جسيمات هيغز .. قد لا يكون هناك وجود لها
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
تصادم البروتونات بداية حقبة جديدة لكشف خبايا الكون
القاهرة: مكتشف جسيمات "أطلس" هو ذلك الجزء الحيوي الموجود في المركز المذهل المسمى "مصادم الهادرونات الكبير"، وهو الجزء الذي انطلق منه الخبر الذي أسعد كل علماء الفيزياء على سطح الأرض، خبر حدوث أول تصادم بطاقة وصلت إلى 7 تيرا إليكترون فولت، ويبلغ ارتفاع مكتشف الجسيمات "أطلس" 82 قدم، ويصل طوله إلى 150 قدم أما وزنه فهو حوالي 7.000 طن، إن هذا المكتشف يحتوي على كابلات وأسلاك تكفي للإلتفاف حول خط الإستواء سبع مرات، وهو مصمّم للكشف عن تلك الجسيمات الصغيرة جداً التي يمكن تجميع مئات الملايين منها في شعاع أضيق من قطر شعر رأس الإنسان
لقد قضى العلماء والمهندسون خمسة وعشرين عاماً في إعداد مركز المصادمات، وكلف هذا المصادم الرابض تحت سطح الأرض بمقدار 14 ميلا، الدول الأوربية 10 بليون دولار وذلك من أجل أن يبحث العلماء من خلاله في أسرار الكون، وبعد محاولات عديدة فاشلة جاء الخبر السار من مكتشف الجسمات "أطلس".
كان الهدف الرئيسي من هذا الصرح العلمي الضخم المسمى "مصادم الهادرونات الكبير"وما يشتمل عليه من مكتشف الجسيمات "أطلس" هو إثبات أو نفي وجود تلك الجسيمات شديدة الصغر والمسماة جسيمات هيغز أو ما يطلقون عليه "جسيمات الله" وذلك لأهميتها الكبيرة لعلماء الفيزياء الذين يعتقدون أنها هي التي تعطي الكتلة لكل المواد الموجودة في الكون.
ويرى العلماء أن تلك الجسيمات أزلية وموجودة مع بداية الكون نفسه، إنهم يعتقدون أن في لحظة نشأة الكون لم يكن هناك سوى تلك الجسيمات، ويشير العلماء إلى أن تلك الجسيمات الدقيقة كانت مصدر القوى الأربعة التي انتشرت في الكون لحظة إنفجاره وهي: القوى الضعيفة والقوى القوية والقوى الكهرومغناطيسية وقوى الجاذبية.
إن علم الفيزياء النظرية يهدف منذ نشأته إلى الكشف عن منشأ الكون، ولقد كان صاحب الجهد الأكبر في هذا المضمار هو "بيتر هيغز" وهو عالم بريطاني خجول كان يعيش في أدنبره ولقد قدّم هذا العالم عام 1964 نظرية تشرح كيف يمكن للجزيئات التي تحمل اثنتين من القوى الأربعة المختلفة " القوى الكهرومغناطيسية والقوى الضعيفة" أن تتغير كتلتها، وهو ما يشبه ما حدث في الإنفجار العظيم الذي نشأ عنه الكون، وعن طريق نظرية هيغز استطاع العلماء أن يفسروا كيف يمكن للجزيئات الحصول على كتلتها وبالتالي استطاعوا أن يعرفوا كيف يتم تحديد وزن كل شيء في الكون.
العلماء يرون أن الكون بدأ بإنفجار عظيم تجمعت على إثره جسيمات هيغز في الفضاء الكوني وملأت كل الفراغات، وأصبحت مثل السائل الذي تتواجد فيه المواد الصلبة، ولكن العلماء افترضوا أنها جسيمات أثيرية تتواجد في كل مكان، وبدأ تفاعل الجسيمات الأخرى معها، بعض الجسيمات كالفوتونات وهي جسيمات الضوء عديمة الوزن كانت قادرة على السريان في مجال جسيمات هيغز دون أن تكتسب وزناً، بعض الجسيمات الأخرى تعثرت في مجال هيغز وتراكمت وأصبحت ثقيلة جداً، وهذه النظرية تؤكد أنه بالرغم من أن الكون يبدو غير متماثل بسبب مجال هيغز إلاّ أن الحقيقة أن جسيمات هيغز لا تمنع التماثل الطبيعي ولكنها تخفيه فقط.
وكان غرض العلماء من مصادم الهادرونات الكبير هو خلق بيئة تقلد ما حدث لحظة الإنفجار الكبير، وتقوم فكرته على خلق طاقة تصادم تصل إلى 7 تريليون الكترون فولت ثم ترسل الجزيئات في سرعات تصل إلى سرعة الضوء لدرجة برودة أقل مما يوجد في الفضاء السحيق، ولقد استطاع العلماء الوصول إلى طاقة عالية جداً تقترب من الطاقة التي كانت سائدة بعد الإنفجار الكبير، وبرغم جهود العلماء وبرغم الطاقة العالية التي حاولوا الوصول إليها إلاّ أنه من الممكن ألاّ تظهر تلك الجسيمات وألاّ يكون هناك وجوداً حقيقياً لها.
وإذا ما أكدت التجارب وجود جسيمات هيغز سيكون العلماء قد قاموا بسد ثغرة كبرى فيما يسمى " النماذج القياسية" وهي النماذج التي تستخدم في معادلات تفاعلات الجسيمات الأصغر من الذرة، ويعتقد علماء الفيزياء أنهم لو استطاعوا الوصول لتلك الجسيمات سيمكنهم تفسير كل شيء، ولكن علماء آخرين يرون أن جسيمات هيغز-لو وجدت - فهي نموذج قياسي غير مرضي وهي غير قادرة مثلا على شرح وجود الجاذبية ولا على تفسير ما يسمى بالمادة المظلمة وهي المادة التي تمنع المجرات الحلزونية مثل مجرتنا "درب التبانة" من التشرذم، إن جسيمات هيغز العظيمة تبدو غير قادرة على فك تلك الطلاسم.
ويبدو أن علماء الفيزياءلا يهدأون ولا يملّون فبالرغم من أن بعض العلماء قد أشاروا إلى فشل جسيمات هيغز في تفسير العديد من الظواهر الكونية، قام علماء آخرون بعرض بدائل أخرى تشرح كيفية عمل الكون ومن هذه البدائل نظرية تشير إلى وجود أبعاد أخرى وبدائل خفية لكل جزيئات الكون، وبالنسبة لهؤلاء العلماء فإن عدم اكتشاف جسيمات هيغز أو اكتشاف وجودها مع جسيمات أخرى سيكون أمراً مرضياً لأنه يوحي بأن هناك حاجة لإيجاد نظريات أكثر طموحاً.