هذه المرة عن انهيار رجال السلطة في إيران وقادة الميليشيات في العراق، وستغير خارطة الطريق في المنطقة، وسيبرز عراق جديد بعيد عن الهيمنة الإيرانية والمحاور الخارجية المتصارعة، مترسخًا بدوره الوطني وتطلعات شعبه نحو الاستقلال والحكم الرشيد.